رواية تحفة الفصول من التاسع عشر للثاني وعشرون بقلم الكاتبة الرائعة بقلم ملكة الروايات

موقع أيام نيوز

جسدها لكن قبل أن ترتشف أولى رشفاتها أحست بالهواء البارد يصطدم بجسدها من جميع الجهات تاركا ذلك الشعور بالألم الخفيف داخل عظامها لذا قررت الدخول لإحضار إحدى السترات الصوفية من خزانتها وأيضا إحضار هاتفها لمهاتفه كريم وقبل أن تقوم بتنفيذ قرارها أوقفها ذلك الصوت الذى تحفظه عن ظهر غيب بعد أن لمحت طيفه يقف أمامها مناديا بحماس 
_ فرح فرح
وصل صوته إليها واضحا صاف دون جهد بعد أن خلت الطرقات من المارة فى هذا الطقس الشتوى المائل للبرودة فتطلعت إليه بإستغراب متسائلة 
_ هشام ! رجعت من الشغل امتى !
ظهرت إبتسامته معقبا 
_ لا من كتير كنتى مستنيانى ولا إيه !
أبتسمت بإقتضاب معلقة 
_ عادى يعنى 
ساد الصمت لبضع لحظات حاوطت فرح فيهم ذراعيها حول جسدها الضئيل لتدفئته قبل أن يقول هو 
_ أخبار هنا إيه !
أجابته بتلقائية 
_ بخير بتسلم عليك 
هز رأسه بتفهم قبل أن يقول 
_ ومكلمتنيش تسلم عليا بنفسها ليه !
ازاحت فرح إحدى خصلات شعيراتها الأمامية وراء أذنها بتوتر مجيبة 
_ هتكلمك أكيد هو بس الظروف كانت ملغبطة الفترة اللى فاتت 
أنتبه هو إلى شعيراتها المنسدلة عند قيامها بتلك الحركة اللاإرادية فتابع حملقته بكل سنتيمتر بها على ضوء مصابيح الطريق المتناثرة حول منزلها قبل أن يقول بإعجاب واضح وهو يستند على حامل شرفته 
_ بس ايه اللوك الجامد ده 
طأطات الواقفة رأسها خجلا مجيبة 
_ مرسى 
أجابها غامزا بصوت خفيض حدا ما 
_ وليه الكسوف ده ده أنا هيشو ولانسيتى !
نظرت إليه بأعين لامعة وقد فهمت مايرمى إليه قبل أن تقول بإبتسامة واثقة ذات معنى 
_ أكيد منستش 
ثم اردفت بجدية 
_ أنا لازم أدخل الجو برد اوى هنا 
شعرت بأعينه تتفحصها قبل أن يقول 
_ امال أنا ليه حاسس إن الدنيا حر أوى 
رفعت رأسها إليه بثقة لتتلاق أعينهما فى الظلام للحظات حيث يكاد يقسم أنه قد رأى شبح إبتسامة تعلو شفتيها أثناء تحديقها به إلا أن تلك الإبتسامة سرعان ماأختفت قبل أن توليه ظهرها متمتة بخفوت 
_ هو من أمتى بقى وقح كده !
ماإن وطأت قدماها أرض غرفتها حتى تبينت إضاءة هاتفها وإهتزازه فتوجهت إليه لتجد الكثير من المكالمات الفائتة والتى بالطبع لم تكن سوى من كريم 
لم تمر ثوان حتى وجدته يقوم بالإتصال من جديد فأجابت على الفور قائلة 
_ الو أيوة ياكريم أنا 
لم تستطع إكمال حديثها بسبب صياحه قائلا 
_ إنتى بتستهبلى !
أنتابها الفزع من صياحه فأجابت پخوف 
_ فى إيه !
أجابها پغضب 
_ انتى طالعة البلكونة كده بلبسك ده وواقفة تتسايرى !
أجابته بعدم فهم 
_ أتساير إيه أنا كنت واقفة مع هشام 
أردف دون تفكير 
_ إنشالله تكونى واقفة مع الجن الأزرق النظام اللى انتى راجعالى بيه من لندن ده مينفعش هنا سامعة ولا لا !
شعرت بالإستفزاز يسيطر عليها من غضبه الغير مبرر فأجابت بصوت حاد 
_ طيب ياكريم براحة مجراش حاجة لده كله 
لكن حدتها تلك لم تزيده إلا ڠضبا فأجاب بنبرة يطغو عليها الغيرة الواضحة 
_ لا جرى وعلى الله أشوفك واقفة كده معاه تانى هو أنا مش قولت البلكونة دى متتفتحش 
فهمت أخيرا مايرمى إليه فتحولت قسماتها من الڠضب إلى الإرتخاء قبل أن يرتفع إحدى حاجبيها بغرور قائلة بنبرة ناعمة هادئة 
_ أعتبر دى غيرة !
لم تستطع تمييز سوى صوت أنفاسة الحارة الغاضبة والتى أتبعها تلك النبرة التحذيرية فى كلماته معقبا 
_ غيرة مش غيرة المهم إنك تنفذى الكلام ده 
أجابته على الفور دون تفكير 
_ حاضر ياكيمو 
أتبع قولها صوت سعال خفيف صدر منها فتسائل هو بإنزعاج 
_ مالك بتكحى ليه !
أجابته بوصلة من السعال المصطنع قبل أن تقول بضعف 
_ مش عارفة الظاهر أخدت برد 
أجابها بهدوء يغلب عليه القلق 
_ مش قولتلك تلبسى تقيل 
ثم أضاف بإضطراب 
_ طب خليكى عندك وأتدفى كويس وانا هجيبلك دوا وآجى على طول 
لكنها أجابته بصوت يغلب عليه الوهن 
_ مش مستاهلة ياكريم دول شوية كحة 
قاطعها قائلا 
_ مفيش حاجة أسمها مش مستاهلة خدى دش دافى وأعملى حاجة سخنة اشربيها على ماأجى 
فرح بهمس 
_ مش عاوزه اتعبك 
كريم بقلق واضح 
_ وأنا مقدرش أشوفك تعبانة كده وأسيبك مش هتأخر 
أبتسمت بدلال وهى تقوم بإغلاق هاتفها قبل أن تستلقى أعلى فراشها مداعبة إحدى خصلات شعرها لعدة دقائق مفكرة ومن ثم توجهت إلى حمامها مرة أخرى متبعة تعليماته 
تصاعدت الطرقات على باب المنزل من جديد حيث كان هشام يجلس بداخل شرفته مراقبا كريم الذى سيطر عليه التوتر والقلق وهو يتابع الرنين تارة والطرق بكفه تارة أخرى بينما بيده كيس بلاستيكى بداخله بضعا من الأدوية 
ظل على وضعه ذلك لأكثر من عشر دقائق تخللهم العديد من الإتصالات لهاتف فرح والذى لم تجب عليه أيضا كاد أن ېحطم الباب الخشبى من فرط قلقه إلى أن فتح الباب أخيرا 
بوجه غاضب يشوبه الكثير من القلق تسائل هو على الفور 
_ كنتى فين كل ده ! انتى كويسة !
رآها تطل عليه برأسها يقطر ماءا قائلة 
_ معلش كنت باخد دش ومسمعتش 
پخوف واضح دفعها إلى الداخل بعدما وطأ المنزل بقدميه وأغلق الباب من ورائه قائلا 
_ يابنتى انتى مچنونة ! طالعة بشعرك المبلول من حمام سخن لهواء بارد وانتى اصلا عندك برد طب لفيه بفوطة أو حتى 
توقفت الكلمات داخل حلقه وهو يراها بذلك البشكير الأبيض والذى يصل إلى ركبتيها بصعوبة بينما شعرها المبتل منسدل بطلاقة تتساقط منه قطرات المياه لتبلل وجهها ومقدمة عنقها فى حين أن العديد من القطرات تفر هاربة أرضا 
أفاق كريم على إعتراضها وهى تقول 
_ مش أنت اللى قولتلى أتدفى وخدى دش أدينى روحت آخد دش سخن وأنت قعدت تخبط كتير وأضطريت اطلع من الحمام وانا 
خرجت كلماته متقطعة ساخرة 
_ بس بس بس أنتى لسه هتشرحى 
ثم أضاف بتهكم وهو يضع مابيده أرضا 
_ أنا أصلا مليش دخول هنا تانى حرام عليكى ياشيخه هو أنا ناقص 
بحركة آلية وأعين مذهولة شبه منومة مغناطيسيا قام كريم بفتح الباب مغادرا وهو لازال مشدوها مما رآه يجره عقله للخارج بينما نفسه تؤنبه على تلك المقاومه التى لايستطع هو تحمل عقباتها 
فى نفس الوقت الذى كانت به تلك الأخيرة لاتزال واقفة تنظر فى إثره متسائلة بحيرة لاتستطع فهم ماحل به !! 
بينما بداخلها وحش ثائر يعلم جيدا إجابة تساؤلها ذلك !
الفصل الثانى والعشرون
ليحدث مايخفينا فقد مللنا القلق 
كانت تلك العبارة هى أول ماوقع عليه عيناه عند إستيقاظه ذلك اليوم أثناء تفحصه لهاتفه بعد أن فشل فى النوم طوال الليل مفكرا فيما يمكن أن يحدث لو أن ذلك الهاجس بداخله كان صحيحا 
فلقد تسارعت الأحداث خلال ذلك الأسبوع المنقضى بصورة لم يستطع هو إستيعابها أو إدراكها وهاهو اليوم يوم زفافه 
بسلاسة
تم نسخ الرابط