رواية كاملة قوية جدا الفصول من الواحد وخمسون للسادس والخمسون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

لو جرالته حاجة مش هقدر اعيش من غيره
جذبها بقوة حتى تقف وتستوعب ما يقوله حيث هدر بلهجة مرتفعة نسبيا  
_ هيبقى كويس يا أسمهان اهدي .. مينفعش كدا خليكي قوية وان شاء الله هيقوم بالسلامة 
نبرته ايقظتها قليلا لكن نظراتها لا تزال تائهة فقالت پألم وصوت مرتجف  
_ أنا مليش غيره هو وعدنان .. أنا عايزة اشوف ابني يا نشأت .. ابوس إيدك خليني اشوفه 
لانت حدة نبرته وظهر الدفء في نظراته مشفقا عليها ليملس فوق ذراعها بحنو ويهمس  
_ اخليكي تشوفيه إزاي بس مينفعش .. استهدي بالله وادعيله هو اكتر حاجة محتاجها دلوقتي الدعاء
لا تتوقف عيناها عن ذرف الدموع بغزارة وعلى حين غرة ارتمت بين ذراعيه تبكي بنحيب مرتفع وسط همسها  
_ يارب .. يارب احفظ لي ابني 
لم تدهشه بتصرفها أبدا ولم يبعدها بل رفع كفه وملس على ظهرها برفق دون أن يتفوه بكلمة واحدة .. يستمع لصوت بكائها الحار فوق صدره بصمت !! ...

بعد مرور ما يقارب الأربع ساعات تقريبا .......
كان عدنان بالسيارة أمام مقر المستشفى بالقاهرة ونزل ليقود خطواته شبه ركضا للداخل ولحقت به جلنار وهي ممسكة بيد صغيرتها معها التي تستمر بطرح الأسئلة على أمها في خوف من الأجواء المشحونة بالتوتر وحالة والدها الغريبة !! .
انتبهت أسمهان لابنها وهو يهرول باتجاههم فهبت واقفا وفور وصوله عانقته بقوة تهتف بصوت مرتجف 
_ آدم لغاية دلوقتي مطلعش من العمليات يا عدنان .. ابني بيضيع مني 
اتسعت عيناه پصدمة وراح يتجول بنظره بينها وبين نشأت ثم قال  
_ ازاي مطلعش لغاية دلوقتي .. ده ليه اكتر من أربع ساعات 
ازداد نحيبها وبكائها أكثر بين ذراعيه ليضمها إليه أكثر ويتمتم في حنو وثبات مزيف  
_ اهدي ياماما اهدي .. ان شاء الله خير ويطلع الدكتور دلوقتي يطمنا عليه
كانت نظرات جلنار عالقة عليهم تقف بسكون وعيناها دون سبب فقط لرؤيتها الجميع يبكي !! ....
ابتعد نشأت عن ابنته حين أشار له عدنان أن يأتي معه ليتحدثوا بعيدا عن مسامعهم .. بينما جلنار فبقت واقفة تتطلع بأسمهان بتدقيق .. ولوهلة شعرت بالإشفاق عليها فهي أيضا أم وتدرك جيدا حجم ألمها الآن ! .. حثتها عاطفتها الامومية على مواساتها فاقتربت وجلست بجوارها ثم رفعت كفها وملست على كتفها برفق هامسة  
_ هيبقى كويس أنا واثقة متقلقيش 
اطالت أسمهان النظر إليها بصمت في وجه خالي من المشاعر ثم ابعدت يدها عنها وردت بخنق  
_ متشكرة على اهتمامك يابنت الرازي 
لوت جلنار فمها بعدم حيلة ومالت برأسها للجهة الأخرى تقول في ابتسامة ساخرة 
_ مفيش فايدة يا أسمهان .. الحق عليا إني حاولت اواسيكي واهديكي شوية .. قولت اكون أنا اللي احسن منك رغم كل اللي عملتيه معايا 
التهبت نظرات أسمهان وقال پغضب وعين حمراء من فرط البكاء  
_ وتواسيني ليه .. أنا ابني كويس وهيطلع بالسلامة وزي الفل .. اجلي المواساة وسبيها عليا أنا لما اخلص عدنان منك سعتها أنا اللي هواسيكي
استقامت جلنار واقفة وطالعتها مشفقة وباستنكار تقول  
_ أنا حقيقي بشفق عليكي .. إنتي لا يمكن تكوني طبيعية !
ابتعدت عنها وقادت خطواتها تجاه الحمام .. وفور دخولها تركت العنان لدموعها ليس فقط خنقا من كلمات أسمهان ولكن أيضا خوفا وحزنا على آدم !! .
خرجت بعد دقائق قصيرة وكانت في طريقها للعودة قبل أن تلمح مهرة وهي تجلس بركن منعزل وتحدق في اللآشيء أمامها بنظرات تائهة وعيناها تذرف الدموع بصمت .
تحركت نحوها ببطء حتى جلست بجانبها .. اخفضت نظرها ليديها المتلطخة بالډماء وطالت التحديق بهم حتى تنهدت بعمق وهمست بصوت مخټنق  
_ مهرة إنتي كويسة ! 
رأتها تهز رأسها بالنفي دون أن تحيد بنظرها إليها فالتصقت بها ولفت ذراعها حول كتفيها ترغمها على الوقوف هامسة  
_ طيب تعالى نروح الحمام وتغسلي إيدك ووشك مينفعش تفضلي قاعدة كدا 
خرج صوتها المبحوح والضعيف تقول  
_ هو مسمحليش ابعد عنه لما أنا رفضته ودلوقتي أنا مش هسمحله يسيبني .. ملحقش يسمعني ويعرف إن أنا كمان بحبه .. قالي بحبك ياجلنار وكانت آخر كلمة اسمها منه .. أنا السبب في اللي حصله
لم تتمكن من حجب دموعها حيث انهمرت فوق وجنتيها غزيرة وراحت تملس على ذراع الأخرى بحنو متمتمة  
_ إنتي ملكيش ذنب يامهرة .. وهو مش هيسيبك ياحبيبتي ولما يفوق هتقوليلوا بنفسك إنك بتحبيه كمان
أرتجف صوت مهرة المحتقن وهي تجيبها پبكاء صامت  
_ نظرته ليا لا يمكن انساها .. قالي بحبك كأنه بيودعني .. أنا مش هستحمل اخسره هو كمان .. مش هقدر اتحمل ألم فقدان جديد
اجهشت جلنار في البكاء فراحت تفرد ذراعيها وتعانقها بقوة .. لتسمع صوت نحيبها وبكائها المرتفع وسط صوتها الموجوع  
_ وحشني وعايزة اشوفه .. أنا مكنتش أتخيل إني بحبه بالشكل ده
ملست جلنار على ظهرها بحنو وهمست من وسط بكائها باسمة  
_ وهو بيحبك جدا .. تعرفي إنه طلب مني اكلمك عشان اخليكي مبتعدهوش عنك وكان خاېف جدا يخسرك .. وقف قصاد مامته عشانك .. وأنا متأكدة أنه مش هيسيبك
ازدادت حدة بكائها بين ذراعيها .. وجلنار رغم كل شيء مازالت تحاول البقاء ثابتة حتى الآن .. لكن فجأة انتفضت مهرة وابتعدت عن جلنار حين سمعت صوت أسمهان الملتهب وهي تصيح بها 
_ إنتي بتعملي إيه هنا !! 
لم تجيبها مهرة وبقت تتطلعها بصمت حتى وجدتها تنحنى عليها وتجذبها من ذراعها پعنف صاړخة بها  
_ اطلعي برا مش عايزة اشوف وشك هنا واياكي تقربي من ابني تاني أبدا فاهمة ولا لا
وثبت جلنار واقفة ونزعت ذراع مهرة من قبضة أسمهان ثم حدقتها پغضب وهتفت  
_ إيه اللي بتعمليه ده !!
ثم جذبت مهرة من ذراعها واوقفتها خلفها لتصمد هي بثبات أمام أسمهان هاتفة بانفعال وعصبية  
_ إنتي إيه مفيش في قلبك رحمة .. مش مكفيكي المشاكل اللي عملتيها بيني أنا وعدنان ومحاولاتك إننا ننفصل .. كمان حتى آدم مش عايزة تسبيه يعيش براحة وسعادة مع البنت اللي بيحبها
رمقت مهرة شزرا وصاحت  
_ البنت اللي بيحبها !!! .. ابني في العمليات ليه اكتر من أربع ساعات بسببها دلوقتي .. هي دي اللي بيحبها !!
وصل عدنان ونشأت على أثر صوتها فاندفع إليها بسرعة يهتف في سخط هادر  
_ احنا في إيه ولا إيه دلوقتي .. ده وقت خناق ياماما .. احنا في مستشفى !!
أشارت بسبابتها على مهرة وهتفت پغضب  
_ البنت دي تمشي وتغور من هنا مش عايزة اشوف وشها قدامي 
ردت مهرة بثبات ونبرة محتقنة بالدموع  
_ أنا مش همشي غير لما اطمن على آدم 
قبض عدنان على ذراع أمه يحثها على السير معه هاتفا في حدة  
_ ماما تعالي يلا .. يلااااا 
ألقت نظرة أخيرة كلها وعيد وغل على مهرة وهتفت  
_ لو ابني جراله حاجة هوديكي ورا الشمس إنتي وعيلتك كلها
التفتت جلنار لمهرة وجذبتها معها للحمام هامسة بلطف في محاولة. لتجاهل أسمهان تماما  
_ تعالي ياحبيبتي نروح الحمام عشان
تم نسخ الرابط