رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وعشرين للثلاثون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

على أريكة طويلة نسبيا ويجلس هو بجوارها .. كانت جلسة منفردة لهم فقط بعد الحفل .
مرت عشر دقائق حتى الآن وهي مازلت تتأمل المكان من حولها بجمود دون أن تتطلع له حتى أو تتفوه بكلمة واحدة .. فتنهد هو مغلوبا على أمره وانحنى عليها عليها قليلا حتى يجذب انتباهها له هامسا  
_ مبروووك 
نظرت له أخيرا فور همسه بالقرب من أذنها وابتسمت باستحياء متمتمة  
_ الله يبارك فيك 
رائد بغمزة مشاكسة  
_ عقبال كتب الكتاب ياحبيبتي 
تلونت وجنتيها بالون الأحمر وسارعت في تغيير مجرى الحديث حيث قالت بخفوت  
_ مش ناوي تقولي بقى تعرفني من فين 
ضحك بخفة وادرف  
_ إنتي لسا فاكرة !! 
_ طبعا .. لا يمكن انسى ودلوقتي هتقولي يا رائد بيه 
تنهد الصعداء بقوة ولا تزال الابتسامة تزين ثغره ثم اعتدل في جلسته ليصبح مواجها لها مباشرة وبدأ في الحديث بهدوء تام ونظرات خبيثة 
_ أنا المدير النرجسي والمستفز !
رددت كلمة نرجسي بين شفتيها بتفكير .. تذكر أنها عملت لفترة وجيزة لدى شركة ترجمة صغيرة وكانت تبغض مديرها دون أن تراه بسبب ما تسمعه من الموظفين عنه وأوامره الصارمة للجميع .
لحظات طويلة مرت حتى أدركت جملة رائد فصاحت پصدمة  
_ إنت بتهزر مش كدا !! 
انطلقت منه ضحكة عالية تبعها رده عليها بالنفي  
_ لا مش بهزر .. إنتي متعرفنيش لأني مكنتش ببقى موجود اغلب الوقت ومحدش بيشوفني كتير بس أنا اعرفك أكيد .. وبعدها بفترة ماما لما جات الشغل بالصدفة عندي وشافتك قالتلي إنك بنت طنط ميرفت
رفعت يدها تمسح على وجهها بذهول وهي تجيبه بعدم استيعاب  
_ أنا مش مستوعبة .. وإزاي متقوليش يا رائد ده كله
_ هتفرق في إيه إنتي سبتي الشغل من بدري .. وأنا كدا كدا كنت ناوي اقولك بس حبيت نصبر شوية لغاية ما تتعرفي عليا اصل لو كنت قولتلك من البداية كنتي ممكن تكرهيني اكتر لمجرد إنك ماخدة الفكرة دي عني
ابتلعت ريقها بإحراج بسيط ثم تطلعت له ببراءة تهمس بنبرة تعتذر قبل أن تهتف بالاعتذار حتى  
_ إنت عرفت منين إني كنت بقول عنك كدا ! 
غمز لها في مكر ضاحكا وهدر  
_ أنا بعرف كل حاجة فكان طبيعي اعرف اللي بتقوليه عني وحظك إني عرفت بعد ما ماما قالتلي انتي مين وإلا للأسف تصرفي كان هيبقى مش لطيف 
زينة بغرور وثقة  
_ أنا أساسا سبت الشغل بنفسي كنت بني آدم لا تطاق من غير ما اشوفك 
رفع حاجبه بابتسامة لئيمة ورد عليها مستنكرا في ترقب  
_ ودلوقتي إيه ! 
حركت رأسها يمينا ويسارا بحركة مترددة تهمس في برود مقصود  
_ عادي لا وحش ولا حلو 
_ لا والله !!! 
قهقهت بقوة واردفت مسرعة بعدما لاحظت غيظه من ردها  
_ بهزر .. اكيد اختلفت وجهة نظري عنك يعني .. واتغيرت للأفضل 
عادت الابتسامة تزين شفتيه ليقول بمداعبة  
_ بداية مبشرة الحمدلله

بعد مرور ساعات قليلة ..... 
خرجت من الغرفة متسللة على أطراف أصابع قدمها وبرأسها تتلفت حولها وعيناها تتجول بكل مكان بحثا عنه حتى رأت ضوءا خاڤتا منبعثا من غرفته الخاصة بالعمل .. سارت بحرص أشد دون أن تصدر أي صوت كلص يخشى أن يمسك به صاحب المنزل .
وصلت إلى باب الغرفة .. أمسكت بالمقبض في حذر وتطلعت له خلسة من الخارج فرأته يقف وينحنى على الأدراج يضع بعض الأوراق الخاصة بعمله بها تابعته بعيناها لدقيقة تماما حتى وجدته يغلقهم وينتصب في وقفته مستندا لمغادرة الغرفة .. فتركت المقبض وتراجعت للخلف مسرعة تركض على أطراف اصابعها نحو الغرفة .. دخلت وأغلقت الباب بالمفتاح من الداخل ووقفت خلفه تنتظر وصوله وبالفعل أقل من خمس دقائق سمعت صوت خطواته تقترب من الغرفة وحين أمسك بالمقبض واداره حتى يفتحه لم يفتح .. ظل يعيد الكرة أكثر من مرة ظنا منه أن قفل الباب تعطل .. حتى أتاه صوتها من الداخل وهي تقول 
_ متحاولش أنا قافلة الباب بالمفتاح ! 
اتسعت عيناه بريبة وهيمن عليه الصمت للحظات حتى رد عليها بعدم فهم  
_ نعم !!! 
جلنار بابتسامة متشفية وبحدة تخرجها باحترافية في صوتها الناعم  
_ زي ما سمعت مش هتقعد معايا في نفس الأوضة ياعدنان .. روح نام في أي أوضة تاني أو نام على الكنبة برا 
تمالك أعصابه ورد عليها بثبات انفعالي مصطنع 
_ افتحي الباب ياجلنار وبلاش شغل الأطفال ده 
صاحت به من الداخل پغضب  
_ شغل أطفال !!! 
عدنان بنبرة محذرة وهو يصر على اسنانه بغيظ  
_ افتحي ومتخلنيش اعلي صوتي والبنت نايمة في الأوضة اللي جمبنا 
جلنار ببرود مقصود وهي تضحك بتشفي دون أن يراها  
_ وتعلي صوتك ليه .. أنا قولتلك الحل البيت كبير الحمدلله والأوض كتير 
ضړب بقبضة يده القوية على الباب يهتف باسمها مصحوبا بزمجرته  
_ جلنار 
فزعت قليلا من ضړبته لكنها لم تبالي وقالت هذه المرة پغضب حقيقي متخلية عن برودها  
_ من هنا ورايح مش هتنام معايا في أوضة واحدة ياعدنان .. إنت في أوضة وأنا في أوضة .. كفاية أوي لغاية كدا 
انفعل بشدة فعاد يضرب على الباب من جديد محاولا إخفاض نبرة صوته مما جعله نبرته تخرج متحشرجة بشكل مخيف  
_ هو إيه ده اللي كفاية .. افتحى الزفت ده بدل ما اكسره فوق دماغك 
جلنار بإصرار وعناد 
_ مش هفتح واللي عايزه اعمله 
كور قبضة يده ورفعها لأعلى في حركة تلقائية كمحاولة شبه بائسة لتمالك انفعالاته ثم رد عليه كاظما غيظه بصعوبة  
_ ماشي ياجلنار لينا كلام الصبح 
سمعت صوت خطواته وهي تبتعد عن الغرفة فابتسمت بخبث ثم أصدرت تنهيدة طويلة واتجهت إلى الفراش لتتسطح فوقه وتتدثر بالغطاء مستعدة للنوم .

في صباح اليوم التالي ......
توقفت مهرة أمام مقر الشركة ترفع نظرها لطول ارتفاع البناء وهي تطلق تنهيدة طويلة .. وصلها الرد بالأمس وحصلت على الموافقة في العمل .. وهاهي في أول يوم لها الآن .
كانت ترتدي بنطال عريض قليلا من اللون الأبيض يعلوه بادي كات وفوقه جاكت جينز من اللون البني .. والحذاء الرياضي المفضل لها ترتديه .. أما شعرها فكانت ترفعه لأعلى وتترك نصفه ينسدل من الخلف ليأخذ شكل التسريحة المشهورة ذيل حصان .
أخذت تسير في فناء الشركة الواسع من الداخل حتى وصلت للمصعد الكهربائي .. وقفت تنتظر المصعد وكان يقف بجوارها آدم الذي لم تلاحظه حين الټفت هو للجانب برأسه ورآها .. امعن النظر بها للحظة مبتسما قبل أن يعود برأسه لوضعها الطبيعي ويتمتم بجدية بسيطة وهو يتفقد ساعة يده  
_ الساعة 9 وربع والمفروض تكوني هنا 9
نظرت له مدهوشة تتساءل متى جاء هذا ! .. فابتسمت بلطافة وغمغمت معتذرة  
_ أسفة .. الطريق كان زحمة شوية .. بس مش هتتكرر تاني 
رمقها بطرف عيناه بنظرة غريبة لم تكن صارمة لكنها مريبة .. حتى انفتح باب المصعد فظلت هي واقفة تنتظر أن يدخل هو أولا فوجدته يتنحى جانبا ويبسط يده تجاه المصعد يشير لها بأن
تم نسخ الرابط