رواية جديدة جامدة الفصول من التاسع للثاني عشر بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

وغامض السريرة.
أما فى غرفة أثير كانت نادين تجلس بتعب بمقعد مجاور لفراشها بينما أميرة تجلس بأريكة كائنة بأحد أركان الغرفة على مسافة بعيدة نوعا ما من فراش أثير تطالعها بملامح واجمة غير مكترثة لما حدث لها فقد كان جل إهتمامها أن ابنتها قد نجت و تجلس أمامها بخير و سلام غير مبالية لتلك اليتيمة المقهورة الممددة على الفراش لا حول لها و لا قوة.
بدأت أثير تعود لوعيها رويدا رويدا مصدرة تأوهات خاڤتة و ما إن فتحت عينيها و دارت بهما فى الغرفة بدأت تتذكر المشهد المرعب و يزيد الذى غشاها بالكامل و عرض نفسه بطريقة مباشرة لخطړ الړصاص فهبت من نومتها و هى تردد اسمه بهلع قائلة
يزيد...يزيد فين يا نادين!..يزيد جراله ايه!..فين يزيد!...هو اټصاب!..اوعى تقولى إنه اټصاب يا نادين...لو جراله حاجة مش هسامح نفسى..ثم أجهشت فى بكاء مرير..
نهضت نادين من مقعدها و جلست بجوارها و أخذت تربت على ظهرها و هى تقول بوهن
اهدى يا أثير...يزيد كويس...هو واقف برة مع أونكل عادل...صدقينى و الله كويس.
طالعتها بأمل و قالت و الدموع تنهمر من مقلتيها
بجد يا نادين...متكدبيش عليا.
قطبت جبينها باستغراب و سألتها بدهشة
انتى خاېفة عليه أوى كدا ليه!..أومال لو مكانش بالنسبالك مجرد بودى جارد زى أى بودى جارد ف الشركة كنتى عملتى إيه!
ألجمت تلك الكلمات لسانها و أخذت تبحث عن حجة تبرر بها لهفتها و خۏفها الشديد عليه فقالت
واحد عرض نفسه للخطړ علشان ينقذنى و كان ممكن ېموت..مش عايزانى أقلق عليه!..دا لو كلب كنت هسأل عليه و انتى عارفة إنى محبش حد يتأذى بسببى.
أومأت بتفهم و هى تقول
طيب يا أثير..اهدى شوية...أصلك مأفوراها أوى بصراحة.
طالعتها باستنكار قائلة
أنا اللى مأفوراها و لا انتى اللى انسانة باردة!
كانت أميرة تراقب المشهد بين الفتاتين بتأفف و ملل حتى صاحت بهما قائلة بحدة
خلاص انتى و هى...الحمد لله انها جات على قد كدا..و انتى يا نادين يا ريت بلاش تروحى و تيجى من الشركة معاها تانى...من هنا و رايح تروحى مع أخوكى و تيجى معاه...إحنا مش ناقصين مصايب تانية من ورا راس الست أثير...
ثم نهضت من الأريكة مغادرة الغرفة و صافعة الباب خلفها بشدة غير مبالية لتلك المسكينة التى تطالعها بملامح مشدوهة لا تصدق أن خالتها التى من المفترض أن تقوم بدور والدتها لا يعنيها أمرها بتاتا و لا تهتم لحالتها الصحية و النفسية و أنها تصب كل اهتمامها على إبنيها فقط دون ذرة تأنيب من الضمير.
رمقتها نادين بطرف عينها و أشفقت عليها كثيرا و كادت أن تتحدث لتواسيها و تجد عذرا لأمها إلا أن أثير أشارت لها بكفها بألا تتكلم ثم قالت پقهر
مش عايزة أسمع أى مبرر ليها...خلاص اعتبرينى اتعودت على كدا...معادش يفرق معايا..
أطرقت نادين رأسها بخذى من تصرف أمها المشين.
فى ذات الوقت كان بزيد قد عاد للقصر و معه الأدوية و صعد مباشرة إلى جناح أثير فلم يجد أحد فى الرواق طرق باب الغرفة عدة طرقات خفيفة و فتح الباب بعدما أتاه صوت نادين سامحا له بالدخول.
دلف بخطوات ثابتة و هو ينظر باتجاه أثير كادت أثير أن تنهض من فراشها لتطمئن عليه إلا أن نادين قد سبقتها تهرول باتجاهه بلهفة و تضع كفيها على وجنتيه و هى تسأله بقلق بالغ
يزيد...انت كويس!...أنا مش عارفة أشكرك إزاى على اللى عملته معانا.
ألقى نظرة خاطفة على أثير فوجدها تنظر لهما پقهر و ڠضب دفين فعاد بنظره لنادين و أزاح كفيها عن وجنتيه و هو يقول بجدية
لو سمحتى يا نادين بلاش كدا...مش معنى ان احنا بقينا أصحاب إن دا يديكى الحق إنك تلمسينى و تقربى منى كدا...على فكرة اللى انتى متعرفيهوش ان أنا صعيدى و دمى حامى و مبحبش الحركات دى.
شعرت بكلماته تنزل عليها كالسوط الذى يجلدها بقسۏة و أطرقت رأسها بحرج شديد ثم ردت بخفوت و خذى
إحم...انا آسفة طبعا...أنا بس كنت قلقانة عليك و كنت حابة أطمن إذا كان جرالك حاجة و لا لأ.
اجابها بجدية
انا زى ما انتو شايفين أهو كويس و زى الفل.
ثم تحرك من أمامها مقتربا من فراش أثير التى كانت تستمع لكلماته التى جلد بها نادين و فى ذات اللحظة أثلج بها قلبها العاشق له.
وقف أمامها مباشرة و مد يده لها بحقيبة الأدوية ناظرا لها بتمعن و هو يقول بنبرة حانية
حمد الله على سلامتك...دى الأدوية اللى الدكتور وصفهالك.
انحبست أنفاسها فى تلك اللحظة و شعرت بتوتر بالغ إثر اقترابه منها و نبرته التى تحولت تماما من الحدة مع نادين منذ قليل إلى اللين معها ازدرت لعابها بصعوبة ثم أخذت منه الأدوية و هى تقول
ميرسى على تعبك معايا...و على مخاطرتك بحياتك علشانى..مفيش أى كلام ممكن يوصف امتنانى ليك...بجد مش عارفة أشكرك إزاى.
ابتسم بجاذبية ثم قال
قولتلك قبل كدا دا واجبى...و دا شغلى اللى بعمله.
ردت عليه بابتسامة مشرقة جعلته يتأملها باعجاب الأمر الذى أخجلها للغاية فاتسعت ابتسامته على خجلها الذى لم يعهدها فيه من قبل و كأنها تحولت لأثير أخرى غير الذى عرفها.
مد يده لها و هو يقول
ممكن تدينى موبايلك لحظة!
اومأت دون رد و أعطته إياه فالتقطه منها و فتحه فوجده مقفل برقم سرى أعاده لها مرة أخرى قائلا
ممكن تفتحى الباس وورد!
اخذته و فتحته ثم أعطته له مرة أخرى و عندما أخذه و هم ليسجل رقمه عليه وجد صورة إمرأة غااية فى الجمال فى خلفية الهاتف جذبت انتباهه بشدة فلاحظته أثير و قالت بابتسامة
دى صورة مامى الله يرحمها...عارفة إنك هتستغرب علشان مفيش أى شبه بينا...صح!
اومأ بشرود
فعلا...ثم استرسل بدهشة
و مفيش شبه بينك و بين والدك بردو...علشان كدا قولت انك أكيد شبه مامتك.
ردت بابتسامة حالمة
يا ريت كنت طلعت شبهها.
ردت نادين ببراءة
أثير لا شبه مامتها و لا باباها و لا حتى فيها أى شبه من مامى اللى هى خالتها.
بدأ يتسلل إلى عقله احتمالا ما و يساوره بشدة خاصة بعد رد نادين الأخير و عزم أن يدرج هذا الاحتمال إلى قائمة احتمالاته و الذى يفسر له أمورا كثيرة لم يجد لها تفسيرا و عزم أن يحقق فى ذلك الأمر لاحقا.
تظاهر بتجاهل ذلك الأمر و شرع فى تسجيل رقم هاتفه على هاتفها ثم أعاده إليها مرة أخرى و هو يقول بجدية
سجلتلك رقم موبايلى و المرة دى اجبارى...مفيش عندى اختيارات...لو احتجتى أى حاجة كلمينى ف أى وقت هتلاقينى قدامك فى ثوانى...أوكى!
أومأت دون رد فقد تاهت منها الكلمات بعدما أغدقها بكل هذا القدر من الإهتمام لا تدرى أهذا الإهتمام ينبع من كونها رئيسته فى العمل أم ينبع من اعماق قلبه و عقله دون وضع أى إعتبارات لأى شيئ آخر!
غادر يزيد القصر بأكمله تاركا أثير فى حالة من الشرود و التيه فقد استطاع أن يعبث بخلجات قلبها و يشعل فتيل الحب به الذى لطالما قد أخمدته بقوة و لكن أبى قلبها إلا أن يتمرد و يعلن عصيانه عليها و ولائه ليزيد رافعا راية التسليم بصدر رحب و سعادة بالغة.
تركتها نادين متجهة
تم نسخ الرابط