رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وخمسون للستون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

مفيش منها رجعة زي ما قالت
طالت نظرات آدم الحزينة على أخيه لم يعد يعرف بماذا يجيب .. فمهما قال لن تكفي الكلمات لمداوة چروحه الدامية !! ....

في تمام الساعة الواحدة ظهرا من صباح اليوم التالي ......
كانت تقف هنا فوق الفراش وتنزع ملابسها بعد عودتها من دوامها اليوم بمساعدة والدتها .. وبينما كانت جلنار شاردة بعالم آخر وهابية الملامح كانت الصغيرة تسرد عليها تفاصيل يومها بحماس وسعادة لكن سرعان ما ډفن حماسها حين رأت أمها ليست منتبهة لها فقالت پغضب طفولي  
_ مامي إنتي مش سمعاني !!!
فاقت على أثر صيحة ابنتها لتبتسم بحنو وتجيبها محاولة تفادي خطأها  
_ لا يامامي سمعاكي طبعا أنا بس سرحت شوية .. أنا آسفة 
زمت شفتيها بخنق والقت بجسدها جالسة فوق الفراش عاقدة ذراعيها أمام صدرها بتذمر هاتفة  
_ أنا عايزة ارجع بيتنا .. احنا امتى هنرجع ! 
تنهدت جلنار الصعداء بعبوس وانحنت أمامها لتجيب في خفوت حزين 
_ احنا هنقعد هنا يا حبيبتي مع جدو مش هنرجع البيت 
اتسعت عينان الصغيرة پصدمة لتهتف باستياء بسيط في البداية  
_ لا أنا عايزة اقعد في بيتنا مع بابي 
أدمعت عيناها پألم .. فليتها تتراجع عن قرارها لكن الفراق سيكون أفضل للجميع وهو الحل الوحيد لكل المشكلات التي لا تنتهي ! .
احتضنت كف ابنتها الصغير ورفعته لشفنيها تقبله بنعومة ثم تهمس بنبرة مهمومة 
_ بابي هيجي كل يوم ياحبيبتي يقعد معاكي زي ما إنتي عايزة 
رسخت بعقلها فكرة واغلقت على عقلها الصغير حتى لا يتقبل أي فكرة مغايرة حيث صاحت پغضب وقد بدأت عيناها الرقيقة تذرف الدموع وهي تهتف محتجة على قرار أمها  
_ لا أنا عايزة ارجع بيتنا .. عايزة بابي .. عايزة بابي
أنهت كلماتها وهي تبكي بقوة وسط محاولات جلنار لتهدئتها التي انتهت جميعها بالفشل .. ولم تكن تدري أنه يقف خلف الباب يستمع لحديثهم وفور بكاء ابنته فتح الباب ودخل .
صابتها الدهشة للحظة بينما الصغيرة فتوقفت فورا عن البكاء وصاحت بفرحة وسط دموعها التي تملأ وجهها  
_ بابي ! 
اقترب منها بسرعة وجلس بجوارها ليحملها ويجلسها فوق فخذيه ثم يلثم شعرها بعدة قبلات دافئة ويمد يديه يمسح دموع عيناها من فوق وجنتيها الصغيرتين ويهمس بنبرة حانية  
_ متعيطيش ياروح بابي أنا جمبك أهو ولا يمكن اسيبك 
هنا بحماس وأمل طفولي  
_ بابي احنا هنرجع البيت  
أخذ نفسا عميقا ثم القى نظرة ذات معنى على جلنار وأجاب بجدية  
_هنرجع ياحبيبتي هنرجع !
ظلت جامدة تماما لم تبدي أي ردة فعل حتى قالت بالأخير بعد دقائق قصيرة توجه حديثها لصغيرتها  
_ روحي ياهنون ياحبيبتي اقعدي مع جدو تحت لغاية ما نيجي وراكي
تنهدت الصغيرة بعدم حيلة وهزت رأسها امتثالا لوالدتها ثم تطلعت لأبيها وقالت بلهجة تحذيرية  
_ بابي اوعى تمشى ! 
_ متقلقيش يابابا مش همشى 
نزلت من فوق قدميه وقادت قدماها الصغيرة للخارج حتى غادرت تماما .. ظل عدنان يتطلع بجلنار في صمت يتابعها وهي تتحاشى النظر إليه عمدا فقال بحنق  
_ اعتقد إن دلوقتي تقدر نتكلم بهدوء وإنتي كمان أكيد هديتي 
جلنار بصوت خاڤت دون أن تتطلع إليه  
_ أنا بلغتك بقراري إمبارح 
استقام واقفا ليقول بلهجة ساخطة  
_ وأنا قولتلك لما تهدي نتكلم 
وضعت عيناها بخاصته أخيرا لتقول بقوة وثبات متصنع  
_ هنتكلم في إيه ياعدنان .. كل حاجة منتهية من زمان أوي أنا بس اللي قررت أخوض حرب أنا مش عارفة إذا كنت هطلع منها خسرانة زي كل مرة ولا لا
عدنان باسما بنظرة مريرة كلها عتاب  
_ وطلعتي إيه .. خسرانة !!! 
ردت بعينان دامعة 
_ علاقتنا اللي خسړت .. صدقني احنا مش هينفع نكمل مع بعض ياعدنان .. أنا مش قادرة انسى وإنت مش هتقدر 
هاجت عواصفه من فرط الغيظ فصاح بها منفعلا  
_ مش هينفع ليه !! .. معقول عايزة تنهي كل حاجة بينا عشان مجرد كلام ملوش أي أساس من الصحة ومش صحيح 
لم تخشى ثورانه بل بالعكس استشاطت هي الأخرى لتصرخ به بعصبية وبكاء  
_ إنت لسا بتحبها ياعدنان ومش هتقدر تنساها .. ولو الزمن رجع بينا وخيروك بيني وبينها كنت هتختارها .. وأنا مش هقدر اكمل وأنا عارف إن لسا في مشاعر بقلبك ليها .. صدقني أنا تعبت ياعدنان من القلق والخۏف وعدم الاطمئنان .. عايزة اعيش حياتي في راحة بدون مشاكل توجع قلبي وترهقني نفسيا
_ والمشاكل ده مش هتخلص غير لما ننفصل صح ! .. مش هو ده اللي عايزاه .. جلنار أنا مش بحب غيرك فريدة انتهت ومعدش ليها وجود في حياتي وفي قلبي .. أنا بحبك إنتي .. والمشاكل دي كلها بسبب عدم ثقتك فيا إنك معندكيش استعداد تحاولي تثقي لذرة واحدة حتى 
جلنار بصوت باكي وهي تجفل نظرها أرضا  
_ الثقة صعب إنها ترجع بسهولة والثقة اللي بينا مهدومة من زمان 
سكن للحظات دون أن يتحدث حتى اقترب منها واختضن يديها برفق يهمس في رجاء بنبرته ونظرته  
_ نبدأ من أول وجديد وكل اللي اتهد نبنيه من تاني ياجلنار .. ارجوكي بلاش تعاقبيني العقاپ القاسې ده
_ أنا مش بعاقبك ياعدنان .. ده القرار الصح اللي المفروض كان يتاخد ويتنفذ من زمان
تطلع بها بتدقيق لبرهة من الوقت قبل أن يسألها بحدة وضيق  
_ المفروض أنا اللي أسألك إذا كنتي بتحبيني بجد ولا لا
سكتت ولم تجد ما تجيبه به إن أكدت سؤاله بنعم فحينها لن تتمكن من تحقيق رغبتها في الانفصال .. هي فاقدة الثقة به .. تقسم له أنها جاهدت ومازالت تجاهد في الوثوق به ولكن بكل مرة تأتي الظروف والمواقف وتعود بها لنقطة الصفر من جديد حتى أدركت أن لا فائدة من الاستمرار بتلك العلاقة حتى لو كان يغلفها الحب فانعدام الثقة سيؤدي بالنهاية إلى فقدان الحب !! .
تفادت النظر إليه وقالت بقسۏة مزيفة وبصوت ضعيف يخرج بصعوبة  
_ مش عارفة جايز كانت مشاعر زائفة سببها تغيرك معايا في الفترة الأخيرة .. جايز تكون مكنتش حب على قد ماكانت سعادة بلحظات بعيشها لأول مرة معاك
تنكر حقيقة حبها له .. لم تكن تعلم أن تلك الكلمات ستنطلق من فمها كالسهوم المسمۏمة لتستقر في يساره فتقتل ما تبقى منه حيا .. حيث بقى ساكنا دون حراك أو كلمة يطالعها مبتسما بعتاب وخزي .. قلبه ېنزف الډماء ألما .. يقسم لها أنه لم يعد يحتمل نفورها ورفضها الدائم له .. باتت تجرحه دون هوادة وبيوم وليلة تبدلت الأدوار ليصبح الظالم مظلوم والمظلوم ظالم .. ترفض عشقه وحبه المخلص والأبدي لأسباب تافهة ليست حقيقية .. تريد إرضاء غرورها على حساب عشقهم فقط لأن الماضي سيظل يلاحقهم !! .
أخذ نفسا عميقا وأخرجه زفيرا حارا من صميمه ليجيبها بصوت مبحوح وعينان لامعة بالألم يجاهد في البقاء ثابتا لآخر لحظة  
_ عايزك تعرفي حاجة واحدة بس قبل ما امشي .. مهما حصل ومهما هيحصل هفضل احبك .. هتفضلي
تم نسخ الرابط