رواية جاسر من 6-10
المحتويات
يسري وهو يرفع سماعة الهاتف ليقول جاسر ب نبرة عادية
قهوة مظبوطة
تشدق يسري إلى ذلك الذي على الطرف الأخرإتنين قهوة مظبوطة يا بني...
ثم أغلق الهاتف وأخرج لفافة تبغ وأشعلها..ليقول وهو ينفث تلك السحابة الرمادية
إيه سبب الزيارة يا جاسر باشا!
إعتدل جاسر ب جلسته ثم قال وهو يتنحنحهو خدمة شخصية مش أكتر
تحت أمرك بس كدا...
على الباب ليدلف رجلا عجوز نحيف الجسد ليضع فنجاني القهوة على المكتب ورحل..وضع يسري الفنجان أمامه وإرتشف منه ثم حث جاسر على الحديث
إتفضل سامعك
شريف المهدي
إرتفع حاجبي يسري ب تعجب وتساءلماله شريف!
عاوزك تنقله المنيا عندي...
إزداد إرتفاع حاجبيه ثم تساءل ودهشته تتفاقم
أفندم!...
إرتشف جاسر من فنجان قهوته ثم أكمل ب برود
أيوة سمعتك بس آآ...
بس إيه!...
دهس لفافة التبغ ب المنفضة ثم قال
الموضوع مش سهل كدا..فجأة أنقله من الباب لطق
إبتسم جاسر ب قساوة ثم قاللأ مش من باب لطق...
نظر إليه مستفهما ف عاد جاسر يكمل
هو عاوز يثبت عليا حاجة..وأنا هنولهاله
أنت مستوعب أنت بتقول إيه!...
قالها يسري وهو يعتدل ب جلسته..بينما جاسر لم تتحرك من عضلات وجهه مقدار إنش..ليعود ويهتف الأول قائلا ب قوة
حك جاسر ذقنه وبقى ينظر مطولا إلى يسري ثم قال بعد عدة لحظات
دا أول طلب يا سيادة اللوا..عاوز الزفت دا يبعد عن روجيدا عشان أقدر أركز ف شغلنا..هتقدر ولا إيه!
زفر يسري ب نفاذ صبر ثم قال ب يأسهشوف أنا هقدر أعمل إيه..بس خد بالك أي حركة غلط مش ف صالحنا...
متقلقش أنا عارف أنا بعمل إيه كويس...
ثم تركه ورحل ف بقى يسري يحدق ب إثره وهو يهز رأسه ب يأس
بعدما توجه جاسر خارج المخفر..صعد إلى سيارته ثم توجه بها إلى ذلك المكان الذي توقف به قبلا..يوم ترك المجهول رسالته التي جعلت الډماء تغلي ب أوردته
صف السيارة ب نفس المكان وأخذ يتفحص خلف زوجته المصون وذلك الأحمق الذي يترصدها..وقد بدا هذا الموضوع يؤرقه بل سبب له هاجس أن روجيدا تنساه فعليا وهو يراها تستجيب إليه بل وتخرج معه يتسكعان هنا وهناك..حاول الصبر والإحتمال..إقناع نفسه ب أن كل ما تفعله ما هو إلا لعبة سخيفة منها ستنتهي..إلا أنه لم يحدث ف كلما تلصص عليهما وجدها تتبتسم ب عذوبة ويعلم الله وحده أيضا كيف حارب نفسه كي لا ېقتل ذلك المدعو شريف أمام العامة..بل أجبر نفسه على الصمت والمراقبة من بعيد..بعيدا عن عينيها حتى يتسنى له التفكير جيدا
قاطع أفكاره والتي بدأت تتخذ منحنى خطېر صوت رجولي من خلفه يتساءل ب صلابة
في حاجة يا أستاذ!...
فتح جاسر جفنيه المطبقين ثم إلتفت إلى مصدر الصوت ليجده رجل في الأربعين من عمره..أومأ ب رأسه ب صمت ليعود الرجل ويتساءل
تساءل جاسر ب صلابة وملامحه جامدة ك الصخرأنت صاحب المحل دا!...
أشار إلى المحل خلفه ليومئ الرجل ب رأسه مؤكدا..ليقترب منه جاسر وتشدق ب نفس النبرة الصلبة
عاوز أتكلم معاك شوية
في حاجة مهمة!!
أيوة
أشار الرجل ب يده إلى الداخل وقالإتفضل...
تحرك جاسر أمامه ودلف إلى محل لتجارة الأدوات الصحية وخلفه صاحب المحل..والذي جلب مقعدين ليجلس عليه جاسر وجلس الأخر ليتساءل
خير يا بيه!
ب دون مقدمات تساءل جاسرعندك كاميرات مراقبة قدام المحل!
أومأ الرجل ب رأسه وقالأيوة جوة وبره المحل
طب أنا عاوز أشوف تسجيل الكاميرا اللي بره
دي...
إرتفع حاجبي الرجل ب توجس وظل يتفحص جاسر ب عينين مدققتين وعاد يتساءل
خير يا بيه!...
مسح جاسر ب يده على وجهه يمنع نوبة ڠضب تهدد ب إحراق الماثل أمامه ليعود ويقول ب هدوء حاد
من كام يوم كنت راكن عربيتي قدامك وإتسرقت منها حاجات مهمة..عاوز أشوف مين اللي سرقها..تقدر!
أجاب الرجل بعدما أرتحات معالمهإلا أقدر..بس عرفني اليوم ب الظبط عشان أجيب الشريط...
أملاه جاسر التاريخ لينهض الرجل ودلف إلى غرفة ب نهاية المحل..بقى هو يتفحص الأرجاء حتى عاد الرجل بعد بضع دقائق حاملا لعدة أقراص مدمجة و وضعهم على طاولة خشبية..ليصدح صوته
أنت قولت يوم إيه معلش!...
تأفف جاسر ولكنه أملاه التاريخ مرة أخرى..وبعد لحظات كان الرجل يخبره أنه وجده..أخرج القرص المدمج و وضعه ب الحاسوب الشخصي وأداره..ليقول الرجل ب هدوء
تحب أسرعه!
لأ..عاوز أشوف كل حاجة من الأول...
أومأ الرجل ب صمت وبقى جاسر يتابع ب تدقيق..كانت الأحداث عادية غير قابلة للشك حتى ظهرت سيارة جاسر والتي ترجل منها بعد القليل من الوقت..إنتبهت حواسه ما أن أبصر سيارته وعيناه قد أسودت وهو ينتظر
دقائق وظهر شخص..يعطيهم ظهره..يخفي معالم وجهه جيدا..الحقېر يعلم ب وجود الكاميرات..لم يظهر سوى ذلك الوشم على خلف رقبته وذراعه..كانت عينا جاسر تتباعه ب نظرات حادة ك الصقر..إلا أن إقترب من السيارة وفتحها ب سهولة..ضاقت عيناه ب ڠضب لسهولة فتحه لسيارته وقد أحكم غلقها
بقى يتابع وهو يقف أمام نافذة الصغيرة وقد بدا أنه يتسامر معها..إلى أن أخرج من جيب بنطاله ورقة مطوية وأعطاها إلى جلنار ثم إختفى ولم يظهر..وبقى الوجه مجهول
أشار جاسى إلى الرجل لكي يغلق المقطع ليتساءل الرجل ب حيرة
طب يا بني هو مسرقش حاجة أهو جايز مش هو
رد عليه جاسر ب قتامة بعد لحظاتجايز مش هو...
نظر إلى الرجل ثم رحل..ب الرغم من عدم رؤيته لوجه ولكن ظل وشمه محفور ب رأسه..صعد سيارته وب مرور اللحظات كانت عيناه تشتدان قساوة..الأمور تخرج عن السيطرة
في اليوم الموالي عندما دلف شريف إلى مكتبه وباشر عمله حتى أتاه أحد العمال يخبره ب أن اللواء يسري يريده..طرق على مكتبه ب نفاذ صبر ثم نهض و توجه إلى الخارج
توقف يسري عن الحديث مع أحدهم عندما سمع طرقا على الباب ليدخل بعدها شريف يؤدي التحية العسكرية ليقول الأول ب رزانة
تعالا إقعد يا شريف...
جلس شريف أمام اللواء الأخر وبقى يتطلع بينهما ب حيرة قبل أن يقول ب دفاع
أنا مجتش جنب الصياد ف حاجة
ضحك اللواء الأخر وقالمتخافش إحنا مش جايبنك عشان كدا
نظر إلى اللواء وقال ب هدوءأومال إيه!...
وضع يسري يديه على المكتب وشابكهم ثم قال ب نبرة جدية
سيادة اللوا محمود كان بيكلمني أنه عاوز ظابط كفؤ عشان مهمة كدا
وحضرتك رشحتني أنا...
تولى اللواء محمود الرد وهو ينحني إلى الأمام
مش هو اللي رشحك الحقيقة..أنا كان عيني عليك من الأول
هز رأسه ب تفهم وتشدقوأنا تحت أمر معاليك
كويس...
قالها محمود ثم نظر إلى يسري وقال
تقوله ولا أقوله أنا!
رد يسري ب نبرة عاديةلأ إتفضل حضرتك
تنحنح اللواء محمود وقالبص يا سيدي..جالتنا إخبارية عن شوية لبش بيحصل ف حتة كدة ف الصعيد..ف حبيت أبعتك ليها
قاطعه شريف متساءلافين يا فندم!
المنيا...
كلمة واحدة قاطعة قالها يسري ب جمود وحنق..لتتسع عينا شريف ب قوة وقد لجمته الصدمة لفترة وبقى صامتا..تفرسه يسري هو ومحمود دون حديث لعدة دقائق قبل أن يقول المصډوم
وأشمعنا أنا بالذات!
جاءه الرد من اللواء محمودزي ما أنت سمعت..كفؤ ومحتاجك
حك مؤخرة رأسه وقالطب والموضوع دا عاوز وقت أد إيه!
أنت وشطارتك...
أخفض رأسه عدة ثوان ثم رفعها وقال
ب صوت هادئ يخفي وراءه خنق وڠضب يستعران ب قلبه
تمام يا فندم..أنا جاهز..تحب أروح أمتى
من بكرة لو حابب...
نهض شريف وأدى التحية العسكرية مجددا ثم قال
تمام..أنا هروح من بكرة سعادتك
وأنا هبعتلك المعلومات اللي محتاجها حالا...
وقبل أن يرحل رمق اللواء يسري ب نبرة طويلة أخبرته أنه يعلم أنها مؤامرة منه ومن جاسر الصياد من أجل إبعاده..ثم إستدار وإتجه إلى الباب..دلف إلى الخارج وبقى مستندا إليه..تكورت يداه ب حنق بالغ وهتف من بين أسنانه
بدأتها حرب قڈرة يا جاسر!..هنشوف من اللي هيكسب ف النهاية
كان ممسك يدها والطبيبة تفحصها ب دقة بالغة..كانت تشدد من قبضتها على يده لتجده يربت عليها ب حنو ويبتسم ب حنو أكبر
إستدارت الطبيبة ب مقعدها و نزعت النظارة الطبية ثم قالت مبتسمة ب بشاشة
تقدري تلبسي
أومأت نادين ثم قالت ب خفوتطيب...
نهضت الطبيبة ثم دلفت إلى الخارج وبقى سامح مع زوجته يعاونها على النهوض ويعدل من ملابسها..ما أن إنتهيا حتى لحقا ب الطبيبة الجالسة على مقعدها ب كل وقار
جلسا الإثنان وبقت أنظارهما معلقة بها ليكون سامح هو أول من يكسر هذا الصمت
طمنينا يا دكتورة!
إبتسمت مجددا وقالتخير إن شاء الله متخافش..البيبي صحته الحمد لله فل و مامته برضو صحتها تمام...
تنفس سامح الصعداء ويده تشتد على يد نادين أكثر..ف عادت الطبيبة تتحدث ب جدية
لكن دا ميمنعش الراحة وعدم التوتر والقلق..الشهور الأولة مهمة جدا لثبات الحمل
ضحك سامح وقال ب حنومش هخليها تقوم من ع السرير
ضحكت الطبيبة هى الأخرى وقالتمش لدرجادي..مهمة برضو الحركة الخفيفة..تتمشى ف هوا نقي..بس متشلش حاجة تقيلة
أوامرك يا دكتورة...
أخذت تخط ب قلمها على ورقة ثم مزقتها وأعطتها إلى سامح قائلة ب جدية
دي شوية فيتامينات مهم جدا تمشي عليهم..غير كدا إطمن مفيش مشاكل..المعاينة الجاية بعد تلات أسابيع...
نهضت نادين وهى تتمتم ب عبارات الشكر وكذلك سامح..بعدها رحلا من عيادة الطبيبة وصعدا السيارة..كانت نادين تنال من الدلال ما لم تناله من قبل
بعد مدة قصيرة من القيادة سألها سامح وهو يقبل يدها
منفسكيش ف حاجة!!..مبتتوحميش مثلا!...
وضعت يدها على فاها ثم قالت ب إبتسامة وهى تضع يدها على بطنها
عاوزة مشبك
عاد يقبل يدها ثم قالبس كدا!..أحلى مشبك لأحلى أم ف الدنيا كلها...
يخليك ليا يارب
رد عليها وهو ينظر إليهاويخليكي لينا وميحرمنيش من طلتك أبدا
مش هتزعلني أبدا!!
إبتسم ب حنو وقالربنا يقدرني ومزعلكيش أبدا...
نظرت إليه قبل أن تميل وتقبل وجنته ب رقة ثم هتفت ب همس ساحر
بحبك...
وأنا بعشقك يا فراشتي...
عند الساعة الرابعة كانت روجيدا تجلس أمام شريف هى وجلنار التي تتناول طعامها ب كل هدوء..لتنظر إليه وهو يلهو ب طعامه دون أن يأكله لتسأله ب بساطة
مالك يا شريف!
تنهد شريف وقالمفيش
لأ مفيش إيه!..شكلك بيقول عكس كدا...
ترك الملعقة ب الطبق ثم نظر إلى جلنار ليداعب خصلاتها ب حنو لترفع رأسها وتبتسم إليه ف بادلها الإبتسام وعاد ينظر إلى روجيدا قائلا ب صوت بدا لها عادي مع أنه يحمل في طياته حزن
جالتي مهمة ف المنيا...
لم تدم صدمها سوى ثوان قبل أن تستوعب أن جاسر هو وراء هذا..إبتسمت ب سخرية إبتسامة لم تصل إلى عينيها ثم قالت ب هدوء
طب وفيها إيه!
إلتوى شدقه ب تهكم وقالمفيهاش حاجة..مفيهاش حاجة...
ساد الصمت بضع دقائق لا يتخلله سوى صوت أنفاسهم وصوت تصادم ملعقة جلنار مع صحن المعكرونة الخاص بها..ليرفع شريف رأسه فجأة متساءلا
روجيدا!..هو أنتي معاكي دكتوراه
نظرت إليه ب عدم
متابعة القراءة