رواية كاملة قوية الفصول من الاول للرابع بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

وصديقه الحميم.. عامر غيث..
نيرة التي لم تكف طوال الفترة الماضية عن إظهار غرامها به واهتمامها المفرط بكل تصرفاته لن يبالغ لو قال مطاردتها له.. أي رجل آخر كان ليشعر بالغرور من ذلك الاهتمام الواضح.. فنيرة فاتنة بكل معنى الكلمة.. ټخطف عين أي رجل ولكن عيونه هو كانت متعلقة فقط بحبيبته التي لم ير من النساء غيرها.. والتي توسلها لتقبل الزواج به... ويتركا الزمان ليقنع والده
بصحة اختياره ولكنها رفضت وما زالت ترفض بعناد أن يتزوجا بدون موافقة والده..
وما يثير السخرية أنها تعتقد الآن أنه يعاقبها لرفضها ذاك بعقد خطبته على نيرة.. لكنها لا تعلم أنه يحاول حمايتها هي وأبيها..
أبوها الذي هدد والده صراحة بطرده من العمل بل ولمح لما هو أكثر من ذلك إذا لم يمتثل حسن ويوافق على إعلان خطبته من نيرة..
وها هو الليلة ألبس نيرة خاتم الخطبة.. خاضعا لوالده حتى يحمي حبيبته وعائلتها من بطش والده الذي لم يكن يمزح بتهديده..
حسن..
عاد صوتها الحزين ليخرجه من أفكاره.. فأغمض عينيه پألم
منى.. أرجوك بلاش عناد و...
قطع كلامه صوت نيرة الذي تعالى وهي تبحث عنه..
حسن.. أنت فين
تحرك بخفة حتى لا تلحظ أنه انعزل عن الحفل كي ينفرد بهاتفه ولكنها كانت لمحته وأدركت بسرعة لماذا اختفى فجأة من أمامها.. همست من بين أسنانها
أكيد بيتكلم مع الصعلوكة بتاعته.. حتى مش قادر يستنى لما يروح بيته.. بيكلمها وسط حفلة خطوبتي.. الملعۏنة.. همحيها من على وش الدنيا عشان أكون الوحيدة في قلبه
رققت من صوتها وهي تضع به كل ما تملكه غنج ودلال
حسن.. حبيبي..
دوى صوتها المغناج في أذني حسن وسمعته منى على الجهة الأخرى من الهاتف فشهقت بقوة وأغلقت الخط..
زفر بحسن بضيق والتفتت ليتحرك نحو نيرة بهدوء مصطنع ولكن أعماقه كانت تموج بالڠضب.. ڠضب على الجميع.. على والده لإجباره على تلك الخطبة.. وعلى قيود مجتمعه التي تحرمه ممن عشقها قلبه وعلى منى نفسها التي ترفض التمرد معه على تلك القيود على النيرة التي وافقت على الخطبة رغم علمها بأن قلبه ملكا لغيرها وأخيرا على نفسه لضعفه واستسلامه للجميع..
لذا وبكل الڠضب الذي يموج بأعماقه صاح بها
أنا هنا يا نيرة.. في إيه...
فوجئت بهجومه الحاد فهو منذ أعلن موافقته على الخطبة وهو يلتزم صمت هادئ.. أحيانا تظنه شاردا عن الواقع ومنعزلا عنهم جميعا ولكنه أبدا لم يكن غاضبا إلا الآن.. أعادت غضبه ذاك إلى محادثته الهاتفية وتوعدت منى مرة أخرى وأقسمت أن تدفعها الثمن ولكنها بمهارة أخفت ما يجول في ذهنها ورسمت ابتسامة حزينة على شفتيها وهي تسأله بعتاب
طيب بتعلي صوتك ليه.. أنا بدور عليك من مدة الناس بتسألني عنك ومش عارفة أقول لهم إيه!
شعر حسن بالذنب فور رؤيته الحزن الذي أجادت رسمه على ملامحها فاقترب منها بهدوء وهمس لها معتذرا
يظهر إن اعتذاراتي كتير الليلة.. آسف مرة تانية يا نيرة.. بس مش بتحمل جو الحفلات والدوشة دي..
تعرفت نيرة على ملامح الذنب المرتسمة على وجهه وقررت استغلالها على الفور فقزت لتمسك بذراعه وتلصق نفسها به وتسأله بصوت متهدج
طيب إيه رأيك نسيب الحفله والدوشة دي ونروح على أي حتة هادية
هز رأسه موافقا فقد كان يريد الابتعاد عن الجميع وعنها أيضا... إلا أنه لم يتمكن من الهروب من إلحاحها وهي تردد
يالا بينا.. أنا أعرف حتة مطعم.. تحفة..
تحرك معها وهو يتعجب بداخله من انقياده لها فهو في العادة لا يكون بذلك الخضوع تساءل بسخرية في نفسه أيهما سيقود تلك العلاقة!!.. فهي تتحكم ومنذ البداية في كل شيء.. لما لا يعترض ويفرض رأيه وشخصيته كرجل.. لا يدري.. لقد سلب منه كل اختيار.. ومهما تعالى صوته وتعددت أسبابه ليتمسك برأيه يجد من يقمعه ويحبطه.. لقد سأم.. سأم من كل شيء..
كان يتمنى الهروب من ذلك الحفل بكل ما فيه ومن فيه.. وحده.. وليس برفقة أول من يريد الهروب منهم.. خطيبته الفاتنة..
اعترضت طريقهما صبية صغيرة بعيون رمادية متلألئة وخصلات كستنائية تمردت على تصفيفة الشعر الأنيقة التي صففت بها فتشعثت خصلاتها ومنحتها مظهرا طفوليا محببا فبدت أصغر من سنواتها الأربعة عشر
نيرة.. هتروحي فين وتسيبي حفلة خطوبتك
أجابتها نيرة ببرود
صبا.. ما تدخليش في اللي مالكيش فيه.
تذمرت الفتاة
بابا هيتضايق قوي.. ما يصحش تسيبي الحفلة من غير ما تبلغيه..
ثم التفتت نحو حسن
حسن.. قولها أنت.. خروجكم بالطريقة دي ما يصحش.
تنحنح حسن بإحراج وكأن كلام الفتاة الصغيرة لفت انتباهه إلى خطأ ما كان ينتوي فعله فأجابها بهدوء
ما تقلقيش يا صبا.. طبعا أنا كنت هستأذن عمي قبل ما نخرج.
قاطعته نيرة بنزق
إيه!!.. هو احنا لسه أطفال هنستنى الإذن!.. أنت ناوي تسمع كلام البنت المفعوصة دي ولا أيه...
همس لها بصوت منخفض
أختك عندها حق.. ما يصحش..
قاطعته بغيظ
ما تقولش أختك بس.. دي بنت فريدة..
ما إن سمعت صبا اللقب الذي تطلقه عليها نيرة حتى غمغمت معتذرة
عن إذنكم.. أنا هروح أشوف بابا... جايز يكون محتاجني.
ثم وجهت كلماتها إلى حسن وهي ترمق نيرة بنظرة ذات مغزى
مبروك يا حسن.. وحظ سعيد.
ثم ابتعدت برشاقة بينما رمقتها نيرة بغيظ
بنت خبيثة وسخيفة.
اسكتها بحزم
وطي صوتك.. ويللا بينا نحيي الناس.. برضوه دول جم هنا عشان يباركوا لنا.. وفعلا.. ما يصحش نسيب الحفلة ونبعد..
يعني إيه!.. مش هنخرج سوا...
لأ.. هنأجل الخروج ليوم تاني..
بكره
خلاص.. ماشي.. بكره.. يلا بينا نسلم على الناس
اختلطا بالفعل وسط المدعوين وتلقى حسن التهنئة بقناع مبتسم رسمه على وجهه.. بينما نيرة كانت في أوج غيظها لضياع فرصة انفرادها بحسن ولكنها قررت الاستمتاع بما تبقى من الليلة وهي تستعرض خاتمها الماسي
والقلادة التي تناسبه وتتباهى بأن حسن أرسل لشرائهما خصيصا من باريس
حتى يرضي ذوقها..
كان حسن يسمعها ويبتسم في سخرية فهو لم ير الخاتم والقلادة الا عندما دفعهما والده في يده حتى يلبسها اياهم.. فهو تقمص دور المتفرج في تلك الخطبة من أول خطوة بها حتى بذلته الفخمة اشتراها له مازن شقيقه.. الذي اقترب منه في هدوء ليضع يدا مؤازرة على كتفه
حسن.. حاول تشيل قناع السخرية اللي على وشك ده!
سخر حسن من نفسه
القناع التاني هيكون قناع الكآبة.. أي واحد يعجبك أكتر..
خلاص يا سيدي.. السخرية أرحم من الكآبة.
رمق حسن شقيقه الأصغر لثوان
مش قادر يا مازن.. مش قادر استمر في المهزلة دي.
رمقه مازن بنظرة غير مفهومة.. ثم أخبره
بس هي بتحبك قوي..
أومأ حسن موافقا
أيوه.. منى كمان قالت لي نفس الكلام..
صاح مازن بدهشة
منى!!.. أنت كلمتها..
أومأ حسن مرة ثانية
أيوه.. ولسه مصرة أننا ما نتجوزش إلا بموافقة بابا.
يا الله.. معقولة بتحبها للدرجة دي!
بحبها!!.. بحبها دي كلمة بسيطة.. أنا بعشقها بتنفسها.. باعيش لأنها عايشة.. والدك العزيز خيرني بين خطبتي لنيرة وأنه يرمي عم نصر أبو منى في الشارع... لا ده لمح أنه ممكن يلفق له تهمة توديه في داهية هو ومنى.. وأنت فاهم طبعا بابا كان قصده إيه..
هز مازن رأسه بتفهم
أيوه.. بس ما اعتقدش
تم نسخ الرابط