رواية كاملة قوية جدا الفصول من الواحد وخمسون للسادس والخمسون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
_ الفصل الواحد والخمسون _
استمرت كلمة سافر في التردد بأذنها بعدما أخبرتها للتو شقيقته بمغادرته !! .. هيمن عليها الذهول لوقت طويل وسط محاولاتها لاستيعاب ما سمعته .. لكن عقلها رفض بشكل قطعي تصديق تلك الكذبة السخيفة .. وهناك شعور قوي بثناياها يخبرها بالعكس تماما ! .
ابتسمت بدهشة وقالت نافية بثقة
ردت ألاء بثبات تام
_ سافر يازينة .. رجع لشغله وحياته اللي بناها هناك
لجم الذهول لسانها فبقت ساكنة دون حركة حتى وثبت واقفة من الفراش وسارت أمامه أيابا وذهابا ثم ردت برجاء وصوت مرتعد وعابس
_ ألاء بليز لو بتقوليلي كدا عشان متصلش بيه ولا اتكلم معاه .. ارجوكي بلاش وقوليلي هو فين أنا قلقانة عليه
_ هشام مشي يا زينة افهمي خلاص .. هو حكالي على كل حاجة قبل ما يمشي .. واللي عمله صح .. كفاية أوي السنين اللي ضيعها من حياته وهو مستنيكي .. جه الوقت اللي يبص فيه لنفسه يمكن المرة دي لما سافر يلاقي البنت اللي تحبه بجد وتستاهله ويعيش حياته .. وإنتي كمان عيشي حياتك وانسيه عشان هو مش هيرجع تاني
لا أحد سيشعر بألمه الآن سواها .. هي وحدها ذاقت من الآم العشق ألوانا وأشكالا .
زينة بلوعة
_ألاء ارجوكي
ألاء بجفاء مؤلم
ارتفع صوت صافرة أنهاء المكالمة في أذنها فأنزلت الهاتف ببطء وامعنت النظر في شاشته بعجز وأسى .. وثواني معدودة حتى تلألأت الدموع في عيناها وانهمرت فوق وجنتيها بغزارة .
تقهقهرت للخلف مسلوبة العقل وجلست فوق الفراش لتستمر دموعها في الانهمار بصمت .. فقد أدركت الآن أنها خسرته كصديق قبل أن يكون حبيبا ! .. لم يمنحها الفرصة لإصلاح الموقف وآثر الفراق ! .
_ ليه ياهشام ليه .. أنا مفضليش غيرك إنت وماما .. حتى إنت هتسيبني !
داخل منزل نشأت الرازي ......
ملأ المنزل صوت رنين جرس الباب فقادت منيرة خطواتها السريعة للباب حتى تفتح للطارق .. وعندما وصلت وامسكت بالمقبض لتديره وتفتح قابلت أمامها أسمهان .. اضطربت وتعجبت للحظة قبل أن تهتف بخفوت
أسمهان بنظرة ثاقبة
_ نشأت موجود في أوضته فوق
ترددت الخادمة في باديء الأمر في الإجابة لكنها ردت بالأخير في إيجاب
_ أيوة بس ......
لم تكمل جملتها حتى وجدت أسمهان تدفعها برفق من أمامها لتمر وتقود خطواتها السريعة للدرج قاصدة الطابق الثاني وتحديدا غرفة نشأت .. فهرولت خلفها منيرة محاولة إيقافها وهي تهتف
_ يا أسمهان هانم لحظة من فضلك مينفعش كدا .. نشأت بيه تعبان ونايم دلوقتي
توقفت أسمهان على حين غرة والتفتت لها برأسها تهتف في نظرات شرسة ومنذرة
_ الأفضل ليكي إنك تنزلي وتكملي شغلك وملكيش دعوة .. ولو نشأت نايم أنا هصحيه
انكمش جسد منيرة خوفا منها والتزمت الصمت ثم تابعتها بعيناها وهي تتجه إلى غرفة نشأت ثم تفتح الباب وتدخل دون أي استأذآن ! .. ظلت مكانها واقفة بدهشة من تصرفات تلك المرأة المعتوهة ولم تجد أمامها سوى حل واحد .. فاستدارت بجسدها وأسرعت إلى الدرج تنزل شبه ركضا حتى تذهب للمطبخ وتأخذ هاتفها .
داخل الغرفة ......
تجولت أسمهان بنظرها بحثا عنه في أرجاء الغرفة الضخمة لكن لا أثر له حتى سمعت صوت باب الحمام الملحق ينفتح ويخرج منه وهو يدفن وجهه بين منشفة بيضاء صغيرة يجفف بها وجهه ويرتدي بنطال وتيشرت منزلي لا يناسب عمره أبدا ! .
حين رفع وجهه عن المنشفة ووقعت عيناه على تلك المتصلبة أمامه انتفض بزعر ولوهلة ظنها شبحا متجسد بهيئتها .. لكن ارتخت عضلات وجهه المتشنجة بعد لحظات وحل محلها الحدة وهو يقول
_ إنتي بتعملي إيه هنا وإزاي تدخلي الأوضة من غير أذن يا أسمهان
ابتسمت مغلوبة ثم تقدمت إليه بخطوات بطيئة متمتمة بسخرية
_ رغم السنين ومرضك إلا إنك لسا زي ما أنت يا نشأت متعجرف ومغرور
نشأت بصرامة
_ عرفتي بمرضي إزاي !
ظلت تتطلع إليه مبتسمة ببرود حتى باغتها بصيحته العڼيفة
_ أسمهان عرفتي إزاي !!!
أجابت باستعلاء
_ إنت مستهون بيا ولا إيه .. متنساش إني أسمهان الشافعي
هدر بنفاذ صبر وخنق
_ عايزة إيه
أسمهان مبتسمة ببساطة
_ ولا حاجة جيت اطمن عليك بس
قهقه بقوة وقال مستنكرا جملتها
_ طيب قولي حتى سبب مقنع عشان يخيل عليا .. هو إنتي بيهمك حد غير نفسك يا أسمهان
_ يهمني طبعا ولادي أهم حاجة عندي
ابتعد عنها وهو يضحك ليجلس فوق فراشه ويجيبها بقسۏة
_ أشك إنك بتحبيهم أساسا .. أو تعرفي يعني أمومة
التهبت نظراتها من الڠضب واندفعت نحوه ثائرة تصيح به
_ ده جزاتي إني جيت اطمن عليك رغم كل اللي عملته معايا زمان
مد يده يلتقط وعاء المياه الزجاجي ويسكب في الكوب الصغير ثم يمسك بالكوب ويرفعه لشفتيه ليشربه كله دفعة واحدة وينزله ثم يهتف ببرود مستفز
_ أنا معملتش حاجة إنتي اللي اخترتي الشافعي عشان الفلوس والمنصب
أسمهان بعصبية
_ وإنت محاولتش تفهم مني أي حاجة وروحت واتجوزت
تطلع بعيناها في ثبات وقال باسما بصدق
_ومندمتش للحظة إني اتجوزت ريهام .. ست فعلا تستاهل الحب وكل حاجة عملتها عشانها وقدرت تخليني احبها بكل سهولة .. ولغاية دلوقتي فراقها صعب عليا ومش قادر اتقبله
ابتسمت تتصنع الازدراء وعدم المبالاة على عكس نيران الحقد والغل التي تملأ صدرها وفورا تفاقم نقمها لجلنار أكثر حين تذكرت أنها ابنة تلك المرأة .. فرمقت نشأت بغل وقالت في تحذير
_ ابعد بنتك عن ابني يا نشأت بدل ما أبعدها أنا بطريقتي
أظلمت عيناه وطال نظره المخيف إليها حتى وجدته يثب واقفا ويثور عليها پعنف وقسۏة ثم يقبض بيده على فكيها ويرمقها شزرا هامسا في لهجة مرعبة لا تحمل المزاح أبدا
_ بنتي خط أحمر يا أسمهان .. اقسم بالله لو لمستي شعرة واحدة بس منها ھقتلك وادخل فيكي السچن .. وإنتي عارفة إني أعملها وعارفة نشأت الرازي لما يقول كلمة بينفذها ولا لا
للحظة خشيته قليلا لكن سرعان ما استعادت شجاعتها ودفعته بعيدا عنها بقوة تجيب ببأس وثبات
_ وأنا مش بتهدد يا نشأت
أنهت عبارتها واندفعت لخارج الغرفة ورحلت تماما بينما هو فبقى يحدق بأثرها في قرف واشمئزاز ليلفظ من بين شفتيه لفظ بذيء وصفها بها فور مغادرتها !! ......
توقفت أمام الطائرة الصغيرة الخاصة به وراحت تنقل نظرها بينه وبين الطائرة ببعض الدهشة وعدم الفهم .. ثم هتفت بجدية
_ عدنان اظن لغاية كدا وكفاية أوي .. ممكن تقولي بقى احنا هنروح فين !
ابتسم
متابعة القراءة