رواية تحفة الفصول من الثامن للعاشر بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

الفصل الثامن
 
قررت الخروج من قوقعتها تلك والتخلص من ذاك التفكير الذى أحزن قلبها وأكأب نفسها لذا لم تجد مفر إلا من قطع إجازتها التى لم تبدأ بعد للإنشغال بعملها من جديد عله ينسيها تلك الصدمات المتتالية التى تلقتها على مدار اليومين المنصرمين ..
بشكل روتينى أرتدت ملابسها وأتجهت إلى سيارتها بعد أن تناولت فنجانين من القهوة المركزة كى تتخلص من ذلك الألم بالرأس الذى سيطر عليها ..

وبعكس ماتصورت ظلت تلك الأفكار الحزينة تحوم بداخل رأسها طوال يوم عملها الذى إنتهى ببطىء وملل شديدين حيث لاحظ جميع زملاؤها تجهمها وشرودها على غير عادتها ..
فى النهاية وعقب إنتهاء يومها لم ترغب فى الرجوع إلى منزلها رغم الشعور بالإرهاق الذى سيطر على جسدها إلا أنها رغم ذلك قررت الذهاب إلى ذلك المطعم و الذى لم تدلف إليه فى المرة السابقه لم تعلم لما تذكرته لكنها وفى جميع الأحوال لم يكن لها ملاذ آخر تلجأ إليه ...
ماهى إلا نصف الساعة وكانت تصطف بسيارتها أمامه وماإن ترجلت منها حتى تذكرت وقوفها فى تلك البقعة منذ عدة أيام فتحركت عدستاها رغما عنها إلى تلك النافذة حيث رأته للمرة الأولى لم تعلم سر ذلك الشعور بداخلها أنها ستراه فى تلك اللحظة وكأن الزمن سيعود بها إلى الخلف ويتوقف هاهنا من جديد أبتسمت بداخلها لأول مرة فى ذلك اليوم وأكملت خطواتها إلى الداخل حيث رأت صديقتها تلوح لها فتوجهت إليها مباشرة.. 
وبعد أن ألقت التحية وهنأتها على ذلك المكان الأنيق قادتها قدماها إلى الداخل لتجلس فى إحدى الأركان الهادئة بعد أن لاحظت إنشغال صديقتها فقررت الإسترخاء على أنغام الموسيقى الحالمة التى تملأ المكان علها تساعدها على طرد تلك الطاقة السلبية التى تملأها وتستطع ترتيب أفكارها من جديد بداخل ذلك المكان الذى شعرت بالراحة تغزوها بداخله كما شعرت بها لأول مرة تراه فيها من الخارج فألوانه رقيقة عذبة بعيدة كل البعد عن الصخب وطاولاته مربعة الشكل بأغطية بيضاء نظيفة نهاياتها مشغولة ببعض الزخارف الرقيقة أما المقاعد فتبدو مريحة تدعوك للجلوس أعلاها وذلك الطاقم النظيف المشذب بأبتساماتهم البشوشة تشجعك للحديث إليهم دون تكلف أو تحفظ ..
تأملت كل قطعة بذلك المكان الخيالى فكل الطاولات خالية تدعوها للجلوس أعلاها إلا تلك التى دعاها إليه صاحبها بإبتسامته الساحرة ..
ترى هل أمانيها مستاجبة إلى تلك الدرجة ! أم أن روحها نقية صافية حتى تستطع التنبؤ !
لكنها لم تتمن ذلك أو حتى تنبأت به هى فقط كانت تفكر وتسترجع بذاكرتها تلك اللحظة ليس إلا ..
حسنا فى جميع الأحوال لم أبتسمت الآن فور رؤيته !
لم أنفرجت شفتاها بحركة لاإرادية ماإن وقعت عيناها على إبتسامته !
رأته يجلس على تلك الطاولة التى كان عليها من قبل إذا كيف لم تلمحه من الخارج ! رغم ذلك يبدو انه رآها بل كان فى إنتظارها لذا لم تجد مفرا من التوجه إليه وكأنه يجذبها إليه بخيط رفيع يشتبك نهايته بإبتسامته الساحرة تلك ..
أقتربت منه والإبتسامة تملأ وجهها رغم علامات الإجهاد الواضحة التى تعلو محياها لتقول بهدوء 
_ إيه الصدفة دى !
إزدادت إبتسامته بشاشة لإنضمامها إلى طاولته من تلقاء نفسها مجيبا بمرح 
_ شوفتى بقى .. أهى جت من عند ربنا بدل ماأنتى كنتى مطلعة روحى عشان نتقابل ونتكلم شوية ..
أراحت فرح جسدها أعلى المقعد المقابل قبل أن تقول بإعتراض  
_ اللى يسمعك كده يقول مشوفناش بعض من سنه مش إحنا لسه متكلمين إمبارح ياكريم ..
وكأن إبتسامته إزدادت سحرا وجاذبية ماإن لفظت اسمه فتطلع إلى عينيها قائلا  
_ قولى كريم تانى كده ...
فاجأها قوله فأبتسمت من جديد رغما عنها قبل أن تحاول الإعتراض قائلة بتزمر 
_ هنبدأ بقى .. 
عبس هو بحاجبيه محاولا إصطناع الجدية قبل أن يفشل فيبتسم كعادته قائلا 
_ ماشى ياست فرح مش هبدأ .. بس أقدر أعرف إيه اللى جابك هنا بقى .. مش عادتك يعنى .. 
رفعت فرح كتفيها بلامبالاة 
_ عادى يعنى مكنش ليا مزاج أروح البيت فجيت أقعد هنا شوية ... وأنت !! إيه متعود تيجى هنا كتير !
لم يبارح ناظريه قسمات وجهها فور بدىء حديثها وعند سؤالها ركز عدستاه على رماديتيها قائلا  
_ آه متعود آجى هنا من أول ماشوفتك كنت باجى فى نفس الميعاد يمكن ألاقيكى بالصدفة والنهاردة لما عرفت أنك نزلتى الشغل وملقتش حد أبص عليه من البلكونة فقررت آجى أقعد هنا شويه يمكن ..
فرح بحيرة  
_ مممم وعرفت منين بقى إنى نزلت الشغل النهاردة 
كريم بتلقائية  
_ هنا قالت لهشام وهو اللى قالى ..
تغيرت ملامح فرح ما إن نطق بإسم هشام و .. هنا فلاحظ هو ذلك ولم يمنع نفسه من التساؤل قائلا 
_ لسة متضايقة من موقف إمبارح !
حاولت هى الهروب من نظراته المسلطة عليها قائلة بغير صدق أحسه هو على الفور  
_ لا ابدا ابدا دى حاجه تافهة..
ثم أضافت مسرعة هربا من نظراته 
_ المهم طلبت حاجة ولا لسة أنا هطلب قهوه ..
لاحت علامات الحماس على وجه كريم قائلا بتشجيع 
_ إيه رأيك نتغدا مع بعض النهاردة انا مأكلتش حاجة من الصبح ..
تذكرت فرح فى تلك اللحظة شعور الجوع الذى تجاهلته العديد من المرات ذلك اليوم وبعد تفكير أستمر لثوان صاحب عدم رغبتها فى الرجوع إلى البيت الآن هزت رأسها موافقه على أقتراحه وهى تقول 
_ ولا أنا اكلت حاجة أوك هنطلب إيه ..
أزداد حماس كريم وقام بالإشارة إلى النادل بسرعة خوفا من أن تقوم بتغيير رأيها وبعد القليل من الوقت امتلأت المائدة بالعديد من اصناف الطعام التى تناولتها فرح بنهم شديد وشهية مفتوحة لأول مرة تقوم بإلتهام كل تلك الكميات من الطعام خارج منزلها وبصحبة شخص لاتعرفه تمام المعرفة هى أعتقدت فقط أنها ستتناول مايسد جوعها إلا أن ذلك الحس الفكاهى الذى أضافه هو على جلستهما أنساها أحزانها وأخرجها من كآبتها .
لأول مرة تلاحظه وتتأمل قسمات وجهه الجذابة فبالإضافة إلى إبتسامته الساحرة التى طالما تبرمت منها فى البداية إلا إنه أكثر وسامة مما كانت تتوقع عيناه السوداويتين ضاحكتين باسمتين طوال الوقت يشع منهما البهجة والمرح يرغمان الناظر إليهما على البشاشة والإبتسام أما شعيراته السوداء اللامعة التى تصطف إلى الخلف بأناقة واضحة عدا بعض الخصلات الهاربة والتى تجبر المتحدث إلى الألتفات إليها بإعجاب فهى مشذبة مرتبة أكثر مما تبدو من بعيد أنفه مستقيم منمق متناسق مع ملامحه الرجولية لحيته غير محددة إنما عشوائيتها مريحة للأعين تزيده رجولة وشبابا خاصة مع أسنانة العاجية التى تطل طوال الوقت من وراء شفتيه ال ......
عند وصولها إلى ذلك الحد من تأملها نهرت نفسها معاتبة فأرتفعت عدستاه إلى سوداويتيه من جديد لترى نظراته الثاقبة قد ثبتت عليها فراودها الشعور بالخجل فى الحال واومأت بنظرها إلى الأسفل ..
عندما لاحظ هو خجلها المتزايد الذى أراد إذابته تحدث على الفور متسائلا 
_ ها تحبى تاخدى ديزرت ايه بقى !
حركت فرح رأسها نافية
تم نسخ الرابط