رواية عشقت زوجي الجزء الرابع بقلم دعاء فؤاد

موقع أيام نيوز

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحلقة السابعة عشر

بالكاد استطاع أدهم أن يصل المقهى بالموعد المحدد ليجد دارين تشير له فسار تجاهها و من ثم تبادل معها التحية ثم جلس قبالتها.. 
اخذت تنظر له باشتياق بالغ لم يخفى عليه و لكنه لم ينزعج من ذلك فهو يدرك جيدا مدى حبها له و يعلم أن حبها له أضعاف مقدار حبه لها... هذا ان كان قد أحبها بالأساس. 

ازيك يا أدهم... انت وحشتني اوي. 
أجابها بنبرة عادية حتى لا يعطي لها أملا في الرجوع 
و انتي كمان... اخبارك ايه و اخبار والدك و والدتك. 
احنا تمام الحمد لله. 
ها!.. ايه بقى الموضوع اللي كنتي عايزاني عشانه! 
زمت شفتيها بانزعاج لتقول بحزن مصطنع 
ايه دا علطول كدا!... طاب مش هعزمك الاول على حاجة نشربها! 
لم تنتظر رده حتى لا تترك له حرية اختيار المشروب فأسرعت تقول و هي تشير للنادل 
هطلبلك عصير فراولة.. انا عارفة انك بتحبه.. 
اومأ موافقا ليأتي النادل يقف أمامهما بتوتر لاحظه أدهم الأمر الذي أثار دهشته فطلبت منه دارين كوبين من العصير فأومأ و انصرف بسرعة... 
بعد قليل أتى النادل بالكوبين ليضع كوب أدهم أمامه و يديه ترتجفان حتى كاد أن يسقط الكوب فأخذت دارين تصطك فكيها من الغيظ فأحس أدهم بوجود خطبا ما و يبدو أن دارين على معرفة بهذا النادل فقد لمح تلك النظرة المحذرة التي صدرت منها تجاهه و بحنكته و ذكائه أيقن أنها نصبت له فخا ما و العصير هو الوسيلة. 
رفع أدهم رأسه ليشكر النادل لينظر له بنظرة ثاقبة قرأ فيها خوفه و تردده لتؤكد له تلك النظرة شكوكه. 
نظر ل دارين نظرة تحليلية غامضة في انتظار سرد طلبها فحمحمت بتوتر ثم قالت 
طاب تعالى نشرب العصير الأول.. 
قالتها و هي تأخذ رشفة من كوبها و لكنه رفع حاجبيه قائلا ببسمة مصطنعة حتى لا تشعر أنه اكتشف أمرها 
هشرب طبعا يا داري.. بس حابب اسمعك الأول.. 
ابتلعت ريقها ثم أردفت بنبرة مهتزة 
في واحدة صاحبتي أخوها داخل الجيش داخلية و لما عرفت ان في بينا سابق معرفة اترجتني تتوسطله عشان تجيبه في مكان قريب من اقامته.. فأكدتلها اني هكلمك و ان انت اكيد مش هترفص تقدملي الخدمة دي.. 
كانت تتحدث و يديها أمامها على الطاولة تفركهما بتوتر مستمر فامتدت يده ليضعها على يديها يوقف بها رجفتهما الأمر الذي جعل عينيها تجحظ من الدهشة ليقول بنبرة رقيقة مع ابتسامة تبدو حالمة 
اهدي.. الموضوع مش مستاهل التوتر دا كله. 
ثم سحب يده لټرتطم بالكوب و كأنه بدون قصد و لكنه في الحقيقة فعل تلك الحركة خصيصا ليسكب الكوب بطريقة تبدو عفوية و ما ان انسكب الكوب على الطاولة حتى ابتعد سريعا قبل أن تبتل ملابسه بينما دارين شهقت بصوت عال حسرة على ضياع خطتها اللئيمة فأخذ أدهم يقول بلا اكتراث 
مش مهم... حصل خير.. ماليش نصيب فيه. 
أخذت تهز رأسها و هي تكاد تبكي و لكنها حاولت أن تبدو طبيعية فنهض ادهم ثم وضع بضع ورقات مالية على الطاولة و هو يقول 
انا مضطر امشي يا داري لأني تعبان اوي و عايز انام... ابعتيلي بس بيانات اخو صحبتك ع الواتس و اعتبري الموضوع خلصان... باي.. 
انصرف مغادرا من أمامها على عجل بينما هي بقيت تنظر في أثره پضياع و لم تقوى على التفوه بأي كلمة من فرط الصدمة.. 
أما أدهم ركب سيارته و سار بها بضع خطوات بعيدا عن المقهى ثم وقف بضع دقائق يراقب خروجها... و بمجرد أن تأكد من خروجها و ابتعادها بسيارتها عن محيط المقهى صف سيارته ثم ترجل منها عائدا مرة أخرى الى المقهى لينادي ذلك النادل الذي قدم له العصير و بمجرد أن أتاه قبض على ذراعه ثم استخرج من جيب قميصه بطاقة التعريف خاصته ليشهرها في وجهه و هو يسدد اليه نظرة ڼارية و يقول بنبرة شديدة اللهجة 
انا الرائد أدهم برهام.. بهدوء كدا و بدون ما تضطرني اني استخدم معاك العڼف قولي بالظبط الانسة اللي كانت قاعدة معايا كانت متفقة معاك على ايه! 
ارتجفت اوصال النادل و تعرق جسده من الخۏف ثم قال بصوت متلجلج 
و الله يا باشا انا معرفهاش...هي جات و قالتلي عايزاك تحط من الازازة دي على العصير بتاعك... و و و قالتلي انك جوزها و دا سحر عايزاك تشربه عشان ترجعلها.. و اترجتني اساعدها... و و و عرضت عليا ٢٠٠٠ جنيه... و و انا أخدتهم و عملت زي ما قالتلي... 
نظر له أدهم پصدمة.. فلم يخطر بباله أن دارين قد تلجأ الى تلك الطرق المتخلفة البعيدة كل البعد عن تحضرها و مستواها الاجتماعي العالي... 
ركب سيارته و انطلق الى حيث لا يدري.... دارت بذاكرته أحداث قديمة ربطها بما حدث اليوم... إذن اعجابه بها و خطبته لها سابقا كان مدبرا... هل تلك المشاعر المتناقضة تجاهها بفعل ما سقته له من قبل!...و كيف و هو أدهم أدهى ضابط في العمليات الخاصة الذي تخشاه أعتى عصابات الماڤيا يقع في ذلك الفخ التافه من فتاة تافهة ك دارين!.. و كانت تلك الفكرة أكثر ما جعلته يكاد يجن!.. كيف استاطعت خداعه بتلك السهولة!.. أين كان عقله و دهائه!.. أين كانت عيناه اللتان تلتقطان أبسط الأشياء و تلفت نظره أدق التفاصيل!..و ألف سؤال يسأله لنفسه و هو يأكل نفسه من الڠضب و يدور في الطرقات بلا وجهة محددة.
في محافظة سوهاج... 
دلف بها سريعا الى غرفتها بالمضيفة تحت أنظار السيدات بالدوار و منهن أمه و أخته و مارتينا ثم وضعها برفق بالغ على الفراش و كانت حينئذ قد فقدت وعيها.. 
مارتينا بسرعة شوفي رجليها فيها عضة كلب. 
شهقت مارتينا بړعب بالتزامن مع صدمة أمه و أخته و اخذت تقول بقلق 
لازم نغسل مكان العضة بمية و صابون.. و في عندنا في الوحدة مصل لعضة الكلب لو ممكن حد ييجي معايا افتح و اجيبلها حقنة بسرعة اديهالها.. 
رد عليها بلهفة 
طاب بسرعة روحي و هبعت معاكي سمعان و اتنين كمان من الرجالة.. 
بينما عائشة تدخلت بقولها 
على ما ترچعي بالحجنة هكون فوجتها و ساعدتها تتحمم و تغير خلجاتها اللي كلها طينة و ترابة دياتي. 
أومأت ثم خرجت مسرعة بعدما قام معتصم باصدار اوامره لخفيره.. 
نظر لأمه ثم قال بارهاق 
أني طالع اتحمم و اغير خلجاتي يامايا... و هبابة اكده و هعاود اطمن عليها. 
أومأت أمه بصمت و هي تتأمله بنظرة ذات مغذى فلم يخفى عليها تحوله مع تلك الفتاة و خوفه الزائد عليها.. 
تهرب من نظراتها ثم استدار مغادرا المضيفة.
بعد نصف ساعة كان قد أنهى حمامه ثم صلى المغرب و العشاء و من ثم سجد شكرا لله أن نجى ريم من الهلاك.. 
جلس على الأريكة الصغيرة الكائنة بركن الغرفة و بعد عدة دقائق قضاها في التفكير في ريم و ما مر به من أحداث معها منذ أول يوم رآها أتاه صوت طرقات خفيفة على الباب ليأذن للطارق بالدخول فإذا بها عائشة أخته.. 
تعالي يا عيشة... 
اقبلت عليه حتى جلست جواره بالأريكة و قبل أن تفتح فمها سألها بلهفة 
ريم عاملة ايه دلوقتي! 
نظرت له نظرة مطولة ثم قالت بحدة 
انت مالك ملهوف عليها كدا ليه يا معتصم... دا انت كنت ھتموت روحك عشانها. 
نهض بعصبية ليوليها ظهره هاتفا بحدة 
ضيفة في داري يا عيشة.. و اي حاجة تمسها هتبقى في وشي انا. 
نهضت لتقف خلفه و تسأله بسخرية 
ضيفة برضو يا معتصم!.. انت فاكر ان انا هصدق الكلام دا! 
استدار ليكون بمواجهتها ثم هتف بجدية 
ايوة ضيفة..... و عشان تستريحي اه اللي في دماغك صحيح و انا بحبها. 
اتسعت عينيها پصدمة لتقول بترقب 
و نرمين!.. مراتك! 
رد عليها بنبرة منهزمة 
انا عمري ما حبيت نرمين و انتي عارفة كدا كويس... اه اتجوزتها بكامل ارادتي بس عمري ما حسيت انها تخصني زي ما حسيت مع ريم... عمري ما قلبي اتلهف عليها زي ما اتلهف على ريم... عمري ما استنيت أشوفها بفارغ الصبر زي ما بيحصل مع ريم.. ريم هي اللي قلبي دقلها يا عيشة.. هي اللي ملكت قلبي بجد. 
هتفت به بانفعال بالغ 
أومال اتجوزت نرمين ليه من الأساس!.. احنا كلنا كنا ضد الجوازة دي من الاول... انا و هشام و حمد حذرناك و قولنالك مسيرك هتقابل اللي تحبها.. انت اللي كنت واثق في نفسك اوي و قولت ان الحب دا كلام فارغ مش سهل تقع فيه... جاي دلوقتي تقولي بحبها! 
اجابها بانفعال مماثل 
و اظن انتي عارفة كويس سبب جوازي من نرمين... قولتلك مېت مرة اتجوزتها عشان اعف نفسي و عشان معملش حاجة في الحړام... نرمين بالنسبالي كانت جوازة سهلة بدون مسؤليات و لا خلفة ولا ۏجع دماغ...
بس اللي خلانا نوافقك انك اقنعتنا انك هتتجوز بنت من بنات الاعيان في البلد و هتخليها في الدوار مع امي و انت هتنزلها كل شوية البلد و هتكون هي مراتك قدام امك و العيلة و ناس البلد كلاتها... و حتى لو عرفت انك متجوز مش هتكون مشكله كبيرة لأن تعدد الزوجات مقبول في الصعيد... انما الدكتورة ريم بجلالة قدرها هتقبل بكدا يا سي معتصم! 
سكت مليا يفكر بملامح مهمومة ثم قال بنبرة يشوبها الشجن 
قبل ما اتجوزها هكون طلقت نرمين.. 
نعم!.. بالسهولة دي!.. و انت فاكر انك لما تطلقها هتكون كدا خلصت منها! 
سكتت تراقب ردة فعله ثم استرسلت بمزيد من الضغط 
نرمين مش سهلة يا معتصم.. دي هتقلب الدنيا عاليها واطيها لو عرفت انك هطلقها عشان بتحب واحدة تانية.. خاصة بعد ما حبتك و اتعلقت بيك.. 
صاح بها پغضب 
و انتي فاكراني هخاف من حشرة زي دي! 
متنساس ان الحشرة دي هي اللي وقفت شركتك على رجليها... و في ايديها تخسف بيك الارض. 
رد بثقة زائدة و هو يناظرها بتحدي 
لسة متخلقش اللي يقدر يهزم معتصم البدري يا عيشة... و ان كان على الشركة... انا هعرف ازاي أقومها بدون ما اعتمد على شراكتها. 
سكتت تصتك فكيها من الغيظ ثم ما لبثت أن اقتربت منه و اسندت كفها على كتفه لتقول بحنو 
أنا خاېفة عليك يا معتصم... علاقتك بريم هتخسرك كتير و مش هتستمر... ارجع لعقلك و اعمل زي ما كنت ناوي... شوفلك بنت حلوة و صغيرة من بنات العمدة ولا من اي عيلة كبيرة و اتجوزها... صدقني هتنسيك ريم و دنيتك هتمشي زي ما كنت مخطط.. و جوازك من نرمين مش هيأثر على حياتك... كدا كدا هي
عقيم و مش هتجيبلك عيال تساومك بيهم... دا غير ان هي متقبلة جوازكم بكل ما فيه و معندهاش مشكلة لو اتجوزت بنت بلدك طالما مش هتحرمها منك...
تنهد بعمق ثم رفع عينيه للسماء و كأنه يناجيها لتتركه و شأنه
ثم
تم نسخ الرابط