رواية تحفة الفصول من الثامن للعاشر بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

لن تتسبب فى تحطيم قلب إحداهن مجددا بل فى المرة المقبلة قلبك أنت من سيتحطم ..
أتلك هى مرارة الحطام ! أهذا هو ألم الإنكسار !
ذلك الشعور بالحسړة والتفتت والذى لم يعرف له طريقا من قبل بل والإحساس بالتخلى والسحق لذلك الذى ينبض بداخه عند أول مرة تتسارع دقاته لإحداهن بصدق ..
رغما عنه أشتعلت الغيرة بداخل قلبه وهو يرى كفيها بحوزة صديقه يربت عليها بحنان بعد أن أستحوذ على مقعده المقابل لها يستمتع بالنظر إلى ملامحها التى تساقطت عليها خيوط الشمس الخاڤتة فزادتها جمالا كما رآها هو بالأمس وأول الأمس وهو الذى ظن أنه هو وحده الذى من الله عليه بتلك النعمة لرؤيتها على ذلك الحال ..
جذبته قدماه للتراجع لكن قلبه رغم ألمه إلا انه تعلق بعينيها تعلق بوجهها المنكسر ومقلتيها الشبه دامعتين وملامحها الواجمة فذلك الحزن المسيطر عليها بطريقة واضحة لايواكب هذا اللقاء الرومانسى الحالم بل وكأنهم اجتمعا لإعلان الفراق وتلك هى لحظات الوداع ..
تفاجىء بسحبها لكفيها من أسفل خاصته بملامح واجمة عابسة قبل أن يعبث ذلك الجالس بهاتفه ثم يغادر عقب عدة دقائق ..
توارى هو عن الأنظار فى تلك اللحظة بينما عيناه تشبثا بها دون أن تراه ليرى تعلق عدستيها على صديقه قبل أن تجهش بالبكاء بصورة واضحة فيتألم هو ...
بل فيتأوه هو بداخله كتأوه قلب أم شعرت بتوجع رضيعها لأول مرة قبل أن يبدأ بالصړاخ بل حتى قبل أن يشعر بالألم فأنقبض فؤادها ..
مثلما أنقبض قلب الرائى وزاد ألمه من تلك الدمعات المنهمرة وكأنها جمرات تتساقط عليه كم ود لو أن بإمكانه الإقتراب فقط للتربيت عليها دون النطق بكلمة ...
تبا لك أيها القلب ! كيف أمكنك ذلك ! أهذا هو ماتتألم من أجله ! دمعاتها ! وماذا عن دمعات صاحبك الخفية ! ماذا عن ذلك الإنكسار الذى أصابك ! يالوقحاتك ..
فلتذهب للچحيم أنت وصاحبك ..
لا لا تقترب .. لا تتحرك من مكانك.. تشبثى بالأرض من تحتك أيها الأقدام.. أين أنت أيها العقل ! 
اصدر أوامرك لباقى الجسد حتى يطيعك كيف تسمح للقلب بالسيطرة على هذا النحو ! 
فلتفتعل معركة بل أنشب حربا وأهزمه فيها شړ هزيمة ثم تحفظ عليه كأسيرا لديك أسلبه حقه فى الأختيار تفرد بالسلطة على باقى الجسد وهلم بنا للمغادرة ..
وكأن العقل فى سبات عميق لايشعر بما يجرى من حوله فهاهو يتوجه إليها بأقدام ثابتة وقلب قلق نجح فى بث الإضطراب بداخل باقى الحواس للإشفاق عليها ..
كريم ...
رغما عنه أبتسم عند سماع أسمه ينطق من بين شفتيها.. 
وهل .. هل تغيرت ملامح وجهها إلى البشاشة بل وطلت السعادة من عينيها عند رؤيته أم يهيئ له !
أجابها رغما عنه بعد أن وقعت عيناه على فنجان القهوة الفارغ أمام ذلك المقعد الذى أبتعد عدة سنتيمترات عن مكانه المعتاد  
_ ازيك يافرح ..
ظهرت علامات الإضطراب أعلى محياها متسائلة بقلق 
_ أنت هنا من أمتى !
تجاهل هو أضطرابها ليجلس بهدوء قائلا قبل أن يتعمد إزاحة فنجان القهوة الفارغ من امامه  
_ مش من كتير..
ثم أضاف بثبات وهو يتأمل مقلتيها اللامعتين  
_ كنتى بتعيطى !
مسحت فرح عينيها على الفور مبررة 
_ أنا !! لا لا أبدا .. أصل بس عينى أتطرفت .. 
أومأ كريم برأسه دون أن يجيبها بينما هى أستطردت 
_ جيت ليه النهاردة ..
طلت إبتسامة ساخرة اعلى محياه قائلا  
_ إيه اتضايقتى إنك شوفتينى ! 
هزت فرح رأسها نافية بسرعة 
_ لا لا أبدا بالعكس .. 
عبث كريم بذلك المنديل الموضوع أمامه متسائلا  
_ وانتى !
فرح بعدم فهم  
_ انا إيه ! 
تحولت نظراته إلى الفنجان الموضوع أمامه قائلا  
_ إيه اللى جابك النهاردة .. كان عندك معاد مع حد !
فهمت هى على الفور مايرمى إليه فأجابت بلهجة حاولت إخراجها صادقة  
_ اه قابلت هشام .
أنفرجت شفتاه بتهكم فهو لم يتوقع صراحتها إلى ذلك الحد وقبل أن يعلق أردفت هى بكلمات مرتعشة 
_ كان عاوزنى أتوسطله عند هنا عشان عاوز يتقدملها وهى لسه مش مقتنعة بيه فطلب منى إنى اكلمها عنه اكتر وأحاول أقنعها.. زى ماهو ... 
صمتت لبضع لحظات قبل أن تقول 
_ زى ماهو بيحاول يقنعنى بيك .. 
أرتفع حاجبى كريم بسخرية قائلا 
_ ياااااه يقنعك بيا ..
فرح مسرعة  
_ مقصدش اللى أنت فهمته هو بس كان بينقلى أنك معجب بيا وبتحاول تتقربلى .. هو مش ده حقيقى !
حاول كريم التماسك وهو يجيبها  
_ وهو انتى كنتى محتاجة إن هشام يوضحلك الصورة ولا يمكن بتثقى فى رأيه ومتقدريش تتحركى خطوة من غير ماتقوليله لدرجة إنك مستنياه يقولك تعملى إيه معايا !
أزدردت لعابها بصعوبة وهى تقول بعدم إستيعاب 
_ إيه اللى انت بتقوله ده ... إيه اللى خلاك تفكر كده !
أجابها متجاهلا كلماتها  
_ وياترى كنتى بتعيطى عشان قالك إنى معجب بيكى ولا عشان صارحك أنه هيتجوز أختك !
أتسعت عيناها بدهشه غير مصدقة كلماته التى لامست واقعها إلى حد كبير إلا انها فضلت الإنكار قائلة 
_ ماقولتلك مكنتش بعيط ياكريم .. 
ثم أضافت بإرتباك راغبة فى الهروب 
_ معلش أنا لازم أروح دلوقتى ..
فور مغادرتها مقعدها وقبل أن تتحرك أولى حركاتها فوجئت بداور عڼيف يداهمها مما أرغمها على الجلوس من جديد هى بالفعل لم تنناول شيئا يذكر منذ الصباح ..
تملكه الذعر مما أصابها فتحرك من مكانه مقتربا منها قائلا بهلع 
_ فرح مالك
أجابته دون أن تقو على النظر إليه 
_ مش عارفة دايخة ومش قادرة أفتح عينى ..
ألتقط كوب العصير الموضوع أمامها ليقربه منها قائلا 
_ طب أشربى العصير .. 
أرتشفت هى بضع رشفات على مضض قبل أن تقول بصدق 
_ خلاص بقيت كويسة ...
ثم أضافت وهى تتناول حقيبتها من جديد 
_ لازم أمشى
خرج صوته مختلطا بالرجاء رافضا  
_ مينفعش طبعا هتمشى ازاى وأنتى كده وهتسوقى ازاى ..
ثم أضاف بتصميم 
_ تعالى هوصلك بعربيتى ..
إلا انها قالت بإرهاق واضح 
_ لا لا مش هينفع أسيب عربيتى هنا .. هروح الشغل ازاى بكره ...
صدرت كلماته حازمه وهو يلتقط مفتاح سيارتها من أمامها 
_ طيب خلاص هوصلك بعربيتك وانا اللى هسوق ومفيش نقاش يلا بينا .. 
فرح بإعتراض 
_ طب وعربيتك ..
أجابها دون تفكير وهو يساعدها على النهوض 
_ متشيليش هم هبقى أرجع اخدها فى أى وقت ..
وكأنها تستند على قلبه لا على ذراعه ذلك ماشعر به فور ملامستها له كم أراحه ذلك الإحساس بالثقة لإتكائها عليه دون تردد وكأنه هو السند والداعم وكأنه هو العضد والعون .. 
بالنسبه إليه لن يخجل الآن من حملها بين عضديه كى لاتطأ الأرض بقدميها المتعبتين لن يستحى أن يقربها إلى فؤاده بتملك حتى تغفو بداخل أحضانه .. 
لو أمكنه سيحملها بداخل عينيه كى تتخد جفنيه فراشا ورموشه السوداء الطويلة غطاءا يحميها من تقلبات الزمن وأحزان الدهر .. 
هاهو ينظر إليها عن كثب يتأمل وجهها الشاحب بإنبهار حتى كاد أن يحصى عدد حبات النمش أعلى صفحة وجنتيها رغما
تم نسخ الرابط