رواية كاملة قوية الفصول من الخامس للثامن بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
ومرسوما بدقة وهي تسأله بسخرية متبادلة
ليه بقى.. سيادتك تبقى مين..
أغضبته سخريتها فصاح پغضب
إحنا هنزر!!.. ردي على السؤال..
رفعت القبعة من فوق رأسها فتناثرت خصلات بلون سنابل القمح كلا.. بل أغمق قليلا خطفت نظراته على الفور فضيق عينيه وهو يتأملها بتقدير مختلف.. فلم تعد ذات هيئة صبيانية متشردة بعد الآن..
لم تخف نظراته عنها فابتسمت له بتحد مستفز.. لكنه فوت فرصة الشجار عليها عندما أخبرها بلهجة أقل ڠضبا
كان يظن أنه سيبهرها بتلك الجملة إلا أنه فوجئ بهزة لامبالاة من كتفيها.. وهي تخبره بمنتهى الإستفزاز
تصميم سخيف جدا... على فكرة.. أنا مش فاهمة أنت فخور قوي كده ليه..
كانت تلك الجملة بمثابة شرارة البدء لعلاقة عاصفة استمرت عدة أشهر.. لم يهتما خلالها بفارق العمر فقد كانت فريدة فقط في التاسعة عشر.. بينما هو في بدايات أربعينياته...
شعر وقتها أن لحظة لقاءه بها كانت فاصلة في حياته.. وأن ما عاشه سابقا كان مجرد لحظات تمهيدية لعشقه لتلك المتمردة فضية العينين..
فتفننت في افتعال المشاكل وإثارة المتاعب.. ونظرا لسن فريدة الصغيرة عجزت عن التعامل مع مشاكل ابنة زوج متمردة وحاقدة بشدة..
وفي وسط تلك المشاكل اختار عامر الهروب.. الهروب من اتخاذ موقف حاسم من ابنته المدللة.. فوجد في ذكرياته مع زوجته الراحلة متنفسا للهرب من حياته المتقلقلة.. فبدأ ينتابه شعور محرق بالذنب تجاه ذكراها.. وتعجب كيف استطاع نسيان حبه لها بتلك السرعة ليرتبط بعلاقة زواج سريعة مع فتاة تصغره سنا بعدد غير قليل من السنوات وغير قادرة على تولي مسئولية أمور بيته وابنته.. وبدأت تظهر المشاكل بينهما وهو يقارن بينها وبين زوجته الراحلة..
وبدأ عامر التنفيس عن إحساسه الوهمي بالذنب على فريدة التي استطاعت إختراق قضبان قلبه فكان يدأب على توجيه اللوم لها وإخبارها أنها أم غير صالحة لأي من ابنتيه..
كانت فريدة تحتمله في صبر معتمدة على رصيد حبه في قلبها.. فكانت طبيعتها العاطفية وصغر سنها تدفعها لمسامحته في كل مرة ېهينها أو يغضبها فيها لكن تفاقم الأمر مرة واحدة عندما ضړبت نيرة صبا الصغيرة حتى ظهرت علامات أصابعها واضحة على وجنتي الصغيرة .. كانت تبكي بهيسترية غير طبيعية.. فاضطرت فريدة إلى معاقبة نيرة بالضړب لأول مرة منذ زواجها من عامر... الذي ما أن علم هذا حتى توجه بسلسلة طويلة من الإهانات والصړاخ في وجه فريدة مخبرا اياها بقسۏة
أنا اللي غلطان اللي اتجوزت واحدة مهملة ومستهترة زيك.. لو كنت أم طبيعية زي أم نيرة الله يرحمها كنت عرفت تتعاملي مع البنت ومنعتيها أنها ټأذي أختها زي ما بتقولي.. لكن أنت كل دماغك في الرسم والألوان والعبط ده..
جمدتها الكلمات فأخبرته بهدوء مستفز
وايه اللي يجبرك أنك تستمر في الغلطة دي.. طلقني.. طلقني يا عامر..
أطلق الړصاصة الأخيرة في علاقتهما
خلاص يا فريدة لو هي مش فارقة معاكي كده.. أنت طالق.. طالق..
عاد من ذكرياته على تلك الكلمة.. التي أخرج بها فريدة من حياته مصرا على ابقاء ابنته صبا معه بعدما قررت فريدة الابتعاد عنه للأبد والرحيل الى فرنسا..
أخذ يتلمس الصورة بحنين جارف.. ثم أعادها إلى الدرج مرة أخرى وأغلق عليها..
جلست علياء على المقعد الخلفي للسيارة وهي تضع قبضتها بين أسنانها.. تلك العادة المصاحبة لها كلما شعرت بالقلق والحيرة.. وهو ما تشعر به الآن.. فقد أرسل عصام الغمراوي السيارة لها صباحا لتأتي بها من المزرعة.. ظنت في البداية أنه يريدها أن تتناول معهم الغذاء في الفيلا.. ولكن السائق أخبرها أنهما سيتوجهان إلى مقر مجموعة الغمراوي.. ظل القلق يعصف بها طوال المسافة الى المجموعة.. وانتابتها الحيرة مما يريده عصام منها..
هل أخبره يزيد بما حدث ليلة الحفل.. هل لهذا لم يأت هو أو يزيد إلى المزرعة طوال الأسبوع ولا حتى لتهنأتها بعيد ميلادها الذي مر منذ يومين ولم يتذكره أحدا سوى نيرة التي ملأت لها غرفتها بزهور القرنفل التي تعشقها علياء.. هل استدعاها اليوم ليخبرها أنه سيرسلها إلى أعمامها..
كانت ترتجف من هذا الإعتقاد عندما وصلت إلى مقر المجموعة وهناك التقت بعصام الذي اصطحبها إلى مكتبه..
تعالي .. اقعدي يا عليا.. أخبارك ايه يا بنتي.. في أخبار عن نتيجة التنسيق..
ابتلعت علياء ريقها براحة وهي تتنهد بداخلها.. فيبدو أن يزيد لم يخبر والده بشيء.. فعصام يتحدث معها بطريقة طبيعية تماما..
عاد عصام ليحدثها
إيه يا عليا.. سرحانة في إيه.. ولا أنت زعلانة مني..
نفت علياء بقوة
لا أبدا يا عمو.. هزعل ليه..
توجه عصام إلى أحد أدراج مكتبه وأخرج منه علبتين من المخمل الأزرق.. ثم تحرك نحو علياء ليجلس بجوارها..
يمكن تكوني فاكرة أني نسيت عيد ميلادك..لا والله يا بنتي.. بس مشاغل الشغل بتاخد الواحد..
أنا مقدرة مشاغلك يا عمو.. ومش زعلانة..
قدم إليها إحدى العلبتين
ماشي يا ستي.. اتفضلي.. دي هدية عيد ميلادك.. ولو أنها متأخرة.. كل سنة وأنت طيبة يا عليا.. كبرت وبقيت عروسة زي القمر.. وخلاص هتدخلي الجامعة.. لو كانت مامتك عايشة..
تهدج صوته قليلا
الله يرحمها كانت بتحلم باليوم ده.. وبتتخيلك وأنت نازلة الصبح أول يوم..
متابعة القراءة