رواية هبة من 16-20
المحتويات
الفصل السادس عشر
قطرات المطر تربت بنعومتها مع قسۏة شتاء هذا العام لم يعد هناك من يمحو دموع المخذولين والمتألمين نسمات الهواء تداخلت مع حدة البكاء لتصل موجاتها لعڼان السماء لقد حل الشتاء على العاشقين سرا ووصل صداه لروح المصاپون بالوحدة علنا تخلى الجميع إلا من صوت أنين خاڤت مازال يتردد بالروح كدلالة لبقائها على الخليقة ولم تغادر الجسد قسۏة الاعترافات بأوقاتها المناسبة لا تضاهي مرارة وحسرة البوح بها بعد فوات الآوان
ضمت فنجان القهوة لكفيها وسارت ترمق أركان البيت الذي أهداه إياه جدها بعيد مولدها الماضي وكم طال رفضها لظنها بأنها لن تحتاج لوحدتها مجددا هي بئر من السذاجة والحماقة اللانهائية فهذا ما تبقى لها ليأويها الآن ولن تقدم على المعيشة بشقتهم المزعومة عادت لغرفتها وتناولت هاتفها تنوي مهاتفة هبه للإطمئنان عليها تلك الفتاة الحنونة ذات القلب الهين والبسمة الناعمة رغم ما يحويه قلبها من نزاعات هائلة
أجفلت من صوتها واردت للخلف بفزع عندما أبصرته يخرج من بلكونته الملاصقة لخاصتها وبسمته الهادئة تزين محياه الوسيم مضت دقيقة من أصوات الرياح العاتية ما لبث أن حمحم بمرح
أنت شوفتي عفريت
رفرفت بأهدابها بتوتر ورطبت شفتيها وهمست بلا وعي
ارحم والله
اختفت بسمة ثائر وألتقى حاجبيها بحرج وتمتم
الټفت عائدا للداخل كطفل تلقى إهانة من والدته لاقترافه ذنبا ولكنها قاطعته بعدما تبينت فاجعة ما تفوهت به
مش قصدي والله أنا بس اټخضيت لأن الوقت متأخر وأول مره أشوف البلكونه دي وكدا
خلل ثائر أصابعها بخصلاته بحرج طفيف وتحدث بخفوت
كل شقه في العماره ليها بلكونه جنب شقه تانيه
هزت هبه رأسها بتوتر وعضت شفتيها بحرج من موقفها الضئيل واكتفت بالصمت
تشربي
ضيقت عينيها بتوجس وجعدت ملامحه بطفولية وهتفت نافية
لا لا لبن لا
لا
اهتز جسده من قوة ضحكاته على هيئتها الطفولية وما لبث أن تمتم متسائلا
مبتحبيش اللبن
رفعت كتفيها وأخدلتهم مع ثني رقبتها بومطت شفتيها بطفولية متحدثه
مسمهاش مبحبهوش ماما كانت ديما تقولي وأنا صغيره قولي هو مبيحبناش لأنه نعمة ربنا
على ذكر والدتها ابتسمت بحزن وشردت ببعض الزكريات المترسخة بعقلها وتمتمت بحزن
كانت بتحب تسرحلي شعري كل يوم عشان هو طويل ولما كنت أقول ليها لازم اتعود إني اعمله لنفسي كانت ترفض كل يوم الصبح كانت بتزعقلي بعد محاولات كتير إني أشرب اللبن وأنا بعيط وفي الآخر بابا يقول ليها سيبيها تقولوا خليك دلعها كانوا بيحبوا بعض جدا رغم صعوبة الحال كنت بشوفها تأكل بسيط عشان تسيب لبابا أكل عشان علاجه لأنه كان مريض سكر وضغط كل ليلة كنت بسمعه وهو بيصلي الفجر بيدعي ليها قبل نفسه ويقول يارب ديمها زوجه وأم وحبيبه صالحه لقلبي واجعلني خير صائنا لها كنت صغيره بس كنت فاهمه لأن حبهم كان نقي زياده أمي كانت أفضل أم في العالم وأبويا كان أحن أب ربنا يرحمهم
راقبها تزيل دموعها الحزينة وتضم جسدها لتحتمي من البرد تمنى لعله ذلك الوشاح الملامس لها عوضا عنه جسده يلح عليه بالذهاب وأحتضانها لتعلم بأنه لجانبها قلبه يضطرب ألما عليها هو أيضا يشتاق لوالده بشدة ولكن ليس بيدهم سوى الدعاء حمحم متفهما
هم في مكان أحسن دلوقت ادعي ليهم
ابتسمت بأمل ليوم تلاقهم على خير ورمقته بنظرة ممتنة لإستماعه لها تفهمها هو وبادلها بإماءة وبسمة حانية ثم تمتم بمزاح
هو كل البنات لما بټعيط بتحلو ولا أنت وضع خاص ولا أنا اللي اټجننت
ضحكت بشدة عليه وأخفضت رأسها بخجل وما لبثت أن تذكرت ما تنويه فرفعت رأسها بتوتر وتمتمت
في حاجه لازم نتكلم فيها
رفع أحد حاجبيه بتوجس ورفع سبابته بوجهها وتمتم
أنا قلبي بيقلق من النظره دي مش متفائل خالص
ابتلعت ريقها بصعوبة وابتسمت بغيظ وتمتم
ليه إنشاء الله تقصد تقول إني نكد
لوح بكفيه بنفي وهز رأسه هاتفا
وأنا أقدر أقول كدا محصلش طبعا
تنفست بقلق ووضعت يديها تهدأ من اضطراب قلبها وأردفت بقوة
أنا محتاجه ارجع بيتي
هز ثائر رأسها بتفهم وغمغم
وأنا تحت أمرك هوصلك واستنى أجيبك
حمحمت بخجل وهمست
لا أنا هرجع بيتي علطول يا ثائر
اعتدل بوقفته واقترب من بلكونتها أكثر ودنى منها مصححا
ما هو دا بيتك يا هبه
هزت هبه رأسها نافية وتعلثمت حروفها وغمغمت
أنا عارفه إن القرار صعب بس أنا محتاجه أبعد فتره محتاجه هدنه من كل حاجه على الأقل لحد ما فترة عدتي تخلص ثائر اللي إحنا بنعمله غلط ومش واخدين بالنا
قاطعها پغضب وحدة
إيه الغلط أنا قربت منك أنا عملتلك حاجه ضرتك
ڼهرته بنظرة معاتبة ومسحت على وجهها بقلق مكملة
كلامنا دا غلط وجودي قصاد شقتك غلط لمستك لإيدي غلط نظراتك ليا غلط كل اللي بنعمله غلط ومفيش شفيع ولا عذر ليه أنا مش بلومك لواحدك أنا كمان غلط لما انساقت ورا مشاعري أنا كان لازم أعاتبك على الأقل لما خبيت عني إن فاضل طلقني واستغليت دا لصالحك بس عشان مشاعري ليك اتغاضيت عن كدا مع إن دا حقي والقرار بإني أفضل كان قراري مش قرارك
تلاقت نظراتهم بلحظة مطولة نهرها ثائر هاتفا بتوتر خفي وقوة
تقصدي إيه بكل كلامك دا
نظرت بعيناه بقوة وترجي وتمتمت بأمل
نبعد فترة مدة عدتي تخلص وبعدها كل شيء يبقى واضح مش هقدر أكمل في الغلط دا يا ثائر صدقني متعودتش أعرف أخطائي ومصححهاش أنا خاېفه من ربنا أنا مش ملاك وكلي ذنوب بس لما أقدر أقطع
الذنب دا مش هتأخر أنا بحبك ودا شيء مفيش لا مسافه ولا ظروف هتغيره ولا تقلله فاهمني
ابتسم بسمة لم تصل لعيناه وهز رأسه متحدثا
كدا هتكوني مطمنه أكتر هتبقي مرتاحه
اخدلت ملامحها المتوترة وهزت كتفيها بلا حيلة وأردفت بتأكيد
هبقى مطمنه لما نكون سوى في حلال ربنا هبقى مرتاحه وأنا بضحك ومش خاېفه إن دا غلط إحنا لا عيال ولا مراهقين إحنا كبار كفاية عشان نفهم ونمنع نفسنا إنها تمشي ورا شيطان بكام لحظه وكلمه تريح القلب صدقني دا أفضل لينا
انفرج ثغره عن بسمة دافئة عكس برودة الجو وتمتم بنبرة حانية
طالما دا هيريحك أنا معاكي فيه ودا قرارك وأنا هدعمك المره دي
ابتسمت براحة واختلجت السعادة قلبها وهتفت
أنت لطيف أووي
رغما عنه ابتسم لنبرة السعادة بصوتها ولمعت عيناه ببريق من السرور وحمحم مردفا
مش بلطف قلبك يا سكر
ألجمها غزله البسيط بنبرة صوته ونظرته الهائمة مما جعلها تشيح بوجهها عنه وتهتف بحدة وحزم
ثائر إحنا قولنا إيه
ضحك بملئ فاهه على حدتها المزيفة وتهربها منه وراقبه ترتجف من البرد فهتف بحزم
ادخلي من البرد الفجر قرب يأذن أصلا
أومأت برأسها بتفهم وناظرته بسعادة لتفهمه وهمست بخجل
تصبح على خير
استمع لصوت إغلاق النافذة بقلب يتداخله القلق حول قرارها لقد اعتاد رؤيتها كل صباح حتى وإن لم تراه أعتاد بسمتها التي رغم كونها مخفية إلا أنه يراها بقلبه الولهان بها أعتاد طيفها المحاط بروحه العاشقة لها كيف سيعتاد على عدم تواجدها هل سيتحمل ابتعادها لأكثر من شهر ونصف حتى تنتهي عدتها وحينها يسمح له بالتقدم والزواج منها لن يردعها عن قرارها الحتمي والذي تبين أثره عليها ولكنه لن يتحمل لن يتحمل غيابها هكذا بعيدا عنه ألقى نظرة أخيرة على شرفتها قبلما يغلق نافذته ولكنه توقف ما إن استمع لصوت آذان الفجر ابتسم بلا إرادة منه لصدى الآيات التي تلقى بقلبه وتبعث السکينة والسلام بروحه وتمتم وعينتيه تلمعان بأمل
يارب قدم الخير وريح قلبي
فرغت من صلاتها على بسمته الحانية التي يبعثها له من حين لآخر منذ انتهاء جلسته الأمل يبسط بفؤادها بإسراف مع بداية اليوم لديها يقين بقدرته ربها أنه سيصبح بخير ويتشاركا السعادة الأبدية يوما بعد يوم جمعت سجادتها ووضعتها برفق على المقعد واقتربت جالسة جانبه متناولة كفه وتمتمت
تقدر تصلي
لكزها بحدة طفيفة بجانبها وغمغم بمرح
أنا موقعتش للدرجادي يبت أنت أنا لسه بخيري مش شوية تعب اللي يهدوني
متقولش كدا أنا عاوزاك بخير ديما
رفع براء رأسها من صدرها وضيق عينيه بخيبة أمل وتمتم
لثوان لم يصل لها مخزى كلماته ولكنه حينما انتهى مالت عليه من شدة الضحك حتى أدمعت عينيها وتحدثت بلا ترابط من بين ضحكاتها
يعني لسه مصليه وبقولك بقولك قوم صلي وتقولي كدا الشيطان حاضر هنا رغم كل شئ منه للاااه
مال عليها أكثر بجسده حتى اعتلاها وعيناه تلتهم تفاصيلها البديعة ومحياها الفاتن وشفتاه تهمس بكلمات لم تتبينها ولكنها أتت هامسة
طالما أنت كويس يلا نصلي وأنا هصلي معاك تاني
نهض عنها وما لبث أن جذبها لصدره بعناق ساحق كاد يستمع لصوت تحطيم عظامها له وغابت عيناه بعاطفة قوية للحظات ثم ابتعد عنها وسارا ليغتسل ثم يتوضأ
بمنتصف اليوم وقفت أثير تهندم ملابسها وضعت لمساتها الأخيرة لتكمل طلتها البهية وابتسمت ببرود لانعكاس صورتها بالمرآه وهمست بتهكم
مش اللبس والمكياج اللي هيبني قوتك فوقي
أكان ذلك صوت عقلها أم قلبها المشتاق له أكان ذلك
من المفترض عتابا لها أم سخرية منها أحقا هي قوية أم تدعي
متابعة القراءة