رواية تحفة الفصول من التاسع عشر للثاني وعشرون بقلم الكاتبة الرائعة بقلم ملكة الروايات

موقع أيام نيوز

مذهلة وهوادة محيرة من قبل عم العروس تم الإتفاق وتحديد موعد الزفاف بل وترتيب كل مايلزمه الأمر من مكان مناسب للحفل وإصدار الدعوات وتجهيز العروس بكل مايحتاجه ذلك اليوم 
تأرجحت مشاعره مابين فرحة وحماس لتحقيق مراده أخيرا وبين حيرة وقلق مما هو قادم خاصة بسبب شعوره فى بعض الأوقات بتلك الحالة الغامضة التى سيطرت على محبوبته فى تلك الأيام وكأن شئ ما غير مألوف بداخلها يقيضها وترفض الإفصاح عنه 
أما عنها هى 
فكأى عروس أقترب موعد زفافها ظهرت عليها علامات التوتر والإضطراب حتى أنها فى بعض الأوقات عندما تختلى بنفسها تجد دمعاتها تنهمر بحرارة رغما عنها مع ذلك الشعور المؤلم بإنقباضة قلبها وكأنها على مشارف المۏت لكن ذلك لم يمنع ظهور تلك الفرحة العارمة التى سيطرت عليها معظم الوقت خاصة وهى بصحبة كريم والذى بذل جميع مابوسعه لإدخال السرور على قلبها وتحقيق ماتتمناه دون أن تنبس ببنت شفة 
فى الحقيقة أن أكثر ماأثار قلقها فى تلك الفترة هو إلحاح هشام لمقابلتها والإنفراد بها خاصة بعد علمه بموعد زفافها والذى دعاه إليه كريم بصفة رسمية مثل باق موظفى الشركة 
وكأنه جن جنونه عند تلقيه ذلك الخبر فقام بمهاتفتها مئات المرات فى اليوم الواحد بخلاف وقوفه بشكل شبه دائم داخل شرفته يراقب شرفتها فى إنتظار ظهروها للتحدث معها كل ذلك إلى جانب تلك الرسائل التى لم يمل من إرسالها إليها معبرا عن رغبته فى لقائها ولو لمرة واحدة قبل زفافها بصفته صديق قديم يرغب فى الإطمئنان على أحوال صديقته 
لكنها تجاهلت كل ذلك قدر الإمكان وأنعزلت بداخل غرفة شقيقتها رغما عنها فى الظلام حتى لا يمكنه لمح طيفها أو التكهن بوجودها داخل المنزل وبعكس ماتوقعت كانت تلك الغرفة هى المكان الوحيد الذى شعرت بداخله بالراحة التامة تملؤها عند مكوثها بها وكأنها تنتمى إليها !!
كشعور نبيل من محب يرغب فى إسعاد محبوبته حاول كريم تعويض فرح عن غياب والديها وشقيقتها بعمل حفل زفاف كبير تدعو إليه جميع من شائت من أقاربها وأصدقاؤها وزملاؤها بالعمل لعل تلك المسحة من الحزن التى أختبأت بداخل عدستيها تزول أو تختفى بعضا من الوقت فألح عليها لإختيار أكثر من ثوب للزفاف وطلب من شائت من مصففى الشعر لتغيير إطلالتها عدة مرات أثناء الحفل ولو أن الأمر بيده حقا لرتب إليها حفل زفاف أسطورى يتحدث عنه جميع من رآه 
وبعد إلحاح لم ينقطع منه قامت فرح ببدئ محادثة خاصة بينها وبين والديها فى لندن ليشهدا عقد القران ويسعدا بها فى تلك اللحظات لكن بسبب خلل إلكترونى معتاد لم تستمر المحادثة سوى بضع دقائق لم يستطع فيهما العروسان رؤية الآباء وأنتهى الأمر بإرسال بعض الصور والتسجيلات المصورة لعقد القران ومراسم الزفاف إليهما عن طريق حساب شقيقتها على إحدى التطبيقات 
أنتهى الحفل سريعا ولم يشعر كلا منهما بالوقت وهو يمر فى غمرة سعادتيهما تلك ولم يسيطر عليهما الإرهاق أو التعب جراء تلك الرقصات المتتالية والتى اختبأت فيها فرح بداخل أحضان زوجها دون خجل بشوق ولهفة لم يعهدها منها من قبل وكأنها تعلن عن إمتنانها له لإحتوائه لها بهذا الشكل 
كان من المخطط أن يقضى العروسان أجازة الزفاف بالخارج فى لندن بالقرب من عائلة فرح إلا أنها رفضت بإصرار متحججة برغبة والديها فى ذلك حتى لا يعكرا صفو الأيام الأولى لزواجهما بسبب مرض الأب فلم يجد كريم مفرا من الرضوخ لرغبة عروسه وبديلا عن ذلك قام بحجز الجناح الملكى فى إحدى الفنادق الكبرى لقضاء أولى لياليهما قبل التوجه إلى منزله فيما بعد لبدئ حياتهما الزوجية 
نقوش ذهبية رقيقة تزين تلك الحوائط العاجية الواسعة والتى يتوسطها بعض اللوحات الثمينة متقاربة الألوان إلى جانب التحف المميزة والتى تقبع بالأركان بعد أن سلطت عليها إضاءة خفيفة غير مباشرة زادت من جمالها ورقيها يتدلى عليهم من الأعلى كريستالات صغيرة زجاجية تأرجحت بثبات وإتزان من وحدات الأضاءة المستديرة المثبتة بالسقف والتى أنبعث منها ضوءا أبيض وهاجا مخفف لدرجة كبيرة كى يتناسب مع تلك الأجواء الرومانسية التى تشمل الجناح والذى يبدأ ببهو واسع يحتوى عددا من قطع الأثاث على الطراز الملكى يظهر إنعكاسه جليا على تلك الأرضية البراقة من البروسلين الأسود المحدد بقطعا من الرخام المثقول باللون الأبيض والتى يتوسطها قطع من السجاد الأعجمى عالى القيمة باللون الأحمر القرمزى والأبيض 
أما بالداخل وعلى بعد عدة خطوات فتظهر غرفة النوم الكلاسيكية بفراشها الوثير الهادئ الناعم الذى لايقل فخامة عن باق محتويات الجناح يستند على مقدمته أريكة صغيرة عاجية بلا ظهر أو جوانب ذات أرجل رفيعة مقوسة يظهر ذلك التناغم والتناسق بين محتويات الغرفة مجتمعا من خلال تلك المرآة الطويلة على يمين الفراش والمزينة بنفس النقوش الكلاسيكية الرقيقة التى تظهر على جانبى الفراش بالإضافة إلى تلك التى تعلو خزانة الملابس الواسعة أمام المرآة 
أما ذلك الحائط الذى كان من المفترض أن يكون فى مواجهة الفراش فقد أستبدل بألواح زجاجية وضعت بعرض الحائط كى تمكن المستلق أعلى الفراش من الإطلال على ذلك المنظر الوهمى الساحر لتلك السماء السوداء المرصعة بالنجوم والتى يضيئ بقعة منها ضوء القمر الأبيض قبل أن يبدأ ذلك الضوء بالأختفاء نزولا إلى أن يندمج اللون الداكن بنعومة مع مياه النيل الهادئ ويظهر على صفحته الواسعة إنعكاس ذلك القرص الأبيض المستدير وتلك النجمات المنيرة فى صورة متكاملة أقرب هى للخيال 
وبداخل هذه القطعة المجسدة من الجنة 
لم تدر العروس سوى وهى بين ذراعى زوجها يتأملان تلك اللوحة الفنية من صنع الإله وذلك بعد أن غادر عامل الفندق المسؤول عن نقل الحقائب وأغلق الباب من ورائه حيث أقترب منها كريم بخطوات ثابتة هادئة والإبتسامة تزين محياه يحتضنها برقة من خلفها قائلا 
_ مبروك ياعروسة 
أجابته ناظره إليه من خلال إنعكاسه على الزجاج الشفاف أمامها 
_ الله يبارك فيك 
أدار جسدها كى تصبح فى مواجهته قائلا بهمس 
_ تعرفى إنك زى القمر النهاردة 
ألتمعت عيناها بشغف قائلة بدلال 
_ النهاردة بس !
أجابها على الفور وهو يمسك بيديها 
_ لا مش النهاردة بس بس النهاردة جمالك من نوع تانى 
_ عشان بقيتى مراتى 
ظهرت شبه إبتسامة اعلى شفتيها قائلة بثقة بينما عينيها ترتكز على خاصته وكأنها تدعوه إليها 
_ طب إيه 
أقترب وجهه أكثر إليها بعد ان أنحنى قليلا حتى يتمكن من الوصول إلى مرماه دون أن ينطق بحرف لكنها أبتعدت عنه فى اللحظة الأخيرة متراجعة بجسدها إلى الوراء متسائلة بإستنكار 
_ أنت بتعمل إيه !
قطب مابين حاجبيه بإستغراب قبل أن يقول بعدم فهم 
_ إيه اللى حصل !
تملصت من كفيه بدلال قبل أن تقول متوجهة إلى تلك المرآة الجذابة على يمين الفراش 
_ إيه ياكريم مش شايف الفستان والحاجات الكتير اللى فوق راسى وجابتلى صداع دى غير المكياج والإكسسوار سيبلى فرصة أقلع
تم نسخ الرابط