رواية كاملة قوية جدا الفصول من الحادي والثلاثون للخامس وثلاثون بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
ألقت بها في القمامة منذ زمن طويل ! .
التقطتها بين يديها تتطلع إليها بصمت وقد احتدمت نظراتها بشدة .. لتشوبها غمامة من الغل والبغض .. مجرد تذكرها لذلك اليوم يثير چنونها واشمئزازها .. ليتها أبت ولم تنصاع خلف أصوات قلبها السخيفة .. لكن ماذا يفيد الندم بعد فوات الآوان .. بل في الواقع كلاهما لا يحق لهم الندم أساسا .
_ ادخل
دخلت إحدى الخادمات تحمل فوق يديها الطعام الخاص بها هاتفية
_ اتفضلي يا هانم
أسمهان باستغراب وحدة
_ جايبة الأكل هنا ليه .. آدم زمانه على وصول وهناكل مع بعض !
ابتلعت الخادمة ريقها بتوتر من العاصفة التي ستهب الآن إذا أخبرتها بما حدث لكن بالأخير ردت مغلوبة
أسمهان بحيرة
_ ليه مش جاي وإزاي عرفتي
من شدة توترتها ظهر التعرق فوق جبهتها .. حيث ردت باضطراب وخوف
_ ليلى اتصلت بيا وقولتالي ابلغ حضرتك إن آدم بيه راح المستشفى عند البنت اللي اسمها مهرة لأن جدتها تعبانة
اشتعلت عينان أسمهان بالنيران لتسأل في تأكيد
أماءت لها الخادمة برأسها في إيجاب .. وحين رفعت نظرها تتطلع لأسمهان رأتها عبارة عن جمرة ملتهبة واخذت تتحرك يمينا ويسارا صائحة في عصبية
_ بيعمل إيه مع البنت البيئة دي .. ماشي يا آدم
اقتربت الخادمة ووضعت الطعام فوق الطاولة پخوف ثم همست في خفوت مضطرب
وفورا استدارت وهرولت مسرعة تغادر قبل أن تفقد أعصابها أكثر من ذلك فتكون هي كبش الفداء وتخسر عملها دون سبب !! ....
يقف على مسافة ليست ببعيدة منها يتأملها بأعين محبة .. ترتدي ثوبها الصباحي الأحمر ذو الأكمام الطويلة .. شعرها يتطاير حولها بفعل نسمات الهواء الرقيقة وبيدها تمسك دلو سقى الزرع تقوم بسكب الماء من الفتحات الصغيرة في الدلو تسقي بها ورودها الحمراء مثلها .. وفوق شفتيها ابتسامة ناعمة تسرق العقل .
تقدم منها بخطوات هادئة فيراها وهي تنحنى بوجهها على الزهور تستنشق رائحتهم وفور شعورها به بجوارها رفعت رأسها وقالت في عفوية بإشراقة وجه
_ شكلهم جميل أوي مش كدا
لم يحيد بنظره عنها وهو يتأملها مبتسما ويجيب هامسا بعينان ثابتة عليها غير مباليا بتلك الزهور بجانب زهرته الأجمل على الأطلاق
انتبهت لنظراته لها فارتبكت قليلا واسرعت تشيح بنظرها عنه تهتف في جمود بعدما رأته مردتيا ملابسه ومستعدا للذهاب
_ إنت رايح الشغل
همهم بصمت دون أن يجيب ثم انحنى عليها يقبل وجنتها بلطف ولم يمهلها اللحظة حتى ترمقه بشراسة كالعادة على فعلته حيث تابع فور قبلته
_ النهارده هاخد رمانتي ونتعشى برا ونقضى وقت لطيف .. جهزي نفسك بليل
غضنت حاجبيها باستغراب وهتفت في جدية
_ ليه .. إيه المناسبة !!!
عدنان بخفوت جميل وابتسامة
_ من غير مناسبة .. مش لازم يكون في مناسبة عشان اخدك ونطلع نقضي وقت لطيف مع بعض
ابتسمت باستنكار عاقدة ذراعيها أمام صدرها تلقي عليه بسهام كلماتها القاسېة
_ امممم أصل مش متعودة على الاهتمام منك أو إنك تفكر فيا أساسا .. عشان كدا مستغربة
تلاشت ابتسامته ونجحت بالفعل في مبتغاها لكنها وجدته يمد أنامله لخصلاتها يبعدها عن عنيها هامسا في نظرة ذات معنى ونبرة جادة تحمل وعيدا عاطفيا
_ وأنا سبق ووعدتك إنك هتشوفي شخص تاني ياجلنار وقولتلك إنك من هنا ورايح هتاخدي وبس مني .. يعني اتعودي على الاهتمام والحب ده
جلنار باسمة بسخرية وصوت يضمر خلفه المرارة
_ حب .. وهتديني الحب إزاي وإنت مش بتحبني ياعدنان !!
رأته ينحنى مجددا عليها يلثم وجنتها بقوة ثم يهمس بالقرب من أذنها بنبرته الرجولية العاطفية
_ ومين قالك إني مبحبكيش !
صابها السكون الممتزج بدهشتها من رده وكالمرة السابقة لم يترك لها الفرصة لتجيب حيث ابتعد وقال غامزا
_ جهزي نفسك بليل زي ما قولتلك .. أنا همشي عشان اتأخرت
وباللحظة التالية كان يثير مبتعدا في اتجاه سيارته يتركها متصنمة مكانها بعدم فهم أو استيعاب لما تفوه به للتو .
توقف بسيارته أمام مبنى المستشفى ثم ترجل منها وقاد خطواته السريعة للداخل .. كانت إحدى المستشفيات العامة مكتظة وممتلئة بالمرضى والأطفال وجميع الفئات .. وقف للحظة يتجول بنظره في الأرجاء .. يبدو أنا سيبحث عنها بنفسه ! .
اتجه نحو الدرج يصعد للطابق الثاني ثم وقف بمقدمته وعيناه تبحث عنها لكن لا وجود لها فأكمل صعوده للطابق الثالث والأخير ليندفع يسير به باحثا عنها .. وأخيرا عيناه التقطتها تجلس فوق أحد المقاعد وتبكي پعنف .. ثم ترفع أناملها تجفف دموعها بظهر يدها كالأطفال دون أن تتوقف عن ذرف الدموع .
تقدم منها في خطوات شبه سريعة حتى وصل إليها فانحنى عليها بجسده يضع كفه برفق فوق كتفها هامسا
_ مهرة !
نبرة صوته مميزة تستطيع تميزه به وسط جيش من الرجال .. أو ربما قلبها هو من يميزه رفعت رأسها بسرعة تتطلعه بعيناها الغارقة ولم تشعر بنفسها سوى وهي تهب واقفة تتعلق برقبته وتبكي بنشيج مرتفع .
انتابها شعورا بالآمان فور رؤيتها له .. ودفعها قلبها لمعانقته والتعلق به كطوق النجاة الذي سيأخذ بيدها النور .. مشاعر غريبة تتمكن منها وبقدر ما هي تخيفها إلا أنها جميلة ! .
تجمد بأرضه وقد اتسعت عيناه بدهشة وهي بين ذراعيه تتعلق برقبته وټدفن وجهها في كتفه تبكي وتشهق بقوة .. كانت يديه الاثنين متعلقة بالهواء وأنامله تتحرك بتوتر .. مترددا هل يحاوطها بهم أم يتركها حتى تفرغ حملها فوق اكتافه وتهدأ ثم تبتعد .. كان سيسير خلف الاختيار الثاني ولكن قلبه لان ولم يتمكن من تحمل بكائها وكأنها تستنجد به فلف ذراع حول خصرها والآخر ملس به بلطف فوق ظهرها يتمتم في دفء
_ أهدى يامهرة إن شاء الله تبقى كويسة وتقوم بالسلامة
اشتدت حدة بكائها مهمهمة بصوت فهمه بصعوبة بسبب صوت بكائها المختلط به
_ الدكتور قال إن في انخفاض حاد في نسبة السكر ودخلت في غيبوبة سكر
تملكه القلق هو الآخر حيث أبعدها عنه بلطف وهتف
_ هي عندها السكر !
هزت رأسها بالإيجاب وتابعت في ندم وألم
_ كله بسببي يارتني قولتلها أنا يمكن مكنش ده حصلها .. كانت هتسمع منى احسن ما تسمع من الغريب
حاوط كتفها بذراعه يحثها على الجلوس هاتفا بعدم فهم
_ طيب اهدي واقعدي الأول بس وفهميني هو ده حصل إزاي !
جففت دموعها وردت بصوت مبحوح مجفلة نظرها الأرض بخجل ومرارة
_ واحدة من الجيران جات عندنا وقالتها على اللي حصل معايا لما اتخطفت وكمان على الكلام والأشاعات اللي طلعتها عليا اللي متتسمي بدرية .. الهي ربنا ينتقم منها مطرح ما هي مرزوعة
متابعة القراءة