رواية جديدة جامدة الفصول من الواحد وعشرون للثالث وعشرون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

الفصل الواحد و العشرون 
بعدما أنهى يزيد و أثير إجراءات التوكيل للمحامى أخذها و استقل سيارة أجرة متجها إلى مبنى إدارة البحث الجنائى و توجه مباشرة إلى مكتب مديره العميد بهجت. 
ما إن علم بهجت بوحوده حتى أمر بإدخاله له سريعا فدخل يزيد و هو يقبض على كف أثير بتملك و كأن شخصا ما سيخطفها منه دلفا بثبات ظاهرى تحت نظرات بهجت المتعجبة من حالتهما و التى تبدو للناظر إليهما أنهما عاشقان. 

رحب بهما بجمود نظرا لغضبه الشديد من هروبه و جلس كل منهم بمقعده. 
أدار يزيد دفة الحديث قائلا باعتذار 
سيادة العميد أنا متأسف جدا على الموقف البايخ اللى حطيت حضرتك فيه... بس اعذرنى أنا كنت خاېف على أثير من السچن خاصة انها بريئة زى ما حضرتك عارف. 
رمقه بتمعن فى حالة من الصمت التام الذى أثار قلقه و ريبته إلى أن نطق أخيرا بغموض 
و تخاف عليها بصفتك إيه! 
توترت أوداجه و ازدرى لعابه بصعوبة مجيبا بتوتر 
احم.. بصفتى إنى بحبها و ماكنش عندى استعداد تتبهدل فى السچن و التحقيقات.. و كمان.. اتجوزنا. 
رمقه بنصف ابتسامة قائلا بسخرية 
انت غبى يا يزيد... انت عارف إن عندنا علم ببراءة أثير و التحقيق معاها كان هيكون مجرد إجراءات روتينية لإثبات برائتها خاصة إن التسجيلات متوثق فيها برائتها.. بس انت اللى متهور و متسرع. 
نهض بهجت من مقعده و احتدت نبرته بصياح 
انا كنت ناويلك على نية سودا... بس الحاجة الوحيدة اللى هتشفعلك عندى هى نجاح المهمة بامتياز و بدون أى خساير مادية أو بشړية.... أنا هعتبر فترة هروبك دى غياب و هعملك مذكرة تغيب و خصم من مرتبك بدل مذكرة الفصل اللى كنت ناويلك عليها. 
نهض من مقعده و طالعه بابتسامة ممتنة قائلا 
أنا متشكر جدا لحضرتك يافندم... جميل سيادتك هيفصل على راسى و مش هنساه أبدا. 
رد عليه بجدية 
طاب اتفضل يا بيه خود الانسة أثير و خليها تسلم نفسها فى النيابة و أنا هوصيهم يخلصوا إجراءات إخلاء سبيلها بسرعة علشان متضطرش تبات هناك. 
و هديك تلت أيام بس أجازة تظبط فيهم أمورك و ترجع تستلم شغلك ف الإدارة. 
اتسعت ابتسامته و أومأ بامتنان فهو قد فقد أمله فى عودته لعمله و توقع الفصل النهائى و انتهاء مشواره الشرطى و لكن العميد خالف توقعاته الأمر الذى كاد يفقده عقله من فرط السعادة.
غادر يزيد و أثير مبنى الإدارة و هما فى قمة الغبطة و السرور و استقلا سيارة أجرة متجهين لسرايا النيابة.
فى طريقهما فى السيارة قبض على كفيها بحب بالغ قائلا بهمس
إنتى فيكى حاجة لله...كل يوم بيعدى بيثبتلى إن انتى رزق جميل أوى من ربنا...أنا مش مصدق اللى حصل دلوقتى..وشك حلو عليا يا قمرى.
ردت عليه بابتسامة خجلى و قالت برقة
المفروض أنا اللى أقول الكلام دا...مش عارفة من غيرك كنت هعمل ايه او كان جرالى إيه!
ضمھا إليه قليلا من كتفها و أجابها بجدية
احنا اتكتبنا لبعض..أنا منفعش أكمل من غيرك و انتى مينفعش تكملى من غيرى....يعنى احنا الاتنين ب..
قاطعته بابتسامة عاشقة
بنكمل بعض.
ابتسم على فهمها له و قرع قلبه بشدة فى صدره من فرط العشق يود لو يأخذها بين أحضانه الآن و يدخلها بين ضلوعه و لكن المكان ليس مناسبا...يشعر أنه لا ينقصه شيئا و أنه بالخروج من محنتها بهذه السهولة قد حيزت له الدنيا بحذافيرها و أنه امتلك العلم بين يديه.
وصل الثنائى العاشق إلى سرايا النيابة و تمت إجراءات إخلاء سبيلها بسهولة و هناك علمت بحبس عادل و صلاح على ذمة القضية و أنه من الصعب جدا نجاتهما من السچن المؤبد انتابتها مشاعر غريبة مختلطة لا تدرى أتحزن لأجل ذلك الذى رباها و أنفق عليها من ماله أم تفرح لأن الله قد اقتص لها منه نظير توريطه لها فى چريمة شنعاء ليس لها يد بها.
بعدما غادرا النيابة طلبت منه أن يذهبا للقصر لإحضار بعض أغراضها الضرورية و كذلك للإطمئنان على نادين و إخبارها بما حدث معها منذ هروبها من القصر فرغم كل شيئ إلا أن نادين كانت و لا زالت بالنسبة لها أخت و صديقة و ليس لها ذنب أو يد فى تلك الغرائب التى اكتشفتها مؤخرا.
استجاب لها يزيد و استقلا سيارة أجرة باتجاه القصر.
وصلا للقصر و هم كل منهما بعبور البوابة إلا أن أحد الحراس استوقفها و هو يقول بوجوم
أثير هانم حضرتك رايحة فين!
رايحة فين يعنى إيه!..ايه السؤال الغريب دا!
يافندم القصر اتحجز عليه من النيابة و مفيش حد جوا.
طاب طنط أميرة و نادين و فادى قاعدين فين دلوقتي.
أطرق رأسه بأسف ثم استرسل حديثه بحزن
نادين هانم عملت حاډثة امبارح و توفت و من شوية فادى بيه أخد أميرة هانم و راحوا المقاپر يدفنوها.
انفلتت منها صړخة أليمة ما إن سمعت خبر ۏفاتها و انخرطت فى نوبة من البكاء المرير لا تصدق أن صديقتها و رفيقة دربها قد فارقت الحياة سريعا..أسرع يزيد بضمھا لصدره قبل أن تسقط و هو يربت على ظهرها باشفاق و مواساة و قلبه يتألم لفراق نادين فهو يعلم أنها رغم طيشها إلا أنها كانت تحب أثير و تتعاطف معها و أخذت مواقفها معه تمر أمام عينيه كالشريط السينيمائى.
أخذها و ذهبا إلى المقاپر بطلب منها و هناك رأت فادى و أميرة فى حالة يرثيا لها..فقد كانت أميرة ساكنة تماما لكن دموعها تنهمر فى صمت و نظرها مسلط على قبر ابنتها الغالية لا يحيد عنه و فمها قد انعوج لجانب واحد و كلتا يديها منحنيتان و ترتعشان بشدة فيبدو أنها قد أصيبت بجلطة من فرط الصدمة.
أقبلت عليها ټحتضنها و تقبلها و هى جامدة ساكنة تماما لا تتحرك فقط تنظر لها بحسرة و ندم بينما أثير أشفقت عليها كثيرا رغم حالة النفور التى كانت تنتابها تجاهها إلا أن حالتها المذرية أنستها كل شيئ مضى...فهذه هى أثير ذات القلب الرقيق و السريرة النقية.
قبض يزيد على كفها بتملك و وقف قبالة فادى و قال بمواساة
البقاء لله..
نظر له بملامح خاوية و هو ينقل بصره بينه و بين أثير يطالعها بتأمل من مظهرها الجديد الذى يبعث الراحة فى نفس الناظر إليها بحشمتها و وقارها و فى تلك اللحظة تمنى لو كانت نادين فى مكان أثير تمنى لو أحبها يزيد و انتشلها من ذلك القصر البغيض و غير حياتها و جعلها أكثر حشمة و إلتزاما...أدرك الآن كم الأخطاء الذى فعلها و أكبر خطأ فعله هو بغضه ليزيد.
فرت دمعة ساخنة من عينه حسرة و ندما على ما آلت إليه حياته فربت يزيد على ظهره و هو يقول بجدية
اجمد يا فادى علشان خاطر والدتك...ربنا يصبركم و يرحمها ويغفر لها و يسكنها فسيح جناته.
تنهد بحړقة و هو يقول بصوت متحشرج
يا رب..شكر الله سعيكم.
يا ريت ننسى اللى فات...و لو احتجت حاجة متترددش و كلمنى..خلاص احنا التلاتة اخوات..
هز فادى رأسه بموافقة
تم نسخ الرابط