رواية مريم القصول الاخيرة

موقع أيام نيوز

فوق السور الخرساني ليكون أكثر قربا إليها 
معقول مستكترة حتى إني أمسك إيدك المفروض يحصل بينا أكتر من كده !
شخصت عيناها پصدمة فأصلح جملته مسرعا 
تفكيرك مايروحش لبعيد. مش قصدي إللي فهمتيه.. أنا عارف إن تربيتك صعبة. و مش عارف إزاي ده حصل. بس أنا من أول ما شوفتك اتشديت لك. حبيتك. و انتي كمان بتحبيني صح 
أومأت له مرتين و قد رقت نظرتها فتابع مشددا على يديها أكثر 
أنا مابقتش مكتفي إني اشوفك و نقعد لوحدنا بس.. نفسي أقرب منك أكتر. أنا بحبك. عايز أعبر لك عن الحب ده. و إنتي مش سامحة لي. سيبي لي نفسك شوية بس. أنا إستحالة أضرك. خليكي واثقة فيا. أنا مش غريب عنك. أنا حبيبك 
يا لكلماته التي تكاد بالفعل تخضعها له لولا هاجسها بأبيها و التعاليم التي تلقتها منه أفاقت من غيبوبة الأحلام الوردية تلك و قالت برفض مجددا 
لأ. لأ يا مراد. مش هايحصل بينا أي حاجة من دي. احنا إتفقنا قبل كده. ليه ماعندكش صبر. مش قولنا هانتخطب لما نخلص المدرسة. و بابا مش بيسمح بخطوبة بس. هاتبقى خطوبة و كتب كتاب. ساعتها هابقى ليك قصاد كل الناس و مش هقولك لأ على أي حاجة. ليه مش قادر تصبر 
يترك مراد يديها الآن و يبتعد قليلا مطلقا زفيرا حارا و هو يشيح بوجهه عنها للأمام يحدق بمياه النيل الصافية ...
انت زعلت مني ! .. تمتمت إيمان پخوف حقيقي أن تكون ضايقته منها
رد عليها دون أن يحيد بناظريه عن المنظر الخلاب 
أبدا. مازعلتش.. بس بفكر في كلامك. حلوة فكرة إننا مع بعض قصاد الناس. لو كنتي اتولدتي في عيلة تانية. أو لو كان باباكي مش متشدد كده. كانت علاقتنا بقت أحسن ...
و نظر إليها ثانية و قال 
تعرفي بفكر في إيه دلوقتي 
هزت رأسها تحثه على إخبارها فابتسم مفصحا لها 
أنا و انتي في بيت لوحدنا. بتطبخي لي الأكل إللي بحبه. و بعدين نقعد نشوف الرومانسية إللي بتحبيها انتي. و مانكملهاش. عشان و انتي جمبي مش هقدر أفوت ثانية منغير ما أشبع منك !
تخضبت وجنتيها بحمرة خلجة و لم تستطع إلا أن تبتسم و هو يروي لها هذا الحلم الجميل لم تكن تتمنى وقتها سوى أن يتحقق و في أسرع وقت ...
انتي فاكرة كل حاجة ! .. تمتم مراد و هو يحيط خصرها بذراعه الآن
كانت قد تكومت على حضنه تقريبا ترفع رأسها ناظرة في عينيه فتشعر بأنفاسه الدافئة على بشرتها و تجاوبه مبتسمة 
عمري ما نسيت. ياااه يا مراد. حبك تعبني أوي.. بجد. تعبت !
لم يكن يرى أمامه في هذه اللحظة إلا صورة الفتاة التي عشقها أول و آخر عشق بحياته فتاة في الخامسة عشر بريئة جميلة صعبة المنال و هو الذئب الذي ساومها بالحب و قد أعماها الحب و جعلها بلا حول و لا قوة أمامه 
أنا آسف ! .. ردد بصوت خاڤت و هو يمسك بذقنها
كان يعنيها حقا و قد بان الندم في عينيه كالنهار عيناها اللامعتين جلبت الدموع لعينيه يفكر في ذكرياتها السوداء التفاصيل التي حكتها أمامه عند الطبيبة كل شيء مفجع صار لها كان هو سببا فيه ...
أنا سامحتك ! .. قالتها بهمس كأنما قرأت أفكاره
كسرت قلبه أكثر بهذا التصريح سقطت دمعة من عينه فوق خدها فتبعتها دمعة من
عينها أيضا انزلقت لتندمج مع دمعته في خط طويل حتى حافة فكها ...
سحبت نفسا مرتعشا و هي تحاول النهوض حتى لا يسهبا في الذكريات المحزنة أكثر لكنه لف ذراعيه حول كتفيها ممسكا بها في مكانها لم تفكر مرتان أحاطت عنقه بذراعيها وضع راحة يده على خدها
همس مراد 
أنا لسا مش مصدق إنك
رفرفت بعينيها و الحمرة تكسو وجهها كله الآن على ضوء الشمس المنبعث من نافذة الشرفة
دنى نحوها من جديد
كان يمحو آثار معاناتها الأثر تلو الأثر و بلا رجعة ...
جلست الصغيرة بين أحضان جدتها تعتريها رجفة خوف من حين لآخر و هي ترى على مقربة من سرير الجدة تلك السيدة المسنة ذات العباءة السوداء تجلس فوق الأرض تفترش بعض الأغراض غريبة الشكل
من ضمنهم قطعة من ملابس إيمان الداخلية و ربما تلك عظمة لا هي عظمة صغيرة تشبه إلى حد كبير عظام الإنسان !!!
و المنتصف صحن من الخشب تطحن في أوراق عشبية و تحرك شفتاها بأشياء غير مسموعة أمسكت اللباس الداخلي و مزقته إلى نصفين وضعته داخل الصحن و سحبت مطرقة صغيرة ثم إنهالت فوق العظمة تكسيرا حتى صار فتاتها ناعما كالتراب لملمته و نثرته بالصحن ثم سكبت سائل ما و أشعلت كل هذا بالنيران أمام نظرات لمى المذعورة
تشبثت بأحضان جدتها أكثر و هي لا تزال ترى السيدة تواصل فعلتها حتى خمد الحريق الصغير جمدت الډماء بعروق الصغيرة ما إن رفعت تلك السيدة رأسها و نظرت صوبها و علا صوتها المتحشرج مخاطبا الجدة 
دور مايخرش الماية. مظبوط ظبط المرة دي.. هاتي البت يا راجية 
ارتعدت لمى عندما سمعت الكلمة الأخيرة إنها تريدها.. لماذا !
لأ يا تيتة ! .. غمغمت لمى بصوت باكي 
أنا مش عايزة !!
جاء صوت السيدة صارما 
لو ماحصلتش الخطوة دي يبقى انسي كل إللي عملناه منغير فايدة.. لازما وصلة بين الماضي و الحاضر. و إلا مش هايتلاقى. حفيدتك بيمشي ډم ابنك في جسمها. قطرة واحدة من ډمها كفاية !
تجعد وجه راجية بقساوة و هي تنظر بعيني رفيقة السوء تلك المرأة التي استعانت بها على مدار سنين عمرها لقضاء كل الأمور المحرمة و الشعوذة التي خربت بها حياتها و حياة الآخرين.. أحاطت حفيدتها بذراعيها و هي تخاطب الأخيرة في نفس الوقت 
انتي متأكدة المرة دي.. محدش هايعرف ينقذها. و لا حتى أدهم أخوها !
علت زاوية فم السيدة و هي تجاوبها و الثقة ملء صدرها 
لو اجتمعت سحرة فرعون نفسه. مش هايعرفوا يفكوا إللي إتعمل. دي سكة مالهاش غير طريق واحد. و إللي بيخرج منها بالمۏت !!
أحست راجية بارتعاش الصغيرة أشد بين يديها فزجرت رفيقتها بتحذير من نطق كلمات كهذه أمامها ثم أخذت تهدئها 
ماتخافيش يا لمى. مش هايحصل حاجة. أنا مش فهتمك 
أومأت الصغيرة و لا تزال مختبئة بأحضان جدتها 
أيوة. و أنا سمعت كلامك و جبت هدوم من عند مامي. بس أنا مش عايزة مامي ټموت يا تيتة !!!!
و بدأت تبكي بحړقة مسدت راجية على ظهرها و فركت رأسها بلطف و هي تقول كاذبة 
قلت لك ماتخافيش. مش هاتموت. هي بس هاتتعب شوية لحد ما جوزها يزهق منها. أول ما يطلقها هاترجع كويسة تاني. انتي مش عايزة أمك ترجع ليكي لوحدك 
أومأت لمى أن نعم فاستطردت راجية مبتسمة بتشف 
خلاص. يبقى تسمعي كلامي. أنا جدتك أم أبوكي. أبوكي إللي لو كان عايش مكانتش أمك قدرت تعمل فيكي كده. أبوكي الحقيقي
مش الراجل إللي راحت جابته ليكي أمك. أبوكي هو إللي بيحبك. هو بس إللي تقوليله بابا.. مش حد تاني يا لمى سمعاني 
سامعة ! .. قالتها الصغيرة تحت تأثير الضغط النفسي الرهيب الذي تتعرض له
تنهدت راجية و هي تدفعها من حضنها آمرة بغلظة 
مش هاتحسي بحاجة. مجرد شكة بس. يلا !
أذعنت لمى لأمر جدتها في الأخير إذ لا قبل لها بصد الأوامر و خاصة منها هي مشيت بخطوات مترددة ناحية السيدة المخيفة ما إن صارت في متناولها حتى قبضت على كف المسكينة إنكمشت لمى مشيحة بوجهها بعيدا و لم تشعر إلا بوخزة قاسېة على إصبعها السبابة إنتزعت منها صيحة ألم أشبه بعواء ظبي جريح ...
أمسكت السيدة بيد الصغيرة و قطرت الډماء المنهمرة من إصبعها داخل الصحن في قطرتين كبيرتين ثم تركتها لما بلغت مرادها
ركضت لمى عائدة إلى أحضان جدتها و لم ينقطع بكاؤها بينما تواسيها راجية و هي تنظر إلى النتيجة النهائية التي صنعتها المشعوذة.. في هذه القنينة الصغيرة
دمار أرملة إبنها ! .........................................................
40
أكان هذا كله.. مجرد حلما لعين !
_ إيمان
كانت العودة من عند جدتها هي أمنية ظلت تدعو بها و لقد تنفست الصعداء و هدأ خۏفها ما إن أخذتها عمتها الشابة و أقلتها إلى منزل زوج أمها حيث كان مراد بانتظارها في نفس المكان الذي ودعها فيه ...
نزلت لمى من سيارة مايا محتضنة حقيبتها الصغيرة بكلتا يداها و لأول مرة تقبل نحو مراد بكل هذه اللهفة ارتمت دون تردد بين ذراعيه إذ فتح أحضانه على مصراعيها في استقبالها لدهشته ضحك بسعادة و هو يشعر بمحبتها لأول مرة
ضمھا إليه بأبوة خالصة و هو يقول 
حمدلله على السلامة. وحشتيني يا حبيبتي. وحشتيني أوي يا لمى !
لم ترد عليه الصغيرة فلم يأبه و تحرك بها عائدا إلى الداخل ما حتى قبل أن تنطلق سيارة مايا مغادرة ...
حبيبة مامي ! .. استقبلتها إيمان بابتسامة جذلى
كانت بالمطبخ تعد المائدة الصغيرة هناك في أبهى شكل لها و هي ترتدي منامة زرقاء عاړية الكتفين طويلة بفتحة من أعلى الفخذين و تضع القليل من زينة الوجه و الكثير من حمرة الشفاه و كانت رائحتها الزكية تفوح في المكان كله في تجانس مع روائح الطعام و الحلوى الشهية التي قامت باعدادهم في الساعات القليلة الماضية بعد قضاء بعض الوقت الحميمي برفقة زوجها ...
تعالي في حضڼي يا روحي !
لبت الصغيرة دعوة أمها في الحال استدارت حول العازل الخسراني و هرولت إلى أحضان إيمان متعلقة بعنقها چثت إيمان على ركبتها كي تتمكن من احتضان طفلتها و طبعت القبلات على وجنتيها مغمغمة 
قوليلي اتبسطي إنهاردة. عملتي إيه هناك 
و أبعدتها قليلا لتنظر إليها لتجاوب الصغيرة بقليل من الشحوب 
ماعملتش حاجة. مايا عملت لي نودلز و تيتة جابت لي شوكولاتة. و مالك ماكنش هناك تيتة قالت لي مسافر !
كان مراد يتحرك بارجاء المطبخ حولهما بصعوبة تمالك نفسه و هو يستمع إلى اسم ذلك الوغد الحقېر الذي نال من حبيبته و بورقة زواج للأسف هو لم يتجاوز تلك الحاډثة حتى الآن و لكنه يتجاهلها من أجل زوجته
أحست إيمان بتوتره فغيرت الحديث مع ابنتها و أمرتها بالصعود إلى غرفتها و تبديل ملابسها ثم النزول لتناول العشاء نفذت لمى أمر أمها و عندما تأكدت إيمان من انسحابها التام إلتفتت نحو مراد ...
رأته يهتم بصحن الخضروات يضيف القليل من عصير الليمون عليه و بعض الزعتر سحبت نفسا عميقا ثم مشت إليه مادة يديها صوبه عانقت ظهره متمتمة 
حبيبي !
رد عليها مهمهما 
همم. عايزة حاجة 
شعر بهزة رأسها على كتفه ثم سمعها تقول 
حسيت إنك اضايقت فجأة.. لمى قالت حاجة ضايقتك !
يترك مراد ما بيديه في هذه اللحظة تسمعه يتنهد بقوة ثم تمتد
تم نسخ الرابط