رواية هبة من 21-26

موقع أيام نيوز

أم تحزن! أتسعد لأنه يحاول جاهدا مثلها ألا يقع بشباك الشيطان أو تحزن لأنها كانت تتمنى رؤيته! توجهت للخارج لترى شقيقتها تنتظرها ورمتها بنظرة حانقة وما لبث أن تبدلت ببسمة وهرولت ممسكة بكفيها وسارا للخارج....
وقفت هبه أمام البيت متنهدة بريبة ولكنها تشجعت طارقة الباب وابتسمت بسعادة عندما طلت تلك المرأة التي تختزن بقلبها حب يكفي العالم أجمع وأكثر!! احتضنتها السيدة نجاة بحب وكذلك الصغيرة ورحبت بهم بحفاوة جلست هبه تفرك كفيها معا بتوتر قطعه صوت الصغيرة الخاڤت
_ أنا مش متفائلة بالزيارة دي
انحنت هبه عليها وهمست بصوت مماثل لها
_ عاوزه الحق!! والله ولا أنا
كانت السيدة نجاة تتابع همسهم الخاڤت وحركات وجه الصغيرة التي جعلتها تود التهامها ولكنها تغاضت عن ذلك وعقدت ذراعيها بلوم وتمتمت
_ يعني لازم ثائر اللي يكلمك عشان تيجي تشوفيني واتكلم معاكي!
هزت الأخرى رأسها بنفي وتمتمت بصدق
_ لا والله يا طنط بس حصلت ظروف كتير شغلتني مش أكتر
ابتسمت السيدة نجاة بطيبة وهمهمت مردفة بمزاح
_ خلاص عفونا عنك بس بشرط
أومأت هبه بموافقة وتمتمت
_ وأنا موافقه من قبل ما أعرفه 
_ تيجي تعيشي معايا هنا 
تمتمت بها السيدة نجاة بهدوء...
جف حلق هبه مما سمعته وعاودت عليها السؤال وكأنها كانت تتخيل
_ حضرتك قصدك إيه!
رمقتها الأخرى بنظرة حانية وصادقة مردفة بحب
_ أنا فاهمه أسبابك ومتعرفيش كبرتي في نظري ازاي بعد قرارك دا بس دلوقت ثائر هيسافر فترة وهفضل لواحدي
لم تستمع من حديثها سوى أنه سيسافر!! غصة قوية حړقت حلقها جعلته ترغب بالبكاء دون إرادة للتوقف وهمست بتساؤل
_ هيسافر فين!
كانت الإجابة تلك المرة منه ولا تعلم كيف لم تنتبه أنه أتى! رغم أنه بألا يأتي وهي هنا!!! لم تجرأ على النظر له عندما سمعته يهتف
_ سفريه ضرورية لمدة شهر... هسافر قطر
بصعوبة ألجمت لسانها عن سؤاله لماذا! وكيف لم يخبرها قبل الآن! صحيح أنه ابعدته ولكن تواجده حولها يريحها ولكن بعده تلك الأميال عنها لا تضمن نتائجه! ابتسمت لهم بتوتر ونهضت مقررة المغادرة حتى لا تحمل ذاتها المزيد من المشاحنات ولكن وقوفه لها بالمرصاد متصديا لخطواتها جعلتها ترفع نظرها له لأول مرة أتى وتهمس
_ أبعد لو سمحت
علم أنها حزينة مثله تماما هو مجبر على الذهاب فجأة طرأ له ذلك الأمر الذي لا مفر ولا بديل له كانت نظراتها له حزينة ومټألمة رأي من خلالها طيف من خيبة الأمل والاستسلام مما جعله يتمتم برجاء
_ خلينا نتكلم شوي يا هبه
كادت أن تعترض ولكنه همس بتعب
_ أرجوكي اسمعيني وبعدين قرري
عادت لمكانها مجددا بعدما غادرت شقيقتها مع والدته وجلس هو أمامها ينظر لها بعينين هائمتين بينما تحاشت هي نظراتهم بكل قوتها تمنت بتلك اللحظة أن تكون أثير المتهورة وتعنفه ثم تبكي وترحل أو ورده الوقحه لسبته وتجرأت عليه ورحلت هي أيضا ولكنها ليست كلاهما هي هبه الهادئة المتريثة كما تصفها صديقتها!!...
حمحم ثائر بنبرة رخيمة مردفا
_ مش هقدر أقولك سبب سفري على الأقل لحد ما ارجع واتاكد منه بس صدقيني أنا مجبر اعمل كدا ومفيش بديل هو شهر هسافره وهرجع تاني وقتها تكون عدتك انتهت ونتجوز لأني مبقتش قادر على البعد والتعب دا مبقتش قادر اتحمل إنك تبقي قدام عيني ومعرفش أبصلك ولا حتى ابتسم في وشك مش عارف أمارس حياتي من وقت ما بعدتي ورفضتي تقابليني أو تخليني اسمع صوتك اعتبريه بعد أنت فرضتيه علينا يا هبه المرة دي خليكي واثقه فيا ممكن!
بعد صمت دام لدقائق رفعت عينيها اللامعتين بالدموع

له وهمست بحزن
_ أنا مبعدتش بمزاجي أنا عملت كل دا عشانا... عشان مش هتحمل نبقى مبسوطين بلحظات بنسرقها وهي معصيه... مش عاوزه أغلط وأنا عارفه الصح... .... هستنى تاني وتالت ومليون بس لو بعد كل الوقت في أنت!!
لم يمنع ابتسامته العاشقة أن تظهر وكيف لا وتلك التي أحبها هي آية من الحكمة والهدوء والسلام! كيف وفتاته التي يعشقها تفهمه من نظراته! كيف وهذا الملاك يحبه ومعه! تنفس براحة وتمتم
_ تعالي اقعدي مع أمي هنا الفترة دي... مينفعش تفضل لوحدها وقبل ما تعترضي هي اللي طلبت مني والله
أومأت له بصمت وأشاحت ببصرها عنه هامسة
_ هتسافر امتى! 
غمغم دون تردد
_ بعد يومين
لم تصطدم كثيرا فهي تتوقع منه أي شيء ولكن أي شيء إلا أن ېؤذيها!! إلا أنا يحزنها بقصد!! أجبرت ذاتها على الابتسام له رغم أنه لا يري ذلك ولكنها تعلم أنه يشعر ببسمتها وغمغمت برقة
_ على خير.. ترجع بالسلامه
وضعت أثير حمزه بفراشها بعد أن تأكدت من نومه ودثرته جيدا بالفراش عندما استمعت لصوت رنين جرس الباب نهضت تعلم الطارق ولكن سبقها راكان وتحول صمتها فجأة لصړخة عالية نابعة من قلبها تعبر عن سعادتها عندما رأت والدها وجدها!! هرولت إليهم ضاممة كلاهما بقوة معبرة عن شوقهم لها ولكن ما أقلقها هو صمتهم ونظراتهم التي لم تبارح زوجها!! ابتعدت عن والدها هاتفة بفرحة
_ وحشتوني جدا وماما والبيت كله
بادلها والدها ببسمة لم تصل لعيناه وتمتم وعيناه لم تبارح زوجها
_ وأنت كمان يا حبيبتي
حولت نظرها لجدها الصامت ونظراته التي تلوم راكان بهدوء وتسألت
_ جدو مالك!
رمقها بنظرة لم تستطع تفسيرها وأردف بحدة
_ هو سؤال واحد!!.... ليه معرفتيناش!
ابتلعت لعابها بهلع من هيئة جدها الغاضبة وعروق وجهه النافرة وتلقائيا اقتربت ممسكة بيد راكان الذي شدد عليها داعما إياها وتمتم ببرود
_ اتفضلوا مش هنتكلم على الباب كدا ميصحش
رمقه الجد بسخط وصاح بتهكم
_ وأنت لما اللي يصح واللي ميصحش تضحك على بنات الناس وتخليهم لعبه في إيدك!
لم تتبدل نظرات التبلد بعيني راكان بل على العكس تضاعفت وتحدث بقوة
_ لو جيتلي قبل عشر سنين كنت وقتها هقولك أنا فعلا بلعب ببنات الناس بس دلوقت كل اللي أقدر اقولوا إن حفيدتك روحي.... عارف يعني إيه! يعني مش هتطلع من بيتي غير بمۏتي!! أنا مكدبتش عليك في حرف من اللي قولتوا ليك بالعكس أنا مقولتش على كل اللي في قلبي ليها أنا غلط ومعترف بغلطي وهقبل بأي عقاپ بس منها ومش من غيرها ومش مهم رأي العالم كله فيا طالما هي راضيه وجنبي
اهتاج والد أثير وأنقض لاكما راكان پعنف ساحق بوجهه وسط صراخات أثير الفزعة والقلقة على كليهما! لم يحاول الآخر تخليص نفسه بل سمح له بالتفريج عن مكنون غضبه وحزنه الذي استشعره بصوته!! عدم مقاومة راكان ل حسين جعلت الآخر يبتعد پغضب وأوقفه ممسكا بتلابيب ملابسه وصاح بصوت جوهري

_ مش بنتي اللي تبقى زوجه تانيه وتربي ابن مش منها وتفضل تعاني بسبب غلطة واحد قذر زيك قدر يضحك على الكل واتلون زي الحربايه وخطڤها من وسطنا.... هي كلمه واحده تطلقها وحالا.... وإلا...
فاقت من دوامة هلعها على صياح والدها الغاضب ورأت زوجها يترنح بين يديه ووجهه مغطى بالډماء مما جعلها تنتفض ړعبا وتحاول الاقتراب إلا أن نظرة جدها الحازمة أوقفتها كصنم نادم!! صعقټ من حديث والدها ولم تتردد للحظة وهتفت بنفي
_ ومين قالك إني عاوزه اطلق! مين قال إني هسيب بيتي! أنا لا هطلق ولا هسيب جوزي وابني
اهتز جسد حسين پغضب وهتف من بين أسنانه
_ دا مش ابنك فوقي.... دا ابن واحده قذره زي اللي اتجوزتيه وضحك علينا بكام كلمه خايبه
للعجيب لم تتساقط دموعها كعادتها بل ابتسمت واقتربت مبعدة والدها عن زوجها ووقفت هي نيابة عنه مردفة بهدوء
_ حمزه ابني ودا شيء يخصني وميخصش حد غيري أنا مبقتش صغيره عشان حد ينوب عني في قراراتي أو يختار بدالي أنا مش أثير اللي الكل كان بيضحك عليها بكلمه وهي تجري بفرحه هبله عليهم يمكن حمزه جه في ظروف غلط ممكن كنت أنا اتولد فيها! وقتها هيبقى كلامك هو نفسه!
وجهت حديثها لجدها وهمست بتعب
_ مش أنت اللي قولتلي امشي ورا قلبك وعقلك لما يتفقوا اعرفي إنك في طريق نهايته فرحه! وأنا عملت كدا وكل الطرق ودتني ليه ومش زعلانه ولا ندمانه عرفتوا ايه مقولتش ليكوا! عشان انتو هنا خايفين على شكلكوا وسمعتكوا مش خايفين عليا!! صحيح قدمتوا ليا حاجات كتير وكنت عايشه في بيت مفيش بنت تتمناه بس فاضي! زي لما تجيب هديه كبيييرة وفخمه وصاحبها يفتحها يلاقيها فاضيه!! انتو كدا ولا مره دعمتوني وكنتوا جنبي ولا مره حسيت بحبكوا
حاول والدها أن يوقفها ويضمها محاولا تهدئتها ولكنها ابتعدت وضمت جسدها لزوجها الذي لم يبخل عليها بحبه وتمتمت
_يمكن هو أذاني ووجعني وعيط كتير بسببه بس دعمني حتي في بعدي عنه! دعمني وقت ضعفي وتعبي ومتخلاش عني رغم إني اتخليت عنه! كان موجود لما انتوا اهملتوا وبعدتوا لما الكل سخر مني ووجعني هو كان البلسم لروحي وضمادة قلبي ودافع عني مقهورة وزعلانه وتعبانه بسببه بس مش قادره أبعد عنه لأن قلبي مربوط بيه هو على الأقل بيفتخر بيا! شخص واحد بيحسسني إني اهم انجازاته واعظمها!! شخص قابلني بكل عيوبي وميعرفش عندي مميزات ولالا!!! شخص حبني لنفسي مسابنيش ومشي!!!
لم يجد والدها وجدها الكلمات لوصف حديثها وشعروا بمدى حقارتهم أمام عظمة زوجها الذي أتوا ليبعدوه عنها!! نظروا لها برجاء أخير قبل مغادرتهم وحمل كلاهما خيبته التي أخلفها بصغيرته ورحلا!! هم سبب انتكاساتها الدائمة لم يقتربوا منها كفاية ليروا عتمة روحها التي كانت تتسع يوما بعد يوم!!! لم يشعروا بتمزق أحبالها الصوتية ليلا طلبا لاهتمامهم وقربهم!!!
ساذج من يظن أن بتوفير الرفاهية لمن يحب هكذا يعطيه سعادة العالم اجمع ومقابل ذلك يهمله! يهمل المه خوفه وجعه والادهى يهمل بريق روحه التي كانت تتعثر بالظلام الدامس!! من قال أن السعادة بالمال أو الطعام أو حتى التجمعات! من قال أن القلوب لا تحتاج لبسمة يومية تخبرها أن العالم سيكون بخير! من قال أن الوحدة والتباعد الأسري رأفة! أغفلوا عن كونها نقمة ولعڼة!...
الفصل الثاني والعشرون 
بين ذهاب وعودة ستبقى مسكني الوحيد وشفاء فؤادي النابض ولطف العالم لروحي المټألمة...
لاشك أن التناقض الدائم بالمشاعر يولد غريزة من التشتت والضياع تؤرجح الأنفس بين الإقدام على الفعل أو النفور منه تؤخر السعادة والراحة التي من المفترض أن تسكن القلوب وتعمرها!! من رحمة الله بنا فقط أنه يهبنا سکينة لحظية بأوقات الألم التي لا تحتمل لنعيد أدراجنا ونحاول من جديد فهم ملابسات الأمور وخباياها!!
حبه أشبه بنيران تحرقني وچحيم يضمني
منذ تلك الليلة ولشهر كامل تتجاهله!! بالأحرى تتهرب منه!! تعتني ب حمزه وتظل جانبه طيلة الوقت حتى ينام ومن ثم تبدأ معاناتها التي يستمع لها بروحه النازفة يستمع لصوت بكائها ليلا وأنينها الخاڤت!! تحرقه دموعها وهو عاجزا عن الذهاب إليها وضمھا والاعتذار منها!!
تم نسخ الرابط