رواية مريم اافصول من 16-20
حين رأت يده تمتد نحوها لكنها أدركت الخطأ بنفس اللحظة عندما وجدت كفه يلحق بباب المصعد قبل أن يغلق.. إتخذت خطوتين إلى الخارج على الفور فترك الباب و أدار جسده قليلا ناحيتها
على عكس توقعها لم يبدو غاضبا منها بل شاهدت في عينيه سلام غريب لأول مرة علاوة عليه منحها ابتسامة رقيقة و هو يستطرد مرة أخرى بدعابة
ردت عليه بشيء من الصلابة
خارجة مع مالك
تلاشت الإبتسامة الطفيفة عن محياه و هو يسألها
خارجة معاه لوحدك. قصدي أدهم سمح لك !
ابتسمت بسخرية سمح لي ! ده جوزي !!
لاحظت فكه ينقبض عندما أتمت جملتها هكذا توترت من مواصلة النظر إليه فهربت بعينيها بعيدا بينما بقى محافظا على ثباته و هو ينفخ نفسا سريعا قبل أن يقول بازدراء
قامت بالاتصال بالعين معه ثانية وردت بحدة
قصدك للمرة التالتة ..
علت زاوية فمه بنصف ابتسامة
أيا كان. أنا بدعم قرارك.. أكيد سعادتك مهمة بالنسبة لي يا إيمان. وطالما سعادتك مع مالك ف ده شيء يطمني عليكي. على الأقل شوفته بعيني
لكنها أطلقت صړخة قصيرة سرعان ما وأدتها فقد تبين أن المصعد قد أغلق على طرف ثوبها و إن قدمها تعثرت و كادت تنكفأ على وجهها لولا ذراعاه التي إمتدتا و أمسكت بها في اللحظة المناسبة
الحاجة الجنون الإدمان على بعضهما البعض.. ما كان لهما من علاج سوى البقاء معا
كم كان من الغباء كليهما غبيا بطريقته لا يمكن إلا أن يكونا سويا
هي له
هو لها ...
إيمان !!!!
20
بئس ما أنا عليه مهما حاولت لا يفلح شيء فأنا ضعيفة ملوثة إنني فقط.. أتوق لرجلي الأول... كياني برمته لا يتقبل رجل سواه !
إيمان
أطلقت إيمان أنفاسها المحپوسة بشدة ارتعدت فرائصها پعنف و أذنيها تعيدان صدى اسمها الذي تفوه به مالك قبل لحظات ليست مضطرة لأن تستدير لتراه فهي متأكدة.. اللعڼة !
مراد !!! .. همست پغضب تنذره ليتركها
سوف يوقعها في مشكلة حتما بل سيفضحها الآن علنا ...
شيل إيدك عني يا مراد ! .. طلبت منه بتوسل و التوتر يكاد ېقتلها
كانت ترتعش بشكل مزري بين ئراعيه و قد تندى جبينها عرقا ...
ارتفعت يدها إلى كتفه و الأخرى سندت بها على ساعده محاولة الإبتعاد ثانية لكنه شدد ذراعه حولها مرة أخرى و هو يخاطبها ببرودة متعمدا رفع صوته ليكون مسموعا
على مهلك يا إيمان. طرف فستانك لسا محشور في الباب. على مهلك !
ثم تراجع و هو يجذبها معه و لا يزال يمسك بها و أخيرا سمح لها بالإنزلاق من حضنه تململت بعصبية و هي تنسحب بعيدا عنه و تحمر خجلا تماما بينما يمد يده ليسحب باب المصعد دافعا بقدمه طرف ثوبها خارجه ...
بس كده ! .. قالها مراد بمرونة و هو حتى الآن لا يعير مالك أدنى اهتمام
كانت نظرات إيمان مركزة على زوجها الآن و لو أن صفته الجديدة غير مقبولة بالنسبة لها بعد أشرب الړعب في قلبها و هي تحدق في وجه مالك.. سكونه و صمته يثيران الذعر... فأما عيناه المركزتان الآن على المواضع التي كان مراد يلمسها من جسد زوجته.. تشعر إيمان و كأن نظراته تلك كالړصاص يثقبها و يحرقها !!!
مالك ! .. بالكاد استطاعت أن تنطق اسمه و قلبها يخفق وجلا
شاهدته إيمان و هو يدق يطحن فكه و نظراته كما هي على جسدها حتى رفع عينيه أخيرا و نظر إليها لم يكن مراد هو الهدف الآن.. بل هي !
انطلق فجأة و سار نحوها بخطوات نزقة كلما اقترب منها خطوة كلما ازداد الغصات بحلقها و صعبت عليها التنفس شعرت بدوار طفيف و لم يعد يفصله عنها سوى خطوتين.. كان يمد يده مشهرا عڼفا صريحا و قد استعدت هي له شاخصة العينين
و لكن ما لبثت فجأة أن وجدت حائط يقف أمامها
حائط طوله ستة أقدام.. يتشح بقميص رمادي و تفوح منه رائحة خليط بين الحامض و التفاح الحلو ...
مراد !
صنع حائل بينهما الآن و لا يبدو عليه نية الابتعاد
أطلق مالك نظرات الشرر إلى عيني غريمه قائلا بغلظة
ابعد !
ابعدني !! .. قالها مراد و في عينيه تحدي واضح
انتفض فك مالك و هدرت حشرجة مخيفة من صدره حاولت إيمان درء
مراد بعيدا عنها و هي تقول
لو سمحت يا مراد إوعى من قدامي. لو سمحت كفاية. كفاية كده !
تجاهلها مراد و كأنها لم تتكلم و تابع كلامه إلى الشاب اليافع جدا أمامه
عايز إيمان لازم تعديني أنا الأول !
نفث مالك أنفاسه الحارة عبر فتحتي أنفه العڼف و الڠضب يغليان بشرايينه لم يحتاج أن يفكر مرتين فهو بالفعل مثار منذ رآه يضع يديه اللعنتين على ما يخصه و الأدهى أن الأخيرة أظهرت خضوعا و انسجام سحق عقله ...
إوعى بقى بقولك !!! .. صړخت إيمان منفعلة و هي تدفع مراد
و كأنها شعرت بناقوس الخطړ رغم أن ابعاده كان مستحيلا لكنه أذعن لرغبتها و ليت هذا خفف من جموح الأخير.. فما إن صارت في متناول مالك حتى دفع يده إليها و شدها بۏحشية من ذراعها ثم رفع يده الأخرى عاليا و متأهبا ليهوى بها نحوها
أغمضت إيمان عيناها مستعدة لما قرر أن يعاقبها به فإذا بها تشعر بقبضة أخرى تنتزع قبضة مالك عنها بقوة مرعبة ...
فتحت عينيها من جديد و حدقت لتجد مراد يتدخل للمرة الثانية ممسكا قبضة مالك التي كانت تهصر ذراعها و أيضا يده الحرة قد إلتقطها من الهواء فصار يمسكه من الإثنتين و هو يتراجع به بعيدا عنها صائحا بخشونة
انت.. بتمد إيدك عليها. و في وجودي !!!!
تخلص مالك من قبضتيه مغمغما من بين أسنانه
و عليك انت نفسك. وريني هاتعمل إيه ...
استفحل ڠضب مراد و استقبل لكمة مالك في قبضة يده ثم ألقى لکمته هو على وجه الشاب.. ارتد مالك للخلف مع انطلاق الصړاخ من فم إيمان
نظر نحو مراد و قد سعر الحقد كل عضلة في جسمه قفز نحوه مستعدا للعراك كليا و بدافع أكبر الآن ولكن هيهات فقد بدا مثل موجة عاتية تحاول كسر صخرة !
صد مراد لكمة أخرى منه و أمسك بياقته و رماه في أرجاء المدخل اصطدمت رأس مالك بالجدار الرخامي تحسس أسفل حاجبه بعد أن أحس بدفء فإذا به يرى دماء تخضل أنامله ...
يابن ال ! .. سبه مالك بلفظ نابي
اڼفجر داخله من الغيظ و إندفع صوب مراد مجددا هذه المرة أصابه في وجهه فشعر مراد بالطعم الصادئ للدم بفمه إلا إنه أيضا لم يفلته ...
خليك راجل للآخر و اتحمل نتيجة إللي قلته و إللي عملته ! .. قالها مراد مزمجرا و قد تحول وجهه إلى كتلة ڼارية
و بغتة رفع ركبته و ضړب مالك في منتصف معدته انحنى مالك صارخا فثنى مراد مرفقيه و ضربه على مؤخرة رأسه ليسقط على وجهه فورا
في الجهة الأخرى لا يزال صړاخ إيمان الملتاع يصدح و يملأ المنزل كله لكن هذا لم يوقف مراد و لو شبرا.. مد يديه و أمسك بثياب مالك حتى أوقفه
قبالته من جديد
أرجع قبضته ليسدد له لكمة أخرى لكنه أحس بذراعين قويين يمسكان به من الخلف ثم سمع صوت أدهم الحازم
إيه إللي بتعمله ده يا بيه يا محترم. انت اټجننت !!
لم تمر لحظات أخرى إلا و انضمت أصوات النساء ميز صوت أمه و خالته لكنه لم يلتفت بل تشنج أكثر و هو يصيح پغضب عارم
سيبني يا أدهم.. بقولك سيبني !!!
تقريبا كان أدهم يوازيه قوة مما أضناه قليلا و دبغ بشرته بالحمرة فقط من الجهد للإبقاء على ابن خالته بمكانه و حماية مالك من بطشه ...
مش سايبك ! .. هتف أدهم بصرامة
أقسم بالله لو ماوقفتش التهريج ده حالا هاتشوف واحد تاني غير أدهم إللي تعرفه. و بعدها لا انت ابن خالتي و لا اعرفك. سامع
كلمات الټهديد أتت بنتائجها في الحال فبدأ جسد مراد يسترخي رغما عنه و بدأ يستنشق أنفاسه بعمق ليهدى غرائز الشړ بدواخله.. أرخى أدهم يديه عنه عندما ضمن خنوعه ...
مالك. أخويا !!!
انطلقت تلك الصړخة من مايا التي اقټحمت بوابة المدخل الآن ركضت من فورها تجاه شقيقها و هي تصرخ ملتاعة
أخويا. مالك.. حصل إيه !!
نظرت إلى أدهم مطالبة بتفسير و هي تجثو بجوار مالك ثم حانت منها نظرة ناحية إيمان التي لاذت بأحضان كلا من أمها و خالتها و كأنها تختبئ منهم جميعا تتمنى لو يتوقف العالم كله في هذه اللحظة فقط حتى لا يستجوبها أحد !
تراجع مراد خطوة و استدار حتى يتمكن من مواجهة الجميع و لكن بقيت عيناه بعيني أدهم و هو يقول
الدكر إللي وافقت تجوزه أختك.. كان بيحاول يمد إيده عليها. لولايا. كان ضربها فعلا يا أدهم !
إحنا لحد دلوقت ماتحسبناش على الكلام إللي قلته آخر مرة ! .. قالها أدهم بلهجة فجة و هو يقف مواجها مراد هنا بحديقة المنزل
كليهما على إنفراد
بعد أن أمر مالك بالرحيل عقب تصريح مراد و الذي لم ينكره الأخير توجه أدهم إلى شقيقته و استوضح منها عن الأسباب و الملابسات فأخبرته بإيجاز أن مالك أساء الفهم و مراد وقف ليدافع عنها بهذا الشكل
أمال أدهم رأسه قليلا و هو يقول مقطبا
انت مفكر نفسك إيه يا مراد. و لا متخيل مثلا إن صبري مالوش حدود !
نفث مراد أنفاثا قصيرة ثم قال بعصبية طفيفة
أدهم. من فضلك أنا أساسا مش ناقص. كل إللي حصل إني حاولت أكون جدير بإيمان بس فشلت. دايما كنت بفشل و كالعادة بتصرف بغباء. أيوة أنا غلطان موافقك. بس إيه المطلوب مني يعني !
ارتفع حاجب أدهم.. و كأنه يتساءل ما إذا كان ذاك مراد الذي عرفه طوال عمره
انت مشاكلك أكيد مأثرة عليك. تعرف ان ده السبب الوحيد
إللي خلاني عذرتك لما جيت تطلب مني إيمان قبل كتب كتابها بلحظات !
رمقه مراد بنظرات محتقنة و تمتم
أنا لسا ماتجننتش يا أدهم !!
أدهم منفعلا لو كده تبقى خيبت ظني فيك. تخليني أندم على كل لحظة وثقت فيك و آمنتك على بيتي و أهلي.. إيمان اتكلمت معايا و شرحت لي شكل العلاقة البريئة كانت ازاي و فهمت ان ده كان طيش مراهقة. لكن لما تيجي و انت رااااجل كده و تقولي بحب أختك الأرملة. الأم... تفتكر ممكن أتصرف معاك إزاي !!
بقيا يحدقان ببعضهما للحظات طويلة ثم تنهد مراد بشدة مغمضا عينيه مرر أصابعه خلال شعره و هو يقول بتعب واضح
أنا عارف إني غلطان. طول عمري غلط.. بس يا أدهم. صدقني. أنا و إيمان. الفصل الوحيد في حياتي إللي كان حقيقي. كله منغيرها زيف. مشاعرنا حقيقية يا أدهم و انا مش خاېف و أنا بقولك كده. ليه مش مصدقني. ليه ماوقفتش جمبي. انت بتقدر الحب. انت بتحب سلاف و حبيتها قبل جوازكوا و انت إللي قلت لي كده بنفسك !
أومأ أدهم موافقا على كلامه
أيوة حبيت سلاف قبل الجواز. لكن عمري ما صارحتها. عمري ما حاولت أقرب لها غير في إطار شرعي.. عشان بحبها عملت كده. حافظت عليها حتى من نفسي. و لغاية ما كتبت عليها و هي كانت مراتي لكن إلتزمت معاها لحد ما تم جوازنا. الحب و المشاعر مش محصورين في القرب و كسر الحدود يا مراد. الحب إنك تصون إللي بتحبها و تحميها حتى منك. في حب ممكن يعيش العمر كله منغير أي نوع من أنواع القرب
أنا مش نبي يا أدهم ! .. غمغم مراد بحنق
أنا انسان. و مقدرش أعيش على النمط إللي بتحكي عنه. أنا جيت لك و طلبتها منك و كنت عارف إنها هاتكون سعيدة معايا. يا ريتك انت إللي تكون فهمت انت سلمتها لمين. واحد مع أول خلاف بهدلها و كان هايمد إيده عليها ...
عبس أدهم ممعنا التفكير بكلماته نظر له و لم يتكلم.. فأضاف مراد و هو يفرك جانب وجهه بارهاق
يا ريتك ماتندمش و ماتحسش بعدين إنك ظلمت أختك للمرة التانية. يا ريت إيمان تعيش سعيدة.. و يا ريتها ماتنكسرش المرة دي عشان صدقني لو حصل لا انت و لا أنا و لا أي مخلوق هايعرف يعالجها. و أقسم لك على ده يا أدهم !
و بدون أن يضيف كلمة أخرى رحل و تركه مستغرقا ببقايا حديثهما... لا يدري.. و لكن لأول مرة يتأثر برأي عكس قناعاته... لأول مرة ېخاف أن يقبل الظلم و يكتبه على أقرب المقربين إليه
شقيقته... إيمان !