رواية كاملة قوية جدا الفصول من الواحد وعشرين للخامس وعشرين بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

وهي توميء له بالموافقة فابتسم لها بحنان .. حرص على أن يأتي بنفسه ويأخذها من روضتها حتى يكون مطمئن فهو لا يأمن خطوة نادر القادمة ستكون أين .. وأيضا كان يعلم أن رؤيته لها ستهدأ من نيران صدره قليلا وربما ستنسيه الأمر مؤقتا .
استدار بها من الجهة الأخرى للسيارة وفتح باب المقعد المجاور له ثم اجلسها به واغلق الباب واتجه نحو مقعده المخصص للقيادة ليستقل به بجوارها وينطلق بالسيارة .. خرج صوتها الطفولي وهي تسأل بحماس  
_ هنروح البيت يابابي 
_ أيوة يا حبيبتي هنروح البيت 
ارتفع صوت رنين هاتفه وأخيرا قرر أن يجيب عليه فأمسك به وضغط على زر الإجابة ثم فتح مكبر الصوت وهتف  
_ الو 
اندفع آدم به صائحا پغضب  
_ مش بترد عليا من امبارح ليه يا عدنان .. أنا لما غلبت روحت البيت عند جلنار قولت يمكن الاقيك هناك .. ولسا يدوب خارج من هناك 
عدنان بهدوء مريب وصوت أجش  
_ استناني في الشركة يا آدم وأنا هخلص كام حاجة ضروري وبعدين وهروح وراك .. نبقى نتكلم هناك 
_ إنت فين دلوقتي وعرفت مكانهم ولا لسا ! 
عدنان بإيجاز ولهجة حازمة  
_ أنا بسوق يا آدم .. نتقابل في الشركة قولت
كان آدم على وشك أن يجيب عليه لكنه سمع صوت صافرة إنهاء الاتصال .. فانزل الهاتف من فوق أذنه وهو يتأفف بخنق وعدم حيلة ثم غير وجهة سيارته ليسير في طريق الشركة .

_ سبتي الشغل ليه وإزاي !! 
زمت مهرة شفتيها بأسى وتمتمت بمعالم وجه عاجزة  
_ مش أنا اللي سبته يا سهيلة .. عم سمير عرف بالكلام الداير في المنطقة واداني بقية مرتبي وقالي شوية كلام كدا يعني بمعنى اصح إنه مش حابب يشغلني عنده في المكتبة بعد اللي سمعه عني
استشاطت سهيلة وهتفت بغيظ  
_ أما راجل قليل الأصل بصحيح .. طيب وإنتي هتعملي إيه دلوقتي  
رفعت مهرة كتفيها لأعلى بعدم حيلة وهدرت بعبث  
_ مش عارفة أنا شوفت أعلان لشركة محتاجين موظفين في قسم الحسابات فقدمت فيها وبكرا هروح اعمل الإنترڤيو وأشوف هتقبل بقى ولا إيه 
تنهدت سهيلة بأسى وحزن على صديقتها ثم تمتمت باهتمام 
_ طيب إنتي قولتي لخالتي فوزية على اللي حصل ولا لسا
هزت رأسها بالنفي هاتفة في يأس  
_ لا ما إنتي عارفة ياسهيلة تيتا تعبانة وأنا خاېفة اقولها حاجة تتعب اكتر مستنية بس تسترد صحتها كويس وهقولها على كل حاجة 
اقتربت منها سهيلة وضمتها لصدرها معانقة إياها في حرارة ودفء متمتمة بتأثر  
_ متزعليش نفسك يا حبيبتي .. إن شاء الله اللي جاي كله خير .. وأنا واثقة إنك هتتقبلي في الشغل الجديد ده خصوصا إنهم عايزين موظفين في تخصصك 
أخذت مهرة نفسا عميقا وردت بضيق ملحوظ في نبرتها  
_ آمين يا سهيلة .. آمين

وثبت واقفة بلهفة فور سماعها لصوت الباب وهو ينفتح .. فأسرعت مهرولة نحو الباب حتى تراه فوجدته يدخل ومعه صغيرتهم التي هرولت نحو أمها وتعلقت بقدمها هاتفا في سعادة  
_ بابي جه اخدني من الحضانة يا ماما 
رسمت ابتسامة باهتة على ثغرها بعين تنظر بها لصغيرتها والأخرى عالقة على عدنان الذي نزع حذائه عنه واتجه للداخل بصمت نحو غرفتهم .
التفتت برأسها للخلف تتابعه في قلق ثم عادت برأسها تجاه ابنتها وهتفت بحنان أمومي ولطف  
_ طيب روحي يلا ياحبيبتي غيري هدومك عشان ناكل كلنا مع بعض 
وثبت الصغيرة وهي تصيح فرحا ثم ركضت مسرعة تجاه غرفتها حتى تبدل ملابسها كما اعتادت كل يوم بعد عودتها من دوامها .. بينما جلنار فتنهدت بقوة وسارت متجهة خلفه .. دخلت الغرفة وبحثت عنه فلم تجد له أثر لكنها سمعت صوت الماء في الحمام .. فتقدمت إلى الفراش وجلست فوقه تنتظر خروجه .. وبعد دقائق قصيرة خرج وهو يرتدي فقط بنطال وعاريا الصدر .. حدقها بنظرة قوية للحظة ثم هتف وهو يسير نحو الخزانة  
_ هنا مش هتروح الحضانة اليومين الجايين 
ضيقت عيناها بعدم فهم وسألت  
_ ليه ! 
تجاهل سؤالها واكمل بنفس لهجته السابقة  
_ وإنتي كمان مفيش خروج من البيت غير معايا من هنا ورايح 
_ مش فاهمة ليه برضوا !!
عدنان بعصبية خفيفة وحدة  
_ من غير ليه ياجلنار .. نفذي اللي بقوله وخلاص من غير نقاش
تأففت بصوت مسموع وتوقفت لتسير نحوه في خطوات هادئة وتقف بجواره متمتمة بلطف  
_ إنت كويس  
رقمها بنظرة مطولة يمعن النظر بها يقرأ نظراتها الموجهة إليه فأدرك الهدف وراء سؤالها .. اشاح بوجهه وأخرج ملابسه بجيبها بنبرة قوية  
_ إنتي شايفة إيه ! 
جلنار بخفوت  
_ مش عارفة .. بس حبيت اقولك فكر في هنا قبل أي تصرف تعمله
لم يجيب ولم ينظر لها فقط سار مبتعدا عنها وهو يشرع في ارتداء ملابسه .. ترى في عيناه قسۏة وجبروت مريبين جعلوها هي من تخشاه لوهلة .. يبدو أن الطوفان قضي على الكثير وسوف يحتاج لوقت طويل حتى يعيد ترميم ذلك الخړاب .
غمغمت تسأله بترقب لرده رغم توقعها الرد إلا أنها سألت 
_ الغدا جاهز .. هتاكل معانا  
_ لا 
حرفين فقط لكنه نطقهم بصوت غليظ ومثير للرهبة فتنهدت هي الصعداء بيأس ثم استدارت وغادرت الغرفة بأكملها .

كان يقف أمام النافذة الكبيرة يتحدث في الهاتف ومن خلال حديثه فهمت أنه يتحدث عن العمل .. فاقتربت منه ووقفت خلفه منتظرة أن ينتهي من حديثه وبعد دقيقة تقريبا انتهى ثم الټفت برأسه للخلف وابتسم لها بعذوبة وهو يمد يده ويتلقط فنجان القهوة من يدها هاتفا  
_ ربنا يخليكي ليا يافطوم 
رتبت على كتفه بحنو مردفة  
_ ويخليك ليا ياغالي .. في مشكلة في الشغل ولا إيه 
هز رأسه بالنفي وهو يرفع الفنجان لفمه ويرتشف منه ببطء ثم يجيب عليها بعد أن انزله  
_ لا مفيش مشكلة ولا حاجة الحمدلله 
ابتسمت فاطمة براحة ثم همست بخبث وهي تنكزه في ذراعه بخفة  
_ مش ناوي تفرحني بيك بقى ياحاتم ! 
حاتم بمداعبة وهي يبتسم ببساطة  
_ الاقيها بس وأنا مش هسيبها مټخافيش
غمزت له بلؤم أشد وهمست بنظرات ذات معنى  
_ طيب ما هي موجودة ! 
_ موجودة فين !!! 
كان سؤال مستغربا يحمل بعض الاستنكار فضحكت هي واجابته بتحمس  
_ نادين .. دي البنت قمر ما شاء الله أنا متوقعتش إنها تطلع كدا .. جمال وأدب ورقة يعني تبقى غبي لو ضيعتها من إيدك
رفع حاجبه متطلعا لخالته بدهشة من كلماتها وارتفعت الابتسامة لشفتيه تدريجيا ثم تحولت لضحكة وهو يجيبها بعدم استيعاب  
_ احنا لسا يدوب لينا يومين يا فطوم .. لحقتوا تبقوا حبايب بالشكل دي وكمان عايزة تجوزهالي !
فاطمة بغيظ وهي تلكمه في ذراعه بلطافة  
_ هو مش إنت اللي كنت قارفني كل ما اكلمك في التلفون نادين .. نادين .. نادين 
حاتم ضاحكا بقوة  
_ أيوة عشان أنا معيش حد في امريكا غيرها ياخالتي وإنتي عارفة .. وهي أقرب حد ليا ! 
_ طيب وفيها إيه بقى لما
تم نسخ الرابط