رواية كاملة قوية جدا الفصول من الواحد وستون الي الخامس وستون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

حزنا وشوقا لهم .. أيام طويلة مرت منذ تلك الليلة المشؤومة ولم تراهم أو تسمع صوتهم لمرة واحدة .. وكل محاولاتها البائسة للوصول لهم والتحدث معهم تنتهي بنفس النتيجة المؤلمة ! .
كانت تحتضن بيدها صورة تجمعها معهم وتتمعنهم بيأس وبكاء واناملها راحت تتلمس وجوههم فوق الصور بحړقة وتهتف وسط بكائها  
_ هونت عليكم ياحبايبي تسيبوني .. سامحوني واوعدكم إني مش هعمل أي حاجة تاني تضايقكم مني .. أنا عرفت غلطي خلاص وندمت صدقوني ! 
توقفت لبرهة تنخرط في موجة بكائها ثم عادت تكمل وهي توجه حديثها لعدنان بالبداية  
_ عايز تحرمني منك ياعدنان .. أنا مقدرش على بعدك ياحبيبي ده أنت روحي وأول فرحتي .. أنا عملت كل ده عشان مصلحتك كنت خاېفة عليك من جلنار .. خاېفة إنها ټوجعك وتاخد فلوسك بعدين .. مكنتش اعرف إنك بتحبها بجد وللدرجة دي .. أنا آسفة يابني سامحني أنا عرفت غلطي 
ثم توقفت للحظة ووجهت حديثها لآدم الذي راحت تبكي بۏجع حين تذكرته وتقول  
_ كنت بقول لو الدنيا كلها وقفت ضدي .. آدم الوحيد اللي هيفضل جمبي .. ده إنت ابني الحنين وحبيب أمه اللي مش بيستحمل يشوفني زعلانة للحظة .. كدا يا آدم تسيبني وحدي ياحبيبي .. هونت عليكم تقسوا عليا ولا تسألوا فيا للدرجة دي .. أنا مش زعلانة منكم بس ارجعولي وسامحوني 
ثم رفعت الصورة لصدرها ټحتضنها وتبكي بصوت مرتفع لدرجة أن صوت شهيقها وصل للخارج .. وكانت الخادمة في طريقها إلى غرفتها وحين سمعت صوت بكائها .. ترددت بالبداية لكن حسمت قرارها اقتربت لتطرق الباب عدة طرقات خفيفة .. فتسمع صوتها يسمح الطارق بالدخول بعد برهة من الوقت .
فتحت الباب ودخلت ثم تقدمت منها قليلا وقالت باهتمام  
_ أسمهان هانم علاجك معاده عدي ولازم تاكلي عشان تاخديه .. عشان خاطري كلي أي حاجة ياست هانم .. ده إنتي وشك بقى قد اللقمة ومعدش فيكي حيل تقفي على رجلك من عدم الأكل 
أسمهان بعناد وصوت مبحوح  
_ مش عايزة أكل سبيني وحدي واطلعي برا 
الخادمة بإصرار وڠضب ملحوظ في نبرتها  
_ لا مش هسيبك غير لما تاكلي .. مش هستني لغاية ما تجرالك حاجة بعيد الشړ من عدم الأكل
أردف أسمهان بنفاذ صبر وخنق  
_ قولتلك سبيني وحدي واطلعي ياسماح 
_ هطلع بس هروح اجبلك الأكل واجي 
استدارت وقبل أن تخطو خطوة واحدة للخارج تذكرت شيء جعلها تتصلب بأرضها .. تفكر مترددة تخبرها أم ليس له داعي بهذا الوقت .. لكنها سمعت صوت أسمهان تسأل  
_ في إيه واقفة مكانك كدا ليه ! 
التفتت لها وقالت بتوتر  
_أصل في حاجة كدا والصراحة مش عارفة اقولك ولا لا ياهانم 
_ حاجة إيه دي .. قولي يا سماح علطول من غير مقدمات ! 
ابتلعت ريقها بارتباك وقالت في أسف تحاول إخفائها لمعرفتها بنقمها لزوجة ابنها  
_ عدنان بيه طلق الست جلنار النهارده 
خرجت صيحة مصډومة وتلقائية من أسمهان  
_ إيه اتطلقوا !! .. إنتي عرفتي إزاي  
_ بدرية اللي شغالة عند نشأت بيه أنا وهي نعرف بعض ولما كلمتها من شوية قالتلي 
استقامت واقفة وسألت باهتمام وقلق  
_ طيب وعدنان فين دلوقتي 
_ معرفش هي مقالتليش حاجة غير ده بس
أشارت لها أسمهان بيدها أن تنصرف بعد أن امسكت بهاتفها وحاولت اجراء اتصال بابنها .. رغم معرفتها أنه لن يجيب لكنها قررت أن تجرب حظها واندهشت حين انفتح الاتصال وأجاب عليها بسخرية  
_ عرفتي الخبر طبعا يا أسمهان هانم .. افرحي اللي كنتي عايزاه تم خلاص واتطلقنا .. نجحتي إنتي وال التانية إنكم تكونوا سبب في ۏجعي وألمي للمرة الثانية .. وفرقتونا ! 
سالت دموع أسمهان بغزارة وردت عليه وسط بكائها تتوسله بمشاعر صادقة وحزن  
_ مستحيل افرح في وجعك وحزنك ياحبيبي .. ابوس إيدك قولي إنت فين خليني اجيلك اشوفك واخفف عنك يابني 
خرج صوته محتقن بالدموع وضعيف 
_ هتداوي إيه ولا إيه ! .. معدش هيفيد بحاجة خلاص 
كانت ستجيب عليه لكن صوت صافرة إنهاء المكالمة
ضړبت بأذنها فأنزلت الهاتف تنظر إليه بدهشة وعادت فورا تحاول معاودة الاتصال به لكنه لم يجيب هذه المرة ......

مر يومين منذ يوم الطلاق ولم تراه حتى لا يأتي لرؤية ابنته .. قلقت وخشيت أن يكون صابه مكروه لكن حمدت ربها حين رأت سيارته تقف أمام المنزل ويترجل منها .. تنهدت الصعداء بارتياح وبقت تتابعه بنظرها وهو يخطو بخطواته إلى الداخل .. عندما رفع نظره للأعلى وتطلع بها أجفلت نظرها بسرعة بعيدا عنه فيزفر هو مع ابتسامة مستنكرة منه ثم يكمل طريق للداخل .
طرق عدة طرقات على الباب وبعد لحظات فتحت له بدرية التي رحبت به ترحيبا حارا وفور دخوله رأى صغيرته تجلس فوق مقعد صغير يناسبها وأمامها طاولة قصيرة مقاربة لطول قامتها الصغيرة وتمسك بيده قلم ألوان تخط به رسمها الطفولي فوق الورق .. وحين لمحت أبيها وثبت واقفة بفرحة وصاحت پجنون وهي تركض نحوه 
_ بابي 
ظهرت الضحكة بوضوح في لحظة فوق ثغره العابس وانحنى للأمام حتى يلتقط صغيرته التي تأتي إليه ركضا .. وفور وصولها حملها فوق ذراعيه ولثم وجنتيها وشعرها بعمق متمتما في شوق وصوت عاجز  
_ وحشتيني أوي ياهنايا 
ردت الصغيرة برقة وابتسامة تسرق العقل  
_ وإنت كمان يابابي وحشتني أوي .. بس إنت ليه مكنتش بتيجي تشوفني ! 
أردف معتذرا بصدق وحزن 
_ أنا آسف ياروح بابي كان معايا شغل بس خلاص من هنا ورايح كل يوم هجيلك 
نزلت من فوق ذراعيه وشبكت يدها الصغيرة بكفه الضخم تسحبه معها نحو طاولتها متمتمة  
_ تعالى بص رسمت إيه ! 
سار خلفها مبتسما بحب وراحة فلولا وجود ابنته لفقد عقله منذ وقت طويل .. وجدها تلتقط الورقة وترفعها أمامه تسأله بحماس طفولي ونعومة 
_ حلوة  
تلاشت ابتسامة وجهه فور تمعنه في الرسمة .. حيث رأى رجل وامرأة وبينهم بالمنتصف طفلة صغيرة وقبل أن يدرك الرسمة كانت هي تهتف بعينان لامعة تشير على كل شخص بالرسمة  
_ دي مامي ودي أنا وده إنت .. حلوة يابابي  
شرد للحظة بأسى وحسرة ثم ابتسم لها ومال يجلس القرفصاء أمامها مردفا بغمزة مشاكسة وساحرة  
_جميلة أوي يابابي .. بعدين أي حاجة بتعملها هنون والأيد القمر دي لازم تطلع حلوة 
انهى عبارته وهو يمسك بيدها ويرفعها لشفتيه يقبل ظاهرها بحنو فتبتسم هي له بخجل ورقة أذاب قلبه جعله يضحك ويجذبها لذراعيه لاثما شعرها .
أبعد ابنته عنه ببطء حين سمع صوت خطوات تهبط الدرج فالټفت برأسه تجاهه ليجدها هي تنزل برقة مرتدية ثوب أبيض طويل وبحمالات رفيعة منحدرة بفتحة مثلثية صغيرة عند الصدر لكن لا تظهر داخلها .. رغم أنها لا ترتدي شيء مختلف عن عادتها في الملابس إلا أن مظهرها حبس أنفاسه والهب نيران شوقه لها .. فبقى يتمعنها بشرود حتى سمع صوتها الناعم  
_ ازيك ياعدنان  
تطلعها مطولا بنظرة متفحصة رغم نيرانه الداخلية إلا أنه
تم نسخ الرابط