رواية جديدة جامدة الفصول من الواحد وعشرون للثالث وعشرون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
غير هدى و قلبه يكاد ينخلع من شدة الخۏف عليها...فربما رآها أحد قطاع الطرق و فعل بها ما لا يحمد عقباه و تركها چثة هامدة.
أخذ يركض و هو يلهث من شدة الركض و القلق فى آن واحد و الأفكار السيئة تكاد تفتك به و عشرات السيناريوهات الدرامية تتردد على عقله لقد خرج تفكيره عن السيطرة و أصبح يهيم على وجهه فى الشوارع و الطرقات كالمچنون.
اتصل بها مرارا و تكرار و لكنها لا تجيبه...أخذ يتوسل إلى الهاتف و كأنه يتوسل إليها لكى تجيبه و لكن بلا جدوى.
كانت تنظر لإسمه الذى يضيئ شاشة هاتفها بحسرة بالغة و حزن خالص و الدموع تنهمر من مآقيها و هى تكتم شهقاتها بصعوبة...اتصل بها عشرات المرات و لكن بما ستجيبه....بعد ساعة كاملة من المكالمات الفائتة المتواصلة و بعدما يئس من أن ترد عليه...أرسلت له رسالة مكتوب بها
ما إن وصله إشعارا برسالتها حتى فتحها بلهفة كالمچنون و عندما قرأها خارت قواه و نفذت طاقته على الصمود و خر ساقطا على الفراش و الدموع تتلألأ بعينيه....ألهذا الحد كان ظالما...ألهذا الحد كان قاسېا معها...ألم يكن منصفا فيما فعله لأجلها...ألم تشعر بكل هذا القدر من العشق الذى يكنه لها..ألم تضع فى اعتبارها خوفه و قلقه عليها...لم يعد يدرى أهى على صواب ام مخطئة...حقا لقد أصابته فعلتها بالثمالة و التيه حتى أوشك أن يفقد عقله و صوابه.
بينما هى تنظر للهاتف الذى قد أغرقته عبراتها الساخنة و هى تقول بقلب مفطور
الفصل الثالث و العشرون
عند تمام السادسة صباحا كانت أثير تنزل من عربة القطار المكيفة الذى وصل لتوه إلى محطة رمسيس بالقاهرة و كان زايد فى انتظارها.
بمجرد أن نزلت حمل عنها حقيبة السفر و وقفا على جانب الرصيف يتحدثان فبدأت أثير قائلة بامتنان
متقوليش كدا يا أثير مفيش شكر بين الاخوات... أنا كان نفسى يكون عندك ثقة ف نفسك و ف حب يزيد ليكى... بس أنا هعتبر ان فترة بعدك دى هتبقى فترة مؤقتة و هترجعى تنورى حياته تانى.
أطرقت رأسها بحزن دفين ثم نظرت له بابتسامة مقتضبة و هى تقول
مټخافيش... العربية ف الحفظ و الصون... أنا مأجرلها جراچ من الليلة إياها و المفاتيح معايا.
طاب ممكن تودينى الجراچ دا علشان أخدها.
أكيد طبعا... تعالى نطلع بس من المحطة و ناخد تاكسى للجراچ.
سارت معه باستسلام و استقلا سيارة أجرة إلى الجراچ المقصود و انتظرا قليلا إلى أن قام أحد عمال الجراچ بتنظيفها ثم استقلا السيارة معا و انطلقت بها أثير باتجاه سكن زايد الجامعى.
أثناء قيادتها للسيارة قال لها زايد برجاء
أثير بالله عليكى عرفينى انتى هتروحى فين و لا هتعيشى ازاى... مينفعش تختفى عننا بالطريقة دى... انتى مالكيش حد غيرنا.
اجابته بوجوم و نظرها مسلط على الطريق
متشغلش بالك بيا يا زايد... أنا ليا معارف و أصحاب كتير بحكم إدارتى ف الشركة و الحمد لله معايا فلوس تكفينى و تفيض كمان و أهى العربية معايا هتسهل ليا حاجات كتير...و فوق دا كله معايا ربنا الذى لا يغفل و لا ينام.
هز رأسه بيأس من رأسها اليابس و استرسل بمزيد من الرجاء
طاب علشان خاطرى عرفينى عنوانك و أنا أوعدك إنى مش هعرف يزيد.
مش هتقدر عليه... انت هتعترفله من أول قلم... و بعدين يا سيدى الموبايل بينا تقدر تتصل بيا ف أى وقت و أنا لو احتاجت أى حاجة هتصل بيك أكيد.
يعنى الموبايل بقى وسيلة الاتصال الوحيدة بيكى دلوقتى!
أى نعم..
طيب يا أثير اللى يريحك... و لو إنى هفضل قلقان عليكي لحد ما ترجعى ليزيد.
متقلقش يا زايد... صدقنى كدا أحسن لينا كلنا.
طاب يا ريت تخلى موبايلك معاكى علطول و مفتوح دايما.. علشان مقلقش عليكى.
أجابته بابتسامة ممتنة
حاضر... انت طيب أوى يا زايد.. يا بخت اللى هتتجوزك.
تنهد بۏجع و شرد قليلا فى ليلاه فلاحظته أثير و علمت أنه لا بد و أنه قد إنكوى بنيران الهوى و أن الأمور لا تسير معه على ما يرام و لكن ليس لديها وقتا لكى تتحدث معه بهذا الشأن.
بعد وهلة من الصمت قطعه بقوله
أنا أول ما هوصل السكن هتصل ب يزيد و هحكيله كل حاجة علشان أطمنه عليكى.
أوكى مفيش مشكلة... بس يا ريت تقوله ميتعبش نفسه و يدور عليا لأنه مش هيلاقينى.. و قوله يكمل حياته و ينسانى و لو لينا نصيب نتقابل تانى أكيد هنتقابل... بس امتى الله أعلم.
أنا مش مصدق ان حكايتكم تنتهى بالشكل المؤلم دا يا أثير.
امتلأت عينيها بعبرات الأسى و أجابته بذهن شارد و صوت متحشرج
أكيد مش أول و لا آخر حكاية تنتهى كدا.... علاقتنا
من الأول محكوم عليها بالفشل.
انكمشت ملامح زايد بحزن و سكت و لم يعقب و سيطر عليهما الصمت إلى أن أوصلته سكنه و تركته و انصرفت إلى حيث لا تعلم بعد...
بمجرد أن دخل سكنه التقط هاتفه من جيب بنطاله و اتصل سريعا بيزيد و كانت الساعة حينها قد قاربت على الثامنة صباحا...
أما يزيد لم ينم ليلته من فرط القلق عليها من ناحية و من شدة الألم الناجم عن الچرح الغائر الذى خلفته بقلبه عند هروبها منه من ناحية أخرى و هو الذى ظن أنه حاميها و أول من تلجأ إليه أفى نهاية المطاف تهرب من ملاذها و سكناها!
ظل مستيقظا طوال الليل يفكر بمعذبته إلى أن غلبه النوم عندما بزغ أول شعاع من الشمس لم يكد ينم ساعتين حتى استيقظ على رنين هاتفه المزعج فتح عينيه الحمراوتين من شدة التعب بصعوبة و نظر فى شاشة الهاتف فرأى اسم شقيقه زايد لوهلة فكر بألا يجيبه فليس لديه طاقة على محاورة أى شخص كان و لكن انتفض قلبه من مخضعه عندما صور له عقله أنه ربما يعلم شيئا عن أثير ففتح الخط بلهفة مجيبا بصوت متحشرج من أثر النعاس
ألو..زايد..انت شوفت أثير!
تعجب زايد لصدق حدسه و أجابه بتوجس
أيوة يا يزيد...هى بخير متقلقش عليها.
انتفض من جلسته بانفعال و هو يصيح به
شوفتها
متابعة القراءة