رواية عشقت زوجي الجزء الاول
المحتويات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الأولى
في مساء إحدى ليالي أغسطس الدافئة يقف بحلته السوداء الأنيقة التي جعلته أميرا من أمراء حكايا ألف ليلة و ليلة و لما لا!..فالمفترض أنه عريس الليلة.
يقف بساحة الانتظار بمطار القاهرة الدولي ينظر إلى ساعته النفيسة بتأفف كل حين و آخر في انتظار وصول الطائرة القادمة من نيويورك و التي تقل ضيفة لا يعلم شكلها بعد.
بعد عدة دقائق أعلن المذيع الداخلي عن هبوط الطائرة القادمة من نيويورك و حينها انتابته حالة من التوتر لا يدري كيف سيكون شعوره حين يقابلها بالأحرى كيف سيعرفها و هو لم يلتقي بها سوى مرة واحدة منذ عشر سنوات حين كانت في الرابعة عشر من عمرها.
اطمئن قليلا حين تذكر ذلك الأمر فعلى الأقل سيتخطى إحدى المواقف المحرجة التي يتوقع حدوثها لاحقا.
و ما هي إلا لحظات حتى أقبلت عليه و هي ترتدي فستان زفاف بسيط ليس بالمبهرج كما أنه محتشم ذو أكمام واسعة يتناسب مع ذلك الحجاب الرقيق الذي ترتديه و تعلوه طرحة الزفاف المزرقشة من أسفل ذلك التاج الصغير الذي بالكاد يظهر على رأسها.
انتابته الدهشة حين رآها مقبلة عليه مباشرة دون أن تبذل أدنى مجهود في البحث عن هويته و كأنها تعرفه جيدا و لكنه نحى ذلك الشعور جانبا و رسم ابتسامة يجاملها بها حتى لا يشعرها بأنها عبئ عليه ولكن لحظة... لما تتلثم بهذه الكمامة السوداء!.. فرغم أنها أعطتها مظهرا أنيقا مع تلك الهالة البيضاء التي تحيطها ألا أنه لم يجد تفسيرا لإرتدائها.
حين وقفت أمامه ألتقت عينيها البنية بلون القهوة بعينيه البنية المائلة للسواد.
حمد الله على سلامتك يا دكتورة ندى.
قالها بابتسامته الساحرة و لكن رغم ذلك امتعضت ملامحها حين نعتها بالدكتورة... انها زوجته الآن.. لما يستخدم الألقاب إذن.
الله يسلمك يا أدهم بيه.
اتفضلي من هنا.. ماما في انتظارك برا في العربية.
أومأت بتجهم و سارت خلفه بشيئ من الضيق.. فلم يكن في حسبانها أبدا أن اللقاء سيكون بهذه الطريقة الرسمية للغاية.
لم يبارك زواجهما.. لم يسألها عن أحوالها.. لم يسألها كيف كانت رحلتها... ترى هل هذه طباعه!.. أم أنه...
نفضت تلك الفكرة عن رأسها سريعا.. فهي غير مستعدة لفكرة أن زواجه بها مجرد مهمة من مهماته أو حتى خدمة لوالدها.
بمجرد أن رأتها تلك السيدة الوقور تطل عليهم بالفستان الملائكي حتى ترجلت من السيارة على الفور و ابتسامتها الفرحة تشق وجهها الجميل و حين اقتربت العروس فتحت تيسير ذراعيها على آخرهما و كأنها تدعوها لتلقي بنفسها بينهما و بالفعل لم تكذب ندا خبرا و ارتمت بتأثر بين ذراعي تلك السيدة الحنونة التي تذكرها بأمها الحبيبة.
حبيبتي يا ندى... وحشتيني وحشتيني وحشتيني أوي يا حبيبة قلبي... عشر سنين متنزليش مرة تطلي عليا و تخليني أشوفك و اطمن عليكي!.
ابتعدت ندى عن حضنها بشق الأنفس ثم قالت بتأثر شديد
و انتي كمان وحشتيني اوي يا طنط تيسير.. حضرتك عارفة الظروف.. يا ريت كان ينفع أنزل و أشوفك.. مكنتش هتأخر أبدا.
ظلت تيسير تربت على كتفها بحنو و تناظرها بنظرات مشتاقة إلى أن انتبهت إلى تلك الكمامة السوداء فلم يكن يظهر من وجهها سوى عينيها و جبهتها.
لابسة كمامة ليه يا حبيبتي.. انتي تعبانة ولا ايه
قامت ندى بنزعها على الفور ثم قالت بإبتسامة واسعة
لا أبدا... كنت لابساها تحسبا عشان تغيير الجو.
التمعت عيني تيسير و من خلفها أدهم بإعجاب واضح بملامحها المريحة المتناسقة فرغم أنها خمرية البشرة إلا أن ملامحها ملفتة و تقاسيم وجهها متسقة و وجهها مستدير و صغير فهي تشبه كثيرا الممثلة المعتزلة حنان ترك و هي محجبة في شكلها و طولها و قوام جسدها.
بسم الله ما شاء الله....كنتي جميلة و بقيتي أجمل لما كبرتي يا ندى...كأن سمية الله يرحمها هي اللي واقفة قدامي دلوقتي.
أخفضت رأسها بحزن و هي تترحم على أمها المتوفاة و التى ترى حنانها المفقود في تلك السيدة الماثلة أمامها الآن و التي كانت صديقة أمها المقربة.
رفعت رأسها حين أتاها صوت روان شقيقة أدهم و هي تقول لها بود
حمد الله على سلامتك يا ندى... نورتي مصر يا حبيبتي.
قامت ندى بإحتضانها بحب بالغ و هي تقول
الله يسلمك يا حبيبتي... انتي أكيد ريم.. صح!
ابتعدت عنها قليلا و هي تقول ببسمة صافية
لا يا حبيبتي.. أنا روان... ريم في شغلها في الصعيد.. كانت نفسها تكون في استقبالك بس للأسف لسة مستلمة شغلها امبارح و مكانش ينفع تاخد أجازة بالسرعة دي... بس هي بعتالك معايا السلام و ف أقرب وقت هتيجي عشان تشوفك و تسلم عليكي.
الله يسلمك و يسلمها يا حبيبتي.. ربنا يوفقها.
اتسعت ابتسامة روان أكثر و هي تعاينها بإعجاب واضح و تقول
بس انتي صغنونة أوي يا ندا...عارفة انتي شبه مين!
مين!
شبه حنان ترك الممثلة... سبحان الله نسخة منها... بس انتي شكلك أصغر و أحلى كمان.
ضحكت ندى كما ضحك أدهم أيضا و قال
فعلا يا روان أنتي لماحة أوي... من ساعة ما شالت الكمامة و أنا عمال أقول حاسس إني شوفتها قبل كدا.
ثم أطلق ضحكة بسيطة و لكنها نظرت له پألم فقد أوجعتها تلك الكلمات و ذكرتها بالحقيقة المرة التي لطالما تحاول تجاهلها..
ياللعجب هي زوجته و في نفس الوقت يراها للمرة الأولى.
تدخل محمود زوج روان سريعا ليغير مجرى حديث صديقه القفل كما ينعته دائما ليقول بود
حمدالله على سلامتك يا دكتورة ندى..نورتي مصر...أنا محمود زوج روان و أنا و القفل...احم..أقصد أدهم أصدقاء و زمايل في الشغل.
استنبطت أنه ضابط طالما أنه زميل أدهمفحيته بأدب جم قائلة
الله يسلمك يا محمود بيه...مصر منورة بأهلها.
حمحم أدهم ليقول بجدية
أنا بقول كفاية سلامات بقى و يلا نروح على البيت عشان ندى أكيد تعبانة من السفر.
نظرت له أمه بحدة و هي تقول باستنكار
بيت!.. لأ طبعا.. الليلة ليلة فرحكم و طالما الظروف مسمحتش اننا نعمل فرح على الأقل نحتفل في مع بعض في مكان راقي يليق بعروستنا الحلوة.
قالت كلمتها الأخيرة و هي
تنظر لندى ببسمة محبة.
بينما في تلك الأثناء قام محمود بوكز أدهم في كتفه و هو يقول بصوت مكتوم
انت غبي يابني...احنا مش متفقين اننا هنعملها حفلة صغيرة بدل الفرح.
رد عليه بهمس
نسيت يا بني ادم..ايه مبتحصلش.
نظر له شرذا و هو يردد
صحيح قفل.
نظر أدهم لندى بابتسامة مقتضبة و هو يقول بحرج
احنا أصلا حاجزين مركب شيك جدا في النيل.. بس حسيت انك تعبانة من السفر فقولت نأجلها.
ردت روان بدلا عنها
لأ مفيش تأجيل.. يلا يلا يا أدهم خود عروستك على عربيتك و احنا هنحصلك على هناك.
قالتها و هي تدفعه نحوها فقام أدهم بدوره بمسك يدها المتدلية بجانبها برقة متناهية و كأنها يخشى أن تنكسر بين يديه و لكن الحق أنه لا يريد لمسها فهو مازال لا يتخيلها زوجته و عليه لمسها.
بينما ندى أصابها الدوار و شعرت بأن الهواء يقل من رئتيها فمنذ أن ولدتها أمها لم ېلمس يدها من جنس الرجال سوى أبيها... و لكن من الذي يلمسها الآن!.. إنه ليس أي رجل.. إنه معشوق روحها.
سارت بجانبه باستسلام تام و قلبها يرفرف بين أضلعه من فرط سعادتها...أخيرا من انتظرت اقتران روحها بروحه منذ سنوات طويلة يسير بجانبها و هي زوجته و حلاله.
و لكن ترى ستستمر فرحتها طويلا!... أم لأدهم رأيا آخر!!!
تماما في تلك الأثناء... في منزل واسع أشبه بالفيلا
تقبع دارين بغرفتها و هي تعتلي كرسيها الهزاز و تتحرك به بشدة فيهتز بها بقوة لعلها تفرغ بتلك الحركات شحنة ڠضبها.
فكيف و من يدعى خطيبها قد استغنى عنها و تزوج بغيرها و في غضون ستة أيام فقط و بطريقة مفاجئة و بدون سابق إنذار.
يالها من زيجة سريعة حقا... لقد حفت ورائه عدة أشهر لعله يراها و يشعر بها حتى كادت أن تيأس و حين حدث ما تمنت و خطبها يتخلى عنها بهذه السهولة و بعد شهر واحد من الخطبة!!
يالحظك العثر دارين... لم تكد تهنأ بفوزها به حتى أتت أخرى و اختطفته من طريقها و بمنتهى السهولة.
راحت تكفكف عبراتها و هي تفكر كيف لها أن تستعيده بطريقة تحفظ كرامتها و لا تجعله يشعر أنها تريده لها و تحترق شوقا إليه.
كان يقود السيارة و هي قابعة في المقعد الأمامي بجواره يسود بينهما الصمت المطبق فلا هي لديها الجرأة على فتح مواضيع معه ولا هو يمتلك شغف الحديث معها.
فجل تفكيره منصب في هذه اللحظات على من خذلها و ترك قلبه معها و أجبر على الذهاب لغيرها بدون قلب.
و على ذكرها أتته رسالة على هاتفه الجوال فقام بتقليل سرعته لكي يتمكن من قراءة الرسالة ربما تكون من حبيبة القلب دارين فهو مشفق عليها و على قلبه المكلوم إلى أقصى حد.
لم ېكذب حدسه حيث كانت تلك الرسالة منها حيث كتبت
مبروك يا عريس... مبروك عليك عروستك الحلوة.
أغلق الهاتف و هو يتنفس پعنف فالتفتت له تناظره بدهشة من تبدل حاله رغم صمته و لكنها أيضا لم يكن لديها الجرأة لتسأله... فقط لمست منه الجفاء و حسب... الأمر الذي جعل مخاوفها تتفاقم.
بينما كانت لتلك الرسالة تأثيرا قويا عليه جعلته يضرب بنصائح أمه و تنبيهاتها عرض الحائط.
يشعر بسخط من تلك المخلوقة الجالسة بجواره أن كانت سببا في التفريق بينه و بين حبيبته و حتى و إن كانت لا تدري أن
له حبيبة و خطيبة من الأصل.
لقد ذكرته بمعاناته و تخبطه خلال الستة أيام الماضية كانت أسوأ ستة أيام مروا عليه منذ حاډث إغتيال والده.
حاول قدر الامكان أن يتحلى بالثبات ففي
متابعة القراءة