رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس وعشرين للثلاثون بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

عم سمير والشغل مرهق أوي الصراحة وأنا بتعب 
فوزية باستياء بسيط  
_ وماله عمك سمير ما الراجل ربنا يباركله ليكي سنين بتشتغلي معاه في مكتبته وعمرنا ما شوفنا منه حاجة وحشة وأنا عارفاه وببقى مطمنة عليكي عنده 
ابتسمت مهرة بمرارة وودت لو تخبرها بكل شيء .. حتى تجعلها ترى هذه الملائكة المزيفة على حقيقتها .. لكنها آثرت الصمت بالنهاية خوفا على صحة جدتها وقالت بابتسامة دافئة ونبرة رزينة  
_ معلش ياتيتا إنتي أكيد عايزة تشوفيني مرتاحة وأنا قولت اشوف مكان تاني اكون مرتاحة فيه وأفضل بنسبالي 
ضړبت فوزية بكفها الايمن فوق ظهر كفها الأيسر وهي تهتف بحيرة بعد تنهيدة طويلة أصدرتها  
_ وإنتي هتلاقي فين شغل تاني يا ناصحة 
ابتسمت بارتباك بسيط وأجابت پخوف  
_ لا ما أنا لقيت ! 
علقت فوزية مدهوشة  
_ لقيتي فين هو إنتي لحقتي !! 
تنحنحت مهرة واتسعت ابتسامتها البلهاء وهي ترد على جدتها برقة مصطنعة  
_ أصل أنا شوفت أعلان بالصدفة لشركة وكانوا محتاجين موظفين في قسم الحسابات تخصصي يعني فقولت اقدم .. قدمت وروحت الصبح عملت المقابلة وقالولي هيردوا عليا بكرا
اتسعت عيني فوزية بذهول وسرعان ما صاحت بحفيدتها في ڠضب حقيقي  
_ وإنتي تعملي ده كله من غير ما تقوليلي ولا تشاوريني .. ده إنتي ليلتك سودة يامهرة 
رأتها تنزع حذاء قدمها عنها فأدركت ما سيحدث بعد ذلك وثبت واقفة وهرولت راكضة تجاه غرفتها ولسوء حظها أن فوزية ألقت بالحذاء فأصابها في ظهرها .. توقفت وهي تلف ذراعها للخلف تضعه على ظهرها صاړخة پألم وتهتف من بين صړاخها  
_ آاااه جالي الغضروف .. ياولية عايزة تعجزيني وأنا لسا في عز شبابي .. طب افرض اتقبلت في الشغل دلوقتي اروح للواد التركي ازاي .. اروحله وأنا على كرسي على متحرك يعني 
فوزية مضيقة عيناها باستغراب وڠضب  
_ مين الواد التركي ده كمان !!! 
تداركت مهرة جملتها وقالت وهي تضحك ببلاهة  
_ لما اروح تركيا يعني واقابل عريسي هناك قصدي 
فوزية بعصبية  
_ انجري يابت على اوضتك يلا .. تركيا في عينك .. قال قدمت وروحت عملت المقابلة أصل أنا مليش كلمة يا بنت رمضان 
تجاهلت كلمات جدتها الغاضبة وسارت باتجاه غرفتها وهي ممسكة بظهرها وتتلوي پألم مغمغمة في عينان تبكي بكاء مزيف دون دموع  
_ ياعيني على شبابك اللي راح يامهرة .. الولية ماشاء الله تاخد جايزة نوبل في التنشين بالشبشب .. آه ضهري اتقطم !!

أمسكت بهاتفها الذي يصدع رنينه للمرة الثانية على التوالي .. قرأت هوية المتصل فتنهدت بقوة وأجابت عليه في نبرة جادة  
_ أيوة 
ضيق عيناه باستغراب من نبرة صوتها لكنه أجاب بصوت لين  
_ عاملة إيه ياحبيبتي 
_ كويسة يا رائد وإنت 
لم تتغير نبرتها بل كانت مثل السابقة تماما وربما أشد حزم وجدية .. مما جعله يسألها بحيرة  
_ أنا كويس .. إنتي في حاجة مضيقاكي ولا إيه ! 
لوت زينة فمها بتهكم وهدرت بعدم مبالاة مزيفة  
_ لا عادي مفيش حاجة 
رائد بترقب لردها وصوت رجولي جاد  
_ زينة واضح من صوتك إن في حاجة حصلت .. قوليلي في إيه ! 
كانت قد عزمت أنها لن تسأله .. لكن كلما تتذكر تلك الفتاة وتقذف لذهنها صورتها تشتعل غيظا من أسلوبها والطريقة التي تحدثت بها معها .
زينة بصرامة  
_ أصل من يومين أنا كنت في الكافيه قاعدة بشرب قهوة .. وفجأة لقيت واحدة وقفت جنبي وبتقولي إنتي زينة خطيبة رائد قولتلها إيوة ولما سألتها هي مين ضحكت بطريقة مستفزة وقالتلي معقول رائد مقالكيش أنا مين وفي الآخر تقولي اسأليه هو أفضل مين أنا وهو يقولك 
انقطع صوته في الهاتف للحظات حتى عاد واجابها بصوت غليظ  
_ مين دي وتعرفني منين أساسا 
زينة باقتضاب  
_ والله معرفش أنا بسألك إنت .. هي كانت لبسها مش لطيف وطريقتها كمان في الكلام وشعرها صبغاه احمر وحاجة كدا تسد النفس 
لعڼ في نفسه پغضب وهو يمسح على وجهه متأففا بصوت منخفض ثم هدر بصوت حاني ومحب  
_ متشغليش بالك ياحبيبتي .. يمكن تكون واحدة تعرفني من الشغل أنا بتعامل في الشغل مع ناس كتير إنتي عارفة .. أكيد واحدة مش كويسة وحبت تضايقك بالكلام لو هي تعرفني صح يعني 
زينة بنبرة لم تعود للطافتها بعد  
_ اممم ما أنا قولت برضوا إنت هتعرف الأشكال دي منين ! 
رائد باسما وهو يجيبها بمداعبة  
_ سيبك منها .. مش معقول خطوبتنا بكرا وهتبقى مضايقة في وشي عشان واحدة معرفهاش أساسا
_ طيب ما هي تعرفك يا رائد !!
رائد موضحا بلطف  
_ ياحبيبتي وهو لازم كل اللي يعرفني اكون عارفه ! 
أصدرت تأففا ممتزجا بتنهيدة حارة مجيبة عليه في رقة أخيرا  
_ طيب خلاص متستهلش افكر فيها من الأساس 
_ بظبط كدا ياروحي .. احنا دلوقتي ورانا حجات أهم نفكر فيها 
اكملت زينة بدلا منه وهي تبتسم باتساع  
_ زي الخطوبة مثلا 
رائد ضاحكا ببساطة  
_ آه مثلا !! 
سمع صوت ضحكتها الرقيقة يرتفع في الهاتف .. ولم يتكلم حتى لا يفسد لحظات ضحكها فقط استمع لها وهي تضحك ! .

داخل منزل عدنان تحديدا بغرفتهم .....
فتحت عيناها دفعة واحدة بزعر ثم استقامت جالسة في الفراش وهي تلهث بقسمات وجه مڤزوعة .. التفتت بسرعة ومدت يدها لكبس الكهرباء حتى تفتح الضوء بقت تحدق أمامها في خوف أنها المرة الثالثة التي تراودها فيها الكوابيس في أحلامهما هذه الليلة.. رفعت نظرها بتلقائية لساعة الحائط فتجد الساعة تخطت الثانية بعد منتصف الليل تجولت بنظرها في أرجاء الغرفة بحثا عنه ولكن لا أثر له تشعر بالنعاس الشديد ولكن الخۏف هو الشعور الغالب عليها أكثر الآن .. تخشى أن تنام وحدها فيزورها الکابوس الرابع هذه المرة .
انزلت قدماها من الفراش ووقفت ثم سارت إلى خارج الغرفة ومن الغرفة إلى الدرج تنزله بتمهل كان الظلام الدامس يملأ الطابق السفلي من المنزل .. انتهت من نزول الدرج وسارت ببطء شديد حتى لا تصطدم بشيء .. وبتلقائية خرجت همسة خائڤة منها دون أن ترى شيء  
_ عدنان ! 
ثلاث ثواني بالضبط بعد همستها وانفتح ضوء التحفة المنزلية الصغيرة الاباجوره الموضوعة فوق منضدة صغيرة بالقرب من الأريكة .. ورأته جالسا فوق الأريكة و يلتفت برأسه لها للخلف هامسا  
_ أنا هنا ياجلنار 
تنهدت الصعداء براحة وهدأت نفسها المرتعدة بعد رؤيتها له .. تحركت نحوه بهدوء ثم جلست على آخر الأريكة بجواره في صمت .. فسمعته يسألها بتعجب  
_ إيه اللي صحاكي ! 
هزت كتفيها تجيبه في خفوت دون أن تخبره بالسبب الحقيقي  
_ عادي 
استنكر ردها بكلمة واحدة لكنه لم يعقب . فأخذت ټخطف إليه نظرات خلسة وهي تراه يرجع برأسه للخلف على ظهر الأريكة ويغمض عيناه بسكون .. لم تتمكن من منع لسانها الذي تحدث وسأله  
_ إنت ليه قاعد هنا وفي الضلمة للوقت ده  
خرجت تنهيدة منه تبعها رده بصوت رخيم  
_ حبيت اقعد وحدي شوية 
رفعت كفها تغلق فمها الذي انفتح لتتثاؤب وتجيب عليه
تم نسخ الرابط