رواية هبة الفصول من 8-11
المحتويات
ومازالت عينيها تلتهمها بنظرات العتاب واللوم الذي يرهقها فوق ما تعانيه من آلالام جسدية ونفسية جارفة جلست جانبها بصمت قاطعته رحمه بصوتها المتوجس أنت كنت نايمه جنب الباب بهدومك!
ابتلعت هبه غصة الألم التي انحدرت لتقعد لسانها وحاولت إخراج حروفها ولكنها عجزت فهمست بتعب رحمه ممكن تسيبيني دلوقت!
اعتدلت رحمه بجلستها لتقابل تهرب شقيقتها الكبرى ونظراتها الحزينة التي تفهمتها جيدا وهتفت بإصرار لا مش هسيبك وضعك بقى ميتسكتش عليه بقيتي نسياني ولا كأني موجوده تقبلت كل حاجه وقولت متضغطيش عليها بس عجبك شكلك دا! لبسك اللي نمتي بيه والنقاب اللي ممكن كنتي ټموتي
أشاحت بوجهها عنها وابتسمت بسخرية أتخبرها انها لا تعرف كيف نامت بل بالأصح غابت عن الوعي! أم تخبرها عن تلك القبضة ابتي تعتصر فؤادها! أم عن حطامها ليلة أمس للمرة الثانية على التوالي على يد من أحبت!
نصبت عودها وسارت خلفه بعدما طبعت قبلة سعيدة فوق رأس والدتها دلفت الغرفة بمرح وابتسامتها تتسع مع لمعة عينيها وهتفت وهي تجلس أمام والدها يا نعم يا حاج بلال
ابتسمت ورده بسعادة فور نطق والدها بذلك وغمزته بمكر وغمغمت بمرح جوزني بس ومتحملش هم بنتك قدها
صفعها بلال بخفة على وجنتيها وهتف بحسرة والله ما شوفتي خمس دقايق تربية
مطت ورده شفتيها بغيظ وقبلت عينيها بملل وتمتمت يا حاج جوزني بس ونتفاهم في اتربيت ولا لا دي بعدين
أعطاها والدة نظرة أخرستها وجعلتها تبلع ريقها وخفضت رأسها بخنوع وهتفت أحلى مسا عليك يا كبير اتفضل
كاد أن يضحك من تبدل حالها ومرحها الدائم رغم علمه بخۏفها على زوجها ولكنه ربت على شعرها بحنان وهتف مبسوطه معاه!
رفعت رأسها ببطء وابتسمت بصفاء وهمست بنبرة تتلونها السعادة والرضا عمري ما كنت راضيه ومبسوطه قد دلوقت يا بابا عارفه إننا مش بناخد كل حاجه مره واحده وإن ربنا بيختار لينا الخير وراضيه بتعبه وكمان واثقه من شفاؤه لأن ربنا عمره ما رد دعوتي براء كان خيال مش مجرد حلم بحلمه ولما عيشت الخيال دا شوفت الدنيا بتوضي زي طفل فضل طول عمره بيشوف العالم
من ورا نضارته بس لما ربنا أنعم عليه وعمل عمليه شافها بألوانها الأساسية مش الباهته ولا الضبابيه أنا راضيه
انحنى والدها طابعا قبلة متأثرة وفخورة فوق رأس طفلته وهتف بحزم وبوادر بكاء روحي لجوزك ومتفرقهوش يا ورد الدار ورحيقه الغالي
ضحكت مع ترقرق الدموع بعينيها السوداء وابتهجت لهذا اللقب الذي أسكنه والدها بقلبه لأعوام أمدية لها وغمغمت بحب شكرا لأنك صاحبي قبل أبويا
نهضت ډافنة رأسها بصدره ويديها الصغيرتين تتمسكان بقوة بقميصه من الخلف وسط دموعها الشاكرة والراضية وهمست بخفوت شكرا
انتهت جلسة رحمه مع الطبيب بسلام وتم حل جبيرتها جلست أيضا جانب شقيقتها وأبعدت نظراتها عنه طوال الطريق كاد يصيبهم بحوادث شنيعة بسبب تبلدها وجمودها معه قاسېة هي حواء بڠضبها وعتابها أوقف السيارة أمام أحد المطاعم الفاخرة وحول نظره لها ليجدها تنظر من نافذتها بهدوء قبض على المقود پغضب حتى أبيضت سلمياته وهتف باستفزاز هنتغدى هنا
خرجت عن صمتها وبرودها ولكن لم ترمش بعينيها وهتفت بثبات لا
ترك المقود ودار بجسده ليواجه جمودها المفرط وڠضبها الزائد وهتف بحدة لا لي! البنت مخرجتش بقالها كتير والنهارده فكت الجبس وفرصه تتفسح شوي
لفت رأسها كإنسان آلي ورمقته بنظرة فارغة وهتفت بحزم متقررش حاجه نيابة عني رحمه دي أختي أنا اللي أقول المناسب ليها واللي مش مناسب حضرتك مجرد واحد كان بيعطف علينا والحمد لله مش مضطر أكتر من كدا لأنها زي ما قولت من شوي فكت الجبس
هز رأسه بعدم استيعاب وابتسم بسخرية لحديثها الصاډم له وهتف بتعجب قصدك إيه!
ابتسمت ببرود وسلطت نظراتها عليه وهتفت بتأكيد ونبرة غير حاملة للنقاش يعني شكرا دور حضرتك لحد كدا خلص وفرصه سعيده واتشرفت بمعرفتك هنرجع بيتنا في الحارة وبالنسبة لطلاقي هقدر أخد حقي بنفسي وارجع وأقولك شكرا!! دي النهاية يا ثائر.....
لم يتفوه جوفه غير بعدة أحرف متعلثمة وبطيئة كبطء أنفاسه الن ه اا.... يه!!!!
الفصل العاشر
يتسرب ببطء كفيروس لعين ونحن غافلون عن تواجده ومن ثم يتمكن فتظهر أعراضه الحتمية التي من المحتمل أن تكون بداية جديدة لنا أو نهاية مأساوية.....
بالسابعة أخبرتني أمي بأن القلوب هي عدوة الأشخاص وأن سلطانها المغري هو الوحيد القادر على تحطيم كافة الأمنيات والتطلعات وأيضا وقتها كنت طفلة فلم يستوعب عقلي الصغير الباطن من حديثها الحقيقي ولكن الآن تلك الطفلة كبرت حتى نضج عقلها بطريقة باتت تؤذيها داخليا ورغم ذلك هناك في الخلفية صوت خطواتها المتراقصة يصدح بالأجواء فرحا بوقوعها الجديد بالعشق ابتهج قلبها لهذا الحب الجديد عليها تناست عيوبها وما ينقصها ورمت قلبها بالهاوية ولم تحسب العواقب.....
تسللت البرودة إليها وتبعها قطرات المطر الباردة التي شهقت على آثرها وأغلقت النافذة پعنف تزامنا مع ارتفاع وتيرة أنفاسها المتهدجة وارتجاف جسدها أسفل ذلك الوشاح الثقيل لم تنفلت قدميها عن الحركة أكثر ووقفت بشرود وضياع تراقب حركة الأمطار والرياح العاتية لازالت تتذكر أنها كانت تهاب صوت الرعد وبرق السماء الخاڤت كلاهما يبعثان الخۏف القارص لقلبها البارد ولكن ماذا عن اليوم! أين خۏفها! هل فقدا هيبتهم بتخويفها أم أنها هي من فقدت شعورها بالخۏف أيضا!! دمعة وحيدة فرت من عينيها ببطء تتوارى من ضعفها القادم مازالت نظراته الضائعة والمتلهفة تلوح بعقلها لم تخطئ هو رجلا كامل الأوصاف لما سينظر لها! كيف سيتعامل مع خۏفها الغامض له حتى الآن! خيبة الأمل التي تسربت لمعالم وجهه المحبب لقلبها أصابتها بوخزة قوية بصدرها ولم تتحمل أكثر من ذلك ففرت هاربة بدموعها أسفل نقابها التي هي ممتنة له خد النخاع خبأت نفسها عنه طيلة اليوم وعندما عادا للبيت لم تنتظره بل سارعت بالتخفي عن عيناه الكاشفتين لها ولكل ارتجافه من جسدها الهزيل.....
_ أوقات كتير قلوبنا بتكون غافله عن إنها تشوف الحب وبتترجمه حسب شعورها
كانت هذه الكلمات البسيطة من شقيقتها الصغرى رحمه التي باتت تثبت لها نضجها الكبير وعقلها واسع المدى...
ضمت جسدها بقوة والتفتت لها بهدوء ونظرات الحزن المتأرجحة بعينيها تنبثق كشعاع الضوء وسط ظلمة الليل الحالك
_وأوقات كتير بيكون شعور قلوبنا دا صح ودا سبب بعدنا عنهم ويمكن لخوفنا منهم!
اقتربت رحمه منها وربتت فوق كتفيها بحب وابتسامة عذبة علت ثغرها وهمست
_ قلبك مش هيقدر يبعد عن ثائر حتى لو فات العمر كله عمرك ما هتقدري تتخلصي من حبه أنا شوفتك وأنت بتوصفي شعورك ب فاضل وشوفتك وأنت بتمجدي ب بعشقك وحبك ل ثائر
خفضت هبه نظراتها المټألمة للأسفل ولكنها لم تكبح زمام بكائها الشديد ومرارة شعورها الكامن بفؤادها النازف وتعلثمت
_ أنا... أنا خاېفه من... خاېفه من ضعفي وتجربتي.. هو ميستحقش دا... هو كامل
لم تختف نظرة رحمه الباسمة وإنما زادت اتساع وهتفت بتروي
_ بيقولوا الخۏف أساس نجاح كل شيء بس مقالوش إن التغلب على الخۏف دا هو التفوق والنجاح نفسه خۏفك كان من تجربة سابقة ليك أنا وأنت عارفين معالمها كويس محدش فينا كامل لا أنت ولا أنا ولا حتى ثائر الكمال لله واحده ولنبيه محمد بس كلنا جوانا عزة وافتخار بنفوسنا مش هسمحلك تمحي شخصيتك بسبب بني آدم مريض كان مجرد فترة عابرة من حياتك وعلى أساس الفترة دي تلغي عقلك وتفضلي معميه عن قلوب اللي حواليكي...
لن تنكر دهشتها بل صډمتها بتلك الصغيرة شقيقتها ومدى احتوائها وتفهمها لما تعانيه وكأنها عجوزة شاب شعرها وختم الزمن على ملامحها وليست فتاة بالعاشرة من عمرها!!
رفعت كفيها لتحتضن وجه رحمه البشوش وهمست بشرود
_ بس أنا سألته واتهرب زيي مجاوبنيش قالي معرفش!! كنت وقتها مستنيه كلمه منه!! كنت محتاجة ولو كلمة تطمني وتهدي قلبي وشعور الذنب اللي بينشب في روحي عشانه أنا مش أنانيه صح!
جعدت رحمه ملامحها بتعجب واستنكار من شقيقتها الكبري المفترض أنها ناضجة كفاية ولكنها تشعر بأنها طفلة بمهدها ليس أكثر جذبتها من يديها للفراش ودثرتها جيدا به وصعدت جوارها وتمددت ثم أردفت بهدوء
_ أنت غلط متتعجبيش أنت فعلا غلطتي في مليون سبب يمنعوا ثائر إنه حتى لو بيكن ليك مشاعر يتشجع ويعترف ليكي أنا مش صغيرة يا هبه وفاهمه كل حاجه أبسط الأسباب دي إنك لسه على ذمة راجل تاني! تقدري تقوليلي ثائر بشخصيته الواضحة وهدوؤه ووقاره وشهامته هيستغلك ويستغل الظروف والوقت الراهن! من يوم ما شوفناه عمره جه على واحده فينا! دا سبب بسيط يخليه حتى لو بيدوب فيكي ميعترفش ويحتفظ بيه لنفسه لوقت طلاقك ولما تكوني
متابعة القراءة