رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وخمسون للستون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
اللحظة دي لأني مبقيش عندي طاقة صبر تاني بس كمان مش هضغط عليكي عشان تفكري كويس وبعدها تبلغيني بقرارك
دقيقة كاملة من الصمت مرت بينهم حتى خرج صوتها الخاڤت وهي تتحاشى النظر إليه خجلا
_ ولو رفضت هتسيبني تاني وترجع المانيا !
ضحك بصمت ثم هدر بنبرة اذابت ثلوج قلبها
_ تؤتؤ هفضل وراكي لغاية ما توافقي
بتمام الساعة العاشرة مساءا .........
سمعت أسمهان صوتا منبعثا من غرفة ابنها بالجوار .. انقبض قلبها ړعبا وهرولت خارجة من غرفتها شبه راكضة لتذهب له وتدخل غرفته .. وكما توقعت تماما كان يخرج ملابسه من الخزانة ويضعها في حقيبة سفر ضخمة ! .
_ آدم رايح فين .. متمشيش أنت كمان وتسيبني يابني ابوس إيدك
لم يبالي بتوسلها وأكمل اخراج ملابسه ووضعها في الحقيبة حتى وجدها تنتشل الملابس من يده تمنعه من متابعة ما يفعله صائحة پبكاء
_ مش هخليك تسيبني يا آدم .. أنا مقدرش اعيش من غيرك إنت وأخوك
_ قولتلك هيجي يوم وتخسرينا احنا الاتنين يا ماما .. يارب تكوني مبسوطة بأفعالك .. ومش عدنان بس اللي مبقيش موجود ده حتى أنا كمان مش موجود
تشبثت بقميصه تترجاه باكية بحړقة
_ أنا غلطت ومعترفة بغلطي وندمانة عليه والله .. بلاش تعاقبني إنت وعدنان العقاپ القاسې ده ابوس إيدك يابني
_ وقت العقاپ عدا من زمان أوي .. ده مش عقاپ يا أسمهان هانم ده ثمرة أفعالك اللي جه وقت إنك تحصديها وحدك
انهي عباراته واغلق غطاء حقيبته ثم انزلها من فوق الفراش ليحملها ويسير بها للخارج وهي تركض خلفه هادرة پبكاء
_ آدم عشان خاطري يابني متسبنيش .. طيب هتروح فين يا حبيبي .. آدم استني
_ طيب خليك جمبي واوعدك إني مش هكلمك خالص .. بس خليك جمبي ومعايا متسبينيش وحدي يا آدم .. ومن هنا ورايح مش هعمل أي حاجة تضايقك إنت وأخوك واللي هتطلبوه مني هنفذه فورا
شعر بغصة مريرة في حلقه وأن عيناه على وشك ذرف الدموع لكنه دعس على قلبه وعطفه ليبعد يدها عنه ببطء ويسرع للدرج كأنه يهرب من كل شيء وليس منها فقط .. وصل لباب المنزل وغادر وهو يسمع صوت نحيبها وصړاخها عليه وهي تبكي وتصرخ بصوت ملأ أركان القصر بأكمله !!! ......
ساعات طويلة قضتها بغرفتها وهي بانتظاره .. تعلق عيناها على ساعة الحائط تتابع تقدم عقرب الساعة والدقائق .. حتى تخطت الساعة الثالثة فجرا وهو لم يعد حتى الآن .. رغم محاولاتها الكثيرة للاتصال به ولكنه لا يجيب ! ....
غلت الډماء في عروقها والوساوس الشيطانية تنهش عقلها نهش أنه قد يكون بالفعل معها لكنها تعود في محاولة للإجابة بمنطقية على تلك الوساوس السخيفة أنه من المستحيل أن يحدث شيء كهذا ..
يبدو أن تتوهم من دون داعي بالفعل كما أخبرتها الخالة انتصار !! .
لكن أكثر ما يثير چنونها هو تجاهله لاتصالتها وتأخره عن المنزل لهذا الوقت .. لتستمر في طرح الأسئلة الطبيعية على ذهنها أين هو ! .......
طغى عليها النوم فلم تتمكن من الصمود أكثر حيث نهضت من مقعدها واقتربت من الفراش لتفرد جسدها فوقه وتسحب الغطاء عليها .. أغلقت عيناها وكانت على وشك الخلود للنوم لكن صك سمعها صوت الباب وهو ينفتح .. سكنت مكانها دون حركة أو صوت .. وهي تتابع بأذنها أثر خطواته في الغرفة حتى شعرت به يتسطح بجانبها على الفراش دون أن يقترب منها نهائي وأنفاسه الساخنة والقوية تستطيع سماعها .. تصرفت كأنها نائمة ولم تلتفت وتسأله حتى مر ما يقارب النصف ساعة وهو لم يتحرك انشا واحدا منذ أن وضع جسده فوق الفراش .. فضيقت عيناها باستغراب والتفتت أخيرا برأسها له لتجده نائم بسكون وانفاسه القوية أصبحت منتظمة وهادئة ! .
لا تتمكن من إيقاف ذلك الصوت الملح الذي لا يتوقف عن محاولة إثبات حقيقة شكوكها في داخل كل فعل يفعله .. ذلك الماضي الكئيب لا يفارقها ويعكر عليهم صفو حياتهم ! ...
تنهدت الصعداء بخنق وعادت لنومتها الطبيعية متأففة من كثرة التفكير .
فتحت عيناها بصباح اليوم التالي بعدما تسلل لعيناها ضوء النهار من النافذة .. فاعتدلت في نومتها وهبت جالسة وهي تفرك عيناها لتزيح أثر النوم عنهم .. لتجد باب الحمام ينفتح ويخرج هو منه بعدما أخذ حمامه الصباحي .. تابعته بنظراتها في صمت حتى رأته يقترب منها وينحنى عليها لاثما شعرها بحنو ويتمتم
_ صباح الخير يارمانة
اكتفت بابتسامة خاڤتة كنبرتها تماما وهي تجيبه
_ صباح النور
ثم استقامت واقفة واتجهت للحمام وبعد دقائق قصيرة خرجت فتقدمت منه وسألته بنبرة عادية
_ خارج دلوقتي
أجابها بالنفي
_ لا لسا شوية
_ طيب أنا هروح أحضر الفطار واصحي هنا عشان متتأخرش على الحضانة
هز رأسه بالموافقة وأثناء مرورها من جانبه مال عليه وطبع قبلة سريعة ودافئة فوق رأسها .. فابتسمت له برقة واكملت طريقها لخارج الغرفة ........
انتظرت فوزية رحيل مهرة وفور مغادرتها مدت يدها تلتقط هاتفها الخلوي الموضوع فوق المنضدة المجاورة لها .. وراحت تبحث في قائمة الأسماء على رقم واسم بعينه حتى عثرت عليه بالأخير ....
أخذت نفسا عميقا قبل أن تضغط على زر اتصال وترفع الهاتف لأذنها منتظرة الرد .. وبعد عدة رنات أتاها صوته وهو يجيب بغلظة
_ الو
فوزية بثبات قوي
_ رقم آدم الشافعي مش كدا
ضيق آدم عيناه واردف بإيجاب
_ أيوة أنا .. مين معايا !
تمهيدا طويلة أخذتها قبل أن تجيبه بحزم
_ أنا فوزية جدة مهرة
بمنزل عدنان الشافعي ......
كانت جلنار تجلس على الأريكة بعدما سمعت مكالمته الهاتفية المريبة .. لم تفهم منها شيء لكن حدثها أخبرها بأن هناك شيء يجب عليها معرفته ولن تهدأ إلا عندما تكتشفه بنفسه .
انتظرته حتى انتهى من ارتداء ملابسه وفور مغادرته من باب المنزل استقامت واقفة واسرعت لترتدي حذائها وتغادر خلفه وما سهل عليها الأمر أن ابنتها قد رحلت على دوامها اليومي منذ أكثر من نصف ساعة .
استقلت بسيارتها فور انصراف سيارته عن المنزل ولحقت به تتبعه في ذكاء دون أن يلاحظها ...
وبعد دقائق طويلة من القيادة توقف أخيرا بالسيارة أمام إحدى البنايات الضخمة ونزل من سيارته ثم قاد خطواته السريعة لداخل البناية .
رفعت نظرها من داخل السيارة تتفحص البناية بعيناها ولم تتردد للحظة حيث نزلت ولحقت به للداخل .. صعدت درجات السلم تتبع أثر خطواته دون أن يراها
متابعة القراءة