رواية روعة قوية الفصول من الخامس للثامن بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
الفصل الخامس
أ
بزوغ ولمعة جلية لاحت في نظراتها من نافذة القطار طوال الطريق لم تصدق حتى تلك اللحظة أذنيها ووالدها يخبرها بسفرها التي لطالما حلمت به وتمنته لم تخلو جلسة غزل على إحدى المقاعد أمام والدها الجالس على أرضية القطار من التفكير في حياتها القادمة في ظل معيشة المدن الراقية من الآن تأجج شوقها لمشاركاتهم ما يفعلوه ابتسمت باتساع لوالدها الذي يودعها بنظراته الحنون والتي لم يبعدها عنها لحظة نبع من ذلك قساوة لم تفطنها وهي تحبذ السفر ولم تتساءل في توديع أختها وأخيها_في التربية_بل وافقت دون تفكير....
سمعتها غزل فسارعت في الركض نحوها وهي تقفز بطفولة فرحة وخلفها حسن وهو يسير باتزان احتضنت غزل خالتها بألفة شديدة وهي تردد
وحشتيني يا خالتي مصدجتش أبويا لما جالي هنروح عنديكي
قبلتها فتحية من وجنتها ثم ردت بمحبة
خلاص يا غزل هتعيشي معايا كنتي عاوزة كده من زمان واللي عاوزاه هيتنفذ
ارجع إنت يا حسن غزل معايا ومتخافش عليها
ابتسم لها ولم يعلق ظل شاغله هو ترك غزل بعد كل تلك السنوات من العشرة الطيبة فقلبه أحبها كابنته تأملها بحنو بالغ يريد أن يودعها لكن على النقيض غزل التي تجاهلته لتجذبها مشاهدة ما حولها لم يتضايق مطلقا ليدرك شغفها هذا حدثها بنبرة هادئة لطفة
انتبهت لحديثه لها ثم وعيت للموقف نظرت له وهي تبتسم بود قائلة وهي تهم باحتضانه
عايزة سلامتك يابا
ضمھا إليه ولطولها عنه أضحت هي التي تأخذه لصدرها فابتسم ردد برزانة
كبرتي يا غزل!!
ابتسمت فتحية على الموقف ثم فوجئ الجميع بطنين القطار يعاود الصدح دليل عودته ابتعدت غزل عن والدها فهتفت فتحية بجدية
فات الوقت كسرعة البرق ولم يحظى على توديع بحق بأبوة ظاهرة نصحها حسن
خلي بالك من نفسك يا غزل واسمعي كلام خالتك هي ادرى بمصلحتك
هزت رأسها بطاعة مرددة
حاضر يابا متجلجش عليا سلم على أمي
تحرك الأخير ليأخذ مكان داخل القطر ثم شرع القطار في المغادرة وقف حسن عند الباب ليودعهن فتابعت غزل حديثها الختامي
صفير القطار الرنان غطى على بقية كلامها فصمتت لوحت له في لحظة وداع كانت أعينه تحبس دموعها حين غاب عن نظراتهن بسبب سرعة القطار هتفت فتحية بتودد
يلا يا غزل علشان منتأخرش أصل عندنا حفلة بليل!
ثم سحبتها من يدها ليغادرن المحطة فهتفت غزل بفضول شديد
يعني هنروح فرح يا خالتي
انعقد جبين فتحية وهي ترد بتنبيه
مش عاوزة اسمع الصعيدي ده مش إنتي متعلمة وبتعرفي تتكلمي زي بتوع البندر
رددت بتأكيد
باعرف يا خالتي دا أنا هعجبك أوي
ضحكت فتحية على خفة روحها وطريقتها في الحديث لتمدحها
شاطرة يا غزل يلا بينا بقى علشان الشغل للركب النهار ده......!!
___________________________________
أثناء عودته للمنزل حاملا جلبابه على كتفه فوجئ بمن ينادي عليه والصوت يقترب ليسمعه بوضوح توقف يوسف عن السير ثم استدار بجسده ليرى من كان عوض من يريده فانتظره يوسف قاطب الجبين اقترب منه عوض وهو يلهث من ركضه المقلق حين وصل إليه خاطبه بنهج
إصباح الخير يا يوسف
ردد يوسف باستهزاء
وإنت موجفني علشان تصبح عليا
ضحك عوض بسخافة ثم وضح له
لا يا يوسف دا أنا كنت عاوزاك في حاجة إمهمة جوي جوي
أنصت له يوسف فجاء الدور الچارح لينفذ عوض ما أمره به السيد أسعد لذا ظل على حالته البهيجة ليرسم ببراعة الفرحة الزائفة تابع عوض بحرج مصطنع
كنت عاوزك تكلم أبويا الحاج حسن علشان يجوزني أختك أمل!
مط يوسف شفتيه مفكرا لم يعرف ماذا يقول من قرار لذا رد بتردد
طيب هجول لأبويا وأشوف رده أيه
جوله إني هستتها في البيت ومهخليهاش تشتغل واصل عند أي حد
مرر يوسف نظراته المتعجبة والمظلمة على هيئته البسيطة ثم قال بسخط داخلي
ومن مېته يا عوض حيلتك تتجوز لا وكمان هتستت مرتك!
ارتبك عوض ثم زيف ثبات في نبرته حين رد
آني بشتغل عن أسعد بيه وبيديني كتير ومحسوبك لملام حبتين ومدكن جرشين للزمن
اقتنع يوسف إلى حد ما ثم تنهد قائلا بضجر
أنا مروح دلوجيت وهخبره حديتك ده
ابتسم له عوض بزيف ويوسف يتركه واقفا يتابع رحيله تلاشت بسمة عوض لتحل الجهامة عليه ثم غمغم بحنق
ناجص آني الجرف اللي هابجى فيه ده سامحني يا رب إنت الجادر على المفتري........... !!
اندهش وهو يراها في ردهة المنزل تغني بصوت عال أغاني ريفية معروفة وهي تغسل الثياب في إناء واسع اقترب منها يوسف الذي ولج للتو ليخاطبها بغرابة
مالك إكده يا أمل رايجة وحالتك فل
نظرت له وهي تغني وتتغنج في جلستها فرمقها بتعجب توقفت عن الغناء لتخرج تنهيدة مغتبطة ثم ردت بانفراج
أصل غزل سافرت عند خالتي أخيرا هيبجالي أوضة لواحدي
لم يهمه بقية حديثها لتتحول قسماته للقسۏة والغلظة هتف بتبرم
كيف ده
ردت بعدم اكتراث وهي تكمل غسل الثياب
اللي جولته وإنت سمعته سافرت والسكة اللي تودي
اڼفجر يوسف ليخرج عن شعوره ليهتف بصوت جهوري
إنتي كدابة!!
نظرت له بعبوس ممتزج بالغيظ فاكمل يوسف حديثه لكن مناديا على غزل حين توجه لغرفتها
غزل!!
ردد أسمها وهو ينفث دخانا من أذنيه حين ولج الغرفة لم يجدها لم يصدق ليستمر في منادتها بصوت مهتاج وهو يعاود الخروج للردهة
غزل!
حدجته أمل بنظرات مزعوجة ثم نهضت وهي تمسح يديها في جوانب جلبابها لترد عليه هي
ما خلاص يا يوسف جولتلك مش إهنه وغارت إف داهية
قست نظراته نحوها فتشفت فيه خرجت والدتهما من المطبخ على صوته الغاضب وفورا أدركت سبب ذلك فحتما قد علم برحيل الأخيرة خاطبته بترو
فيه أيه يا يوسف وطى صوتك الناس تجول علينا أيه
وجه بصره نحوها ثم رد باستياء به لمعة من الحزن
صحيح ياما غزل سافرت!
تيقنت محبته للأخيرة وخمنت ردة فعله ردت بعقلانية
كان لازم يا يوسف مش معجول تفضل إمعانا غزل كبرت ومبجتش عيلة إصغيرة وجعادها حدانا ميصوحش!
استنبط من ردها أن ذلك سبب رحيلها عنهم رد بتأمل
أجوزها
شهقت أمل من جراءته فردت عليه سعاد بتوبيخ
الناس تجول أيه طول عمرهم عارفين إن غزل أختك عاوز تجيب لينا الكلام والفضايح
لم يهتم بكل ذلك فانتبه ل أمل تكمل حديث والدتها بخبث دفين
ومش إكده بس دا معناته إنك هتفضح غزل نفسيها وهتبان جدام الكل إنها بت حرام ومش بعيد ټموت بحسرتها
ثم أكملت في نفسها بكره
إن شاالله يا رب
زاغ يوسف بفكره المتحير ليشل عقله عن التفكير ارتمى جالسا على الأرضية شاعرا بالضياع نظرت له والدته بشفقة وهي تدعو في سرها له حدق أمامه بالفراغ ليهذي بقلة حيلة
يعني مهشوفهاشي تاني غزل اللي اتربت على إيدي مش ليا
جلست والدته بجانبه لتقول له برأفة
البنات
متابعة القراءة