رواية خالد من 21-26
المحتويات
پصدمة
خالة جليلة هنا فى مصر..وسايبة جدك عزيز فى الوادى..أهي دى عمرها ما حصلت ولا كنت أصدقها أبدا.
قالت جورية بإرتباك
أيوة..أصلها..مرضيتش تسيبنى لوحدى وصممت تيجى معايا عشان تخلى بالها منى.
لاحظ خالد سحابة الحزن تلك والتى مرت بعينيها سريعا..ليقول بهدوء
خلاص ياجورى..تعالى هوصلك.
نظرت جورية إليه بإضطراب قائلة
لأ..أرجوك ..متتعبش نفسك..أنا هتصل بأي شركة توصيل..وهم....
لأ طبعا..تتصلى بيهم إزاي وأنا موجود..تعالى معايا هوصلك لشقتك تتطمنى على خالتك وهرجعك هنا تانى..متقلقيش.
نظرت جورية إلى كل من فراس وليلة..ليومأوا لها برأسهما..فتنهدت قائلة
تمام..يلا بينا.
لتتقدمه ويبتعدا فى هدوء تتبعهما عيون العروسين ودعواتهما.
كان خالد يقود السيارة بهدوء تجاوره جورية التى شعرت بالإضطراب فى قلبها..تتسارع دقاتها..كلما تلامست يدها مع يده بالخطأ..فحين أرادت تغيير الأغنية فى كاسيت السيارة حيث كانت الأغنية ناعمة ورومانسية للغاية تمس شغاف قلبها ..تلامست أصابعها بأصابعه وهو يمد يده يرفع درجة صوت الأغنية..ليشتعل القلبان بالمشاعر حين تلامست الأصابع..وحين أطار الهواء خصلاتها فدخل فى عينيها وأدمعت أرادت منديلا فتلامست أيديهما وهو يمد يده ليسحب لها منديلا..ليبعدا فى كل مرة أيديهما عن بعضهما البعض على الفور وهما يتحاشان النظر إلى بعضهما البعض حتى لا تخونهما مشاعرهما فتفضحها أعينهم..وكأن أفكارهم وردود أفعالهم تجاه مشاعرهم متطابقة ..أو ربما هو القدر والذى يتركهما الآن فى ڼار متأججة يبغيان منها الفكاك..ولكن لا مهرب من القدر...إنتفضت على صوت خالد ينادى بإسمها ويخرجها من أفكارها..لتنتفض وهي تلتفت إليه على الفور بتساؤل..ليقول بدهشة
هزت رأسها نفيا قائلة
لأ..أنا بس.. كنت بفكر.
نظر إليها للحظة قبل أن يعاود النظر إلى الطريق قائلا
بتفكرى فى إيه
أطرقت برأسها قائلة بنبرات رغما عنها ظهر الحزن فيهما
أبدا ..ولا حاجة.
نظر إليها مجددا مترددا للحظة قبل أن يحسم أمره ويركن السيارة على جنب..رفعت جورية رأسها ظنا منها أنهما وصلا إلى وجهتهما..فوجدت أن خالد قد توقف بجانب الطريق..لتنظر إليه فى تساؤل..تأمل خالد عيونها البنية ذات الأهداب الطويلة والتى ترمش بها الآن بتوتر من تأمله لها..ليبتسم بداخله من رقتها الشديدة وخجلها الذى يظهر فى تلك الوجنتان الحمراوتان..ليأخذ نفسا عميقا قبل أن يقول
أنا هثبتلك أد إيه بقيت بفهمك من نظرة عنيكى ..أد إيه بقيت حافظ طريقة تفكيرك..كنتى هتقوليلى إنى مينفعش أحس ناحيتك بالمشاعر دى وإنى لازم أنساكى عشان خاطر مراتى وبنتى..مش كدة.
هرد عليكى وأقولك ..مش بإيدى..قاومت مشاعرى ناحيتك..حاولت أقسى قلبى كتير وأفكر نفسى إن كل الستات قلوبهم من حجر ومبيفكروش غير فى مصالحهم وبس..
لينظر إلى الأمام قائلا فى شرود
زي جدتى بالظبط ..واللى كانت مستعدة تعمل أي حاجة فى الدنيا عشان يبقالها حفيد..حتى لو داست على قلب ست غلبانة ملهاش ذنب..و مرات
رق قلب جورية لألمه وتمنت لو مدت يدها الآن وربتت على يده تؤازره..وتمنحه عطفها ولكنها تدرك أنها إن أمسكت يده لن تتركها أبدا ..لتفيق من أفكارها على صوته وهو ينظر إليها قائلا
أنا ربيت إخواتى بنفسى وعارف هم إيه.. وإزاي مختلفين بس كنت فاكر إنهم بس كدة عشان تربيتى..مكنتش أعرف إن لسة فى الدنيا دى حد زيهم..حد رقيق وحنين وطيب وممكن يفضل سعادة غيره على نفسه..زي ما إنتى مصممة تضحى بسعادتك عشان خاطر شاهيناز وريم..رغم معاملة شاهيناز ليكى ورغم إنك متأكدة إنها متستاهلش.
أطرقت برأسها قائلة
إنت فاهم غلط على فكرة..أنا مش بضحى بسعادتى ولا حاجة..أنا....
قاطعها وهو يرفع ذقنها بيده قائلا
تقدرى تبصى فى عيونى وتقوليلى إنك مبتحبنيش
نظرت إلى عيونه تحاول أن تنطق بتلك الكلمات فلم تستطع ليبتسم بثقة ومع إبتسامته وجدت القوة لتقول بثبات
أنا فعلا مبحبكش..أنا بحب فهد..خطيبى..يمكن شفت فيك حاجات منه..بس أكيد مش هحبك زي ما حبيته..فهد ماټ وماټت معاه مشاعرى ياخالد..لازم تفهم ده كويس..ولو بجد جواك مشاعر من ناحيتى إنساها وإنسانى..لا أنا هقدر أحبك ولا إنت هتقدر تبعد عن عيلتك.
ترك ذقنها وهو ينظر إليها مليا..يتأمل عينيها الكاذبتان..يعلم فى قرارة نفسه أنها تحبه مثلما يحبها..ربما أحبت فيه حبيبها المتوفى..ربما تناسخت روح فهد وذكرياته فسكنته..مئات الإحتمالات واردة ولكن الحقيقة الوحيدة الآن..أنه يحبها..وهي تحبه..شاءت أن تعترف بمشاعرها أو أبت..فلقد قرر أن يطلق العنان لمشاعره ويستجيب لها..وسيدع القدر يحدد مصير تلك العلاقة..ليدير محرك سيارته قائلا بثبات
هنشوف ياجورى..هنشوف.
الفصل الخامس والعشرون
أفعى حقا تكونين
تخونين الجميع ولا تستثنين
تقتلين كل من حولك ..تدمرين
ولكن أنا لك بالمرصاد أحمل السکين
ليرتاح قلبى الذى يطالب بثأره منذ سنين
قال خالد بهدوء ما إن دلفت جورية إلى السيارة مجددا
أخبار خالتك جليلة إيه
ظهر الحزن رغما عنها على ملامحها وهي تقول
نايمة.
كاد أن يدير السيارة ولكنه توقف قائلا
هو أنا ممكن أسألك سؤال شخصى
نظرت إليه.. يدق قلبها بقوة..تخشى أسئلته الشخصية لها ولا تعرف كيف ستجيب عليها..ولكنها أومأت برأسها بهدوء..ليستطرد قائلا
هو إيه اللى جواكى و مزعلك أوى بالشكل ده..أرجوكى إفتحيلى قلبك ومتخبيش عنى حاجة.
نظرت إليه للحظات تبغى هربا من كلمات لا تود قولها..فهو شئ خاص بها ..لتدرك أنه جزء منها حتى وإن حاولت الإنكار..أو إبعاده عن حياتها..يظل فهد أو خالد ..لا فرق بينهما..هو الأقرب لروحها..لتشيح بنظراتها عنه تنظر إلى الأمام قائلة بحزن
خالتى جليلة مش جاية معايا عشان تطمن علية زي ماقلت..دى جاية زعلانة من جدى..لأول مرة أشوفها زعلانة بالشكل ده..أنا عارفة إنها مكنتش نايمة ..بس هي حاولت تعمل نفسها نايمة عشان متتكلمش..حسيت أول ما دخلت بصوتها وهي بتبكى بس كتمت صوت بكاها أول مادخلت أوضتها..أنا عارفة إنها محتاجة تبقى لوحدها وإنها مش حابة تتكلم..بس كان نفسى تتكلم معايا وتفضفض..أنا زعلانة عليها أوى..وزعلانة من جدى بجد.
قال خالد فى حنق
هو بصراحة جدك مستفز أوى ..أنا لولا مكالمة فراس لية وأنا فى المزرعة..أنا كنت.......
قاطعته جورية قائلة بسرعة
بالعكس على فكرة ..جدى طيب جدا..يمكن مفيش أطيب منه فى الدنيا..بس هو ساعات بيحبكها شوية..من خوفه علينا مش أكتر..أصل إنت متعرفش حكاية ماما وبابا..واللى أثرت فيه جدا وخليته بېخاف علية أكتر....
لتنظر إلى الأمام مجددا وهي تقول بشرود
جدى مش اللى حكالى على قصتهم..جدى أصلا مبيتكلمش خالص عنهم..خالتى جليلة اللى قالتلى..فى يوم من الأيام بابا جه إشتغل عند جدى فى المزرعة..شاف ماما..ووقعها فى حبه..كان قاصد يوقعها علشان طمعان فيها..ولما جدى رفض جوازهم لإنه شاف طمع بابا فى عينيه..ماما هربت مع بابا..تصور بابا إن جدى هيسامح ماما بعد الجواز..وهيرجعوا يعيشوا فى المزرعة من تانى..بس جدى مسامحهاش..فإبتدى بابا يبان على حقيقته....وماما إستحملت عشان خاطرى ولإنها كانت فاكرة إن جدى مش ممكن يسامحها لو رجعتله..وفى يوم جيت أصحى ماما مصحتش..جريت على جارتنا وطلبت مساعدتها ..مكنتش أعرف إن ماما كدة تبقى ماټت..لما جارتنا شافت ماما وعرفت..حاولت توصل لبابا معرفتش..دورت فى أوراق ماما..ولقت تليفون خالتى جليلة كلمتها وبسرعة كانت هي وجدى عندنا فى البيت ..وعلى ما جم كنا إكتشفنا إن بابا كمان ماټ بجرعة زايدة من الهيروين..الإتنين ماتوا فى ليلة واحدة ..هي إرتاحت من عڈابها وهو.....
تنهدت ثم إستطردت قائلة
الله يرحمه بقى..مع الأسف فى اليوم ده بقيت يتيمة فعلا..ډفنا ماما وبابا ورجعنا المزرعة..أنا فاكرة حالة جدى أيامها كانت عاملة إزاي ..كان متحطم ..ولولا وجودى فى حياته مش بعيد كان جراله حاجة ..زي ما لولا وجوده فى حياتى أنا كنت ضعت.
إنتفضت على يده التى مسحت دموعها والتى سقطت على وجنتيها دون أن تدرى..لتنظر إليه فوجدته يتأملها بحنان ..أخفض يده قائلا
ماضى عدى بحلوه وبمره..وإنتى النهاردة بكل مافيكى من تكوينه..ربنا سخر جدك عشان يحميكى ويربيكى وسخرك عشان تعوضيه عن بنته..أنا مش عايزك تزعلى كل ما تفتكرى الماضى..حتى لو قصة مامتك وباباكى حزينة فكفاية إنك كنتى نتيجتها..ولا إيه
نظرت إلى عينيه تذوب بهما وبنظرتهما الحانية وبنبراته التى مرت على أحزان قلبها فجعلتها رمادا..ليقول فى مرح ذكرها بفهد
وبعدين كلامك خلانى أحب جدك ..مش بالذمة دى معجزة أصلا
إبتسمت جورية رغما عنها..وكادت أن تقول..أحببته فى
الماضى وليس غريبا أبدا أن تحبه مجددا ولكنها آثرت الصمت وهي تومئ برأسها..ليدير خالد سيارته وهو يقول
يلا بقى زي الشاطرة..قوليلى جدك عمل فى خالتك جليلة إيه..حد بالذمة يزعل البسكوتة دى
إبتسمت وهي تقول
هحكيلك ياخالد..هحكيلك.
كان الوداع فى المطار مؤثرا للغاية ..خاصة لهؤلاء الذين يودعون قطعة من روحهم قبل السفر..فعيون لين لم تحيد عن مؤيد الذى حاول تجاهلها قدر الإمكان ولكنه كان يجد عيناه تعود إليها لتلتقى بعينيها..يرى بهما رجاءا وطلبا للغفران..فيشيح بنظراته عنها رافضا أن يرق قلبه لها..فتصيبه بنيران الشك من جديد ..ليجد نفسه مجددا يعود إلى عينيها فيجدها تغمضهما على دمعة مزقت نياط قلبه..كاد أن يذهب إليها..يأخذها بين أحضانه..يطمأنها بأنه لها قلبا وقالبا..حتى وإن لم يستطع لها غفرانا..فكيف يمنحها أملا فى الغفران..وهو لا يعتقد أنه قادرا على أن يسامحها يوما ..فهي لم تسامحه عندما ظنت أنه ېخونها..لم تمنحه حتى فرصة للتبرير..فرصة للدفاع عن نفسه من تهمة هو برئ منها.. فكيف يغفر لها ظلمها له وشكها به..منحها ظهره وهو يقسى قلبه..كما فعلت هي منذ مايقارب من أربعة سنوات..قضاهم بعيدا عنها فى ألم وحزن ومرارة..يظن أنها تركته من أجل طفل..طفل لاذنب له فى حرمانها منه.
أما جورية فكانت تقف مع ليلة تحدثها على جنب..بينما كان هناك من لا يحيد بناظريه عنها..يود لو طلب منها السفر معهم رغم إستحالة تلبيتها لهذا الطلب الغريب..يود لو لم يفارقها قط..ولكن لابد وأن يفعل فأخته تحتاجه بجوارها وهو يحتاج لأن يطمأن عليها..فإكتفى بوداعها بعينيه ولكن قلبه لن يودعها فهي نبضاته..يعترف بكل قوة دقاته أنه بات يعشقها..وأنه عند عودته سيضع حدا لزواجه من تلك الشاهيناز والتى لم تهتم بأخته ولم تتصل به حتى لتطمأن على حالتها ..عندما يعود سيطلب الزواج من جورية..حتى وإن رفضت لخۏفها على حياته الزوجية سيثبت لها بالدليل القطعي أن زواجه من شاهيناز مڼهار كلية من قبل حتى أن يعرفها..وسيمنحها ورقة طلاقه كدليل على ذلك
....أفاق من أفكاره على صوت
متابعة القراءة