رواية مريم القصول الاخيرة
المحتويات
يده مبعدة إياها قليلا ليتمكن من الإلتفات إليها رأت وجهه جامد خال من التعابير و هو يقول ممسكا بكتفيها
لازم تعرفي إني مش حجر. و إن أي سيرة يكون فيها اسم سيف أو مالك بتيجي أوي على رجولتي. و أنا صريح معاكي و عارف إني غلطت في حقك كتير. لكن بردو و مهما حصل. دي حاجة في دمي. مقدرش أنسى إللي عمله فيكي مالك بالذات. لأني كنت معاكي. و مقدرتش أحميكي !!
انت ليه بس بتفتكر و بتفكرني. احنا مش اتفقنا هاننسى الماضي كله !
مراد بجدية عشان ننسى فعلا. و أنا عارف إن كل إللي مرينا بيه
مايتنسيش. لكن عشان نقدر نعيش في سلام و نكون مبسوطين في حياتنا. ماينفعش نصحي أشباحنا. ماينفعش نحاوط نفسنا بأماكن أو ناس تفتح چرح كبير بنحاول نشفيه. الچرح هايفضل أثره لكن لما نشفيه مش هايوجعنا. انتي مش فاكرة لما رجعنا مش شهر العسل قولتيلي مش عايزة أروح البيت عند خالتي انتي نفسك عارفة إيه إللي بيئذيكي يا إيمان و اجتنبتيه مرة. ليه عاملة نفسك جاهلة المرة دي. لمى مالهاش مرواح عند الناس دي أساسا ...
انت صح. انت صح و الله يا حبيبي.. خلاص. أنا مش هاوديها تاني عندهم. هاعمل إللي تقول عليه من هنا و رايح !
قطب مراد متأثرا و رفع كفيه يحيط بوجهها ...
أنا عايز أساعدك تتعافي. بس ! .. تمتم برفق و قد بان الصدق في نبرته و نظرة عينيه
ابتسمت له و شبت على أطراف أصابعها لتهمس أمام شفتيه
ثم قبلته على فمه مطولا و بادلها القبل بحب اختبرت جيدا مدى عمقه طوال الفترة الماضية التي أمضاها سويا منذ صارت زوجته و على اسمه
تباعدا حين صار وقع خطوات لمى الراكضة قريبا ظهرت الصغيرة عند أعتباب المطبخ لتجدهما يضعان اللمسات الأخيرة على المائدة كانت تخفي في جيب بيجامتها ما سبق و اتفقت مع جدتها على دسه بأي غذاء تتناوله أمها
__________
بحلول نهاية الأمسية أعلنت إيمان عن كفاية الصغيرة الليلة من مشاهدة الرسوم المتحركة أطفأت التلفاز و قد كانت لمى مستسلمة لأحضان مراد الذي جلس يضمها بأبوة لم يتوقف عقلها عن التفكير بإمكانية فعل ما طلبته منها جدتها
لن تضع هذا الشيء لأمها بل لمراد.. لا يمكن أن ټؤذي والدتها
لا يمكن ...
أنا هاحضر اللبن عشان لولي يا إيمان ! .. هتف مراد مستوقفا زوجته التي أرادت العروج تجاه المطبخ
وقف حاملا الصغيرة بين ذراعيه و أردف بابتسامة
أطلعي انتي ريحي عشان تعبتي جدا إنهاردة. أنا هاخد لمى لأوضتها و مش هاسيبها غير لما تشرب اللبن بتاعها و تنام
تلاقت أعينهم فابتسم لها ثم مضى يصب لها الحليب بكأسها أنزلها على الأرض أولا ثم حمل الكأسين على صينية صغيرة و طلب منها أن تتقدمه أخذها إلى غرفتها و وضعها بالفراش حرص على أن يراها تنهي كاس الحليب خاصتها أمامه و قد كان صبورا و مراعيا جدا لم يمل و قد قضى معها أكثر من ثلث ساعة حتى رآها تغفو أخيرا أو أن
هذا ما أرادته أن يظنه !
طبع قبلة رقيقة على جبينها تأكد من غلق الستائر جيدا لكي لا تخيفها ظلال الأشجار بالخارج كما فعلت من قبل أشعل لها ضوء خاڤت ثم ألقى عليها النظرة الأخيرة و غادر مغلقا الباب من خلفه
لتفتح الطفلة عيناها الآن.. و قد علمت إنها لن تنام الليلة ...
كانت بالفعل تنوي الإستراحة هذه الليلة إذ نالت ما يكفي ليوم واحد من حب و غرام خلال الساعات التي غابتها طفلتها و لم يخطط هو لعكس ذلك
أقبل عليها حاملا الصينية البيضاوية جلس بجوارها على طرف السرير وضع الصينية فوق طاولة محاذية ثم حمل الكأس و فتح كفه الآخر مقدما لها دوائها
يلا يا حبيبتي. معاد الدوا بتاعك. قبل النوم علطول زي ما الدكتورة قالت. و كمان هاتشربي العصير ده وراه.. يلا
انت مدلعني أوي على فكرة ! .. قالتها إيمان مبتسمة بغنج
رد لها الإبتسامة و مد يده ليدس حبة الدواء بين شفتيها و دفع بكأس العصير نحو فمها مباشرة ثم قال
أنا دلوقتي عندي بنتين. الكبيرة إيمان و الصغيرة لمى. طبعا مدلعك و هادلعك طول ما أنا عايش
ازدردت إيمان حبة الدواء بجرعة من العصير ظل يراقبها مستمتعا حتى أنهت الكأس أعادته له فارغا فوضعه فوق الصينية و عاود النظر إليها ثانية
تلاشت ابتسامته فجأة و هو يرى وجهها يمتقع بغرابة الآن ...
في إيه .. تساءل مراد باهتمام
مالك يا إيمان !
تقلصت ملامحها أكثر و هي تحاول كبح شعور بالغثيان ...
مش عارفة ! .. جاوبته لاهثة
حسيت بدوخة فجأة. و في مرارة شديدة على لساني !
أجفل مراد متمتما
ما يمكن الدوا له آثار جانبية. ماتنسيش إنه بيتحكم في الأعصاب و ..
لم يكمل جملته فقدت إيمان وعيها على الفور و كادت تسقط من فورق الفراش لولا ذراعه التي لحقت بها شحب وجهه على الأخير و هو ېصرخ بأسمها
إيمان !!!
حالة من الوجوم التام إنتابت لمى.. منذ اخترقت أذنيها صړخة الړعب لزوج أمها أدركت حينها إنها قد فقدتها هي ركوضها إلى غرفتها كانت التأكيد على ظنها هناك حيث وجدت أمها ملقاة بأحضان مراد و الخير يحاول إفاقتها بشتى الطرق و لأول مرة تختبر لمى الصدمة عندما رأت كأس العصير الفارغ و عرفت بأنها و بيدها قد قټلت أمها !!!!
كابد مراد المشقة و هو يعتني بكلا من الأم و إبنتها و بجهد يحسب إليه استطاع نقل زوجته إلى المشفى في زمن قياسي دون أن يغفل عن الطفلة طرفة عين و لم يشأ إخبار خالته أو أدهم بل أراد أن يتولى المر كليا متأملا في شفاء زوجته العاجل ...
أبقى الصغيرة أمامه بينما يهرع نحو الطبيب الذي خرج لتوه من غرفة الفحص
دكتور. أرجوك طمني. مراتي مالها حصلها إيه بالظبط !
انتزع الطبيب نظارته و هو يخبره عابسا بشدة
بصراحة يافندم أنا لأول مرة في تاريخي الطبي أقف عاجز قدام حالة. مش أنا بس. زمايلي إللي كانوا جوا معايا و لا حد فيهم قدر يفهم حاجة !!
برزت عيني مراد پخوف كبير و هو يسأله
قصدك إيه إيمان هاتموت
نفى الطبيب في الحال
لالالا مش كده خالص. مافيش أي مؤشر بيقول إن حالتها خطېرة
مراد بعصبية أومال إيه طيب. فهمني مالها إيه إللي حصلها فجأة كده !!
الطبيب حائرا ما هي دي المشكلة. أنا مش فاهم إيه إللي حصلها. حالتها طبيعية جدا. مافيش مشاكل خالص عندها. كله طبيعي.. رغم كده فاقدة الوعي.
مش بتستجيب لأي محاولة تفوقها. مش بتفوق. يعني من الآخر دخلت في غيبوبة. و بدون أي أسباب !
رفع مراد حاجبيه مرددا باستنكار
يعني إيه بدون أسباب. هو في حاجة اسمها كده. طيب إيه العمل بردو مش فاهم !
تنهد الطبيب بعمق و قال
و الله يافندم العمل دلوقتي عمل ربنا. يمكن السبب نفسي. هانكلم الدكتورة إللي حضرتك قلت إنها مسؤولة عن علاجها النفسي. هاتيجي تشوفها هي كمان و هاتفضل تحت الملاحظة عندنا. و ربنا معانا
طيب أنا عاوز أشوفها ! .. تمتم مراد باقتضاب
تأهب الطبيب للرحيل و هو يقول بهدوء
أكيد. دلوقتي تتنقل لغرفة خاصة و تقدر تشوفها هناك. عن أذنك !
و تركه متوجها إلى صالة الطوارئ لإستئناف مناوبته ...
يسحب مراد نفسا عميقا و هو لا يزال بمكانه يحدق بغرفة الفحص المغلقة خلفها حيث تخضع زوجته لجهود الأطباء الحثيثة لإنعاش وعيها.. ترى ماذا أصابها
ماذا جرى لك يا إيمان !
انتبه مراد لوجود لمى الآن استدار ماضيا صوبها فوجدها تبكي و ما كانت تبكي طوال الطريق إلى هنا الحقيقة إنها ټنهار أمام عينيه من البكاء ...
جلس فوق المقعد المعدني بجوارها و اجتذبها بلطف حملها ليجلسها فوق قدمه مسح على رأسها بحنو و قبلها على خدها متمتما
ماتخافيش يا لولي. مامي هاتصحى. هاتبقى كويسة يا حبيبتي. ماتخافيش ...
تعالت نهنهات الصغيرة و هي تبكي بحړقة و ترد عليه بصعوبة
لأ. مامي مش هاتصحى. مامي هاتموت !!
فزع مراد من كلمتها و قال مؤنبا في الحال
ماتقوليش كده يا لمى. اوعي تقولي على مامتك كده. إيمان هاتخف. مافيهاش حاجة و انتي سمعتي الدكتور صح
تطلعت إليه من خلال دموعها و قالت بأسى
أنا كنت عارفة إنها مش هاتصحى. لما شربت العصير كنت عارفة إنها مش هاتصحى تاني !
عبس بشدة متسائلا
عصير إيه !
مضت تفصح له و لا تزال تبكي و لم تخف نبرة الحقد في صوتها
العصير إللي كنت هاتشربه انت. تيتة راجية قالت لي لازم مامي تشربه. لكن أنا حطيت لك انت الدوا.. بس انت شربته لمامي. انت إللي شربته ليها بإيدك. انت إللي لازم ټموت مش مامي !!!!
الڠضب
و الڠضب وحده الذي حركه بعد سماع تصريحات الصغيرة ربما حرى به أن يشعر بالصدمة و لكن ما روته عليه كان كارثي عقله لم يستوعب هذا الكم من الشړ
لا يتصور أن تستخدم الجدة حفيدتها في عملية قتل !!!
أو أيا كان.. تلك المچرمة أم المجرمين السفلة
إن كان أدهم قد عفى عنها من قبل فهو لن يعفو لن يعفو أبدا سيكون لها عقاپا من نوع خاص و لن يرحم عجزها ...
قبل أن يرحل أضطر مراد للإتصال بخالته و إخبارها بإيجاز عما حدث طلب منها أن تأتي لتعتني بلمى ريثما يقضي حاجة و يعود لم تتسنى له فرصة الشرح أكثر عندما جاءت ترك الكرة بملعبها مشيرا إلى لمى لتعرف منها كل شيء طلب منها فقط
متابعة القراءة