رواية عمر الفصول من الاول للعاشر

موقع أيام نيوز

الفصل الاول
الأرقام والحسابات.....العمل والدها....هذه هي حياتها.. كانت تجري في المساحة الكبيرة المخصصة في احدي الأحياء الراقية التي انتقلت لها منذ أشهر مع والدها.....وكم هي سعيدة بوجود مكان مخصص لرياضة الجري التي تعتبر المخرج الأول لطاقتها السلبية. فالعمل يأخذ كثيرا من طاقتها ويستنفذها...
لا وقت لديها إطلاقا لأي شيء آخر...فهي ابنة وحيدة توفت والدتها وهي فقط في عمر الخامسة عشر ...ولم تنجب غيرها...ولم يتبقى لها سوي والدها ...والقليل من عائلته... 

بعد فترة ليست بقليلة وقفت للحظة ترتاح فيها من الإرهاق الذي بدأ يصيبها نتيجة المجهود الذي بذلته .....كانت تنظر الي احدي البحيرات الصناعية....الموجودة بالحي الجديد...تنظر لعالم جديد ومجتمع لم تالفه من قبل .....تذكرت في الماضي كيف كان والدها كان يرفض ان يترك منزلهم الكبير بمدينة الإسكندرية....الا ان ظروف العمل التي كانت تضطرهم في الفترة الأخيرة...السفر كثيرا الي القاهرة...جعلته بالنهاية يتخذ قرارا بالانتقال إلي هناك. خاصة أنه بدأ يتقاعد عن العمل...وهي من يشرف علي كل الأعمال.... 
تنهدت بخفوت ثم ألقت نظرة أخيره حولها قبل ان تبدأ بالجري مرة أخري...عائدة إلي الفيلا الجديدة التي يعيشون بها.... 
 
بينما في حي راقي اخر كان هناك شخص اخر يجري بسرعة علي الاته الرياضية....وهو يفكر في عمله وصفقاته لقادمة..... 
قطع تفكيره صوت والدته المرأة القديمة الطراز رغم ثرائهم....الا انها كانت تقليدية للغاية .... 
دائما ما كان يحسد والده على حصوله على امرأة كوالدته .... 
أوقف كل شيء ليلتفت لها ....ليجدها تقف وهي ممسكة بيدها كوب من اللبن...كعادتها...لن تتغير والدته ابدا كان دائما يراها تفعل ذلك مع والده ...وها هي لم تترك عادتها ..... 
أوقف العجلة الرياضية...وأمسك بمنشفته ...ثم اقترب منها مبتسما...بعيونه الزرقاء التي تماثل.....عيونها.... 
بادلته الابتسامة بوقار لتقول بجدية  
ينفع كده يا عمر....يا بني انت غاوي تتعبني معاك....قلتلك اشرب كوباية اللبن الأول....وبعدين العب رياضة... 
امسك يدها ليقبلها...وأمسك بكوب اللبن المحلي بنكهة الفانيليا المحببة له....ليتحدث بمرح 
والله يا ست الكل انت بتحسسيني اني عيل...والله يا ماما انا كبرت...بس متزعليش هشرب اللبن علي طول.... 
وقبل ان تبدأ هي فيما تنوي عليه كان يخرج مسرعا قبل ان تبدأ هي حديثها اليومي عن ضرورة زواجه.....بما أنه بلغ الثلاثين عاما.... 
كان يسرع ليذهب الي غرفته....الا ان والدته كانت تتمتع بصحة جيدة...لحقت به لتمسكه من يده كالطفل الصغير لتتحدث بضيق 
انت بتجري عشان متسمعش محاضرة الجواز يا عمر....طب هتسمعه.... 
وما ان همت بالحديث الا أنه كان اسرع منها بإسكاتها .عن هذا الحديث الذي سأم منه...ليبدأ هو بتسميع كلماتها اليومية المتكررة التي لم تيأس منها ومن تكرارها .. 
خلاص ياماما...سيبيني انا اقول...يابني انا عاوز أفرح بيك...واشوف عيالك.. 
....والكلام الكثير ده...بس انا بقي هريحك مش عاوز أتجوز دلوقت يا امي....عشان خاطري سيبيني علي راحتي...... 
نظر لها ليجد نظرتها الحزينة الذي تقتله وتؤلمه في ان واحد. والدته اجمل شيء في حياته وهو لا يحب ان يراها حزينة إطلاقا ....ولكن الزواج شيء بعيد عنه حاليا ....اقترب منها علي استحياء كطريقة منه بالاعتذار ....ثم تركها مسرعا الي غرفته...لتنظر إلي أثره بعيون قلقة عليه ....متى سيتزوج ويريحها...تريد أن تراه زوجا محبا وابا حنون.....الا أنه منذ ان ټوفي والده واستلم هو العمل وهو علي تلك الحالة يعمل فقط كالألة ..... 
بينما هو بالداخل كان يرتدي ملابسه ليخرج سريعا الي عمله......فالعمل لابد أن يأتي في المرتبة الأولي كما كان دائما والده يقول..... 
يتعجب أحيانا لما والده لم يحدثه عن عشقه لوالدته ....دائما كان الحديث عن العمل فقط لا غير.... 
ربما كان خائڤا علي أمواله التي تعب كثيرا لأجلها....ومن قبله كانت عائلته....لذلك جعل من ولده الوحيد رجلا لا يفكر الا في العمل.... 
كان يقف امام المرأة يصفف شعره ليشرد في فتاته الذي كان يعشقها بالجامعة. جميلته ذات العيون البندقية ...الا أنه بعد ۏفاة والده تخلي عنها من اجل....التفرغ للعمل والدراسة في وقت واحد... 
تساؤل كان بداخله يتردد دائما هل استحق الامر ما فعله .....هل العمل كان اولي منها ...الا ان صوت هاتفه اوقفه عن كل شيء...ليمسك هاتفه ..ويقوم بالرد  
ايوه يا يزن خير على الصبح
تأفف الاخر على الهاتف بملل وهو يقول 
ابني انت اتأخرت ليه....مش المفروض عندنا ميعاد كمان ربع ساعة مع شركة الاسكندراني... 
لم ينتبه عمر للوقت إطلاقا....حيث كان شاردا في ذكرياته.....لينهي المكالمة سريعا....ويذهب إلي مقر عمله في اسرع وقت..... 
 
كانت في سيارتها تحاول الوصول الي الموعد المتفق عليه ...تنهدت بحنق....فوالدها أصبح ملازما للمنزل تاركا العمل بالكامل علي عاتقها....فمنذ قدومهم الي القاهرة وهي مسؤولة عن كل كبيرة وصغيرة. ووالدها لا يتدخل الا اذا هي طلبت المشورة... 
ابتسامة صغيرة ارتسمت علي وجهها....والدها أصبح ملازما....الي الحديقة التي احتوت على جميع الأزهار المفضلة لدي والدتها الراحلة.....هذا العشق الذي جمع بينهم هي تعتبره معجزة ولها سر هي لا تعرفه ربما لأنها لم تطرق درب الحب والهوي من قبل خرجت من افكارها ثم رفعت يدها لتستنشق رائحة العطر التي تفوح منه ..هذا الذي صنعته والدتها قبل ۏفاتها مازالت تحتفظ بجميع زجاجات العطور التي صنعتها...وهذا سر آخر لم تكتسبه من امها قبل ان ترحل وتتركها....
بعد فترة كانت وصلت بالفعل الي مقر الشركة الأخرى...لتخرج من سيارتها سريعا حاملة ل حقيبتها...وتدخل بخطوات مسرعة الي داخلها. متمنية ان تكون سكرتيرتها الخاصة قد وصلت قبلها.... 
شتمت في سرها...هي لا ترتاح لتلك الفتاة ولكنها جيدة بالعمل....متلاعبة قليلا ولكن لابأس بها....لم تخطئ بعملها الي الان....وهي لا تحب ان تقطع رزق أحد بدون سبب واضح.....هكذا تعلمت من ابيها .... 
بينما هو كان جالسا داخل مكتبه يراقب الفتاة الجالسة بغرفة الاجتماعات مع صديقه يزن.... كان يعتقد انها المسؤولة عن الصفقة في البداية الا أنه علم فيما بعد انها مجرد المساعدة الخاصة بالمدير...ابتسم...فمن الواضح ان المدير الخاص بهم يختار موظفيه بعناية....الفتاة الذي يشاهدها امامه ترتدي ملابس ملفتة للنظر بطريقة ما ....نظرة لعوب تنطلق من عيونها الخضراء...ولكن هذا ليس الأمر الذي يشغله....بل ما يريده ان تتم هذه الصفقة لينطلق في مجال صناعة الأغذية...مجال جديد ويعلم أنه مربح. وهو شخصية لا تترك اي شيء مربح اطلاقا. وكما اوصاه والده لا تترك شيء للآخرين. كن الأول...اسبق الجميع بخطوات لا بخطوة واحدة. امتلك السوق من جميع الجهات ولا تبالي لأحد... 
منطق اناني مادي خالي من الانسانية كما تصفه والدته ولكن هذا هو مجال عملهم الكبير يأكل الصغير.. 
نقر بيده على المكتب لينظر الي ساعة يده....ليجد أنه الموعد المحدد للاجتماع...ليهم بمغادرة مكتبه الي غرفة الاجتماعات. ليجد في نفس اللحظة وصول فتاة أخرى...ولكن مختلفة تماما.....تساءل بداخله هل مديرهم لا يوظف الا النساء....الفتاة ونقضيها.... 
الفتاة الأخرى كان وجهها خالي تمام من أدوات التجميل....وشعرها معقوص على هيئة دائرية.....مظهرها يذكره بوالدته في الماضي....لم يطل النظر اليها كثيرا لينهض من مكانه ليدخل الي غرفة الاجتماعات.... 
في نفس الوقت كان يزن بالداخل يرحب بالفتاة التي دخلت في نفس وقت دخول عمر... 
لتمد هي يدها...بهدوء وابتسامة عملية لتتحدث بجدية 
شكرا على الترحيب الجميل ده ...انا لوتس الاسكندراني...وانا إلي هكون مسؤولة معاكوا عن الاتفاقات الجديدة.... 
وقف عمر مصډوما بعض الشيء....فأخر ما توقعه ان تكون ابنة صاحب تلك الشركات....الاسكندراني.... 
دخل
تم نسخ الرابط