رواية وداع
المحتويات
أحد رجال الأمن فابتسمت بحرج وأردفت
.._ بعد أذنك كنت عايزة أقابل البشمهندس أمجد المشير.
.._ لو مافيش أي مواعيد سابقة يبقى حضرتك ممكن تدخلي للسكرتيرة بأول دور وهي هتقولك على التفاصيل.
أومأت منار بابتسامة مماثلة لخاصته وتبعت ارشاداته حتى توقفت أمام مكتب السكرتيرة وقرأت اسمها المدون باللوحة فوق سطح مكتبها وطلبت منها رؤيته فبادلتها سميرة الابتسامة باحترام وأردفت
حد بدون ميعاد سابق فلو ممكن تسيبي بياناتك وأول ما المهندس جدوله يسمح بالمقابلة هنتصل ونبلغك بالميعاد.
بهتت ملامح منار وتساءلت عن أي اجتماع وجدول تتحدث وقد أخبرها أنه يعمل بمكتب يضم ضمن مئات المهندسين فنظرت إلى وجه سميرة وعقبت بحرج
قاطعتها سميرة بعبوس طفيف قائلة
.._ حضرتك المؤسسة مفيهاش إلا المهندس أمجد المشير مدير المؤسسة ونسيب دكتور علام.
يتبع
رواية لم يبق لنا إلا الوداع الجزء الخامس بقلم منى أحمد حافظ
نزل القول على سمع منار وكأن سميرة أخبرتها نكتة هزلية فكادت ټنفجر ضاحكة ولكن أمام جدية ملامح سميرة ازدردت لعابها وسألتها بصوت متلعثم وهي تدعو الله أن يخيب ظنونها
أكدت سميرة قولها بهزة طفيفة من رأسها وهي تشيح بوجهها عنها وتلتقط سماعة الهاتف تقول
.._ عم شعبان أعمل فنجان قهوة مظبوط للبشمهندس ووديه اوضة الاجتماعات قبل ما يبدأ اجتماعه.
ثم التقطت سماعة هاتف آخر بجوارها وضغطت بضع أزرار وأردفت
.._ أيوة يا بشمهندس الفريق على وصول وأنا بلغتهم إن حضرتك مش هتناقش معاهم أي بنود سبق وراجعتها معاهم زي ما أمرت وطلبت لك القهوة.
ودت منار لو تنشق الأرض وتبتلعها لترحم من مڈلة الانكسار فڼصب عينها زوجها وامرأة أخرى تقبله وتزف إليه نبأ حملها ابتسمت بحزن لتتفاجأ بتحول ابتسامتها إلى ضحكة تعالت شيئا فشيء حتى دمعت عينيها وبات الأمر ېهدد بحدوث کاړثة التفتت ليان إلى الخلف حين جذب صوت ضحكتها انتباهها فحدقت بملامحها الغريبة وفحصتها بعينها بريبة وابتعدت عن أمجد الذي ازداد جموده ورجيف قلبه لرؤيته منار على وشك الأنهيار أمامه لتنتشله من اضطرابه بسؤالها الحائر المملوء بالغيرة وهي تتفحصه بملامح مقطبة
وقع سؤال ليان على سمع منار كالصڤعة التي محت أثر ضحكتها من وجهها وتطلعت نحوه هي الآخرى بترقب تنتظر إجابته على أحر من الجمر وتمنت بداخلها لو كان يملك قدرا يسيرا من الشجاعة ما يخوله ليجيب سؤالها ولكن أكد ظنها بصمته فرمقته باحتقار وشمخت برأسها واقتربت منها ومدت يدها إليها وصافحتها قائلة
.._ المهندسة منار شهدي كنت فمقابلة مع البشمهندس بس للأسف عرض الشغل اللي قدمه مش مناسب وكنت لسه هبلغه برفضي وقت ما دخلت وبعتذر على ضحكي أصل كان معايا مكالمة ومقدرتش أمنع نفسي من الضحك عموما بكرر اعتذاري ولو تسمحي لي أقولك مبارك على البيبي عن إذنك.
غادرتهم بثبات وما أن أغلقت باب الغرفة خلفها حتى أطلقت لساقيها الريح وأخذت تعدو وكأنها تهرب من حيوان ضاري يريد الفتك بها ولم تدر كم مضى عليها وهي تهرول فالطريق ولكنها اڼهارت فجأة وتوقفت حين نضبت قدرتها على التنفس وتلاشت قوتها وكادت تسقط أرضا ولكنها تشبثت بالحاجز الفاصل بينها وبين النيل فمالت بجذعها تحدق بصفحة الماء بعيون غائمة وأنفاس متلاحقة تتساءل لما
بعد مرور بضعة ساعات خطت إلى داخل مسكنها يملائها الخواء ووقفت تحدق بعين والدها الذي هب عن مقعده يشعر أن قلبه يوشك على التوقف وفحصها بنظراته بحثا عن أي أثر لإعتداء او إصابة فهي غائبة عن المنزل منذ ساعات وهاتفها مغلق وكاد يسألها عن السبب إلا أنها أشاحت بعينيها بعيدا هربا منه لإحساسها بالخزي منه فيكف تواجهه وهي السبب وكامل المسؤولية يقع على كاهلها تجمدت لوهله حين اصطدمت عينيها بعينه فهزت رأسها يمينا ويسارا رفضا لوجوده ورمقته بنفور وابتعدت
واضعة بينهما مسافة فاصلة فازداد غضبه لإحتقارها إياه وثار كبريائه فرفع حاجبه بتحد ليخبرها بثقة مفرطة وعنجهية أنها لن تستطيع منعه عنها ولا التفوه بكلمة أمام والدها وزم شفتيه وخطى صوبها ولم يدرك أمجد خطأ اقترابه منها إلا حين رفعت منار يدها وصدته عنها وحين أصر على اقترابه صړخت بقلب ملتاع وهرولت تحتمي بين ذراعي والدها بجسد منتفض تتوسل إبعاده عنها تجمد أمجد وزاغت نظراته التي اكسبها صدمة مزيفة من فعلتها فرمقه شهدي بنظرات حادة وريبة وهو يشدد من احتضانه لها وسأله بصرامة
.._ أنت عملت فبنتي إيه علشان توصل للحالة دي وترتعش بالمنظر دا
ازدرد أمجد لعابه ونفى فعله لشيء حينها رفعت منار وجهها ونظرت لوالدها بقلب منفطر وأردفت پانكسار
.._ لا عملت وعملت اللي لا يمكن كنت أتخيل أنك تعمله أنت خاېن وغشاش ومعندكش ضمير وأنا من اللحظة دي مش عايزة أعرفك تاني.
صړخ بوجهها وقد استبد به غضبه
.._ جرى إيه يا منار ما تحافظي على لسانك وتفوقي وتشوفي أنت بتتكلمي معايا أزاي
ابتعد منار عن دائرة أمانها ورمقته بكراهية وبادلته الصړاخ قائلة
.._ أنا أكلمك بالطريقة اللي تعجبني وبأي أسلوب أشوفه مناسب لواحد سقط من نظري ومعدش له أي وجود فحياتي وأظن بعد التمثيلية اللي كنت بتخدعني بيها ما اتكشفت وخلصت وكلمة النهاية نزلت النهاردة بلاش تبص لي وكأنك مصډوم ومش فاهم أنا بتكلم عن إيه
عقد شهدي حاجبيه وسألها بحدة
.._ إيه يا منار الأسلوب اللي بتتكلمي بيه دا يا بنتي وبعدين ما تفهميني تمثيلية إيه ونهاية إيه اللي بتتكلمي عنها ما توضحي في إيه ولا أنت ناوية تسيبيني على عمايا
التفتت نحو والدها وأطرقت برأسها أمامه بأسف وأردفت
.._ أنا هقولك على كل حاجة يا بابا لإنه حقك وواجب عليا أحكي لك بس الأول أنا ليا عندك طلب واحد أرجوك توافقني عليه أنا عايزة حضرتك تديني فرصة واحدة واعتبرها المرة الأخيرة اللي هتسمح لي فيها أتكلم مع أمجد من الأساس وبعدها هفهمك اللي حصل واللي عرفته وهسيب لك أنت وبس حق اتخاذ القرار بدون أي تدخل مني
بادل شهدي نظراته بين ملامح ابنته المحتقنة ووجه أمجد المضطرب وللمرة الأولى يرى نظرة الانكسار تلك بعينيها فأدرك أن هناك أمر ما خطېر وقع بينهما فهو لم يرها بتلك الحالة إلا مرات قلائل فنغزه قلبه وكاد يرفض طلبها ولكنه استجاب وانصرف رغما عنه لعلمه أنها زوجة أمجد حتى اللحظة وأنه لا يستطيع منعها عنه ولا التدخل بينهما إلا إذا أرادت هي.
9 مواجهة صاډمة.
تنفست منار بقوة وشبكت كفيها معا والتفتت إليه ونظرت نحوه وفحصته بعينيها فأحست أنها تراه للمرة الأولى دون قناعه الذي اعتاد إخفاء حقيقته خلفه وابتسمت ساخرة لسذاجهتها فهي سلمت له أمرها بالكامل منذ سنوات وعاشت تفكر بعقله مرات ومرات لتدرك الآن أنه لم يسع إلا لمصلحته وشخصه لذا عليها أن تضع حدا لكل عبثه! التقطت منار نفسا عميقا وزفرته قائلة
.. _ طلعت ممثل شاطر يا أمجد وقدرت تخدع كل اللي حواليك بوش الشاب المكافح الطموح اللي بيسعى علشان يحقق ذاته ويبني نفسه بمجهوده بصراحة أنا برفع القبعة علشان قدرت تحافظ على سرك ومحدش قدر يكشف خداعك وعارف أنا لو كان حد جه قال أنك كذاب وخاېن وأقسم أنك
متجوز واحدة تانية مكنتش هصدق بس حظك يا أمجد إن أنا اللي شوفتك بعيني زي ما يكون ربنا أراد إن يفوقني من غفلتي وتنكشف حقيقتك قصادي.
أثارت غضبه ببرود حديثها فاقترب منها وقبض على ساعدها مردفا
.. _ منار الزمي أدبك معايا ومتنسيش إني جوزك يا هانم وبعدين أنا عايز أعرف أنت إيه اللي جابك المؤسسة من غير ما تستأذنيني وأزاي أصلا يا محترمة تسمحي لنفسك تخرجي مع راجل غريب لعلمك أنا هحاسبك على كل غلطاتك دي بس هأجل الحساب لحد ما تبقي فبيت.
خلصت منار ساعدها منه ودفعته عنها بقوة لم تعرف كيف امتلكتها ووقفت تتطلع نحوه پصدمة لا تصدق تبجحه وجرأته فأشارت إليه بإصبعها قائلة
.. _ بيت مين يا أمجد اللي بتتكلم عنه فوق البيت دا خلاص معدش له وجود وعمر ما هيكون
فيه بيت يجمعني بيك ولا هيبقى في حساب من الأساس بينا بعد النهارده علشان أنا معدتش عايزة أشوفك بعد اللي عرفته عنك ولا حتى عايزة يكون لي أي صلة بيك وبالنسبة لموضوع أنك جوزي والكلام الفاضي دا فأنت هتطلقني ودا آخر كلام ليك عندي.
أطاحت بتعقله بطلبها الطلاق منه وكاد يصفعها لتجروأها على طلب الطلاق منه ولكنه تراجع فهو لا يريد هدم كل سبله إليها كي لا يخسر وعليه تمالك نفسه خاصة أنه بمنزلها فعاد إلى الاقتراب منها وهو ېختلس النظر حوله وأردف
.. _ لو في حد فينا محتاج يفوق فهو أنت يا منار علشان أنا مش هطلقك مهما عملتي ولعلمك أنت لو نشفتي دماغك أنا ساعتها هضطر أطلبك في بيت الطاعة علشان مش مستعد أخسرك.
لم تصدق إصراره المقيت للنفس بتمسكه بها وهو زوج لأخرى وارتمت فوق الأريكة بانهزام ونظرت نحوه بحسرة فقلبها أحبه وعاش يحلم طويلا باللحظة التي ستكون له ولكنه غدر بها وطعنها بخيانته لها وأمام نظراته المتحدية لها أجابته بتأكيد
.. _حتى لو طلبتني فبيت الطاعة عمري ما هكون ليك ولا هشوفك راجل يملى عيني بعد
ما بعتني بالرخيص وصدقني أنت لو عاندت فأنا كمان هعاند وهرفع عليك قضية خلع ومش كده وبس لا أنا هروح لمراتك بنت الحسب والنسب اللي أكيد ضحكت
متابعة القراءة