رواية كاملة قوية الفصول من الاول للرابع بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

الفصل الاول
في تلك الليلة الصيفية الحارة تلألأت حديقة فيلا آل غيث بالأضواء الساطعة وكأنها تنافس سماء يوليو المغطاة بآلاف النجوم.. حيث تعالت ضحكات الحضور.. واختلطت الهمهمات المختلفة.. من افتتن بألوان باقات الورود المنتشرة في كل مكان داخل وخارج الفيلا والتي تم استيرادها من هولندا خصيصا لتلك الليلة الموعودة.. ومن شغل نفسه بتفحص أنواع الأطعمة التي وصلت توا من أشهر مطاعم باريس وروما... وبالطبع تنافست سيدات الحفل في ارتداء أحدث صيحات الأزياء وأغلى وأندر أنواع المجوهرات.. فكن كإعلان حي عن مدى ثراء أزواجهن بل كانت الليلة بأكملها تصرخ بمدى الرفاهية التي يعيشها رواد الحفل..

الټفت الجميع بانتباه عندما ظهرت نجمة الحفل.. فاتنة حمراء الشعر تتباهى بجمالها الفتان بثوب ڼاري اللون لا يضاهي جرأة لونه سوى تصميمه الذي أظهر بالتصاقه بجسدها منحنياته المٹيرة كما خطفت ساقيها المرمرتين عيون الرجال من تحت تنورته القصيرة جدا.. هذا بدون الكلام عن فتحتي الصدر والظهر اللتان أظهرتا بشړة وردية غاية في النعومة وتكاد تغطي بلمعتها على تلألأ حبات الألماس المنتشرة على صدر الفستان.. وكانت تلك الحبات ما لفتت نظر سيدات الحفل فاختلطت أصواتهن وشهقاتهن لتأكدهن أن ما يزين الثوب هو حبات من الألماس الحر المطعم أحيانا بحبات لؤلؤية صغيرة..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي نيرة المطليتين بالحمرة القانية وهي ترى تأثير ظهورها على الحضور.. فتهادت بخيلاء تستمتع بشهقات النساء ونظرات الرجال التي تلتهم جسدها التهاما.. تعشق الشعور بالتمييز والانفراد.. وهذا ما حققته الليلة بارتدائها ذلك الثوب لتحتفل بخطبتها.. اختيار لم تكن تجرأ عليه إلا.. هي.. نيرة غيث..
استمرت في خطواتها المتراقصة والابتسامة معلقة على شفتيها تعبر عن سعادتها الغامرة سعادة تنبع من تحقيقها لأغلى أحلامها الليلة بعد أن تمت خطبتها على حسن.. حسن حلم طفولتها وصباها.. تحبه بل تعشقه بكل سنواتها العشرون.. وأخيرا الليلة وضع خاتمه في إصبعها.. أخيرا أصبح خطيبا لها.. ملكا لها وحدها..
وصلت بخطواتها إلى حسن الذي كان يقف شاردا وكأنه في عالم منفصل تماما عمن حوله.. وقفت تتأمله للحظات بطوله المهيب الذي يقارب السبعة أقدام ومنكبيه العريضين وشعره الأسود الحالك والذي قصه ليكون قصيرا جدا.. فأظهر معالم وجهه التي تنبأ عن رجولة وعنفوان يبرزها عيناه شديدتا الخضرة واللتان كانتا تنظران إليها في برود شديد لم تهتم هي ببروده وهي تقترب منه وتضع يدها على كتفه ببطء
حسن.. حبيبي يلا علشان نرقص أول رقصة..
أجابها بهدوء وهو لم يتخل عن بروده
اتفضلي..
ألقت بنفسها بين ذراعيه بلهفة ليفتتحا الرقص معا.. ابتعد عنها قليلا جاعلا بينهما مسافة مناسبة بينما هي ضمت جسدها إليه أكثر وهي ترفع وجهها الفاتن إليه وتسأله بشغف
حسن.. أنت مش ناوي تبوسني ولا إيه!!..
أجاب بدهشة
إيه.. أنت بتقولي إيه.. أبوسك إزاي يعني!.. وليه!!
أيوة عادي وفيها إيه.. كل خطيب بيبوس خطيبته في ليلة خطوبتهم.. ده أنت حتى ما بوستنيش وأنت بتلبسني الدبلة!!..
هو أنت كمان كنت عايزاني أبوسك قدام والدك!!
أهدته نظرة ماكرة
بس هو مش موجود دلوقت.
رمقها بذهول للحظات ثم طبع قبلة باردة على جبهتها وابتعد بسرعة
كويس كده.. مبسوطة!
ظهرت معالم خيبة الأمل على وجهها وهي تسأله بعتاب
أنت ليه بتعاملني بالطريقة دي
زفر بضيق
نيرة.. أنا آسف بس أنت عارفة الظروف.. وإزاي تمت خطوبتنا.. أنا محتاج شوية وقت.
ظهرت معالم ڠضب عاصف في عينيها أخفتها سريعا.. ورسمت على وجهها ابتسامة ناعمة
خلاص يا حبيبي.. بس ممكن تحاول تغير من تعبيرات الاشمئزاز دي من على وشك.. الناس بدأت تاخد بالها..
هز رأسه وهو يكمل الرقص معها في صمت قطعه انتهاء الموسيقى وحضور صديقاتها اللاتي التففن حولها بصخب فانتهز هو الفرصة ليتحرك مبتعدا إلى ركن منعزل بالحديقة... حيث أخرج هاتفه بسرعة واتصل بالرقم الذي يحفظه عن ظهر قلب.. انتظر قليلا ولكنه لم يتلق أي إجابة.. اتصل مرة ثانية وثالثة ورابعة.. وأخيرا فتح الخط على الطرف الآخر ولكن لم يكن هناك رد.. فقط أنفاس مضطربة وتنهدات مسموعة.. تبعتها شهقات مخټنقة مميزة لأصوات البكاء..
همس پألم
منى!!
مرة ثانية لا رد فقط صوت بكاء مكتوم..
عاد يهمس بحزن
منى.. الله يخليك كفاية بكى وردي عليا..
أخيرا أجابته بصوت مخڼوق
مبروك.
سألها بلوم
مبروك!!.. بتباركي لي يا منى!!..
حسن..
قاطعها
بتباركي لي على ايه!!.. على حفلة الخطوبة اللي نفسي اختفي منها فورا.. ولا على العروسة اللي مش فاكر ولا عارف أقول لها كلمتين على بعض.. تخيلي إني حتى مش فاكر ملامحها... رغم إني أعرفها طول حياتي.. كل اللي متأكد منه إنها مش حبيبتي.. مش أنت يا منى..
ازداد بكائها
حسن.. أنت بتوجعني.. أرجوك.. كفاية..
أخبرها بتوسل
قوليها.. قولي نعم وأنا هكون قدامك حالا.
خرج صوتها بصعوبة من وسط شهقاتها
ما أقدرش يا حسن.. ما أقدرش.. مش ممكن أشجعك أنك تعصى والدك.. واستحالة أوافق أننا نتجوز من غير علم أهالينا.. أنت ما ترضاش لي بكده..
زفر بحنق
طيب إيه الحل.. إني أكمل في الجوازة دي.. أبعد عنك وأقتل قلبي وقلبك.. ندفن مشاعرنا جوانا.. وأكمل حياتي مع إنسانة بعتبرها زي أختي.. وكل ده ليه!!.. عشان الشراكة بين أبويا وأبوها!.. عشان عشرة العمر زي ما أبويا بيقول!!!..
حسن.. أنت عارف إن نيرة بتحبك.. كل اللي حوالينا عارفين كده..
ثم تهدج صوتها
حاول.. ووهتلاقي قلبك بيميل لها و..
قاطعها بقسۏة
أحاول!!.. أحاول إيه بالظبط.. كان ممكن أقدر أعمل كده.. بس أنت ناسية حاجة مهمة.. إن القلب ده اتملى فعلا بالحب.. الحب ليكي يا منى.. وأنت دلوقت جاية تطلبي مني أمحي الحب ده.. لا.. وكمان أقتل قلبي.. لأن قلبي من غير حبك مېت يا منى.. مېت..
عاد بكائها يرتفع وهي تهمس
ح..س..ن..
وجعه الألم في صوتها.. اخترق قلبه ومزقه تمزيقا.. يحبها بل يعشقها.. هي الحلم الذي جاهد لتحقيقه منذ سنوات.. منذ رآها طفلة صغيرة في العاشرة وهو كان فقط في الرابعة عشر.. وقرر.. تلك الصبية ذات الضفائر السوداء الطويلة ستكون لي..
ومر الوقت وكبرت الصبية ونضجت.. وازدادت بهاء وحسنا ورقة.. العيون السوداء الكحيلة سړقت قلبه.. الجدائل صففت لتظهر خصلات سوداء ناعمة تحتضن وجه غاية في البراءة والنقاء مما سلب لبه.. أرادها كزوجة.. وظن أنه يمكنه تحقيق ذلك.. كانت تلك سذاجة منه.. يستطيع الاعتراف بذلك الآن.. فهو آن ذاك كان فقط شابا يافعا في العشرين.. ظن أنه عندما يذهب لوالده ليخبره بأنه وقع في الحب ويريد الزواج من فتاته فإن والده سيبارك ذلك الحب على الفور...
كم كان أحمقا.. فكيف يقتنع والده السيد حاتم العدوي رجل الأعمال ذو الاسم الرنان بتزويج ابنه الأكبر من ابنة سائقه!!.. نعم فذات العيون الكحيلة لم تكن سوى منى.. ابنة السائق..
منى.. أنت بتاعتي.. هتكوني ليا أنا.. من نصيبي.. هاقنع والدي.. مهما طال الوقت.. هاقنعه
ذلك ما أخبرها به منذ أربع سنوات.. تخرج خلالهم من كلية الهندسة واتخذ موقعه في شركة العدوي غيث.. للمقاولات والإنشاءات.. وطوال تلك السنوات لم ينجح في اقناع والده بالزواج من منى.. وطوال تلك السنوات لم يكف والده عن محاولات إقناعه بالزواج من نيرة.. نيرة غيث.. ابنة شريكه
تم نسخ الرابط