رواية تقي الفصول من 21-25

موقع أيام نيوز

بصرها على مافي يدها حتى تكمل حياكة الشال بالفستان و   
وماله ! بس ياخدك وإنتي في بيته وإنتي على ذمته مش وإنتي متعلقة لسه في رقبتي كفاية كوم اللحم اللي ورايا غيرك !!
حسبي الله ونعم الوكيل
تأكدت أم بطة من إتمام عملها فتنهدت في إرتياح ثم لكزت ابنتها في ذراعها لتتحرك إلى اﻷمام وظلت تغمغم في خفوت بكلمات غير مفهومة
في الخارج
اصطفت سيارة كحلية اللون من ماركة هوندا مزدانة بالبلالين والشرائط الورقية بجوار الرصيف الملاصق للصالون الشعبي وترجل منها عبد الحق وهو متأنق على غير عادته بالطبع فهو عريس اليوم    وإلتف حوله بعض من أصدقائه الذين أصروا على مصاحبته خلال يومه هذا    
كان عبد الحق ممسكا بباقة ورد بيضاء صناعية كي يقدمها للعروس كتقليد متبع في تلك المناسبة وباليد اﻷخرى أخذ يعدل من وضعية ال بابيون اﻷسود الذي يرتديه   
لف أحد اﻷشخاص يده حول عنقه وتحدث معه بحماس زائد وهو يغمز له ب     
منور يا عريس
أزاح عبد الحق يد صديقه من حول عنقه و   
خف إيدك شوية يا جدع
وثب هذا الشخص في مكانه بطريقة منفعلة ثم لوح بيده و   
وربنا لنخلي فرحك الحارة واللي حواليها يحلفوا بيه
طيب   وروني بقى 
هاتشوف يا برنجي
مالت هنية على أذن إحسان وأسندت يدها على كتفها ثم أشارت بعينيها و   
أهوو الدلعدي ابنك جه الحقي بقى قوليله على اللي بسلامتها عملته اكسبي وقت قبل ما تخرج من جوا
طيب
وبالفعل سارت إحسان في اتجاه السيارة وحاولت أن تجد السبيل إلى ابنها المحاصر وسط أصدقائه فلم تستطع لذا صاحت عاليا ب     
عبده    واد يا عبده    إنت يا وله!!!!
انتبه عبد الحق إلى صوت والدته فإشرأب برأسه عاليا كي يراها و   
أيوه يا حاجة 
تعالى هنا عاوزاك في كلمتين
بعدين يامه
عبست هي بوجهها وتحدثت بصرامة و    
يا واد بسرعة بدل ما آآ    
طيب طيب !
دفع عبد الحق أصدقائه برفق وهو يضحك و   
وسعوا شوية يا رجالة أما أشوف الحاجة عاوزة ايه
أفسح له البعض المجال ليمر و   
ماشي يا عريس
سكة يا جدعان للعريس 
منورة يا حاجة
وقف عبد الحق قبالة والدته وأخذ يعدل بيده سترة الحلة السوداء التي يرتديها ولم ينظر في اتجاه والدته و   
عاوزة ايه يا أم عبده
لكزته والدته في كتفه وهي تنظر له غيظ و   
بصلي يا واد وأنا بأكلمك
تحسس هو موضع اﻵلم وفركه بأصابعه ونظر في اتجاهها و  
في ايه يامه بتضربيني ليه بس ده أنا عريس النهاردة 
اسمعني كويس يا واد يا عبده ﻷحسن مافيش وقت 
ها    قولي !
المزغودة على قلبها ست الحسن والدلال
نظر هو لها بإهتمام و   
بطة    ! مالها  
عاوزاك تشد معاها الوقتي
مط عبد الحق ثغره في عدم اقتناع ثم نظر لوالدته بحيرة و    
ليه كده بس ده حتى فال وحش والله !!
يا واد افهم ادبحلها القطة من أول يوم عشان تكون تحت طوعك وتسمع كلامك بدل ما تركبك يا منيل وتتوكس أكتر ما أنت
حك هو طرف ذقنه في عدم فهم فمالت هي برأسها عليه وهمست له بكلمات غير واضحة    في حين أصغى هو إليها بإهتمام وظلت تعابير وجهه غير مفهومة ثم    
ماشي يا حاجة
فتحت نسرين باب الصالون الخاص بها وأطلت منه أم بطة أولا وهي ترفع كف يدها بالقرب من فمها لتطلق الزغاريد    
تعالى يا عريس خد عروستك لووولوووولي    ربنا يجعلها جوازة السعد والهنا عليكم
كان عبد الحق على وشك اﻹبتسام ولكنه رأى نظرات والدته الصارمة له فبدل ملامح وجهه للضيق الزائف ثم سار في اتجاه البوابة    
فتحت أم بطة ذراعيها في الهواء ثم جذبت العريس إليها وإحتضنته و  
مبروك يا عريس بنتي لولوووولي
ابتسم لها عبد الحق ابتسامة مجاملة بعد أن تحرر من ذراعيها ولكن لم تتبدل ملامح وجهه كثيرا ثم تحدث ب    
الله يبارك فيكي يا حماتي
ثم أفسحت له المجال لكي يمر إلى الداخل حيث تنتظره عروسه   
تنحنح بصوت خشن ومتحشرج وهو يلج إلى الداخل ولم ينتبه للهمهمات النسائية حوله فقد كان شاغله اﻷكبر هو رؤية عروسه بطة    وبالفعل رأها أمامه ولكنها كانت تحيد ببصرها بعيدا عنه   
تمعن عبد الحق في ملامح تلك العروس التي بدت بمساحيق التجميل أكبر من عمرها الحقيقي وأكثر جمالا وكاد أن ينطق بإعجابه الشديد بها ورغبته في إلتهامها ولكنه تذكر كلام والدته بألا يدع الفرصة لها وعليه أن يفرض هيمنته الذكورية وأمور أخرى حاول أن يلهي عقله قليلا عنها حتى يتمكن من التركيز    
تعجبت بطة من حالة الصمت السائدة منه وظنت أنه ربما يريد التراجع عن اﻹرتباط بها فتهللت أساريرها قليلا ولكن أصيبت بالإحباط حينما أردف ب    
يالا    يا    يا عروسة    ده لسه ليلتلك طويلة
لم تفهم بطة ما الذي يعنيه بكلامه هذا ولكن نظراته اللئيمة توحي بأنه يضمر لها شيئا سيئا   
تأبطت هي في ذراعه وانطلقا خارج الصالون والزغاريد والتهليلات من المتواجدين تحاوطهما
في منزل تقى عوض الله
وقفت تقى في شرفة منزلها لتتابع من اﻷعلى مراسم حفل الزفاف بعد أن غطت شعرها بخمار طويل    كم كانت تود أن تشارك الجيران فرحتهم ولكنها باتت محرومة من اﻹبتسام حتى لا تثير حنق والدتها
مر ببالها ذكرى عابرة مما حدث بينها وبين ذلك البغيض ذو القلب المتحجر فزفرت في إستياء و   
ربنا ينتقم منه ويحرقه    معندوش رحمة ولا شفقة بحد   !!!
ثم لمحت طيف والدتها وهي تأتي من بعيد فاضطربت ملامحها و   
احسن حاجة اعملها إني أخش جوا بدل ما تسمعني كلمتين في جنابي
وبالفعل استدارت للخلف وخرجت من الشرفة وأغلقت النافذة خلفها    
رأتها والدتها من اﻷسفل فإكفهر وجهها وإنعقد ما بين حاجبيها وضيقت عينيها في توعد و   
ماشي يا تقى ماشي !!
في مسجد الحارة القريب
كان الشيخ أحمد قد انتهى لتوه من درسه اليومي حينما حضر إليه أحد اﻷشخاص ذوي اﻷجسام الهزيلة والبشرة السمراء المجهدة واقترب منه وركع بجواره ثم نظر له بنظرات جادة و   
سلامو عليكم يا شيخنا
الټفت إليه الشيخ أحمد وابتسم له ابتسامة هادئة وهو يدير مسبحته بأطراف أصابعه و  
وعليكم السلام ورحمة الله يا رشيد
عرفت اللي حصل يا شيخنا
ظل الشيخ أحمد يحرك مسبحته في هدوء ونظر له بحيرة و   
خير يا بني
التقط رشيد أنفاسه ونظر إلى الشيخ بنظرات ضيقة من عينيه المرهقتين و   
الواد سيد اللي شغال في فرن العيش الڼار هبت في وشه وۏلع   !
إنتفض الشيخ أحمد ذعرا في مكانه وتحولت نبرة صوته الهادئة للحزن الممزوج بالأسف و   
لا إله إلا الله يا ساتر يا رب !!
اه والله يا شيخنا ولولا ستر ربنا كان زمانته راح فيها
رفع الشيخ أحمد بصره للسماء وكذلك كفيه وبنبرة متضرعة أردف ب    
اللهم أجرنا من عذابك يا الله    ألطف بعبيدك يا كريم
ضيق الشيخ أحمد عينيه في تساؤل و   
طب هو عامل ايه الوقتي
لوى رشيد زاوية فمه في إستنكار و   
والله حالته تصعب على الكافر    !! 
لا حول ولا قوة إلا بالله ! وهو فين دلوقتي  
موجود في المستوصف
ربت الشيخ أحمد على فخذ رشيد حاثا إياه على النهوض و   
بينا نروحله يا رشيد يا بني ده عيادة المړيض واجب
ماشي يا شيخنا بس آآ   
في ايه 
احنا آآ قصدي يعني أنا واللي معايا كنا بنلمله قرشين كده عشان آآ   يعني    آآ
هز الشيخ أحمد رأسه عدة مرات ليشير إلى فهمه للمقصد من كلامه و   
مفهوم   مفهوم    متحملش هم يا رشيد    أنا هاخد مبلغ من صندوق الخير بتاع الجامع لسيد    أهي حاجة تساعده على العلاج وإن شاء الله أهل الخير يتعاطفوا مع حالته ويساعدوه يقف على رجله من أول وجديد !
ارتسمت علامات اﻹرتياح على وجهه وانفرج فمه في سعادة وأشار بكفي يده وهو يتحدث بحماس ب
ربنا يباركلك يا شيخنا والله ما في زيك في الحارة دي   !
احنا كلنا في خدمة بعض يا بني
ثم نهض من مكانه وتبعه رشيد إلى خارج المسجد!!!!

تم نسخ الرابط