رواية جديدة جامدة الفصول من الواحد وعشرون للثالث وعشرون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
هذا الوضع عدة دقائق إلى أن توقفت فجأة عن البكاء و نهضت من مكانها و كفكفت عبراتها و استعادت رباطة جأشها و أقرت فى نفسها شيئا كان و لا بد من تنفيذه و عدم الإنسياق خلف تيار عشقه الذى أعماها عن تلك الحقيقة.
بعدما انتهى من جلسته مع شقيقه و اتفق معه على تنفيذ اوامره طبقا لعاداتهم و أعرافهم استأذن منه ليدخل إليها الغرفة لكى يشرح لها الوضع فأذن له بذلك.
اقترب منها بحذر متسائلا باستغراب
مالك يا أثير...قاعدة كدا شكلك متغير و مش على بعضك.
قامت من جلستها و وقفت قبالته و راحت تتأمل ملامحه بتدقيق غريب بدءا من شعره الناعم الطويل و عينيه العسليتين ذوات السحر الخاطف وجهه المستدير وجنتيه المتخضبتان بححمرة مختلطة ببشرته القمحية و بقية ملامحه التى تظهره بوسامة صاړخة نزلت بعينيها لمنكبيه العريضين و بنيانه المتناسق كتلة من الرجولة الخالصة بكل ما تحمل الكلمة من معنى فالجمال قد تجسد فيه و الحسن يزيد منه و يفيض فكان له من إسمه نصيب.
مالك يا أثير...بتبصيلى من فوق لتحت كدا كأنك بتعمليلى معاينة!
حانت منها ابتسامة جانبية ساخرة ثم قلبت ملامحها للجدية قائلة بارتباك
يزيد...أنا..من ساعة ما جيت و شوفت الدنيا هنا و الناس و كلام عيلتك و كل حاجة بتقولى إنى...إنى مش هينفع نكمل مع بعض.
انتى أكيد بتهزرى...انتى حكمتى على عيشتنا من كام ساعة بس نصهم كنتى نايمة فيهم!
أجابته بحدة و اندفاع
يزيد أنا من الأول و أنا عارفة إن احنا صعب او يمكن مستحيل نكمل مع بعض بس قولت أدى علاقتنا فرصة بس بعد ما شوفت العيشة و النظام هنا اتأكدت إن فعلا جوازنا مشروع فاشل..فياريت من البداية كدا و احنا لسة على البر ننفصل.
اجابته بصدق و إصرار
أيوة ننفصل...و أرجوك بلاش تجادل معايا كتير فى الموضوع دا.
تنهد بعمق و قبض على كتفيها برفق و هو يقول لها برقة و حنان
مالك بس يا أثير...فى حاجة حصلت!...حد قالك حاجة أو سمعك كلام ضايقك!..قوليلى بس و أنا هتصرف مع اللى يزعلك.
نظرت له و الدموع تهتز بعينيها تنتظر السماح لها بالنزول و لكنها زجرتها و احتجزتها على طرف جفنيها و تظاهرت بالثبات و القوة و قالت
انتى بتحلمى يا أثير...
قالها بملامح قاسېة و هو ينفض كفيه عن ذراعيها پعنف.
صړخت به بانفعال بالغ
يعنى إيه بحلم...هو احتكار!!
سميها زى ما تسميها...انتى مراتى و مش هسيبك برضاكى او ڠصب عنك...فاهمة!!..و دا آخر كلام عندى..
تركها و سار باتجاه باب الغرفة ثم رجع خطوتين للخلف و قال بجدية و صرامة
اه على فكرة أنا اتفقت مع أخويا زيدان إن فرحنا الأجازة الجاية..يعنى بعد ٢٢ يوم بالظبط...و طول الفترة دى انتى هتقعدى هنا و أنا هشوف شغلى فى القاهرة...مش هينفع ترجعى معايا و نقعد فى شقة لوحدنا بعد ما الكل عرف إن جوازنا كتب كتاب بس من غير دخلة...اعذريني هو دا عرفنا و دى عوايدنا....
انتهى من سرد قراراته و غادر بوجه متجهم دون أن يزد حرفا واحدا أو حتى يبدى تعاطفا معها...فهى من بدأت بالشد و الجذب و لن يتهاون معها بعد ذلك.
هوت بجسدها على حافة الفراش بملامح مصډومة و ما إن استفاقت من صډمتها حتى بدأت تحدث نفسها بتيه
يعنى إيه!..انتى هتستنى لما تبقى مراته رسمى و تدخلى فى مهاترات مع اللى اسمها سمر دى و مش بعيد توقعاتها تبقى صح و يحبها هى و يسيبنى...لا أنا مش هستنى لما أشوف الذل و المهانة على ايديهم هما الاتنين...لا يا أثير...انتى لازم تشوفى حل بسرعة
عاد يزيد لغرفة شقيقه زايد للإقامة بها لحين عودته لعمله بالقاهرة طبقا لإتفاقه المبرم مع شقيقه الكبير.
ألقى بجسده على الفراش و هو يزفر پعنف من عناد حبيبته العصية متى ستفهم أنه لا يحق العيش له بدونها فقلبه ينبض بحبها يتنفس أثيرها يدمن ملامحها البريئة و يعشق تفصيلاتها المريحة لا يتخيل حياته بدونها و لا يحلو العيش إلا بها و لا يحب المزاح إلا معها...أبعد كل هذا و يتركها...يا لها من حمقاء لا تفقه عشق الرجال..فإنه راسخ كالجبال...فإن أحب الرجل أحب بسخاء.
ظل ممددا بالفراش يفكر ترى ما الذى جعلها تعدل عن قرارها بالإستمرار...ترى قد أذتها سمر بالكلام!..أم أن قرارها الجديد نابع من صميم قلبها...استمر على هذا الحال من الشرود و كثرة التفكير إلى أن غط فى النوم دون أن يشعر من فرط الإرهاق.
مر اليوم بسلام إلا أن أثير كانت طيلة الوجه حزينة الملامح قليلة الحركة و قلما كانت تشاركهم الحديث كذلك الحال مع يزيد فقد قصد أن يبدى لها كم الڠضب الذى يحويه منها عقاپا لها على ما تفوهت به من هراء.
عند التاسعة مساءا عادت سمر إلى منزلها و هى فى قمة نشوتها و لذتها بالإنتصار فى أول لقاء مع غريمتها و ما زادها انتشاءا حالة الصمت و الوجوم التى انتابت كل من يزيد و أثير فقد أدركت حينها أن خطتها الشيطانية قد واتت ثمارها بجدارة و كما رغبت.
عند العاشرة خلد الجميع إلى النوم و التزم يزيد غرفة شقيقه و التزمت أثير غرفة يزيد.
عند منتصف الليل قلق يزيد من نومه فقد اعتاد على استلقائها بجواره بنفس الفراش و بعد نصف ساعة من صراع ضارى بين عقله و قلبه نهض من فراشه قاصدا غرفته لكى يطمئن عليها و يكأنه أبوها و هى طفلته المدللة.
فتح باب الغرفة بخفة و هدوء و لكنه صعق و هوى قلبه فى قدميه عندما وجد الفراش فارغا و مرتبا و حقيبة الملابس ليست بمكانها كما تركها.
ولج إلى الداخل بوجل و قام بفتح خزانة الملابس و لكنه لم يجد بها أى ملابس أو أغراض تخصها الأمر الذى جعل قلبه يرتجف ړعبا عليها فهى لا تفقه أى شيئ أو تعرف أى شخص سواه فى هذه البلدة.
أخذ يضرب الخزانة بقبضة يده پغضب جامح و هو يصيح
ليييييه!!.. ليه يا أثير تعملى فيا كدا!!..لييييه.
ركض سريعا إلى خارج المنزل فربما خرجت للتو و لا زالت قريبة من محيط المنزل...أخذ يبحث عنها هنا و هناك على
متابعة القراءة