رواية صړخة على الطريق  بقلم ډفنا عمر  الفصل الثالث

موقع أيام نيوز

قسم الحسابات. 
ما شاء الله فعلا حاجة تشرف..بس شمس دي مش هي البنت اللي جت الجامعة رشت عليك اسبراي 
أيوة هي.. 
ده تلاقيها مش طايقاك هناك.. 
بالعكس يا أشرف
دي طلعت ظريفة وكمان جادة في شغلها اوي ومحترمة واتعاملت معايا بود كبير وده اللي استغربته جدا منها وأثار إعجابي بيها..
فعلا غريبة يعني سارة عادي ترحب بيك وهي فرحانة بحكم زمالتكم وشغلها معانا في مكتبك..لكن شمس
ارتشف بعضا من فنجانه وقال الدنيا علمتني ان المظاهر خداعة يا أشرف..عشان كده أنا غيرت نظرتي ليها.. هي مش بنفس الفظاظة اللي كنت فاكرها لما اتعاملت معاها عن قرب ابتديت اشوفها بشكل تاني ليها جمال هادي ومختلف.. يمكن ده نابع من انجذابي لشخصيتها في الشغل مثلا 
ممكن جدا..لعلمك مافيش بنت وحشة الفكرة في الطباع والأخلاق.. خصوصا في الزمن اللي احنا فيه.. اللي يلاقي بنت كويسة المفروض يحمد ربنا على حظه.. 
عندك حق.. وتسلم ايدك انت بتعمل شاي أحسن من دادة سيدة.. 
رمقه بحنق فرماه جسار بغمزة عين مشاكسة ثم أرتشف باقي فنجانه دفعة واحدة وقال أنا هسيبك بقي وانزل عشان هقابل رائف..وبعدها هنعدي على جدي عشان اطمن عليه.. 
هتحكيله الحقيقة 
لازم دي حاجة مش هينفع تستخبى عنه. 
طب وبعدها هتفضل علاقتكم ولا 
قال بثبات جدي ورائف بالنسبالي معزتهم هتفضل زي ما هي وعلاقتنا كمان..هو اخويا اللي بحبه وبخاف عليه وهفضل جنبه دايما.. 
ربت علي كتفه وهو كمان بېموت فيك يا جسار خلاص روح قابله وربنا يعمل الخير بينكم.. 
اللهم امين سلام يا أشرف.. 
توجه لإحدي المقاهي في وسط البلد وانتظر شقيقه الذي أتاه بعد قليل قائلا أخيرا فضيت نفسك عشان اشوفك..في ايه يا جسار ليه سايب البيت وكل اما اسأل حد ألاقي رده غامض بالذات جدي وبابا.. فهمني ايه الحكاية 
نظر له بحنان لا يدعيه وقال طب اهدي وهفهمك كل حاجة.. بس

تشرب ايه الأول 
ياريت فنحان قهوة مانمتش ودماغي هتتفرتك.. 
بعد الشړ عليك يا حبيبي.. 
انتظر ليضع النادل فنجان القهوة ثم استجمع تركيزه وقوته وسرد كل شيء له وكلما توغل بسرده ظهرت الدهشة علي ملامحه ليهتف أخيرا مش ممكن اللي بسمعه ده يكون حقيقة! يعني انت مش اخويا لا مستحيل..أنا مش مصدق.. 
ربت برفق علي كف أخيه وقال بالعكس يا رائف لازم تصدق..لو راجعت شكل علاقتي بوالدتك ووالدك هتتأكد انها الحقيقة اللي كنت دايما بحسها بقلبي بس بنكرها.. 
أغرورقت عين شقيقه وتمسك بكفي جسار كأنه طفلا يتشبث بأبيه وهو يقول بس أنا ماليش دعوة بالحقيقة دي ولا هتفرق معايا انت اخويا ومحدش ممكن هيفرقني عنك ابدا. 
لمعت عينه بمحبة طاغية وداعب شعر أخيه بود مين قال هنفترق ياحبيبي..مفيش حاجة بنا هتتغير صدقني كل الحكاية اني استقليت ماديا عنكم لأن مبقاش من حقي اتمتع بقرش مش بتاعي.. انما علاقتي بيك انت وجدي مستحيل تنتهي.. 
طب وماما وبابا خلاص مش بتحبهم 
لا يا رائف مش كده بس يمكن عشان عمري ما حسيت معاهم بعلاقة دافية.. الفتور والبعد كان هو أساس علاقتنا.. فمتلومنيش لو بعدت.. لكن أنا بحترمهم وكفاية انهم عطوني اسمهم اعيش بيه لحد ما كبرت. 
بس بابا بيحبك وزعلان من وقت ما مشيت.. 
بكره ينساني وربنا يخليك ليهم يا رائف.. 
تأمله الأخير بحزن كيف لم يعد جسار شقيقه ومن نفس دمه كيف 
طب وعايش ازاي يا أخويا
اطمن والله انا زي الفل وشغال والدنيا تمام.. 
ثم تنهد مع قوله كل اللي بتمناه دلوقت يا رائف اعرف طريق يوصلني بأهلي..بس مش عارف ابدا منين.. 
أكيد هتلاقي سكة بس ادعي ربنا.. 
طبعا بدعي والله طب يلا بينا نروح لجدي اطمن عليه معاك
يلا بينا.. 
وفجأة صاح كأنه وجد كنزا 
جسار.. أنا ممكن اساعدك تلاقي أهلك.. 
برقت عين الأخير بحماس ودب الأمل في صدره وهو يستمع لحديث أخيه. 

معلومات ايه اللي عايزها يا رائف 
تسائل الجد بتعجب ليتدخل جسار بحماس عن الحاډث اللي لقيتني فيه ياجدي ورائف هيسأل عميد شرطة قريب واحد صاحبه هناك في نفس البلد اللي حصل الحاډث فيها..ليكمل الأخر بالظبط كده.. وممكن جدا نعرف اي معلوماته توصل اخويا لأهله..
ومضت عين الجد سعادة وهو يري علاقة أحفاده مازالت قوية رغم كشف ما كان..هاهو حفيده الأصغر يدعم أخيه بمحبة.
حاضر هحكي كل اللي شوفته والمكان بالظبط وشوف هتعمل ايه يمكن يجي الڤرج علي إيدك ياحبيب جدك.. 
اطمن ياجدو أنا متفائل..
قص
له سريعا التفاصيل التي ربما تساعده خاتما قوله كده انت عرفت كل حاجة يا رائف. 
تمام يا جدي بأذن الله أعرف اساعد اخويا. 
ربت جسار علي رأسه بود فهتف الجد نادر 
طب يلا يا حبايبي نرجع البيت نتغدي كلنا سوا..بقالنا كتير متجمعناش..
تنحنح جسار بحرج معلش ياجدي مش هينفع عندي مشوار تاني ومش جعان أصلا بالليل هتعشي مع أشرف..
أظلم وجه الجد لرفض دعوته فأشفق عليه وقال بس لو حضرتك هتعزمني أنا ورائف بكرة علي أكلة سمك..موافق.. 
وأشرف كمان.. 
ده أساسي وألا يفضحني..
ابتسم الجد لهما وغمغم خلاص اتفقنا يا ولاد وبلغ أشرف بالنيابة عني.. 
تمام استأذنكم انا ونتقابل بكره
رائف طب انا عايز ازورك مكان ما انت عايش.. امتي هتاخدني عندك يا چيسو
نفوت بكره وبعده عشان هكون مشغول شوية باستثناء طبعا وقت الغدا بتاع جدي.. ومعادنا الجمعة تيجي من الصبح تقضي اليوم معايا أنا وأشرف.. 
يبقي اتفقنا.. 
وجدكم ماينفعش يجي معاكم 
نظر له جسار مستشعرا القلق أن يأتيه جده ويري مسكنه المتواضع ېخاف ان يضغط عليه ثانيا ليساعده ماديا.
فكرة ممتازة وبابا كمان يجي معانا.. 
لم يجد جسار بدا سوي قوله تشرفوني كلكم طبعا.. يوم الجمعة نتقابل..

انتهي اجتماع قصير بينه وبين السيد أمين وشمس وتم تقديم بعض العقود ليتم تظبيطها قانونيا من قبل جسار..
أنا كده الفواتير والعقود وفاضل استاذ جسار يظبط وضعنا القانوني. 
تناول الأخير طرف الحديث ده اللي هيحصل هحط كل الشروط الجزائية اللي تثبت حقنا..
تمام طيب عايز مني حاجة تاني يا عمي 
ابتسم بود لا ياشمس كده تمام..روحي مكتبك.. 
أستأذنت وهي توميء لكليهما وتبعها الأخر بقوله 
أنا كمان استأذن حضرتك أمين بيه..
أشار له بالجلوس وقال خليك شوية يا جسار حابب ادردش معاك واحنا بنشرب القهوة.. 
تحت أمر حضرتك.. 
أمر بإحضار قهوتهما ثم قال قولي بقي انطباعك ايه في الشغل معانا مرتاح.. 
غمغم بصدق مرتاح بس أنا بجد محظوظ بانضماني للصرح العظيم ده..ماشاء الله حضرتك واخوك وولاده والأنسة شمس وسارة.. بجد في تناسق رائع بينكم وكله بيجتهد لمصلحة الشركة مافيش دلع ولا تهاون كله قلب واحد وبيحب شغله حتى الموظفين نفسهم..
الحمد لله الصرح اللي انت شايفه ده مجاش من فراغ احنا شقينا وتعبنا كتير انا واخويا عشان نبنيه ونكبره والحمد لله ولادنا كملوا معانا..
ربنا يبارك فيهم وفيكم يا امين بيه.. 
وفيك ياجسار.. الحقيقة انا معجب جدا بشغلك حتي من قبل ما تيجي

انك في العمر الصغير ده وأسمك يتردد في عالم المحاماه بالشكل ده.. أكيد دي عبقرية منك..
ابتسم له شكرا لحضرتك.. أمال لو عرفت اني في الكلية أخدت السنة بسنتين هتقول ايه..
تعجب قوله معقولة ازاي
معرفش في فترة من حياتي كنت مشتت ومش لاقي حافز.. 
ودلوقت لقيت نفسك وحققت اللي بتتمناه 
نظر أمامه صامتا برهة بشخوص ثم قال ياريت اقدر احققه للأسف صعب اوصل للي بتمناه.. 
ليه صعب مش يمكن انت متوجه غلط 
ازاي
ماهو بالعقل كده..لو حاولت توصل لحاجة وماوصلتش يبقي الطبيعي تغير طريقك عشان تلاقي نتيجة مختلفة. 
كلام حضرتك مظبوط يمكن وجهتي فعلا غلط.
طيب أشرب قهوتك هتبرد. حاضر.
ارتشفها سريعا ثم نهض قائلا استأذنك أروح مكتبي.
اتفضل. 
منذ أتاه الجد وهو يتفقد كل التفاصيل بضيق أما توفيق طغى عليه الحزن كأنه يلوم نفسه لموقف زوجته..أما رائف كان شارد بعض الشيء فاقد لمزاجه ومرحه فغمغم لهم 
طبعا البيت بيتكم ياجماعة دقيقة بس هنادي أشرف يتغدا معانا أحسن شكله مكسوف يطلع..
رحل ليترك لهم مجالا لأفراغ دهشتهم من مسكنه المتواضع راجيا ألا يضغط عليه الجد بالعودة.. فلا يود أن يخذله وهذا مع سيحدث قطعا لو طرح عرض عودته ثانيا.
ايه يا ابني ماطلعتش ليه الأكل هيبرد 
معلش يا جسار اعفيني خليكم براحتكم أكيد هيحبوا يكلموك وانتوا برضو عيلة في بعض..
حدجه بنظرة صارمة وقال خلصت الهبد بتاعك يا أشرف اتفضل اطلع قدامي يلا.. 
صدقني مش هينفع علي الأقل المرة دي لو اتكررت زيارتهم تاني والله لاكون موجود روح لضيوفك بقي عيب تسيبهم.. ولو احتاجت حاجة عرفني.. 
أومأ له برضوخ ولو انك مش غريب بس خلاص براحتك.. أشوفك بالليل.. 
إن شاء الله.
نهض يتجول في المنزل المتواضع بحسرة جدرانه دون طلاء أثاثه زهيد.. صحون مطبخه الصغير
تكاد تعد على الإصبع.. كيف يحيا حفيده في هذا الوضع المؤسف بعد حياة الرفاهية لمح باب غرفته موارب فتقدم بفضول ليجد فراش صغير وخزانة ملابس وكومود يعلوه برواز ما التقطه ليراه ترقرقت عينه وهو يبصر صورته هو وجسار حين كان خمس سنوت..تحسس ملامحه البريئة بحنان وحب لتسقط دمعته فوق البرواز..ليباغت بيد حانية تجفف دمعته ليلتفت لجسار الذي أتي لتوه قائلا كل يوم ببوس صورتك قبل ما انام ياجدي..عشان تعرف ان مفيش حاجة هتفرقنا ولا تنسيني انك ربتني وكبرتني وعلمتني.. 
عانق وجهه براحته المرتعشة وهمس برجاء عشان خاطري ارجع معايا تاني..مش هقدر اسيبك في المكان ده وامشي.. بقي بعد العز اللي عشت فيه تعيش هنا
بابا عنده حق ياجسار.. 
قالها توفيق الذي انضم إليهما واقفا علي عتبة غرفته بينما صاح رائف أنا أصلا مش عارف انت ليه مشيت..ماشي اكتشفت الحقيقة بس كمان انت عشت عمرك كله معانا ومع جدي واحنا بنحبك..ليه تسيبنا ياجسار 
جالت عينه بينهما ثم دعاهم للجلوس في الردهة قال ناظرا لأحداقهم بقوة وثقة والرضا يملأ قلبه رجوعي تاني هناك وكأن معرفتش حاجة ده صعب..مش من حقي أعيش حياتكم لأنها مش ليا..أنا دايما كنت بحس بغربة هناك قولولي ايه هيبدل المكان الغريب ده لوطن بالعكس رغم سكني المتواضع هنا بس حاسس انه مكاني..تمنه بعرقي مرتاح فيه أكتر من القصر اللي عشت فيه هناك.. 
يااااه.. للدرجة دي كنت تعيس معايا 
أنا لو في حاجة صبرتني علي غربة روحي وخلتني اتحمل فكرة أن بابا وماما مش بيحبوني هو انت ياجدي..حبك وحنانك وخۏفك عليا.. الفكرة أني هنا مستقر نفسيا وراضي فوق ماتتصورا.. ولعلمكم أنا باخد مرتب كويس جدا من شغلي واقدر اسكن في شقة أرقي بكتير بس يمكن مش هرتاح فيها زي هنا.. أشرف معايا مش بيسبني.. وعيلته بقوا أهلي.. أنا مبسوط الحمد لله مش عايزكم
تم نسخ الرابط