رواية جاسر الجديدة ج1

موقع أيام نيوز

ولكنها نالت النفور والابتعاد والټفت له وعيناه تبرقان في ظلام الليل الدامس
.. عاوزة إيه يا داليا 
نکست عيناها بحزن مرسوم بدقة وقالت بصوت عذب
.. عاوزة راحتك ياجاسر
عقد حاجبيه وارتسمت على وجهه ملامح الحيرة ثم ابتسم فاكها
.. لعبة جديدة !
فغر فاهها ثم زمته بضيق
.. أنت عاوزنا نتخانق صح هوا ده عقاپي عشان أنا متفهمة اللي أنت بتمر بيه وباجي على نفسي عشان خاطرك 
نفث سجائرة ومضي يراقبها بأعين ضيقة ثم قال بصوت متمهل
.. احنا الأتنين فاهمين بعض كويس يا داليا والكام يوم اللي فاتو أنت شوفت جاسر مختلف أنا نفسي ماعرفوش والمثل بيقول خليك مع اللي تعرفه جوازنا كان صفقة وتمت متحوليهاش لقصة حب وتقحمي فيها غيرة أنا مش هقبلها ده لمصلحتك
عقدت ذراعيها وقالت 
.. صح صفقة وتمت بس عشان تكمل صح لازم نحط النقط على الحروف یا جاسر أنا في الأول والآخر أبقا مراتك وليا عليك حقوق زي ما أنت ليك عليا.
دعس سيجارته بقدمه وقال منهيا الحديث
.. لما حق من حقوقك ينقص ابقي تعالي اتكلمي 
ثم تركها خلفه ومضي لداخل الغرفة ووقفت هي تهتز بإنفعال مكتوم وفعليا تكبح دموع القهر بعيناها.
الصباح بداية كل يوم والبدايات دوما لها بريق واعد يمحو ببهائه خيبة نهاية ليلة سابقة نظر في ساعته لقد أوشك أن يتم ساعة كاملة من الجري المتواصل بمضمار الجري بأحد نوادي الأسكندرية العريقة وبعدها يتجه لغرفة التدريبات ويمضي نصف ساعة أخرى مع إحدى الأجهزة الرياضية أشار بكفه لصديقه الذي يراه قدرا من حين لآخر بتحية ودودة وتقدم منه الآخر ليصافحه قائلا 
.. إيه ياعم بشوفك كده صدف دايما 
قال كریم وهو يبتسم
.. أعذرني والله طارق أنت إيه أخبارك سمعت أنك سيبت الجيش وفتحت شركة أمن
هز طارق رأسه
.. یعني تغيير والدنيا ماشية مفضلش غير العروسة
ضحك کریم وقال 
.. شد حيلك طيب وافتكر أخوك
نظر له طارق وهو يهز رأسه مستنكرا
.. ده على أساس التلوتميه اللي جابتهم الست الوالدة دول كانوا أثروا فيك
فرد الآخر ساخرا 
.. يابني أنا معرفش اتجوز زيكم صالون واتنين شربات ونقره الفاتحة اللي اتجوزها دي لازم تكون قرياني وأنا قاریها إنما شغل شړا البطيخ ده وتطلع في الآخر قرعة . . .
قاطعه طارق ضاحكا
.. قرعة . . الله يسامحك . .
ضاقت عینا کریم 
.. إييه
شكلك لقيت العروسة ياسيادة العقيد 
مضى طارق في طريقه متمهلا وإلى جواره کریم ثم الټفت له قائلا
.. والدها إنسان عزيز عليا وفي البداية أنت عارفني أنا ليا طلبات محددة بس هيا طلعت مختلفة بكل المقاييس ده غير أن راسها ناشفة 
نظر له کریم والفضول يتاكله 
.. وأكيد أكتر حاجة عجبتك فيها راسها الناشفة
قال طارق دون موارية 
.. أرمله معاها ۳ صبيان والدها كان واعدني أنه هيخليها تسيبهم معاه لكن من الواضح أنه مش عارف بيتكلم عن إيه
هز کریم رأسه مؤكدا
.. طبعا هيا فيه أم بتسيب ولادها وخصوصا لو كانت أرملة
رفع طارق حاجبيه 
.. ده غير أن باباها مثلا لو قال شمال تبقي هيا يمين فورا
ضحك کریم متفكها 
.. خالف تعرف يعني بس مش فاهم إزاي التركيبة دي ركبت معاك بخلاف أنك مش بتطيق دوشة العيال كمان أنت مبتحبش الجدال ولا المقاوحة 
رفع طارق أنظاره للسماء مبتهلا وهو يتنهد
.. أهو ده اللي هيجنني مش قادر أشيلها من دماغي 
ضحك کریم من مشهد صديقه اليائس من حاله حتى وقعت أنظاره عليها تسير برفقة إحداهن نحو صالة الألعاب فتوقف عن الضحك فجأة فقال طارق متعجبا
.. إيه مالك 
الټفت له کریم
.. هه مافيش بقولك تعالی نلعب شوية أيروبكس شكلك مش تمام
حملق به طارق موبخا
.. ده أنا برضة طب تعالى وأنا أوريك 
دخلت سالي الصالة وتبعتها آشري التي قالت
.. بجد ياسالي متتصوريش فرحت أد إيه لما شفت نمرتك الصبح
فالتفتت لها سالي بإبتسامة صافية 
.. ليه يعني مكنش عيش وملح وبعدين أنت أكتر من أخت لیا یا آشري 
ریتت آشري على كتفها قائلة 
.. وأنت أختي الوحيدة 
وأردفت بقصد الممازحة
.. أصلا 
فابتسمت لها سالي
.. طيب تعالي بقا عشان احنا جايين نتمرن أصلا قدامي يادوب ساعتين عشان ألحق أروح الشغل 
صعدت آشري على آلة الجري وهي تقول هاتفة
.. بجد مقولتیش یعنی 
بدأت سالي في تدريبات الإحماء على الآلة المجاورة لها 
.. ده يادوب کان امبارح ومتتخيلیش جت صدفة كده إزاي 
رمقتها آشري بنظرة محققة قائلة بأمر ثابت
.. احکیلی بالا
كعادتها تمضي كل صباح لغرفتها بهدوء تام واقتربت من مخدومتها التي كانت لا تزال نائمة فأوقظتها برفق وهي تضع طعام الإفطار إلى جوارها فقالت سوسن 
.. أنا نايمة بقالي أد إيه يانعمات 
ابتسمت لها نعمات وقالت
.. مبقالكيش كتير الولاد لسه نازلین مدارسهم من خمس دقايق 
رفعت سوسن ظهرها وجلست رافعة رأسها بكبرياء تود السؤال عنه ولكن لسانها لا يطاوعها فتطوعت نعمات بمنحها تلك المعلومة التي تشتاق لسماعها 
.. جاسر بيه قالي أطلعلك بالفطار الأول وهيعدي عليكي قبل مايروح شغله أما الهانم التانيه ففطرت ونزلت من بدري
زمت سوسن شفتيها قائلة بتبرم
.. ومبتقعدش تفطر مع جوزها ليه 
فقالت نعمات والضحكة تكاد تفلت من ثغرها وهي تناول مخدومتها فنجان الشاي الساخن كما تحب 
.. قعدت تستناه يجي نص ساعة بس هوا كان في مكتبه مخرجش غير بعد ما مشيت 
تنهدت سوسن وتظاهرت بمزيد من اللامبالاة وداخلها يرقص طربا ثم قالت نعمات فجأة 
.. أنا فيه حاجة عاوزة أقولك عليها بس عاوزة منك وعد إنك . .
صمتت نعمات ولم تدري كيف تكمل جملتها فنظرت لها سوسن محملقة بها لكأنما جنت 
.. جرى إيه يا نعمات أنت مستنياني أديكي الأمان 
ردت نعمات 
.. لا أبدا مقصدتش قصدي أنك تاخدي الموضوع بالراحة يعني من غير إنفعال عشان خطړ عليكي 
وضعت سوسن الفنجان في الصينية بهدوء قائلة 
.. اتفضلي احكي أهو شيفاني لا اټجننت ولا بشد في شعری
أخفضت نعمات رأسها قائلة 
.. العفو يا سوسن هانم أنا مقصدش كل ما في الموضوع أن الست سالي جت امبارح بعد ما الولاد رجعوا من المدرسه غدتهم وذاكرتلهم وروحت بالليل على الساعة ستة 
ظلت سوسن صامته وقد التمع التقدير بعيناها وقالت موبخة لنعمات
.. طب وفيها إيه مش أمهم حقها وبعدين عشان خاطر الولاد
فرفعت نعمات رأسها وقالت مؤكدة 
.. أيوا طبعا وهيا قالتلي أن ده هيكون النظام كل يوم والسبت هتبقا تشوف الولاد في التمرين في النادي.
هزت سوسن رأسها بتقدير وقالت كأنما تقر واقعا 
.. والجمعة يروحلها يباتوا معاها والسبت يطلعوا على النادي سوا وبعدها يرجعوا على هنا
قبضت نعمات على كفها وقالت بصوت هامس 
.. ماهو اللي حصل أن جاسر بيه رجع فجأة امبارح وشافها ووقفوا مع بعض وشكلهم في الآخر شدوا مع بعض عشان سمعتها بتقوله أعلى مافي خيلك اركبه یاجاسر
ابتسمت سوسن إبتسامة واسعة قالت بسعادة غير مصدقة
.. قالتله کدة فعلا 
أكدت لها نعمات
.. ایوا فأنا خاېفة لا جاسر بيه ميرضاش و . . 
قاطعتها سوسن بإشارة لا مبالية من يدها وكأنما أمر رفض جاسر غير وراد على الإطلاق قائلة 
.. ابعتيهولی دلوقت هاه فيه حاجة تانيه قبل ما تمشي وناسيه تقوليها
رفعت نعمات صينية الطعام وقالت نافية
.. أنا منساش حاجة فاضل بس سي أسامة اتصل وكان عاوز يجي هو وزياد
بيه امبارح قلتله أنك نايمة
أشارت لها سوسن آمرة 
.. اتصلي بيه وقوليله يجي النهاردة هوا وزياد الساعة تمانية بالدقيقة نتعشا سوا 
هزت نعمات رأسها قائلة 
.. حاضر تحت أمرك ياسوسن هانم
ثم انصرفت تاركة سوسن ولازالت الإبتسامة تزين ثغرها ووجها المشرق بتلك الأحداث الأحداث الأخيرة تطالع أفرع الشجرة أمامها بنظرة راضية
كان مايلزمه كوب من الماء البارد صبه كله فوق رأس أخيه الغارق بسبات نوم كأهل الكهف فهب الأخير منزعجا
.. إيه يا أخي ده حد يصحي حد كده حرام عليك يا أسامة والله 
قال أسامة وهو يرتشف قدحه من القهوة التركية بهدوء لا مبال 
.. بقالي ساعة رايح جاي عليك ولا كأن عيل بقومه عشان يروح حضانته
نفض زیاد شراشف الفراش المبتلة حانقا
.. ما هو أنا اللي استاهل من بكرة هشوفلي شقة أقعد فيها
تجاهل أسامة تهديده الفارغ وقال
.. اتشطف وافطر يالا عشان ننزل
عقد زیاد حاجبيه وهو يجذب منشفة نظيفة من الخزانة ويضعها حول كتفه قائلا
.. لا أسبق أنت عندي مشوار لازم أعمله الأول
ضاقت عينا أسامة وقال
.. آشري برضة
فابتسم زیاد ساخرا 
.. لا مش آشري مش عاوزة ترجع إن شا لله ما رجعت أنا هروح الشقة أخد بقية حاجتي وورقي خلينا نخلص بقا
مط أسامة شفتيه غير راضيا وقال 
.. متاخدكش الجلالة أوي أنت غلطت كتير ومراتك معاها حق في اللي عملته 
الټفت له زياد غاضبا 
.. تکرشني من بيتي ! 
فاقترب منه أسامة قائلا
.. أنت ټخونها وعاوزها تاخدك بالحضن
فرد زیاد معاندا
.. أنا مخونتهاش
فقال أسامة غير مصدقا 
.. لا والله وبتسمي اللي عملته ده أيه 
فعقد زیاد حاجبيه وقال بنفس الڠضب الأعمى 
.. اللي عملته حاجه واللي حصل فعليا حاجه
رفع له أسامة يده مستسلما قائلا 
.. أنا همشي عشان أنت الكلام معاك بيوترني وأنا صاحي مزاجي رايق سلام 
القي زياد عليه السلام متبرما ومضي ليغتسل ورأسه لازال يدور به تلك الفكرة الخرقاء بكونه ضحېة بريئة! راقبت آشري وجهها المتعرق قائلة 
.. كفاية ياسالي أنت بتهلكي روحك
هتفت لها سالي بأنفاس متقطعة 
.. بالعكس أنا مبسوطة جدا حاسة أن جوايا طاقة غير عادية
رفعت آشري يدها باستسلام قائلة 
.. أنا خلاص مش قادرة هروح أغير وهحصليني هاه عشان تلحقي شغلك 
هزت لها سالي رأسها دون کلام ولم تلحظ ظل آخر جاورها على نفس الآلة إلا بعد أن قال 
.. صباح الخير يادكتور إيه النشاط ده 
التفتت له سالي دهشة وقالت بإبتسامة خجولة
.. دکتور کریم! صباح الخير 
قال كريم ممازحا وهو لا زال يسير بسرعة بطيئة بالمقارنة بها
.. ده احنا شكلنا النهاردة فترة مسائية
هزت سالي رأسها نافية 
.. لاء متقلقش عشرة بس وطيران على المركز
قال کریم 
.. ياستي براحتك هوا المركز هيطير إنما أنت عضوة هنا من أمتی مافتكرش إن شوفتك هنا قبل كده 
كادت أن تهتف به من ساعة ما اتجوزت ولكنها قالت پألم 
.. من زمان بس مكنتش باجي كتير إلا عشان الولاد إنما بقيت مواظبة من فترة.
قال كريم بتقدير 
.. لا بس برافو عليكي الرياضة مهمة جدا بتحسن الصحة والمود
ثم قال ممازحا 
.. ده غير كمان أنها بتقوي عضلاتك تعرفي تخلعي الضرس وأنت
مرتاحة ضحكت سالي وقالت
.. ده أهم حاجة 
فرد کریم ممازحا ولكن بنبرة صارمة
.. أيوا طبعا الشيء لزوم الشيء 
نظرت سالي في ساعتها وأطفأت محرك الآلة قائلة
.. أنا همشي بقا 
فابتسم لها کریم مودعا 
.. مع السلامة يادكتور
أنهى مكالمة هاتفية مع درية التي كانت تطلعه على إحدى مستجدات العمل الطارئة قائلا 
.. نص ساعة وهكون عندك وأول مايوصل أسامة تبلغيه 
والټفت لیری نعمات تحمل صينية الطعام وبعض الأطباق بها فارغة متجهة بها نحو المطبخ فقال مستوقفا إياها
.. صحيت وفطرت 
أومأت له نعمات قائلة
.. وعاوزاك فوق 
هز جاسر رأسه ومضي صاعدا الدرجات حتى وصل لغرفتها طرقها بخفة ودلف قائلا
.. صباح الخير يا أمي 
قابلته بإبتسامة وإنما صارمة قائلة
.. صباح الخير ياجاسر 
اقترب منها وقبل
تم نسخ الرابط