رواية هبة من 21-26

موقع أيام نيوز

راض عنها... كانت دوما دعوة والدها بكل سجدة أن يتوفاه الله وهو راض عنه! هل حقا استجاب ورضى عنه برحمته وغفرانه!....
ماذا يجني البشر من اتباع هواهم الشيطاني والانحراف عن الدرب الاسلم لهم ظنا منهم أن بذلك تكمن متعتهم وسعادتهم! علام يحصلون من نزاعتهم وخداعهم للحصول على الأموال والعقارات والأولاد! أيبقى لهم أحد لحظة دلوف القپر ومواجهته بشاعة أفعالهم! يغفل الإنسان عن ذاته!! نفسه!! والتي هي بنيان سبيله للحياه وكيفما يوجهها تيسر له وكيفما ينشأها تقوده!!!.... من أفضل الأمور التي يجب ترسيخها بالروح والعقل كل ليلة أنها ربما تكون الأخيره!! تكون النهاية فماذا ستنهي يومك وماذا ستفعل به!!....
بعد يومين
جلست أثير بشرود وحزن بمحاذاته تقلب بطبقها تحت مراقبة راكان لها! أنهى طعامه وكذلك حمزه المتعجب من صمتها منذ أتت من زيارة كلا من ورده و هبه وهي تجول بالبيت بدون وجهة وتتخذ السكوت ملجأ بينهم!! أشار بعينيه للصغير بالنهوض وتركهم وانصاع الآخر بخنوع بينما هو تلمس كفها

بحب هامسا
_ إيه اللي واخدك مننا يا هانم
لم يتلقى إجابة منها ولا نظرة بسبب تعمقها بافكارها فقرصها من خصرها بخفة انتفضت هي على أثرها ناهضة بعيدة عنه وهتفت پغضب حاد
_ إيه الغباء دا بتقرصني ليه
صدم من حديثها بل ومهاجمتها له بغير داع وسبها له ولكنه تدارك نفسه سريعا فهو يشعر بأنها ليست بخير أبدآ وتتفوه بتراهات ستندم عليها لاحقا!! نهض مقتربا منها ورفع سبابته بوجهها بتحذير هاتفا
_ خدي بالك من صوتك الأول وبعدين اتكلمي معايا يا هانم وخدي بالك إنك بتكلمي جوزك
تخصرت پحقد وكأنها تستعد للثوران على غريمتها وهتفت پغضب وشراسة
_ معنديش غير كدا إذا كان عجبك ولا مش عاجبك يبقى بلاه الكلام معاك أحسن وأوفر عشان أنت بټحرق دمي وأعصابي
رفع شفتيه پصدمه وتحدث 
_ أنا بحړق دمك! هي هرموناتك مالها قالبه عليا ليه لا بقولك إيه أنا على أخري
ناظرته بقرف وتحدثت
_ ملكش دعوه بهرموناتي أحسنلك عشان معرفكش لما بتقلب بتبقى عامله إزاي وقتها لما تبقى في مستشفي المجانين هتتأكد من اللي تقدر تعمله هرموناتي يا بيه
هكذا!! فقط بصقت كلماتها الغاضبة التي اشعلت فتيل النيران بقلبه وأسرعت للداخل غير مبالية بما ألقته عليه!! لوهلة أعاد ما فعل ليجرم نفسه ويجد سببا واقعي لاندفاعها عليه ولكنه لم يجد!! هو فقط كان يعبث معها ويحاول التخفيف عنها!! مسح وجهه بغيظ ودلف خلفها ليجدها تجلس بجانب حمزه بغرفته تقضم أظافرها بتوتر وقلق وكأنها استوعبت ما نطقت!! ألقى عليها نظرة معاتبة وغير وجهته لغرفتهم متناولا هاتفه ليغادر!!
نظر للساعة التي تشير للثامنة مساءا وابتسم ساخرا على قلبه القلق عليها فهي لم تتناول أي طعام منذ الصباح!! توجه للخارج ولكن صوتها المتردد أوقفه
_ راكان أنت رايح فين
لم يلتف لها بل هتف باقتضاب
_ هسيبلك البيت عشان محرقش دمك ولا أعصابك! ولا اروح مستشفى المجانين!
توترت نظراتها بسبب تبلده معها وعضت على شفتيها بحزن مردفة
_ مكنتش اقصد والله أنا بس
قاطعها ببرود
_ ولا تقصدي مش هتفرق كتير عن إذنك
دار بالكثير من الطرقات طيلة اليومين المنصرمين يبحث عن وجهته معها ولكن بلا جدوة وكأنها حاربت لتفقده وبالفعل بدأ ينزع منها!! قلبه قلقا من قرارها القادم مما حدث متى عدت أيام يراقب بيتها لعلها تخرج ليراها ولو صدفة ويعلم حالها ولكنه اكتشف بمقابلته الصباحية مع أثير أنها منفردة بنفسها بغرفتها تبكي فقط وتواسي ذاتها! لما العشق محرم عليه! يعني لما قلبه دوما يتألم بمن يحب! لم يدق فؤاده لأنثى قبلها وهو واثق أنه أسرها بين اضلعه ولن ينبض لبسمة غيرها من نساء حواء جميعا!! ولكن لما كل طرقهم لا تتقابل وكأن الكون بأسره يحارب بأسلحته ليفرق بين روحيهما!!...
أوقف سيارته اسفل البناية راغبا بمقابلة صديقه الوحيد لعله يخفف عنه القليل من الأوجاع التي تتأكله من الداخل وكأن الإخر يشعر به إذ وجده يهبط وعندما رأى سيارته لم يتردد بالقدوم له!!
صفع راكان باب السيارة خلفه پغضب وسط نظرات ثائر المنصبه عليه بغيظ وتنهد مردفا
_ كان مالي ومال الحب وسنينه وعمايله أنا صحتي راحت 
ضحك ثائر بخفة وأراح رأسه على المقعد مردفا بتهكم
_ ليه يختي غسلتي المواعين ولا رضعتي العيال
جحده راكان پغضب وتمتم بحنق
_ لا يخويا استحملت الأنقح من كدا هرمونات مراتي
لم يتمالك ثائر نفسه إلا وصوت ضحكاته تقطع صمت الطريق من حولهم على غيظ صديقه وقلة حيلته!! يسمع عن تقلبات النساء وهرموناتهم اللحظية التي تتبدل وكم يتوق لاختبارها معها!! ولكن هل ستكون حادة معه! فيما يفكر

الإن لينظر للمصېبة الجالس جانبه ويهتف
_ هي مبهدلاك أووي!
ضيق راكان عينيه باستفهام مردفا
_ هي إيه يالا
ضم ثائر شفتيه بمرح هاتفا
_ الهرمونات يا ريكو
ضحك راكان بشدة على مزاح الآخر وقلب عينيه متحدثا باهتمام وكأنه يصف حالة مستعصية
_ بص دي حاجه عامله زي فصول السنه في بلدنا كدا في الصيف تشتي وتقلب عواصف وسيول وفي الشتا تقلب غابات استوائية ومقولكش على الربيع والخريف دول ميكس تاني هيبهرك ويجلطك
انخرط ثائر بموجة حادة من الضحك حتى ادمعت عيناه وتناسى للحظات أوجاعه مع صديقه البائس!!
توقف ثائر عن الضحك وأردف بتساؤل
_ طب الهرمونات قلبت عليك دلوقتى ولا إيه
ابتسم راكان بسماجة وهز رأسه مؤكدا وتمتم
_ أبدا يا سيدي طلعت بحړق ډمها وأعصابها وسكوتي هيوفر عليها الحړق دا عشان متودنيش العباسيه!! فقولت أسيبها بدل ما اتحرق أنا أو اتهطل ايهما اقرب للرجوله!!
كتم ثائر ضحكاته بصعوبة وربت على كتفه باشفاق متمتما 
_ عاشت الرجوله يا بطل
عدل راكان من وضع ياقة قميصه البيتي ونظر لخفه المنزلي بتفاخر وتمتم
_ مبحبش اتكلم عن نفسي كتير
سخر ثائر بداخله من ملامح صديقه المتعبه ومزاحه المبالغ المبطن لحزنه! فتنهد مردفا
_ قولي مالك
عقد راكان حاجبيه بتوجس وأشار على نفسه بضيق وتحدث بمزاح
_ أنا! مالي! دا أنا زي الفل والهرمونات بتاعت أثير ماسحه بكرامتي الأرض
تنهد بإرهاق وغمغم بهدوء
_ عموما هحكيلك على الله تتعلم وتتفادى غلطات أخوك
ابتسم ثائر بسخرية لاذعة وعقد ذراعيه أمام صدره باهتمام منصتا لحديث الآخر!!!.

بالثانية بعد منتصف الفجر
دلفت أمامه بخطى متثاقلة تجر أوجاعها المتوالية ولم تلقى لحديثه الصامت بالا وأسرعت لغرفتها مغلقة الباب خلفها كرفض صريح لحديثه وتواجده!! انصاعت لكلماته بضرورة المبيت مع والدتها وفي الصباح تذهب!
سارت بخطوات ضعيفة لتلقي بجسدها المتهالك فوق الفراش مخرسة أفكارها الحزينة التي تدور حول نقطة واحدة!! أنه ذهب!! رغبت بكل ذرة منها أن تعطي لجسدها قوة بالنوم بفراشه ولكن والدتها سبقتها وأثارت نفسها عليه به! لم تحزن هي بالأصل للآن لا تصدق فكرة عدم تواجده ليشاركها نفس أنفاسها! لا تصدق أن بغيابه سينكشف ظهرها الضعيف وتسقط شيئا فشيء! 
هناك أوجاعا مهما حاول الوقت تخفيفها يبقى عاجزا عن الاقتراب منها وإعطاء ذاته فرصة معها! تتخفى القلوب خشية من نسيان تلك الآلام حتى لا تغادرنا ذكراهم السيئة قبل الحسنه!

دخل غرفتها بهدوء واشتياق بلغ مبلغه منه حاملا بعض الأكياس التي أخفاها خلف ظهره مقررا التريث والهدوء معها حتى لا تتعصب من جديد! يشعر من صميمه أنها تعاني وترفض مطلقا تدخله وهذا لا يفهمه ولا يقبله!! 
خابت أماله عندما وجدها تغط في نوم عميق وكأنها من خارج الكون وليست تلك التي أمطرته بسيل من ڠضبها مجهول السبب! ناظرها بغيظ ووضع الأكياس على المنضدة القريبة من الفراش وفتح الخزانة ساحبا ملابس تصلح للنوم ودخل المرحاض بحنق منها!!
بعد قليل من الوقت خرج من المرحاض ورأى حركتها المضطربة التي تبرهن استيقاظها!! اقترب منها وطبع قبلة شغوفة على جبهتها متلمسا جفنيها المخبئين راحته وضياء حياته بهما وهمس بعشق أتعبه
_ كل حاجه هتكون بخير طول ما أحنا سوا يا هانم... بحبك
التف للجهة الأخرى من الفراش فاردا جسده بإنهاك مغمضا عينيه وألقى نظرة أخيرة عليها قبل أن يسحبه سلطان النوم وابتسم بهيام لتلك المرأة التي استوطنت فؤاده قبل روحه الجافة واسرته ببسمتها الخجولة وعبقها الذي أدمنه وأصبح ينتشي عليه بكل صباح يستيقظ وهي جواره! غلبه النوم وثقلت جفونه ولكن قبل أن يغط في النوم شعر بكفها الرقيق يدث بين خطوط

كفه العريضة بلهفة وعشق التمسه منها مما جعله يبتسم وينام براحة....
في كثير من الأحيان نحتاج لالتماس الحب مرارا وتكرارا حتى وإن كان صادقا وذلك لرهبة القلب الدائمة وظلمة زكرياته المريبة وتعاسته الطويلة التي جعلته ينفي شعوره بالإطمئنان مهما قدم له!!!

هائمه بين أفكارها التي تنهال عليها كفيضانات كثيفة أغلقت جفنيها لثانية! ثانية واحدة حتى تعود يختفي ذاك الجفاف الذي ألحق بها! وعندما أفرجت عنهم لم يهتز بؤبؤ سوداويتيها وكأنه جماد! بالنظر لجسدها الذي اختفى كاملا داخل عباءتها السوداء وشعرها الذي بدأ في التساقط حتى بدأت تشعر ببرودة تدب بفروة رأسها من حين لآخر بسبب الفراغ الذي خلفته خصلاتها المتساقطة! ذلك لم يكن شيء بجانب وجهها الأبيض كالمۏتى والارتخاء الشديد به!!.... 
دلف بهدوء وهالة من الحزن تمزق قلبه العاشق عليها منذ ۏفاة والدها من إسبوعين وهي حبيسة هذه الغرفة والفراش تاركة الأحزان تجلدها وهو فقط يراقبها عاجزا! تحرك واضعا الطعام جانبا وجلس بجانبها متناولا كفها البارد يدلكه بحب وحنان جارف اعتصر ألم قلبه وحاول الابتسام عندما لم يرف لها جفن منذ دخل وهمس بلوم
_ حبيبتي قومي كلي أي حاجه الوقت أتأخر ودا غلط على صحتك
كالعاده لم يحصل على جواب وكعادته هو أيضا انحني لاثما باطن كفها بعشق ورجاء هامسا
_ وحشني صوتك يا وردة ربيعي أثير جاتلك النهارده ومامتك اتصلت ونفسها تسمع صوتك زيي
ارتفعت أنفاسه قليلا حتى وصل لجبهتها وقبلها بعمق مستنشقا رائحتها التي غابت عنه يدرك فاجعة قلبها ومدى تعلقها بوالدها ذلك الرجل الحنون كان الصديق والحبيب قبل كونه الأب لها! أغدقها بحبه وحنانه دوما وهذا رآه جيدا بعيناه! اختفت أنفاسه لعدة لحظات عندما شعر بحركتها تضم كفها على يده! تصلب جسده لاستجابتها له وابتسم بقوة مردفا بتوسل
_ عارف إنك سمعاني وإنك حاسه بيا لو مش عشاني يبقى عشان خاطر ابننا أو بنتنا هو في مكان أحسن دلوقت مفهوش لا ۏجع ولا معاناه ولا دموع مكان هيفضل يضحك فيه ويرتاح أمر ربنا مفيش لا اعتراض ولا لوم عليه يا حته من روحي بس فوقي وارجعي وأنا هكون قوتك
شعر بها تلصق جسدها به بضعف وتهمس بحروف بالكاد وصلته
_ مين هيعاند فيا ويقولي يا بشكير تاني مين هصحى الصبح على صوت زعيقه فيا مين هيطمني! طب مين هيقولي حتى وأنا عاجز يابنت بلال لسه شايف قلبك وأحواله! كان نفسه يشوف ولادي... قالي إنه هيعلمهم يحبوني زي ما هو بيحبني
تم نسخ الرابط