رواية كاملة قوية جدا الفصول من الواحد وخمسون للسادس والخمسون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

زينة حاسة بالذنب وألم الضمير بس يا ألاء 
زمت شفتيها بجهل وردت ببعض الثقة  
_ مش عارفة بس أنا محستهاش كدا خالص يا هشام
رفع يديه ومسح على وجهه متأففا بخنق ثم رد عليها بصوت ټخنقه العبارات  
_ سلام يا ألاء دلوقتي أنا تعبان وعايز أنام 
عبست وردت بحنو عليه  
_ ماشي تصبح على خير 
_ وإنتي من أهله 
انهى الاتصال واستقام واقفا ثم استدار وقاد خطواته للداخل تحديدا إلى غرفته .. يسير بصعوبة ويسعى للبقاء صامدا رغما عن كل الظروف والآلآم التي تطيح به للهاوية ! .

مرت ساعتين وأكثر دون أن يتوقف عن البحث عنها لكن لا أثر لها .. الوساوس تنهش عقله نهش يشعر لأول مرة بقلبه يرتجف خوفا عليها .. وسط الآف الأسئلة التي تدور في حلقة واحدة من ذهنه ولا يجد لها إجابة .
توقف أمام سيارته تحديدا أمام المكتبة بعدما قضى ساعات يبحث عنها وعاد بائسا من دونها بالأخير ! .. استند بظهره على السيارة ورفع هاتفها الذي بيده يتطلع إليه بقلق ويتمتم 
_ روحتي فين بس يامهرة !
دقائق معدودة ورأى سيارة الشرطة على مقدمة الشارع وبعد ثواني توقفت أمامه وترجل منها الضابط أولا .. انتصب آدم في وقفته وتقدم من الضابط ليمد يده ويصافحه بحرارة ثم رفع الضابط يده ورتب على كتفه متمتما  
_ متقلقش يا آدم مش هترجع الليلة دي من غيرها 
ابتسم له بود وقال دون رسمية بسبب صداقتهم القديمة  
_ اتمنى يا ياسين .. لا يمكن تتخيل أنا قلقان إزاي وخاېف عليها دلوقتي 
رمقه ياسين بنظرة مطمئنة وواثقة ومن بعدها بدأوا في تحركاتهم وعملية بحثهم الدقيقة المختلفة تماما عنه وكان هو يقف معهم لا يبتعد للحظة واحدة ! ....
 
على الجانب الآخر من تحديدا بروما عاصمة إيطاليا ........
خرجت جلنار من المطبخ وهي تحمل فوق يديها صحن ضخم ممتلئ بالحلوى المفضلة لابنتها وله أيضا .. وصلت إليهم بالخارج فتسمرت قدماها بالأرض عندما وقعت عيناها عليهم وسمعت أصوات ضحكهم بوضوح .. والصغيرة وسط ضحكها القوى تهتف متوسلة أبيها أن يتوقف عن دغدغتها وهو لا يكترث لها ويبادلها الضحك ! .
بقت ساكنة تتابعهم بنظرة دافئة وعاشقة .. لا يوجد شيء تعشقه أكثر من رؤية لحظاته المميزة مع صغيرتهم .. يكون شخصا مختلفا تماما مع ابنته .. هي حتى لم يسبق لها ورأت عشق وتعلق كتعلق عدنان بابنته !! .
عقلها لم ينسى المواقف والأيام الجميلة التي شهدتها معه بعد ولادة ابنتهم .. يمكنها الاعتراف أنها شهدت على اهتمام لم تكن تتخيله منه أبدا منذ بداية حملها وحتى بعد الولادة .
قضى أسبوعين كاملين بالمنزل معهم ولم يكترث لعمله .. اهتم بابنته مثلها تماما وكان لا يتركها من بين ذراعيه من فرط سعادته وحبه لها .. تتذكر أيضا الليلة المشؤومة التي مرضت بها هنا بشدة .. لم يتركها للحظة واحدة والليل كله لازمها بالفراش يهتم بها ويعالجها .
كان يدهشها كل يوم باكتشاف صفة مختلفة بشخصيته ومازال حتى الآن يدهشها ! .
انتشلها من شرودها صوت الصغيرة وهي تصرخ بسعادة بعدما رأت صحن حلوتها المفضلة  
_ الله 
ابتسمت لهم بحب ثم تحركت إليهم بهدوء ووضعت الصحن على الطاولة الصغيرة أمامهم .. وسط نظراته الرقيقة إليها دون أن تلاحظها .
وبتلك اللحظة اعتدلت هنا وچثت على ركبتيها لتقترب من أذن والدها وتهمس بخبث طفولي وحماس  
_ بابي يلا نعمل لمامي زي ما كنت بتعملي
حدقها عدنان متعجبا ليراها تغمز بعيناها في لؤم فتنطلق منه ضحكة مرتفعة رغما عنه جعلت جلنار تنقل نظرها بينهم بحيرة بينما هو فتطلع بزوجته ثم بابنته وقال بغمزة لئيمة مثلها  
_ تصدقي فكرة حلوة برضوا
تللهت أساريرها هنا ورمقت أمها بنظرة حماسية ثم وثبت من مكانها واسرعت إليها لتدغدغها من أي مكان تطوله يديها الصغيرتين .. ضحكت جلنار بقوة على تصرفها العفوي والجميل .. لكن حين رأت عدنان يهب واقفا تراجعت لا إراديا للخلف وقالت ضاحكة وهي ترفع سبابتها محذرة  
_ لا إنت لا .. أنا مبحبش الحركة دي .. عدنان خليك مكانك!
كانت نظراته متلذذة وغرامية بنفس اللحظة .. غير مباليا بها أبدا وحين استدارت لتحاول الفرار كان هو أسرع منها وجذبها إليه من ذراعها ثم حملها عنوة وهو يضحك بخفة بينما هنا كان صوتها السعيد والضاحت يملأ المنزل بأكمله وبمجرد ما وضع أمها على الأريكة مثلما يفعل معها تماما غارت عليها وهي تستهدف هذه المرة الأماكن الأكثر حساسية حتى تضحك كما يفعل أبيها .. فتعالت ضحكات جلنار الممتزجة بصراختها البسيطة والمغتاظة منهم .. لم تكن أصابع صغيرتها البرئية كيديه الوقحة ! .. ومن بين ضحكها كانت ترمقه شزرا متوعدة وهو يضحك باستمتاع ويستمر في لمساته الجريئة لها عمدا !! .
وبعد دقيقتين أخيرا تمكنت من الفرار من بينهم لكن فور وقوفها .. تقلصت عضلات بطنها فجأة واحست برغبتها في التقيء فاسرعت للحمام مهرولة وأغلقت الباب خلفها .
لحق بها عدنان بقلق وهنا كانت خلفه .. طرق على الباب بقوة في قلق بعدما سمع صوت تقيأها القوي وقال بجدية  
_ جلنار إنتي كويسة افتحي الباب !!
بعد لحظات وصله صوتها الخاڤت من الداخل  
_ أنا كويسة ياعدنان .. دقيقة وهطلع
وقف عند الباب مغلوبا وانتظرها لبرهة من الوقت حتى خرجت وهي تمسك بيدها منشفة صغيرة تجفف بها وجهها .. فاقترب منها ومد أناملها لخصلات شعرها التي فوق عيناها يبعدها بلطف ويهمس 
_ مالك .. إنتي كويسة ! 
هزت رأسها بالإيجاب ثم انتبهوا لصوت هنا التي قالت باهتمام طفولي جميل 
_ اجبلك مايه يا مامي 
أجاب عدنان على ابنته دون أن يحيد بنظره عن زوجته  
_ روحي ياحبيبتي هاتي لمامي مايه
أماءت الصغير واستدارت ثم هرولت راكضة للخارج بينما هو فسألها باستغراب  
_ إيه اللي حصل مرة واحدة كدا ! 
جلنار بهدوء  
_ معرفش جايز اكون اخدت برد بسيط أو ممكن من اللي عملتوه فيا ياغدارين 
ابتسم بلطف ثم مال عليها ولثم وجنتها هامسا بغمزة ماكرة  
_ تيجي نجرب تاني بس المرة دي من غير هنا !
خجلت ولكزته في كتفه بخفة تجيب بضحكة ناعمة  
_ بلاش قلة أدب بقى الله 
رد باسما بنظرة جريئة  
_ هو في احلى منها 
تلونت وجنتيها بحمرة الخجل الحقيقي ولم تجيب فقط اكتفت بنظراتها المدهوشة والمستحية لتراه يضحك بقوة ويضمها لصدره مقبلا شعرها .......

كانت جالسة فوق مقعدها الخاص وبيدها كتابها المفضل تقرأ به بتركيز .. حتى صك سمعها صوت رنين جرس الباب المرتفع .. فرفعت نظرها عن الكتاب وحدقت ناحية الباب بتدقيق تتساءل عن هوية الطارق بهذا الوقت .. وحين رأت بدرية تسبقها لتفتح هي فقالت بحزم  
_ أنا هفتح يا بدرية ارجعي إنتي خلاص 
التفتت لها وهزت رأسها بالموافقة متمتمة  
_ حاضر يا ست هانم 
تابعتها أسمهان حتى توارت عن انظارها داخل المطبخ فاستقامت واقفة وقادت خطواتها تجاه الباب .. امسكت بالمقبض وإدارته ثم جذبت الباب إليها فاصابتها الصدمة فور رؤيتها لهوية الطارق
تم نسخ الرابط