رواية امل الجزء الاخير

موقع أيام نيوز

وبابي أنا جيت. 
زياااد. 
ركضت لتعتصره بين ذراعيها تشدد عليه بلوعة أم كادت أن تفقد طفلها فتوقف عدي يطالعه بعدم تصديق ينتظر دوره في العناق والتقبيل وتزامنا مع ذلك تفاجأ بآخر شخص يتوقعه يخترق الحديقة خلف طفله الذي كان يهمس لوالدته
عمو هو اللي جابني يا ماما.
مصطفى. 
دمدم بها نحو المذكور والذي توقف يرمقه بنظرة مظلمة وملامح مغلفة أنبأته بحقيقة ما توصل إليه شقيقه. 
..
بداخل الحديقة وبعد مغادرة الجميع وقف الشقيقان في مواجهة غير محسوبة من جهة الطرف الثاني وهو عدي فلم يكن يتصور في أقصى خيالاته أن يصل الأمر إلى شقيقه الأكبر فيتصرف بحنكته المعتادة ويأتي هو بالطفل بنجاح يلازمه كالعادة وهو الحامي والمسيطر رافع رأس العائلة بنزاهته وعقليته الفريدة في التفكير السليم عكسه هو في كل شيء فاشل حتى في تدبير الخطط!
مش ناوي تسألني جيبت الولد ازاي
كان السؤال كفخ شعر به عدي أو بالأصح هو بداية لجره نحو الحديث المتوقع ولكنه تجاهل يدعي عدم الفهم بقوله
وهسألك ليه تاني ما انت جيبت الفايدة لما شرحت من شوية لميسون عن علاقاتك المتشعبة في البلد واللي مكنتك من معرفة مكان الولد في اسرع وقت بجد انا مش عارف اشكرك إزاي
جمود جسده والتعابير المنغلفة على ملامحه لم تتغير ولو حتى بشبه ابتسامة ساخرة بل كان يطالعه بهدوء ما يسبق العاصفة حتى تكلم اخيرا
بتلف وتدور معايا في الكلام معايا يا عدي حتى وانت عارف إني وصلت للحقيقية بنفسي يعني مش محتاج تأكيد منك ولا سؤال.
علم عدي أنه لا مناص من التهرب والإنكار طالما شقيقه يحدثه بهذا الهدوء الخطړ وجميع الطرق سوف تذهب به لنفس النتيجة فخرج سؤاله بفضول ملح
طب مدام كدة يبقى تقولي انت عرفت ازاي ما هو مش معقول يعني في ظرف ساعات قليلة تنزل من مصر وتيجي بالولد على هنا وكأنه كان مستنيك في المطار.
رمقه مصطفى بتعجب قبل أن يفتر فاهه بابتسامة جانبية ساخرة لم تصل لعينيه قائلا
مشكلتك يا عدي انك دايما بتاخد بالظاهر زي الست والدتنا بالظبط ما بتركزش في بواطن الأمور ولا في تحليل الشخصية اللي بتكلمك يعني أنا مثلا لما اقولك بإني عرفت بموضوع الولد منك انت شخصيا مش هتصدني لأنك متأكد انك ما اعترفتش بحاجة قدامي وهو دا فعلا اللي حصل لكنك ناسي اني فاهمك وحافظ أكتر من خطوط إيدي يعني عارف بطريقة تفكيرك 
توقف برهة يراقب تعقد ملامح الاخر وهذا الصمت منه دون أي إعتراض أو مجادلة على غير عادته وكأنه متقبل تقريعه فتابع
كان ممكن اقدر موقفك رغم اعتراضي على الطريقة الكارثية بس دا لو كنت هتحافظ عليهم وتعوضهم عن افتقاد والدتهم مش تتجوز وتعيش حياتك وتدمرهم. 
زفر عدي يخرج دفعة من الهواء المشحون بإحباطه ورد مصححا
معدتش في جواز خلاص يا مصطفى دي كانت فكرة وراحت لحالها أهم شيء عندي دلوقتي هو الأولاد
مش فاهم يعني خلاص قررت تسيبهم لميسون
سأله بتوجس رغم ارتيابه لهذه النبرة المنهزمة وأتت الإجابة تزيد من حيرته
لا يا مصطفى مش هسيبهم ولا هسيب مراتي طمن قلبك. 
تحرك بخطوتين ليقف بجوار إحدى أشجار الحديقة يضع كفه على جزعها ليردف بتنهيدة خرجت من العمق
أنا خلاص عرفت نصيبي وحمد لله نصيبي مش وحش للدرجة اللي تخليني اهرب ولا اصر على الفراق أينعم انا كان نفسي في الحب..... أعيش المشاعر اللي كنت بشوفها دايما في عنيك انت ومراتك...... بس خلاص بقى.
وضحت الرؤيا جلية امامه الان ليستنبط بعقله الراجح أن شقيقه بدأ يستفيق من غفوته فرد بنبرة تجلى فيها الحنان الأخوي
إنت قولت ان نصيبك مش وحش وانا شايف إن دي كلمة قليلة عليه لإنك في نعمة يا عدي مراتك وولادك من أروع ما يكون ولو ع المشاعر اللي نوهت عنها فدي تقدر تخلقها مع ميسون بكل سهولة خصوصا وانا عارف كويس انها بتحبك يعني في انتظار إشارة بس منك وتلاقيها فكت جمودها بل وسلمت كل حصونها ليك ولو بتثق في رأيي فدا شيء انا متأكد منه.
لاح على وجه الاخر الإقتناع ولكنه ظل صامتا ليرتب الأفكار برأسه جيدا هذه المرة كي يصلح ما فات بنهجه الجديد ناسيا عنجهيته القديمة وتعاليه حتى على اقرب الأشخاص إليه.
أما مصطفى وبعد أن اطمئن لجانب شقيقه استل هاتفه من جيبه ليتصل بالقطعة الغالية من قلبه حبيته وزوجته
الوو يا مصطفى انت اخيرا اتصلت
هتفت بها عبر الاثير بنبرة أجفلته ليجيبها على الفور بتبرير
ايوة يا حبيبة قلبي ما انتي عارفة اللي حصل وع العموم اسف لو اتأخرت باتصالي عليكي المهم بقى انتي عاملة ايه
ردت بصيحة أعلى من سابقتها وكأن الامر جلل
انا محتاجكاك بسرعة يا مصطفى عايزاك دلوقتي حالا تبقى معايا أشتاقتلك وعايزة احضنك اووي
وعودة إلى الوطن 
وبالتحديد داخل القاعة مع أجواء حفل الزفاف وهذه الأغنية الرومانسية التي كانت تصدح بقلبها وزوج العروسان يتراقصان عليها
ادي اللي في بالي بالملي
قمر ومن السما نزل لي
دي باسم الله ما شاء الله تشوفها تسمي وتصلي
ما دي اللي في بالي بالملي
قمر ومن السما نزلي
دي باسم الله ما شاء الله تشوفها تسمي وتصلي
عشان اوصفها مالهاش حل
كلام اغانيا كله اقل
دي خير في حياتي جاني وهل ومن حظي انه متشالي
عشان اوصفها مالهاش حل
كلام اغانيا كله اقل
دي خير في حياتي جاني وهل ومن حظي انه متشالي
المهندس حسن وشهد العسل عروسه.
تتمايل برقة استعادتها على يده وأناقة لم تغب عنها حتى وهي بملابس الرجال التي كانت تخفي بها أنوثتها كي لا تكن مطمع لأي كان أما اليوم فقد كانت ترتدي فستانها الأبيض بهيئة ملوكية تليق بها حيث كان ضيقا حتى الخصر ثم يتسع بعد ذلك بعد ذلك بطبقاته العديدة من الشيفون والدانتيل المزين بالنقوش الدقيقة وزينة الوجه الرقيقة كطبيعتها التي كانت تدفنها سابقا بين يدي حبيبها والذي لا يمل من تأملها حتى والعيون منصبة نحوهم يجعلها تخجل مهما حاولت الإنكار
بتبصي على إيه ركزي معايا. 
قالها بهمسة محذرا حينما الټفت نحو شقيقاتها تبادلهم الابتسامة حينما لوحوا لها بطريقة كوميدية لتعود إليه
مرددة باضطراب
اركز فين تاني يا حسن إنت مزهقتش تركيز.
ضحك ينفي بهز رأسه
لا طبعا هو انتي لسة شوفتي

زهقان دا احنا لسة مدخلناش في الجد أمال لما ندخل بجد
بقى هيحصل أيه
قال الاخيرة بنبرة موحية جعلتها تستدرك على الفور لتنهيه
خلي بالك يا حسن الناس مفتحة عيونها أوي معانا بتلقط كل إشارة يعني اظبط كدة.
ضحك بملأ فمه ليزيد بتصميم
لا ما انا مبيهمنيش أصلي قلعت برقع الحيا من زمان وامي واخويا عارفين عني أوي الحكاية دي ناقص بس انتي تعرفي وهعرفك
ختم جملته بغمزة بطرف عيناه فاجأتها لتكتم شهقة الأجفال مع ضحكة لم تقوى على كتمها مرددة بيأس
أنت مفيش فايدة منك يا حسن ناوي تفضحنا.
شاركها الضحك يومئ رأسه يؤكد تخمينها
وبالجوار كان الزوج الاخر
الضابط أمين وعروسه لينا والتي كانت اية من الجمال هي الأخرى بفستان لا يفرق عن ما ترتديه شهد سوى أنه كان عاري الذراعين وجزء مكشوف في الأمام مما جعل هذا الأمر سببا في عدد من المشاجرات والمناوشات بينها وبينه فقد كان على حافة الأنفجار يكبح شياطين غضبه بصعوبة في عدم الفتك بها أمام الجميع وكان هذا ما يظهر جليا في لمساته والكلمات الموجهة إليها
اه ما براحة يا أمين إيدك ضاغطة أوي على ضهري. 
بأعين يكسوها الإحمرار المخيف وڠضب يقطر مع كل كلمة يردف بها همس مهددا بوعيد
احمدي ربنا انها ضاغطة بس يعني ما ترفعتش ونزلت على وشك بقلم ولا طيرت صف سنانك بلوكامية.
يا عم بقى هي توصل لدرجادي يعني
قالتها ببعض العشم متغاضية عن تهديداته الصريحة ولكنه عاد مؤكدا دون تراجع
اه لدرجادي وأكتر كمان تحبي تجربي لينا
أخفت بصعوبة ابتسامتها فبرغم طبيعتها الحادة دائما في الشجار معه إلا أنها هذا اليوم كانت متفاهمة بعض الشيء لانفعاله المبالغ فيه منذ أن رأها بصالون التجميل حينما دخل ليأخذها منه فهذا الفستان الذي غيرته في اخر لحظة بالأمس لم يتسنى له رؤيته على الإطلاق سوى عليها اليوم وقد كانت مفاجأة له بكل ما تحمل الكلمة حتى انها خشيت من أن ېقتلها بحق أمام مديرة المكان التي جاهدت مع شقيقه وشهد في فض الإشتباك والذي انتهى بعد مدة من الوقت والمحايلة للتقبل حتى وافق على تكملة اليوم بشرط تغطية المكشوف تصرفت المرأة بذكائها لتغطي على الذراعين بكومين من الشيفون ولكن تبقى الجزء الذي في الأمام والذي لم يجدا له حالا على الأطلاق حتى وافق به على مضض مع ټهديد ووعيد طوال الوقت.
ردت بلهجة يشوبها الدلال
لا يا سيدي مش عايزة اجرب مدام انت صعب أوي كدة كل ده ومكفكش
وكأن بكلماتها تصب بالوقود لتزيد من اشتعاله احمرت عينيه يدفعها بغلظة نحو صدره يهدر بصوت خفيض كازا على أسنانه
بلاش تختبري صبري أكتر من كدة انا على اخري سبيني ماسك نفسي بالعافية دلوقتي.
دب الخۏف بداخلها من هيئته ولكن طبيعتها العنيدة لم تثنيها عن المواصلة بعتاب
ما انت لو كنت فضيت نفسك شوية معايا امبارح أو حتى بصيت ع الصور اللي كنت ببعتهم عشان تختار منهم كنت نقيت على كيفك كمان بدل ما تتفاجئ بزوقي.
هم أن يزيد بانفعاله ولكنه انتبه على صياح الجميع مع حمل شقيقه لشهد ليدور بها مع قرب انتهاء الأغنية وجاء صوت لينا معقبة
دا بيشلها وبيلف.......
قطعت بشهقة مجفلة فور أن شعرت بنفسها هي الأخرى وكأنها تطير وقد ارتفعت قدميها عن الأرض بعد ان باغتها هو الاخر وحملها بذراع واحدة ليدور بها مثل شقيقه وسط الصياح والصفير وزغاريد النساء حولهم لفت ذراعيه حول عنقه بابتسامة ساحرة تهديها له وكأنها ميثاق تصالح كي يرضى عنها اهتز قلبه لها رغم الجمود الذي يدعيه فعقله الخبيث ما زال متمسك بالاڼتقام ولكن بعد انتهاء الحفل.
مشهدهم ابهج الجميع وأثر بهم خاصة تلك التي كانت تتابع بحالمية هي الأخرى وأنظارها معلقة بمن كان يناظرها في الجهة المقابلة لها وعيونه منصبة عليها من جهته قبل أن تنتهي الفقرة ف يلوح لها بيده كي تترك مقعدها وتأتي خلفه مستغلا انشغال والدها مع ضيوف الحفل وابتعاده بمسافة كافية. 
اذعنت مستأذنة من والدتها بحجة الذهاب إلى المرحاض ثم تسحبت تتبع أثره حتى انتهى بها المطاف بأن وجدت نفسها بالحديقة الخلفية للقاعة تطلعت في الظلام تهتف منادية بإسمه بعد أن اختفى عن عينيها
شادي يا شادي .
ظهر فجأة من خلف العمود القريب ليصبح أمامها على الفور فلا يفرق عنها سوى سنتميترات قليلة طوله المهيب وحضوره الطاغي يبعث بقلبها ذبذبات لذيذة من الخۏف والترقب وقد بدا أنه على حافة الأنفجار
إيه بتبصلي كدة ليه
تفوهت بها وهي ترتد بأقدامها للخلف
تم نسخ الرابط