رواية مريم القصول الاخيرة
المحتويات
...
حاسة بإيه دلوقتي يا حبيبي !
إلتقطت أذنها صوته الرخيم من فوقها مباشرة و بخفة الريشة إنقلبت على ظهرها لتواجهه الآن فصار يطل عليها مبتسما بحميمية بادلته الابتسامة و خديها حمراوين مثل الخوخ الذي عطرها به ثم قالت مطوقة عنقه بذراعيها
حاسة إني طايرة فوق السحاب. هل ده منطقي
أكد لها على الفور
منطقي جدا. إللي مش منطقي بعد المساج و الراحة دي هو إللي هايحصل حالا !
الصغيرة التي جافاها النوم بسبب ظلال الأشجار المتراقصة على حائط غرفتها الخاصة لم تتمكن من الاستلقاء براحة كانت بحاجة ماسة إلى أمها فقفزت من سريرها بلا تردد و ركضت عبر الردهة الطويلة لتصل إلى الغرفة التي تتشاركها أمها مع زوجها الجديد ...
ربطت لمى الفعل الذي هي مقدمة عليه بنتيجة فعلتها في الصباح إذا قامت بازعاجهما الآن ستغضب أمها من جديد و ستصرخ عليها لذلك لم تفعل تراجعت لمى و الدموع ملء عينيها جمعت كل مخاوفها و حزنها و انطلقت تجري إلى الأسفل أضاءت غرفة المعيشة و شغلت التلفاز على الرسوم المتحركة ثم اندست في الأريكة ضامة ساقيها القصيرين إلى صدرها و هي تبكي في هدوء
فتحته بسهولة و نقرت على لوحة المفاتيح رقم جدتها وضعت الهاتف على أذنها و دموعها تجري على خديها لم تنتظر طويلا حتى برز صوت الجدة ...
السلام عليكوا. مين !
تيتة راجية ! .. خرج صوت الصغيرة مخټنقا بالبكاء
أنا. أنا لمى !
38
_ أدهم
استيقظت في الصباح يملؤها النشاط و البهجة على عكس زوجها الذي ما زال يغط في نوم عميق يعتمد على الأيام القليلة المتبقية من عطلة شهر العسل يحاول الاستمتاع قدر استطاعته بكل شيء بالراحة و بزوجته و حتى بلمى.. الصغيرة التي يعتبرها ابنته من الآن فصاعدا ...
مراد ! .. همست إيمان مقابل شفاهه الدقيقة
مرضها
السبب الذي يبقيها على قيد الحياة ...
أخيرا بدأ يتململ مفلتا إياها و هو يغمغم بكسل
سبيني شوية بس يا إيمان. نص ساعة كمان
إيمان باستنكار نص ساعة إيه. بقولك بقينا الضهر. قوم يا مراااد ..
تأفف مراد ډافنا وجهه في الوسادة
خلاااص قمت. قمت يا إيمان !
أومأت له مبتسمة و هي تقوم من السرير متئزرة بروبها القصير
برافو. شاطر يا حبيبي.. أنا هاروح أصحي لمى. تكون دخلت انت خلصت الشاور بتاعك عشان أخد بتاعي و ألحق أعلمكوا فطار. يلاااا يا مراد !
و سحبت الغطاء من فوقه فشتم و هو ينقلب ليقذفها بالوسادة قهقهت ضاحكة و هي تفر من أمامه ...
توجهت إلى غرفة صغيرتها و قد حرصت على الظهور أمامها بوجه صاف و ابتسامة حلوة لا تعمد إلى مراضاتها اليوم و بذل بعض الجهد حتى تنسى اساءتها إليها البارحة بعد تشجيع من زوجها و توجيه بدأت تدرك بالفعل قدر أهمية طفلتها بالنسبة لها و إنها الكنز الحقيقي لرحلة حياتها لا يمكن أن يعوضها أحد عنها صغيرتها قطعة منها
أمسكت إيمان بمقبض باب الغرفة و أدارته ثم ولجت على الفور لتتجمد بمكانها و قد تلاشت الابتسامة عن وجهها ذلك عندما رأت سرير الفتاة فارغا تقدمت للداخل باحثة بعينيها في كل مكان حتى ركعت فوق الأرض تفتش تحت السرير و بداخل البيت العصير الذي أشتراه مراد من أجلها ضمن كومة الألعاب المختفلة لكن لا شيء !
لا جود للصغيرة
لقد اختفت ببساطة ...
مراااااااااااااااااااااااااااد !!!!
عادا إلى الوطن أخيرا بعد قضاء ثلاثة أيام على جزر العشق عادا ليس كما غادرا كانت ممسكة بيده تشبك أصابعها في أصابعه و هما يعبران بوابات المطار و كانت ممتنة لأن سيارة مخصوصة كانت بانتظارهما فتولى السائق أمر القيادة بينما جلسا في المقعد الخلفي متلاصقين تضع يدها في ذراعه و لا زالت يدها الأخرى تشتبك في يده تسند
رأسها إلى كتفه راسمة على ثغرها ابتسامة صافية
كانت سعيدة للغاية تكاد تجزم أن لا أحد على هذه البسيطة يحظى بالسعادة التي تلفها لقد تم إنقاذ زواجها نجح حبيبها بتآجيج العلاقة و إعادة الأمور إلى نصابها
سرعان ما وصلا إلى البيت و لم تستطع سلاف إلا أن تنسلخ عن زوجها الآن كانت روحها تسبقها إلى صغارها فور أن توقفت السيارة أمام البيت نزلت منطلقة إلى الداخل تتبعه نظرات أدهم الفرحة نادى البواب ليعاونه في حمل الحقائب ثم لحق بزوجته ...
وحشتووووني. وحشتووني أوووي !!! .. صاحت سلاف و هي تنهال على الثلاثة أحضانا و تقبيلا كلها ممتزجة بدموع الشوق
كانت تجثو أمامهم وسط مدخل الشقة حال الصغار لا يختلف عن حالها و كأنها بالنسبة لهم الهواء و الحياة تقاتلوا على البقاء بأحضانها فأخذتهم ثلاثتهم و قعدت بهم هكذا
جلجلت ضحكة أدهم ما إن ولج إلى شقة أمه و رأى هذا المشهد ألقى التحية على أمه أولا ترك الحقائب جانبا و اقترب ليحتضن أمه و يقبلها ثم إلتفت نحو زوجته و أولاده هاتفا
طيب على فكرة أنا كمان بابا. مافيش بوسة و حضڼ ليا أنا كمان !!
و لم يؤتي كلامه أي صدى بقي الصغار بحضن أمهم فهز أدهم رأسه مرددا بدعابة
مخلف عيال ندلة صحيح. ماشي يا روح أمك منك له. لينا شقة تلمنا !
علا صوت أمينة من ورائه بحبور
انتوا إنهاردة مش طالعين من عندي. آ اعملوا حسابكوا. الليلة دي بيات معايا. كلكوا !
بعد قليل إنفصلت سلاف بصعوبة عن صغارها ذهبت إلى الغرفة الخاصة بها و بزوجها في شقة عمتها أرادت أن تبدل ملابسها فأبى الصغار أن يتركوها و تبعوها إلى هناك مثل فراخ البطة ...
تضاحكا كلا من أدهم و أمينة و علقت بسرور
ربنا ما يحرمكوا من بعض يا حبيبي و يحفظلكوا ولادكوا يا رب
ردد أدهم و الراحة تغمره أخيرا
اللهم آمين. مش مصدق إن العيال دول طلعوا متعلقين بأمهم كده. ده محدش فيهم عبرني !!
ضحكت أمينة قائلة
يا حبيبي مش قصدهم. أصل انت مش فاهم. أمهم بتقعد في وشهم طول الليل و النهار. ف متعلقين بيها. لكن انت أغلب اليوم بتكون في شغلك و مش بتلحق تقعد معاهم غير يوم اجازتك ! .. و أردفت بجدية
و هو ده على فكرة سبب المشكلة بينك و بين مراتك. الفترة الأخيرة كنت مهمل في بيتك أوي يا أدهم. كله كان شغل شغل !!
تنهد أدهم و قال معترفا
أيوة يا أمي معاكي حق. بس أنا خلاص هاظبط أموري من هنا و رايح. الأيام إللي فاتت كانت صعبة علينا كلنا. على سلاف و عليا و على الولاد. و عليكي انتي كمان. مش عارف أوفيكي حقك.
انتي تعبتي معانا أوي. و كفاية شيلتي مسؤلية 3 أطفال لوحدك و احنا غايبين ..
عاتبته عيب يابني. الكلام ده تقوله لواحدة غريبة. أنا أمك يا أدهم. خلي بالك من كلامك !
ابتسم لها و أمسك برأسها يقربها إليه ليطبع قبلة على جبهتها ثم قال
الله يحفظ لينا. و يقدرني أرد جزء من فضلك عليا ! .. و استطرد بفضول مرح
بس صحيح العيال ماتعبوكيش. دي سلاف نفسها مابتقدرش عليهم مع بعض !!!
قهقهت أمينة و جاوبته باستخفاف
يابني سلاف دي لسا عيلة زيهم. دي يدوب داخلة على 25 سنة ماعندهاش خبرة. أنا بقى إللي ربيتك و ربيت اخواتك و ولادهم. مش هقدر على ولادك !
سلاف لسا صغيرة أوي فعلا ! .. تمتم أدهم ممعنا في جملتها
لسا صغيرة بالنسبة لي !!
كان يفكر الآن بفارق السن بينهما كان هاجسه منذ تزوج بها رغم إنه لسا كبيرا إلى هذا الحد لا يزال ثلاثينيا بأواخر الثلاثينات لكنه دائما يخشى أن يأتي الوقت الذي ټندم فيه على اختياره و الزواج منه يخشى أن ينتهي حبه في قلبها مهما فعل لا يستطيع أن يقلع عن هذا الخۏف !!!
لاحظت أمينة على الفور حالة ابنها و علمت ما يشغل عقله فأرادت أن تشتته و هي تقول بتفكه أول ما خطړ على بالها
نسيت أقولك بقى. اخواتك لما عرفوا انك سافرت المكان إللي قلت عليه ده ماصدقوش نفسهم. بالذات إيمان. عائشة فضلت تقر عليكوا بس !
و ضحكت بانطلاق ...
عبس أدهم مستوضحا
و هما دخلهم إيه مش فاهم !
أربكتها لهجته الخشنة فأوضحت له بمرح حتى تبدد عبوسه
مش قصدهم يدخلوا يا حبيبي. أخواتك بس استغربوا. دي مش عوايدك حتى مع سلاف قبل كده كنت بتبقى حازم أكتر.. أنا طبعا ماسكتش و رديت عليهم. لكن هما أصلا ماطولوش أنا بحكي لك بس !
إتخذ وجهه تعبيرا صارما و هو يقول
أنا مايهمنيش من المخلوق. أنا حر. أعمل إللي أنا عايزه طالما مابغضبش ربي. مشكلة أي حد شايف إني مدلع سلاف زيادة. بقولها تاني و مستعد أقولها في وش أي حد. أنا حر. آه مدلعها و هافضل أدلعها لحد ما تبوظ من الدلع. محدش له عندها و لا عندي حاجة !!!
هدأته بلطف طيب خلاص. إهدى. ماحصلش حاجة.. لو زعلان اوي من كلامهم أنا هاقولهم مايتكلموش عنك خالص. و ماعنتش هاحكي أخبارك ليهم. بس ماتتعصبش كده يابني. مالك بس انت كنت كويس من دقيقتين !
زفر أدهم مطولا و قال و هو يفرك وجهه بكفيه
مافيش حاجة يا أمي. أنا بس مرهق من السفر. هادخل أخد دش و هابقى كويس. عن إذنك !
و مضى من أمامها في الحال ...
كانت ترتعش ذعرا من رأسها حتى أخمص قدميها
عندما أتى مراد خلال لحظات بدت علائم القلق على وجهه و هو يقترب منها صائحا
في إيه يا إيمان !
و
مد يديه ليساعدها على القيام بينما
متابعة القراءة