رواية كاملة قوية جدا الفصول من الواحد وستون الي الخامس وستون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
فقط أصوات نباح الكلاب هي المسموعة .
التصقت به من الخلف وهو كل لحظة والأخرى يلتفت برأسه لها ويضحك بساحرية .. حتى فتح الباب أخيرا ودخل ثم تبعته هي .. راحت تتجول بنظرها في أرجاء المعرض تتذكر ذلك اليوم الذي دخلته فيه للمرة الأولى وتذكرت موقفها معه فضحكت بصمت لا إراديا .. لكن فجأة سمعت صوت الباب فالتفتت بجسدها له وصاحت بارتباك وخجل
غضن حاجبيها باستغراب من ردة فعلها العڼيفة وقال بهدوء
_بقفله عادي يامهرة .. إنتي خاېفة مني ولا إيه !
ردت بغرور وثقة
_ لا وأنا أخاف منك ليه .. ده إنت اللي تخاف مني
ضحك ورد بسخرية وهو يكمل إغلاق الباب
_ امممم فعلا ماهو واضح !
راحت هي تتفحص بقية المعرض بنظرها من جديد حتى سمعت صوته من خلفها بعد دقيقتين وهو يهمس بغرام
التفتت برأسها له في توتر من قربه واكتفت بهز رأسها بالنفي وسط نظراتها الزائغة لتجده يكمل بعينان ثابتة وكلها حب
_ عشان هنا أول مكان أنا بدأت أحس فيه بانجذاب ناحيتك بعد ما جيتي المعرض .. وعشان كمان عايز أوثق كام حاجة مهمة جدا بنسبالي واعتقد أنها هتكون مهمة بنسبالك كمان .. والكام حاجة دي لازم تتوثق من المكان اللي بدأت فيه !
_ مش فاهمة حاجة صح !! .. تعالي هوريكي وهتفهمي
وجدته يحتضن كفها الناعم بين قبضة يده الضخمة ويجذبها معها نحو أحد الأركان ثم وقفوا أمام الحائط ورأت فوق الحائط معلقة لوحة لكنها مغطاة بقماشة حمراء اللون .. فنظرت له بعدم فهم ليبتسم ثم يقترب من الحائط ويمد يده لينزع القماشة عن اللوحة التي ظهرت لها بوضوح وكانت نفسها تلك اللوحة المميزة التي اعجبت بها حين جاءت بزيارتها الاولى لمعرضه .. رغم أنها لم تفهم منها شيء لكن شعرت بأن بها شيء خفي يجذبها إليها دون أن تشعر .. لا تعلم ربما رأت عشوائيتها وتداخل الألوان بها وضجتها مشابهة تماما لضجيج روحها التائهة وعبثيتها ! .
_ إنت مبعتش اللوحة !
هز رأسها بالنفي ورد في نظرة عميقة
_ تؤتؤ مقدرتش أبيعها وشلتها مخصوص ليكي .. مع إن كان في ناس كتير طلبت تشتريها بالأخص وبأسعار ومبالغ هائلة .. بس فكرة إنها لمجرد لفتت انتابهك حتى لو معجبتكيش كانت كفيلة إنها تخليني احافظ عليها ليكي وبس
مرت دقيقة حتى وجدته يمد يده في جيبه ويخرج عقد فضي اللون .. حين دققت النظر به أدركت أنه عقدها الذي ظنت نفسها فقدته أثناء زيارتها للمعرض هنا .. ظلت تحدق بالعقد في صدمة وتنقل نظرها بينه وبين العقد حتى سمعته يقول بضحكة بسيطة
أدمعت عيناها من فرط السعادة والمشاعر الجياشة التي طغت عليها ولم تشعر بنفسها إلا وهي ترتمي عليه وتعانقه بقوة وسط دموع عينيها دون أن تتحدث .. فيبتسم هو أيضا بسعادة وحب وهو يضمها إليه أكثر .
ابعدها عنه بعد دقيقة ورفع أنامله يجفف دموعها برفق ويلتف حولها ليقف خلفها ويلبسها العقد بنفسه حوله رقبتها .
استدارت له هي بعد ذلك وهي تبتسم بعاطفة لتجده يسأله بجدية بسيطة ونظرة مترقبة
_ مهرة هو إنتي بتحبيني بجد !
سؤاله أصابها بالدهشة وانعقد لسانها فجأة فلم تتمكن من الرد وبقت تحدقه بصمت في خجل وصدمة حتى وجدته يعيد السؤال ثانية بإلحاح
_ بتحبيني ولا لا !!
لم يترك لها مفر للهرب منه وبنفس اللحظة لا تقوى على النطق بلسانها ولذلك تطرقت رأسها أيضا واكتفت فقط بإماءتها بالإيجار وهي تبتسم بخجل شديد لتسمعه يجيبها وهو يبتسم باتساع وبحماس غريب
_ كدا أنا اطمنت عشان بعدين ميبقاش ليكي حجة بقى
رفعت رأسها وطالعته بعدم فهم لتسأل في جدية
_ حجة ازاي يعني مش فاهمة !
غمز بعبث ونفس الحماس ثم أجاب
_ هتفهمي .. كلها كام يوم وتفهمي كل حاجة
لن يتوقف عن التكلم بالغاز وغموض وهي لن تتوقف عن التصرف بعفوية وعدم فهم الغازه الغريبة !! ........
بمساء اليوم التالي حيث ليلة زفاف حاتم ونادين .......
كانت جلنار تجلس في المقعد الخلفي وبجوارها ابنتها داخل السيارة الخاصة بها لكن نشأت أصر على عدم قيادتها للسيارة بنفسها ولذلك جعل الحارس هو من يقود السيارة ويوصلها هي وحفيدته إلى قاعة الزفاف .
كانت الصغيرة طوال الطريق لا تتوقف عن التحدث بحماس وبالأخص عندما علمت أنه زفاف حاتم وأنها ستراه هي وزوجته .. فبقت طوال الطريق متحمسة ولا تطيق الانتظار حتى يصلوا لقاعة الزفاف وعندما توقفت السيارة واخبرتها أمها أنها وصلوا فتحت الباب بسرعة قبلها ونزلت مسرعة تقود خطواتها شبه ركضا للداخل لكنها تصلبت مكانها حين رأت أبيها ينزل من سيارته مرتديا حلة سوادء جذابة أعطته هيبة ووسامة فوق وسامته تسرق الانفاس .
فصاحت من بعيد عليه بسعادة
_ بابي
التقطت أذنه صوت صغيرته فراح يبحث عنها بنظره بسرعة وحين وقعت أنظاره على ملاكه الصغير التي ترتدي فستان طفولي طويل وواسع من عند منطقة الخصر ابتسم لها بحب وانحنى فاردا ذراعيه لها يستقبلها لأحضانه فتركض هي مسرعة إليه وتىتمي بين ذراعيه .. ليحملها ويلثم وجنتيها بحنو أبوي متمتما
_ ياروح بابي .. إيه الجمال والحلاوة دي يا ملاكي
ضحكت بخجل كعادتها وعانقت أبيها بحرارة أما هو فقد استقرت عيناه على زوجته التي نزلت من السيارة بهدوء ثم تحركت تجاههم ببطء بعد أن ظلت واقفة مكانها وقت تتطلعه بجمود .
تفحصها بنظره في تدقيق بذلك الثوب الأسود الضيق الذي ترتديه وشعرها الأسود المنسدل بحرية فوق كتفيها وظهرها .. رغم أن نيران غيرته تأججت في صدره لكنه لم يتمكن من إخفاء تأثره من جمالها الذي جعله يتأملها كالمسحور ! .
عندما وصلت إليه قال بصوت رجولي خشن
_ مقولتيش ليه إنك جاية إنتي وهنا !
جلنار ببساطة تامة وبرود
_ أنا متوقعتش إنك هتيجي أساسا حتى لو حاتم عزمك
عدنان بغيظ من أسلوبها
_ واديني جيت
تصنعت عدم الاهتمام أمامه ورأت وجهه الذي بدأ يتحول للون الأحمر من العصبية .. ورغم كل هذا مازال يحاول التصرف بطبيعية حيث بسط ذراعه أمامه وقال لها بقوة
_ اتفضلي
سارت معه للداخل وبينهم مسافة كبيرة كانت لأبنتهم التي تسير بالمنتصف بينهم .. وفور دخولهم توجهوا لأحدى الطاولات الصغيرة وكل منهم جلس فوق مقعد .. كانت تتحاشى النظر إليه وتتجاهله عمدا متصنعة انشغالها بمتابعة الحفل والضيوف ..
متابعة القراءة