رواية كاملة رائعة الفصول من الثامن والعشرين الي الواحد الثلاثون بقلم ملكة الروايات

موقع أيام نيوز

موووت .. موووت علشان أرتاااح .
ولكنه لم يسمعها فقد سبقها بعدة أمتار ووصل الى المنزل .
إلتفت إلى زياد الذى كان يراقبهما بحاجبين معقودين ليقول بهدوء وهو ينظر إلى يدها الممسكة بقوة بيده 
_ لو خلصتوا .. فأنا جعان وإيدى وجعتنى .
خففت ضغط يدها على يده لتتقدم بسرعة تجاه المنزل شاعرة بالڠضب يتأجج بقوة بداخلها .. يكاد ېحرق ذلك ال أوس وابنه .
أنتهت من تجهيز الطعام بعدما فرغ الاب وابنه من حمامهم جلست على الطاولة الصغيرة فى أحد أركان المطبخ ليجلس أوس أمامها و زياد بجانبها .
بدأوا فى تناول الطعام فى هدوء كان الطعام مكونا من معكرونا نجريسكو وقطع الدجاج المتبلة المطهية على الفحم .
نظرت إلى الطعام أمامها بفخر إنها طاهية مبدعة .. ولكن ليس هناك من يمتدحها .
تنحنحت قائلة بطفولية 
_ احم .. إيه رأيكم فى الأكل 
نظر الأب وابنه إلى بعضهما عاقيدين حاجبهم ليلتفتوا له ناظرين إليها ذات النظر .. جعلتها تشعر بالخۏف ليكون أوس أول من تحدث قائلا 
_ حلو .
واتبعه ابنه بنفس الكلمة فنظرت لهما پغضب لتصيح بحدة 
_ حلو بس !!
نظر الاب وابنه ثانية إلى بعضهما ليعاودا الإلتفات لها بنفس النظرة الواجمة ونفس التكشيرة التى تعلوها ..
فقالت مفسرة وجهة نظرها 
_ لازم تشكرونى على اللى عملته .. تقولولى تسلم إيدك انت مبدعة .. أكلك فظيع .... لكن حلو ناشف كده !!
عاود أوس النظر إلى أبنه عاقد حاجبيه ليغمز له خفية ويلتفت إلى أهلة قائلا بحبور 
_ أكلك حلو أوى تسلم إيدك .
ردد زياد نفس الكلام بنفس طريقة أوس فنظرت شزرا اليهما بشك .. لتنهض اخيرا قائلة 
_ هجيب التحلية .
ما إن نهضت أهلة .. إلتفت أوس إلى ابنه مقتربا برأسه منه ليقول بخفوت عاقدا حاجبيه بإهتمام 
_ الستات دول لازم تاخدهم على قد عقلهم عاوزة كلمة حلوة قلها كلمة حلوة .. مش مهم تكون حاسسها ..لكن أهو إرضى الزبون .
نظر إلى وجه زياد فأشار بطرف عينه إلى الأمام فنظر أوس أمامه فوجدها تقف عاقدة ذراعيها على صدرها .. تطرق بإحدى يدها ذراعها برتابة تراقبه رافعة إحد حاجبيها .. لتقول اخيرا بهدوء يحمل صرامة 
_ أوس يا ريت قربك من زياد يكون بفايدة مش العكس .
إلتفتت مغادرة .. فنظر أوس إلى مكانها بشرود إلى أن إستفاق على هزة خفيفة فى كتفه .. فالټفت ناظرا لابنه بتعجب .. فقال زياد بهدوء 
_ الستات لازم تاخدهم على قد عقلهم .
نظر أوس لابنه بذهول ليقترب منه هامسا 
_ اخيرا عرفت أتواصل معاك .. 
أنهى كلماته بأن عبث بخصلات شعره البندقية الناعمة إتبعها بقبلة على جبينه .. لينهض بسرعة تابعا أهلة التى إندفعت لخارج المطبخ .
بعدما بحث عنها بأرجاء المنزل رآها صدفة من أحد النوافذ تقف فى الخارج أمام البحر مباشرة .
خرج إليها بسرعة ليقترب منها حتى وقف أمامها .. لم يتحدث ولم تكن هى لتفعل .. فقط ظلت على حالها تنظر أمامها إلى البحر الهادئ نسبيا .. بينما مياؤه تلامس قدميها بنعومة .
كان أوس يأخذ لنفسه دقائق مسروقة من الوقت الهادئ .. يراقبها بنعومة كيف أغمضت عيناها وكأنه غير موجود لتترك لحواسها حرية التمتع بالمكان الهادئ .
لم يرد أن يقطع إستمتاعها ففضل أن يشاركها إياه .. فأغلق عيناه وترك لحواسه العنان .. 
كان يشعر ب صوت الأمواج كتناغم لإيقاع موسيقى رقيق وصاخب بذات الوقت .. يحمل الترتيب والفوضى فى آن واحد .. بينما كان يشعر بالماء يصطدم بقدميه بقوة ليعود ويتراجع ثانية ليصطدم بقوة مجددا .
أنتبه فجأة من وسط إنسجامه لصوتها الهادئ 
_ عاوز إيه يا أوس 
فتح عيناه ليلتفت لها مراقبا وجهها المسترخى وعيونها المنسدلة دون محاولة رقيقة لفتحهما والاهتمام بالنظر إليه 
_ آسف .
أكملت الهمس دون أن تفتح عيناها 
_ على إيه 
زفر بهدوء محاولا تجميع أفكاره ليقول بجدية 
_ على اللى قولته لزياد .
حينها فقط فتحت عيناها لتنظر له كانت نظرتها غريبة .. تجمع بين التساؤل والخۏف .. الحقد واللهفة الألم والتشفى  
كانت مشاعر متضاربة لا تجمعها أى شابكة كلا يرمى بنظرة .. لتتجمع فى خطابا حكته أوجاعها .. ليحفظ فى بريق عينيها حيث فى أشد اللحظات سكونا يخرج ملتمعا وجاذبا النظر إليه .
أخذت أهلة نفسا عميقا لتقول بحزم إكتسب طابع الجدية 
_ إعتذارك بيأكد إنك عارف أن الكلام ده مينفعش يتقال لطفل .. تربية زياد الحازمة على قواعد وإنضباطات خلته مفتقر لجانب المشاعر الأبوية سواء من والدته او والده .
لما شوفتك بدأت تقرب من زياد المدة القصيرة دى فرحت .. مش علشانك لأ علشان زياد اللى يستحق ياخد فرصة علشان يقدر يبقى أحسن .
لكن إنك توصل سلوكك السيئ لزياد فده اللى هيبوظ كل اللى فات وكل اللى جاى ..
إبنك حقك إنك تقرب منه بطريقتك لكن تبدأ من دلوقتى التعامل معاه كده وإنك تعرفه الكلام ده فلازم أتخذ موقف من الموضوع .
نظر أوس إلى البحر الأزرق التى بدأت أمواج تضطرب وتتلاطم بإندفاع قوى تلك الأمواج فى تلك اللحظة كانت تشابهه .. كيف تبدلت مشاعره بعدة لحظات من الهدوء إلى الإضطراب .
قال أوس وفى نبرته الثقيلة إستشعرت ألمه الذى تعجبته! 
_ هحاول مقربش منه مدام قربى بيبوظ شغلك .. وهيبوظ تربية زياد .
عم الصمت ثانية إلا أن هذه المرة لم يكن الإسترخاء هو المخيم عليهم .. بل الحزن والشعور بالأسف .
وضع أوس يديه فى بنطاله ليعاود النظر إلى البحر لم يعرف يوما بأنه سيكون له طفل .. بل لم يتخيل ذلك .. فقد كان أقصى أمانيه أن يحقق احلامه .. وحين جاء زياد إلى العالم شعر بأنه شئ إضافى غير مرحب به وللأسف كان نفس شعور والدته التى رفضته مثلما رفضه هو .
قد يكون من الغباء لثنائى لا يريد أطفال أن يرزق بطفل!! .. ولكنه حدث بعد عام من زواجهما حين اكتشفت زوجته بالمصافة أنها تحمل جنين فى بداية الشهر الثالث!
لقد كانت حينها صدمة كبيرة تلقوها وإكتملت حين ولادته التى تمت رغم أنفه وأنفها ولكنهما أتخذا الطريق الأمثل بعدها ..الا وهو الطلاق ثم تنازلت له عن حضانة الطفل بإدعاء أنها تريد بناء طموحها العالية ليتنازل هو عن ابنه لجدته شاعرا بكل الرضى والقبول لما فعل .
وبعد ثمان سنوات يرى نفسه كان مچرما بحق كل دقيقة قضاها فى العمل .. بحق كل دقيقة قضاها فى البعد عن ابنه بحق كل دقيقة امضاها فى العبث مع فتيات الغرب ليضيع وقته بينما كان طفله بحاجة إليه .
يقال أن الأمومة فطرة ... والأبوة تكتسب إذا لماذا لا يكتسب الابوة .. لماذا لا يستطيع منح ابنه الدعم والسند ...
وفى الرحيل الراحة المنشودة 
هكذا أقنع نفسه حين صعد إلى متن الطائرة وهكذا قال حين حط على أرض ألمانيا .. 
تفقد بعيناه المنزل الخامدون دون أهله الحوائط التى بدأ يكسوها الغبار اللأرائك النوافذ .. السجاد .
كانت قدماه
تم نسخ الرابط