رواية هبة من 21-26

موقع أيام نيوز

الفصل الحادي والعشرون 
مرارة الفؤاد وقت التوسل والرجاء تتخطي مرارة العلقم
حفنة من التخيلات والهواجس والصراعات تطرح بالعقل سامحة للصراع الداخلي بالنشوب والهياج معطية إشارة لجلد الذات والندم وخيبات الأمل بالتصاعد للحلق ثاقبة شعيراته الرفيعة وضاربة باعتراضات القلب عليها!!
لا مجال للهرب من تلك الحروب الناشبة سوى بضمھا لصفوف العقل وإخماد ثورتها المضادة فهي أقوى من الغزاة المستعمرة للأوطان!! التشتت الناتج عن تبعات الأمور هو من يجعلنا نصرخ ليلا طلبا المواساة والهدوء لعلنا نرحم!! الأمر أشبه بمحاولة التحكم بالهواء بين قبضتك!!

لا تعرف كيف مرت تلك الليلة عليهم سوى أنها استيقظت وجدت نفسها مغطاة بسترته على المقعد الوثير وهو ليس بجانبها! فركت عينيها بوهن وضمت سترته لصدرها ډافنة أنفها بها تستنشق رائحته الرجولية التي طغت عليها! لا تعرف لمتى ستظل تحبه كل يوم وكأنها تراه للمرة الأولى! حبه استعمرها كليا ولم تحرك جيوشها حتى لردعه بل وقعت أسيرته بإرادتها الحرة! نهضت مقتربة من فراش الصغير وكعادتها قبلته وضمت كفيه لصدرها وهمست ببسمة صادقة
_ أول ليلة أحس إني ضايعه امبارح وكنت محتاجاه وشوفت في عيونه أنه فهمني محاولتش أمنعه ولا امنع نفسي يمكن أنا هفضل ضعيفه بس ضعفي ليه ومعاه وضع تاني بقالي فترة كبيره مش عارفه وجهتي فين وعاجزه عن إني ألاقيها فوق بسرعه يا حمزه غيبتك طولت...
وضعت رأسها بتعب على كفه وأغمضت عينيه متخيلة إفاقته بل وضحكته كيف أحبته وكأنها صغيرها! وكأنها من أنجبته! كيف تقبل قلبها هذا الصغير لا تعلم! هي بالأصل ليست حاقدة أو كارهة له على العكس هي تعتبر نفسها والدته! شعرت بحركة خفيفة أسفل رأسها ولكنها ظنت أنها تتوهم ولكنها شعرت بأصابع صغيرة تمسح على شعرها!! رفعت رأسها كما تتوسله أن لا يخذلها منتظرة أن يكون هو وليست متوهمه!! تساقطت دموعها بفرحة عندما طالعها ببسمة خفيفة لم تصل لعيناه!! وضعت كفها على فمها پصدمة وسعادة غير مصدقة بأنه أفاق!! صغيرها عاد!!! ضغطت على زر استدعاء الطبيب من جانبه وساعدته بسعادة ليجلس على الفراش وكانت تحارب قلبها حتى لا تحتضنه! هي لا تعلم ماهية شعوره نحوها! هل سيتقبلها مثلما فعلت هي! سيحبها ويظل بجانبها! وسط أسئلتها لم ترى نظراته الهادئة التي رمقها بها ورجاءه لها! تلاقت نظراتهم لبرهة قطعها هو برفع ذراعيها كدعوة صريحة لها بضمھ!! لم تنتظر بل ضمته بقوة وكأن حياتها تعتمد عليها حتى أخفت جسده الصغير داخل صدرها وتابعت دموعها السقوط على خصلاته!! مضت عدة دقائق لم تفصل عناقهم حتى دخل الطبيب ليفحصه وابتعدت مضطرة ولكن عينيها لم تبارحه وهو أيضا!! تنفست بهدوء بعد فترة عندما انتهوا من فحصه وغادر الجميع اقتربت جالسة منه ووضعت طاولة الطعام الصغيرة أمامهم ولم تختفي بسمتها السعيدة وكأنها حصلت كل أمانيها!! أطعمته بحب وصدق وكأنها والدته حقا! ما أقلقها هو صمته فقط يعطيها نظرات!!!
فتحت عينيها بضيق من أشعة الشمس التي اخترقت غرفتهم! رفعت جسدها قليلا وسرعان ما تألمت وضړبت ذكريات ليلة أمس عقلها!! جحظت عينيها پصدمة وخجل عندما مما جعلها تغمض عينيها بخجل وحب ظهر حبه وعشه لها سويا ليلة أمس أغدقها بكلمات الهيام حتى بنبرات ختم بها الصدق والوفاء أصبحت زوجته! توجت على اسمه قولا وفعلا!! غطت وجهها بكفيها بخجل وشعرت بحرارة تنبعث من خديها وأذنيها وموجة من الضحك انتابتها وبصعوبة شديدة تحكمت بها!! ابتسمت بخبث عندما طرأت لها تلك الفكرة المشاكسة وسرعان ما جعدت ملامحها پبكاء ومطت شفتيها بندم

وجذبت خصلاتها مجعدة إياهم وصاحت پبكاء مصطنع صاړخة عند أذن ذلك المسكين
_ قوم يا متوحش قووووم أنت عملت فيا إيه عاااااا
نهض براء بفزع وألم قوي يضرب مؤخرة رأسه وهتف بنعاس 
_ إيه.... حصل إيه....
صكت على أسنانها بتوعد من لامبالاته وقرصته پعنف بخصره وصاحت پغضب
_ عملت فيا إيه هااا! شربتني إيه وخدت غرضك! قولي!
تلاقى حاجبي الآخر بتعجب سرعان ما تبدل لزهول أنسيت! صفع كفيه معا بيأس وتمتم بهدوء
_ بقيتي مراتي وحبيبتي يا ستي كملت جوازنا!
كادت بسمة عاشقة تشق ثغرها ولكنها حجبتها ولكزته بقوة بذراعه هاتفة
_ يا بجاحتك يا شيخ!! شربتني إيه نيمتني واستفرضت بيا وخدت غرضك
ضيق براء عينيه بتوجس وهو يعلم ألاعيبها جيدا ومد يديها بخبث من أسفل الغطاء قارصا ظهرها العاړي مما جعلها تشهق بخجل وتوتر ساحبة الغطاء عليها مبتعدة عنه وصاحت بخجل وڠضب
_ يا قليل الأدب يا وقح... يا.... عااا
صړخت بخجل وتوتر بلغ مبلغه منها وهرولت مسرعة للمرحاض عندما رأته ممددة بجسده ولم يستر سوى نصفه السفلي!! ويناظرها بمكر وخبث!! شتمته وسبته ولكن رغم ذلك ابتسمت! ذكريات ليلة أمس لن تمحى من عقلها ما دامت على وجه الخليقة! سعادتها لا يساعها الكون بأثره وفرحتها التي تتراقص بسرور وبهجة أغدقته هو الآخر!! دلفت أسفل المياه الدافئة لتسترخي عضلات جسدها المتشنجة من خجلها الشديد منه ولم تختفي بسمتها العاشقة.....
تنهد براء بسعادة كأنه لمس السحاب بيديه! أغمض عينيه يعيد كلماتها التي كانت تهمس بها له بكل دقيقة لهم! يعلم حبها جيدا وعشقها الذي يحاصره ولكنها لم تتوقف عن حروفها التي أشعلت عقله وجعلت لسانه يغدقها بعشقه اللامتناهي!! ضحك بشدة عندما تذكر ملامحها الفزعة والخجلة عكس تلك الفتاة الجريئة التي احتوته أمس!! أحقا تخجل الآن!
وقف أمام الغرفة وقلبه ينبض پعنف كمن خرج من قتال دموي للتو!! لقد زار طبيبه منذ أتي وأخبره أنه أستفاق بل وجميع مؤشراته الحيوية بخير ويمكن له الذهاب مع للبيت!! أخرج زفير عميق من رئتيه عبر عن توتره من لقاء صغيره!! دلف بهدوء عكس ضجيج جسده ولكنه ما لبث أن ابتسم عندما رآها تضمه لصدرها وتطعمه بحنان يقسم من يراها أنها والدته وليست زوجة والده!! رغم شقيها المعارضين لبعضهم البعض كان حمزه العامل الوحيد المشترك بينهم هو من جعلها تبقى وهو من ساعده لتغفر له ولو قليلا!! اقترب منهم بحرص حتى أصبح أمام الصغير وأمسك كفه بحب وحنان لا يعرف ماذا يخبره! أيسأله عن حاله! أيضمه! هز رأسه بسخرية من حاله وحمله لصدره وسط نظرات حمزه الهادئة و أثير المبتسمة!! ضمھ لأضلعه يخفيه داخله مستنشقا عبير طفولته التي حرم منه لعشرة أعوام مضت دقائق طويلة عليهم ابتعد عنه وأجلسه على قدميه ماسحا على خصلاته بحب
_ بيقولوا إنك شبهي مكنتش مصدق بس عيونك نسخه مني.... أنت حلو أووي
أحاط حمزه عنق والده بضعف بسبب هزال جسده وهز رأسه بتأكيد بينما تابع راكان بشغف
_ إيه رأيك نخرج من هنا نتفسح! ولا نروح عند تيتا هتحبها اووي.... ونجيب لبس كتير ليك ولعب ونروح في أي مكان نفسك فيه و...
أوقفته أثير بعينين دامعتين
_ راكان حمزه تعبان محتاج يرتاح لسه.... ياخد فترة نقاهه وبعدين نعمل كل اللي نفسه فيه
أومأ لها بموافقة وتمتم ربت على كفها بحب وهمس
_ ربنا ما يحرمني منك ولا يخليني سبب بۏجع قلبك
هزت رأسها بصمت واكتفت ببسمة صغيرة وحولت نظرها ل حمزه الهادئ وتمتمت بحنان 
حبيبي أنت كويس!
هز حمزه رأسه وابتسم لأول مرة

بشفافية وصدق تام وخرج صوته الذي ظنوه مفقود
_ ايوا
نهض راكان مبتعدا عنهم وتمتم قبل خروجه
_ هخلص إجراءات الخروج عشان نرجع البيت
أومأت له ودارت بنظرها ل حمزه الصامت وتمتمت بمرح
_ أنا أثير اعتبرني صاحبتك من النهارده دا لو مش هيضيقك!
ابتسم الصغير بسعادة وهتف بفرح
_ أنا عمري ما كان عندي صحاب... عشان كدا هعتبرك صحبتي الوحيده
عضت على شفتيها پألم لحال الصغير ولكنها ستعوضه! ستجعل حظه أفضل منها بكثير هي تعلم جيدا معنى كونك وحيد الأصدقاء والأسرة وما تخلفه تلك المفقودات بالنفوس البشرية والقلوب لذلك لا مجال لترك صغيرها وحيدا أبدا ما دامت حية ترزق!!
التقطت حقيبتها وفتحتها مفتشة عن قطع الحلوي التي أبتاعاتهم له منذ مدة ولم تخرجهم من حقيبتها سوى الآن!! وضعت أمامه بلهفة وحب وأردفت بطيبة
_ معرفش أنت بتحب اي نوع شيكولا أكتر فجيبت ليك منهم كلهم...
ضحك حمزه على توترها الذي تخفيه وحمرة خديها التي تغلبت عليها وقبض على الشيكولاته ووضعهم جانبا وأردف بامتنان وحب
_ كنت بسمعك كل يوم لما بتكلميني وتحكيلي عن يومك.... كنت بحس بيكي وبدموعك... أنا بحبك جدا وشكرا لأنك مكرهتنيش ولا رفضتيني
هزت رأسها بنفي قاطع ونزلت دموعها تخالط بسمتها السعيدة لكلمات الصغير البسيطة التي ابتهج قلبها له!! احتضنت كفيه وقبلتهم بحب وهمست بتأكيد
_ حتى لو كان في مجال أرفضك مكنتش هقدر لأنك شبهه نسخه من راكان أنا عمري ما هفكر حتى أكرهك أو أرفضك أنت ابني حتى لو متقبلتش كدا!!
قاطعها الصغير بوضع أصبعه على شفتيها وأكمل حديثها پألم وصوت مزقها
_ مش عاوز ارجع لواحدي تاني مش عاوز أنام لواحدي بالليل مبحبش الضلمه مش عاوز أكون لواحدي ولا العب لواحدي أنا كنت ديما لواحدي حتى لما كنت نايم بقيت لواحدي في مكان جميل بس حتى دا فضلت لواحدي!! هي كانت بتسيبني في البيت وتقفل عليا وتمشي ولما بترجع بتنام وأنا... أنا
اختنق صوته بدموع موجوعة وآلالام يصعب على طفل بعمره تحملها ولم تحاول هي إيقافه بل شددت على يديه وأكمل بنبرة طفولية متذمرة
_ كنت بشوف الولاد مع بعض ولما بقول ليها كانت بتزعقلي وتقولي أنت مش زيهم ومينفعش تلعب هو أنا مش زيهم لي يا أثير! أنا مش من حقي العب! مش لازم يبقى ليا صحاب! مش بعرف أقول ليها ماما في حاجه بتمنعني اقول كدا هي مش بتضربني ولا بتزعقلي بس كانت بتحبسني!! كانت بتخليني في أوضه ضلمه ايام كتير وتقفل عليا وتمشي وأنا بفصل أعيط وأنادي عليها ولما بتعب بنام كانت عارفه إني مش بحب الضلمه وبخاف منها بس كانت....كانت بتحطني فيها....
انهار حمزه بنوبة بكاء ألمت روحها معه وجعلت دموعها تتحجر بمقلتيها رافضة النزول فقط تركت لقلبها زمام الألم!! لقد قاسى هذا الصغير ما لا يتحمله الكبار بعمرهم! كيف لوالدته التي تألمت لأجله تسعة أشهر أن تحطمه وتبقيه على تلك الشاكلة المروعة! كيف لأم أن تكون بتلك القسۏة والعڼف مع فلذة كبدها! لما تعنفه وتحقد عليه بتلك الطريقة أبذلك تربيه! يبدو لها الطفل نسمة هادئة وبالكاد يخرج صوته أحيانا رغم أنها لم تجالسه بعد! تشوش عقلها بالكثير من الاستفهامات وتخبطت مشاعرها ولكنها استسلمت ونهضت حاملة الصغير متوجهة ل راكان حتى يخرجوا!!....
انهت هبه ارتداء ملابسه وألقت نظرة أخيرة على هيئتها وابتسمت برضى متنهدة بقلق لقد ترك لها ثائر رسالة ليلة أمس بعد ذهابه يخبرها أن والدته تريد رؤيتها والتحدث معها وأقسم أنه لن يكون بالبيت ولن يراها! أتفرح

لذلك
تم نسخ الرابط