رواية مريم اافصول من 16-20
المحتويات
تتأخرش !
و ابتعدت خطواتها عن الغرفة ...
عاود مالك النظر إلى إيمان.. أرملة أخيه و المرأة التي هي زوجته رسميا الآن
ابتسم لها و قرب يدها وضع قبلة عميقة داخل كفها دون أن يفقد إتصالهما البصري ثم قال واعدا برقة
هاتحبيني يا إيمان.. و هاتخلفي ولادي كلهم. افتكري كلامي كويس !
لم يتسبب هذا الوعد لها إلا بالكرب و القهر الشديد !
قبل ثماني عشر عام ...
إنه آخر يوم له في الرابعة عشر و قد عقد والديه النية أن يهبطا به إلى مصر عند نهاية الفصل الدراسي فقد أرادا له أن يقضي بقية سنوات صباه إلى مراهقته في البيئة التي ينتمي إليها مسقط رأسه بين أهله و مجتمعه الشرقي
مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
ما زال أمامه شهران حتى يسافر معهما و الليلة و قبل أن تدق الثانية عشر و يبدأ عامه الخامس عشر ستوفي صديقته بوعدها و ستسمح له بغزوها ذلك الوعد بمثابة هديته لذكرى ميلاده و هو بالكاد يطيق صبرا منذ أيام ليحصل على هديته الثمينة ...
استيقظ باكرا و تحضر جيدا على غير العادة و هو يرتدي ثيابه ليذهب إلى مدرسته نزل إلى الأسفل ليلتقي بوالديه على طاولة الفطور بالمطبخ المفتوح جلس بعد أن أعطى أمه قبلة الصباح و ألقى على والده التحية
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
يتناول مراد من أمه سندوشا و هو يجاوب على أبيه
يعني مش متأخر أوي. أنا وعدتك مش هاتخطى قواعد البيت !
و نخر بضيق
رمقه أبيه من جانب عينه مرددا
يكون أحسن لك. و عايز أقولك أنا و أمك رتبنا كل حاجة للضيافة. يعني انت المسؤول قدامي لو اكتشفت وجود أي مواد مش بريئة.. فاهم قصدي !
بالطبع كان يلمح إلى معاقرة الشراب و ما شابه ذلك ما جعل وجه الصبي يتأجج من الحنق و يهتف من بين أسنانه
هي مش حفلة شاي يا بابا. أنا عندي صحاب أكبر مني دول اعمل معاهم إيه أطردهم
أنا يتقال لي حاضر و بس يا ولد. انت سامع خلاص مابقاش في تساهل معاك. انت اتجرأت زيادة لما فكرت أعتمد عليك و اسيبك براحتك. نسيت نفسك و ظنيت إنك واحد من أهل البلد دي. لأ اصحى. انت اسمك مراد محمود يوسف أبو المجد. خليك فاكر كويس انت مين !!
خلاص يا محمود ! .. تدخلت رباب و هي تركل قدم زوجها من أسفل الطاولة
و استطردت مجتذبة عينيه بالإجبار عن عيني إبنها
مراد من إمتى بيعارض كلامك. انت بس عودته على المناقشة.. إهدا عليه شوية يا حبيبي !
و تحولت صوب مراد متابعة و هي تمسح على شعره الناعم
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
قسر مراد نفسه على الإبتسام و قال بهدوء
أنا عارف يا ماما. أنا كمان بحبكوا !
أجاد إمتصاص ڠضب والده ببضعة كلمات مسالمة و أعتاد دائما أن يفعل ما برأسه طالما إنها حياته فهي ملكا له
هو بعيدا عن والديه يستطيع أن يفعل ما يشاء و هو يعرف جيدا إنها مسألة وقت و سيحقق مراده في الإستقلال بضعة أعوام قليلة و سوف يصبح حرا طليق.. و بمنأى عن هيمنة و سيطرة أبيه ستكون الدفة بيديه هو ...
أهلا بفتى عيد الميلاد !
أطربت العبارة أذنيه.. فقط لأنها خرجت فاهها ...
الفتاة التي خلبت عقله تماما و لم يرى في هذه البلاد أجمل منها كان معجبا بها إلى حد لعين و كم كانت صډمته حين اكتشف بأنها تبادله نفس المشاعر هي بنفسها.. آبيجيل آدامز إبنة مديرة المدرسة الأرملة الشابة فاليريا آدامز لا فرق بينها و بين إبنتها في الملامح الجذابة و لا تقل آبيجيل عنها جمالا أبدا يتشابها في لون العينين الفيروزي و البشرة الناعمة بلون الخزامى و الأنف الدقيق و الشفاة الصغيرة المملئة.. الشيء الوحيد المختلف بينهما هو لون شعر آبيجيل الڼاري و هذا ورثته عن والدها الراحل كما أخبرته ذات مرة
كان مراد متيما بها يحلم بها ليلا و يهلوس باسمها أحيانا و هو مستيقظ كانت شغفه الوحيد منذ رآها العام الماضي و لأنه صبي خجول جدا لم يطالها منه سوى النظرات فقط مما دفعا لإتخاذ الخطوة الأولى فذهبت له و عرفته بنفسها لم يتمالك نفسه من أول مرة و أخبرها أنه معجب بها و أنه يرى كم هي جميلة و جذابة.. لتفاجئه بأن لديها نفس الإنطباع عنه أيضا !
بدأت العلاقة بينهما منذ ذلك الحين علاقة خفية إلى حد ما أمام الجميع هما مجرد زميلين مقربين و لكن في خلواتهما هما فقط حبيبان ...
آبي ! .. نطق مراد اسمها مبتسما باشراق
هنا بساحة المدرسة بينما يعم الإزدحام بالطلبة من حولهما عانقها و صافحها بنظراته حرفيا كم هي مبهجة للنظر حتى و هي بالكاد تبلغ الخامسة عشر.. !!!
هل أنت مشتاق لي. مراد
ازدرد لعابه و هو يشعر بالسخونة فجأة رغم البرد القارس اقترب خطوتين و هو يهمس لها
أكثر مما تتصورين.. كنت بطلة أحلامي طوال الليل !
ضحكت برقة و قالت بإيماءة
هذا يفسر الواضحة. تنتظر حلول الليل بصبر نافذ حبيبي !
اختفت ابتسامته في هذه اللحظة فعبست بدورها و هي تسأله
ما المشكلة هل قلت شيئا خاطئ !
هز رأسه نفيا و جاوبها بحزن بين
لا. و لكن.. الأمر فقط أن والدي متشددان بشأن حفل الليلة. و لا أظن أن بمقدورنا فعلها. ستكون المراقبة دقيقة آبي !
رفعت حاجبيها ألهذا أنت حزين هكذا. أنظرلا أعرف ما هي مشكلة أبواك. لكن أعلم أنني أنا المسؤولة عن تنفيذ وعدي لك.. سنفعلها الليلة يا مراد
حدق فيها غير مصدقا
كيف !!
هل تعلم كم الساعة الآن في بلادك
أجفل ...
تقصدين مصر !
أجل. ألم تولد هناك.. أم ولدت في لندن
لا ولدت في مصر. ذهبت إلى لندن مع والدي و أنا في الرابعة فقط !
ابتسمت بجاذبية ...
و لكنك الآن تقيم بالولايات المتحدة. هل يمكن أن تخبرني كم الساعة الآن بمصر
ضيق عينيه مفكرا لبضع لحظات بصوت عال
إنها الثامنة صباحا بتوقيت واشنطن.. لا بد أن تكون تقريبا الحادية عشر مساء بتوقيت القاهرة !
هتفت بمرح رائع. أرأيت. إنه التوقيت المثالي يا حبيبي !
لا زال لا يفهم ما تقصد فقلبت عينيها بسأم و اقتربت من أذنه قليلا لتهمس له
من المقرر أن أهنئك بعيد ميلادك بعد أقل من ساعة. لا يفترض أن ننتظر حفل المساء لنحتفل ! .. و غمزت له
بدأ يستوعب
ما تعنيه بكلماتها لكنه توتر عكس ما توقعت و هو يسألها
و لكن. كيف.. و أين آبيجيل !
جاوبته بجدية تامة
مختبر الفيزياء مغلق للصيانة. قابلني هناك فور حلول ساعة الغذاء. سأذهب الآن لدي فصل تاريخ.. إلى اللقاء حبيبي !
و استدارت مولية تجاه مجموعة من الفتيات لتتركه هو مبلبل الفكر بعد أن وضعته أمام الأمر الواقع دق جرس المدرسة معلنا بداية اليوم الدراسي و ذهب كل إلى صفه و لكن كيف عساه أن يركز على أي شيء
فهو بعد قليل سوف يخوض أول و أهم تجربة بحياته كلها.. تنتابه مشاعر عڼيفة و جمة يخشى أن يخفق أو يحدث أي شيء يفسد الأمر برمته إنه صفر من الخبرة في هذا المضمار لولا تشجيع بعض أصدقائه و دفعهم إياه ليجرب ما كان مهووسا إلى ذلك الحد للخوض فيه
لا يمكنه التراجع الآن لا يمكنه تفويت تلك الفرصة خاصة مع فتاة مثل آبيجيل..
حانت أخيرا ساعة الغذاء و اعتذر مراد من رفاقه متذرعا بحجة المرور بالمكتبة لإستعارة بعض الكتب الهامة لكنه بالطبع توجه رأسا إلى مختبر الفيزياء الواقع بالرواق الكبير قريبا من حركة سير الطلبة بما يكفي
ولج مراد إلى هناك و أغلق الباب خلفه مسرعا كان قلبه يدق في صدره پعنف بادئ الأمر ظن أنها لم تأتي بعد لكنه تفاجأ بيدها تلمس كتفه من الخلف لا يمكن أن يخطئ لمستها قط !
آبي ! ..
بادلته العناق
قل لي إنك لم تنسى إحضاره أرجوك. آخر ما أريده هو أن يخيب أملي فيك الآن !
رد لها الإبتسامة و سحب من الجيب الذي تضع يدها عليه ذلك المغلف برقت عيناها و تخضذبت وجنتاها بحمرة طفيفة بينما يخبرها و هو يبادلها الهيمنة و يضعها مكانه ليكون مكانها
تخيلي أنه بحوزتي منذ ما يربو عن العام !
رمقته بدهشة ...
ألم تقل إنها مرتك الأولى !
أومأ لها ...
بلى. و لهذا أعددت لها منذ ذلك الحين. منذ رأيتك أول مرة.. عرفت إنك ستكوني لي آبي
حبيبي ! ..
الوقت يداهمنا آبي..
انت أولا !
آبيجيل ! .. نطق اسمها
هل أنت عذ
توردت مرة أخرى من سؤاله و أجابت بخفوت
لا.. هل تكره هذا !
هز رأسه و منحها ابتسامة لطيفة
لا. مطلقا.. في الواقع هذا مريح بالنسبة لي. فأنا لا أريد أن أؤذيك بأي طريقة !
ابتسمت من جديد ...
ألا تريد أن تعرف القصة
لا يهم. المهم إنك معي أنا الآن !
تم الأمر بينهما مع ترافق كليهما همست له
عيد ميلاد سعيد مراد !
كانت تلك مرته الأولى.. و الحقيقة أنه لم يكن يكن لأول فتاة أي مشاعر حب كانت بالنسبة له و إعجاب فقط ما إن نالها صارت من ضمن ذكرياته و تنقل بعدها بين الكثيرات وصولا إلى حبيبته إيمان.. أدرك عشقها متأخرا
متأخرا جدا ...
كان يتكئ على طاولة الصالون ممسكا الحافة بيديه واضعا رأسه بين كتفيه كانت الدموع لا تزال بعينيه يمسك منها ما إستطاع بينما والديه يجلسا خلفه و لا يقتربا إليه بطلب منه ...
تربيتي كانت مسؤوليتكوا ! .. قالها مراد بصوت خشن يداري فيه نبرة البكاء العڼيفة
اعتصر عينيه و كفكف كل دموعه بكم قميصه ثم استدار بعينيه الحمراوين يواجه أبويه و يلقي باللائمة عليهما مشيرا باصبع الإتهام
و تربيتي كلها كانت غلط.. أنا بسببكوا عشت ضايع. ماعرفتش حتى نفسي
كانت رباب تبكي هناك فقط ليقف محمود في هذه اللحظة و قد نفذ صبره على إبنه اقترب منه قليلا و هو يهتف پغضب
ما تتكلم عدل ياض انت. مش كفاية مقعدنا قصاك زي العيال الصغيرة. انطق و قول حصل إيه شقلب حالك كده
احټرقت عيناه أكثر و هو يحملق بأبيه طاحنا أسنانه
إللي حصل. إني فتحت عيني على عالم
متابعة القراءة