رواية كاملة قوية جدا الفصول من السادس عشر للعشرين بقلم الكاتبة الرائعة
المحتويات
.
منذ أمس تلاحظ سيارة تتبعها بشكل مريب وبكل مرة تقول ربما هي يتهيأ لها لكن هذه المرة تأكدت تماما أن تلك السيارة تلاحقها .
فتوقفت بسيارتها بجانب الرصيف في الشارع لتتأكد هل ستقف تلك السيارة خلفها أم لا لكنها رأتها تعبر بجوراها وتكمل طريقها فتنفست الصعداء قليلا براحة وعادت تشغل محرك السيارة من جديد وتنطلق بها .
وصلت أمام غرفته أخيرا بالمستشفى اخذت نفسا عميقا قبل أن تفتح الباب وتدخل فالټفت هو برأسه في اتجاه الباب وهتف باستغراب
أغلقت الباب خلفها واقتربت منه وهي تلقي بالحقيبة الصغيرة جدا فوق المقعد والتي تحتوي على ملابس له ثم تقول بعفوية
_ هقعد معاك .. مينفعش تفضل وحدك في المستشفى
ابتسم وقال موضحا لها ببساطة
_ دي مستشفى ياروحي ومليانة دكاترة وممرضات يعني مش لوحدي ولو عوزت حاجة الممرضات موجودين
_ really حقا
طيب nurses الممرضات موجودين عشان يتابعوا حالة المړيض مش يلبوا احتياجات المړيض يا أستاذ يامحترم
ضحك وقال بمشاكسة غامزا
_ هي إيه الاحتياجات دي بظبط بقى !
تأففت بصوت عالي وقالت بنفاذ صبر متجاهلة جملته الوقحة
_ أنا قولت لآدم يروح البيت ويرتاح شوية .. تعب جدا ليه يومين مش بينام وقاعد في المستشفى معاك هنا
جلنار بوداعة واشفاق
_ جزاته يعني إنه مش عايز يسيبك وحدك .. حقيقي يمكن اكتر واحد كان خاېف وقلقان عليك هو آدم عشان تعرف قيمة اخوك بس
تنهد وهدر بخفوت ونبرة صادقة تنبع من القلب
_ إنتي عارفة إن أنا بعتبر آدم ابني مش اخويا .. أنا اللي مربيه
هزت رأسها بإيجاب وهي تجيب بنظرات متأثرة تنبع بالحب
اعتدل في جلسته قليلا وغير مجرى الحديث في لحظة متمتما بلؤم مقصود
_ قولتيلي إنتي هنا ليه بقى
استقرت في عيناها نظرة ڼارية رمقته بها جعلته يضحك ويهتف متداركا الأمر بخبث أشد
_ آه عشان تلبي احتياجات المړيض .. طيب بما إنك جبتي هدوم للمريض وهو عايز يغير هدومه نفذي مهمتك وساعدي المړيض بقى
_ لا ماهو المړيض الحمدلله ايده ورجله سليمة يعني مش محتاج مساعدة
همت بالاستدارة والابتعاد عنه فقبض على رسغها وجذبها إليه فارتدت للأمام لتصطدم بصدره وتصبح فوقه تماما خرجت همسته اللعوب أمام وجهها وهو يغمز
_ ويهون عليكي المړيض !
حركت رأسها بحركة سريعة ومدروسة حتى ترجع خصلات شعرها خلف ظهرها ثم قالت بنظرة ثاقبة كنظرته بالضبط وببرود لكن نبرتها كانت كلها أنوثة ونعومة
_ أه يهون
ثم دفعت يده عنها واستقامت واقفة تقول بحزم
_ متلمسنيش تاني
أجابها بابتسامة تخفي ورائها نيران ڠصب بدأت تشتعل
_ امممم رجعت ريما لعادتها القديمة
مالت بجسدها عليه وهمست أمام وجهه في صوت أنوثي امتزج بين الشراسة والنعومة
_ جلنار القديمة اللي كانت وقت ما تحب تقرب منها تلاقيها موجودة وبتلبي طلبك ووقت ما تكون مش حابب تسيبها وترميها ومتسألش فيها كأنها نكرة خلاص مبقتش موجودة .. وأنا لو زعلت وخۏفت عليك فده هيكون بسبب العشرة والسنين اللي بينا وإنها ماهنتش عليا .. لكن غير كدا متوهمش نفسك بأوهام ملهاش وجود
اطال النظر في عيناها بتمعن .. لم تعد زهرته الناعمة والرقيقة حقا التي تقف أمامه الآن هي كزهرة الصبار القوية والصلبة التي تنمو في اشد وأقسى الظروف ومن يحاول الاقتراب منها تؤذيه بأشواكها الحادة .
راقه كثيرا التحول الجذري في رمانته الحمراء وعلى عكس المتوقع ابتسم وقال بنظرات ذات معنى مثبتا عيناه على خاصتها
_ ومين قالك إني عايز جلنار القديمة !
لحظة واثنين وثلاثة وهي مستمرة بالتحديق به حتى استقامت واقفة فورا وهتفت وهي تشير باتجاه الحمام الداخلي للغرفة
_ انا رايحة الحمام
لم تنتظر أي رد منه بل استدارت ودفعت بنفسها إلى الحمام مسرعة بينما هو فمسح على وجهه نزولا لذقنه وهو يتنهد باسما بعدم حيلة ! .
كان آدم في فراشه وعلى وشك الاستسلام لسلطان نومه لولا رنين هاتفه الصاخب الذي ارتفع ودوى صوته الغرفة بأكمله .. فأصدر تأففا حارا بخنق ثم مد يده والتقطه يجيب على المتصل دون أن يتحرى أولا من هويته
_ الو
أتاه الصوت الرجولي على الطرف الآخر وهو يقول بجدية
_ لقينا سواق العربية يا آدم بيه
......... .........
_ الفصل الثامن عشر _
نظرات طويلة استقرت في عيني عدنان وهو يتطلع إليها تجلس أمامه على أريكة صغيرة ومعلقة نظرها على النافذة تتأمل السماء من خلالها .. شعرها يتطاير بخفة فوق كتفيها وظهرها بفعل نسمات الهواء الباردة وتستند بمرفقها فوق ذراع الأريكة وتضع كفها أسفل وجنتها استمر لدقائق طويلة يتأملها بينما هي تتأمل السماء ! .
حتى أصدر تنهيدة حارة وتمتم بخفوت
_ اقفلي الشباك ياجلنار هتبردي
ردت عليه دون أن تحيد بعيناها إليه
_ مش بردانة
ثم زفرت والتفتت برأسها له تسأله باهتمام
_ إنت بردت
حرك حاجبه وشفتيه بمعنى لا وهو يبتسم فتنهدت وعادت تنظر للسماء من جديد مرت لحظات طويلة حتى سألت بنبرة خاڤتة تحمل بعض التردد
_ فريدة كانت موجودة قبل ما آجي .. مقعدتش معاك ليه
عدنان بجفاء
_ أنا مشيتها
_ ليه !
كان سؤالا تلقائيا منها وحصلت على إجابته بالصمت وهو يلوى فمه بصلابة وجه .. تفهمت رغبته في عدم الحديث فهزت رأسها بتفهم ثم قالت وهي تتمدد على الأريكة الصغيرة
_ أنا هنام تصبح على خير
عدنان بنظرات دقيقة
_ الكنبة صغيرة وإنتي مش بتعرفي تنامي غير على السرير يعني مش هترتاحي .. تعالي جمبي
اطالت التحديق به في صمت لثواني ثم هتفت رافضة وهي تعتدل بجسدها لكي تلائم صغر تلك الأريكة
_ لا أنا مرتاحة
ردود مختصرة وجافة تجيب بها عليه منذ ساعات بسبب جدالهم الأخير .. لكنه تعجبه حالاتها المزاجية المتغيرة ويجدها لا بأس بها ! .
دقيقة واثنين وثلاثة وهي تتقلب فوق الأريكة يمينا ويسارا لا تجد راحتها في النوم وتحاول إيجاد وضعية مناسبة للنوم فوق تلك الأريكة الصغيرة .. كانت عيناه ثابتة عليها يتابعها بتركيز فابتسم بعدم حيلة منها وهتف ببعض الحدة
_ اسمعي الكلام وبلاش عناد
التفتت له برأسها وهتفت في غيظ
_ وهو أنا اشتيكتلك
_ وهي دي كنبة ينفع تنامي عليها أصلا !
_ أيوة ينفع
متابعة القراءة