رواية امجد اافصول من 11-13
المحتويات
الحلقة الحادية عشر
وقف أمجد مستندا الى الحائط يحدق في الفراغ بينما جلس افراد عائلته وكل واحد منهم يدعو و يبتهل الى الله ان يكتب ل هبة الشفاء فهم لا يستطيعون تخيل اختفاء ابتسامتها من حياتهم جلس والدها يتلو آيات الله من مصحف صغير ولسانه لا يكف عن قراءة القرآن وقلبه لا يكف عن الدعاء لصغيرته فهي دنياه وأمله كان يقرأ وهو لايشعر بالعبرات التى أخذت تتدفق من عينيه وهو يتذكرها في كل مراحل عمرها بدءا منذ كانت رضيعه نهاية بعروس تتحضر لحفل زفافها والذى كان من المفترض ان يقام بعد سويعات مرورا بذكرى اول مرة تنطق بابا وماما واول يوم لها في المدرسة وكيف انها صارت السبب الرئيسي الذي منعه من الاڼهيار بعد ۏفاة شريكة الروح والعمر هى بشقاوتها وطفولتها وبساطتها في الكلام يدعو الله بقلب مخلص الا يذيقه مرارة فراقها ....
ان شاء الله خير يا أمجد انا حاسس انها هتقوم بالسلامة صدقنى انا يمكن معرفتهاش غير مده بسيطة بس كأنى اعرفها من زمان هبة انسانه طيبة اووى وربنا هيقف جنبها ان شاء الله ويرجعهالنا بالسلامة..
نظر أمجد الى اخيه بعيون ذابلة ولا يزال بملابسه التى احتضن بها وقال بخفوت والم شديدين
بئالهم 44 ساعات في العمليات يا علاء انا هتجنن !! انا مش متصور انى قاعد هنا زى المشلۏل ومش عارف الباب دا ايه اللي وراه
ثم نظر الى الارض وهو يكمل قائلا ببسمة مريرة
آخر مرة سمعت صوتها امبارح بالليل قولتلها وحشتيني خالي بالك من نفسك ! يمكن كنت حاسس وهى ردت عليا بتضحك وتقول... قال يعني لو جرالى حاجه هتزعل عليا ! زعئتلها وقولتلها ما تقوليش كدا ردت عليا بشقاوتها... يا عم الحاج هتعملهم عليا كبيرك اسبوع ويبقى كتر الف خيرك وتنسى !! الرجاله مش زينا احنا الستات ممكن نقعد عمرنا كله على ذكرى واحد بس لكن انتو لكم الف حجة وحقكم ما قلناش حاجه.. بس علشان تعرفو مين اللي بيزعل بجد على مين
انا بأه عاوزها تصحى علشان اقولها انها غلطانه وان الرجاله بتعرف تحزن وتعيش على ذكرى واحده هى كمان بس ... بس .. ترجع يا علاء ترجع... عاوزها ترجع ...
ثم انخرط في بكاء مرير جعل علاء يتلقفه بين ذراعيه و كأن دموعه قد هدمت سدا وفاضت على لحيته الخفيفة ووجهه ...قال علاء وهو يغالب دموعه هو الآخر حزنا على هبة وعلى حال اخيه الأكبر فهو لا يذكر متى كانت آخر مرة شاهد فيها أمجد يبكي حتى عند ۏفاة والدهما لم يبك أو ينهار بهذا الشكل بل صمد وتماسك وكبر قبل أوانه ...
هترجع يا أمجد ان شاء الله... هترجع ....
الحمد لله العملية نجحت المشكلة ان الڼزيف كان في جزء حساس من المخ والحمد لله قدرنا نسيطر عليه بس ....
قاطعه أمجد قائلا وهو مقطب جبينه
بس بس ايه يا دكتور
اجاب الطبيب
احنا مش هنقدر نحكم على النتيجه قبل مرور 24 ساعه على الاقل علشان كدا هى هتفضل في غرفة العناية المركزة لغاية ما تفوق و نشوف النتيجه ..
تساءل أباها بلهفة وقلق
ترقب أمجد اجابة الطبيب بقلق وسمعه وهو يقول
لا... للأسف مش قبل مرور 24 ساعه لغاية مانشوف الحالة اخبارها ايه علشان كدا هى هتفضل في العناية المركزة لغاية ما تفوق و نتيجه العملية تبان عن اذنكم ..
ثم انصرف ... جلس كل منهم وهو يدعي ان تمر ال 244 ساعه القادمة على خير ... اقترب الجد من والد هبة وقال
أ. يوسف افتكر قعدتنا هنا دلوقتى مالهاش لازمة اكتر شئ هينفعها دعانا ليها تعالى نروح... انت بتاخد دوا للضغط ودا مش كويس علشانك وبكرة من بدري هنكون هنا ان شاء الله..
هز والدها برأسه رافضا للكلام قبل حتى ان ينتهى منه الجد وقال بجدية وحزن
معلهش يا علي بيه انا مش همشي من هنا قبل ما بنتي تفوق واطمن عليها وهاخدها وامشي من هنا اللي جرالها كتيير أووى انا عاوزها تفووق بس.. وصدقني انسوا انكم شوفتونا في يوم لان اللى جرا لبنتى عمرى ما اقدر انساه او اسامح فيه ..
أجاب الجد وهو يربت على كتفه ويهز رأسه متعاطفا
معلهش انا مقدر حزنك على هبة وما تفتكرش انى بجاملك.. لكن هبة معزتها عندى لو اقولك اكتر من علا حفيدتي مش هتصدقنى ! هبة دخلت قلوبنا كلنا وحبيناها ومش ممكن ننساها انا عارف انه حقك طبعا انك تفكر كدا لكن انت دلوقتى زعلان وڠضبان من اللي حصل ونصيحه من اخ اكبر.. عمرك ما تاخد قرارات ناتجه عن عصبية او انفعال وفى الآخر اللي يرضيك احنا موافقين عليه ...
نطق جملته الاخيرة وهو ينظر بصرامه الى أمجد الذى كان يستمع الى الحوار الدائر بينهما ولم يرض بالتدخل في الحديث ولكن لدى عبارة جده الاخيرة الټفت وسار حتى وقف امامهما وقال بكل هدوء وجدية
الف حمدلله على سلامة هبة يا عمي .. انا متأكد انها ان شاء الله هتقوم بالسلامة ...
نظر والدها اليه شرزا ولم يجبه ... وما ان بدء أمجد بالسير مبتعدا حتى عاد ونظر الى والدها وهمس ببطء شديد
انا مقدر حالة حضرتك كويس اووي ومراعي الظروف لكن صدقنى.. هبة اول ما تقوم بالسلامة مش هتتنقل خطوة بعيد عني .. عن اذنك ....
كاد أمجد أن يجن من شدة لهفته لرؤية هبة ولكن كيف وهى في العناية المركزة وممنوع عنها الزيارة .. تقدمت والدته اليه وربتت على كتفه وقالت
أمجد حبيبي .. وقفتك كدا مالهاش لازمة .. تعالى حبيبي روح على الاقل استحمى وغير هدومك انت بيها من امبارح...
نظر الى قميصه الملطخ بدماء.. هبته... هبة خاصته... ثم سكت قليلا قبل ان يجيب
مقدرش يا امى ... مقدرش امشي واسيبها .. افرضي فاقت وانا مش موجود .. لالا انا هفضل موجود ...
فقالت والدته
طيب على الاقل غير هدومك ..
ولكنه اصر على الرفض فهزت برأسها يأسا من عناده الشديد ثم طلبت من علاء ان يوصلها هى والجد و علا الى المنزل وذهبت لتحاول ثانية مع والد هبة حيث أقنعته بعد جهد طويل انه من الافضل له ان يذهب معهم كى يأخذ قسطا من الراحه كي يكون بحاله جيده لدى استيقاظ هبة ....
مكث أمجد على كرسي في غرفة الانتظار وبعد فترة دخل عليه اخاه وهو يقول
خد يا أمجد غير هدومك...
نظر اليه أمجد مستفهما وهو يرى علاء يمد اليه حقيبة بلاستيكية في حين تابع علاء
آه انت عارف والدتك صممت أجيبلك هدوم نضيفة معايا واتفضل شوف بأه هتعرف تقعد هنا ازاي بس انت مش هتغلب دي اكبر مستشفى استثمارى وانت من المساهمين الرئيسيين فيها تعتبر المالك يعني من الآخر فلو قولتلهم يفضولك دور بحاله هيعملوها ....
تناول أمجد الحقيبة وكان قد حجز جناح له حيث اغتسل وبدل ملابسه ثم خرج لاخيه الذي ناوله علبة عصير وشطيرة ولكنه رفض تناول أي شيء فكل ما يشغله الآن كيف يرى هبة الى ان اهتدى لطريقة معينة!!....
اقنع أمجد علاء بالانصراف قائلا له انه سيخلد الى النوم وانه لو علم شيئا عن هبة سيخبرهم ثم ذهب الى غرفة العناية وحاول ان ينظر عبر زجاج الغرفة فلم يرى سوى جسدا ملقى على سرير واجهزة كثيرة موصولة به ....نظر حوله قليلا ثم رأى الممرضة المسؤولة عن العناية المركزة فذهب اليها ليقنعها ان تدعه يدخل اليها فرفضت وبشده ولكن بعد الحاح شديد منه اشفقت عليه وعلى حالته وهيئته المزرية فهو كما قال لها زوجها وكان اليوم هو الزفاف فوافقت شريطة الا يمكث اكثر من خمس دقائق كي لا يتسبب لها في مشاكل مع الطبيب المعالج انفرجت اسارير أمجد ووافق وضع أمجد كمامة على انفه لضمان عدم حدوث تلوث في الهواء للمريضة فتحت الممرضة له الغرفة وقالت بترجى
أ . أمجد خمس دقايق مش اكتر الله يخليكي انا لولا ان حالتك صعبت عليا اووى ما كنتش وافقت ما تجبليش جزا ربنا يخليك ..
قال بلهفة وهو يلج الى الغرفة
ما تخافيش يا سيستر زى ما اتفقنا
فتركته وذهبت وقد اغلقت الباب خلفه ...
اقترب أمجد بخفه من السرير الابيض وراعه ما شاهده فقد كانت هبة نائمة وجهها شاحب وبشده يحاكى بياضه بياض الوساده التى ترقد عليها وشعرها الفتان يحيط بوجهها الصغير واجهزة كثيرة لا حصر لها ولا عدد موصولة بجسدها الصغير تناول أمجد كرسيا ووضعه بجانب سريرها وجلس عليه ثم مد يده وأمسك بيدها الموصوله بالمحاليل وبجهاز تتبع نبضات القلب في سبابتها مال على يدها فقبلها وهو يستنشق راحتها وقال بصعوبة وهو يغالب دموعه
هبة ما تسيبينيش انا مقدرش اعيش من غيرك انت احلى حاجه حصلت لى ابتسامتك بتنور دنيتي كلها انا مش متخيل انى اقدر اعيش من غيرها...
ثم ضحك ضحكة صغيرة كلها حزن وتابع
انت عارفة .. انا اتعودت على عصبيتك وزعلك معايا!! حتى عصبيتك وزعلك وحشونى ..
رفع نظره اليها وأكمل بحزن
انا كنت محضرلك مفاجأه لشهر العسل .. كنا هنروح جزيرة في البحر الكاريبي جزيرة كلها نخل ومايه زى اللي بتشوفيها في الافلام الاجنبية الرومانسية ... فاكرة لما قولتيلي يا ترى الجزر دى موجوده فعلا ولا كلام افلام وكنت بتضحكى وانت بتقولى الناس اللي بيروحو هناك مايتهيأليش زينا !! انا بأه كنت عاوز اثبت لك انهم هما اللى مش زيك ولا في زيك ابدا ... علشان خاطرى اصحى وانا اوعدك مش هزعلك تانى ابداااااا ارجووكى يا هبة ارجوووكى
دخلت عليه الممرضة تستعجله ليذهب فقد اقترب موعد مرور الطبيب على حالات العناية المركزة .. وقف أمجد ونظر الى هبة وتركها وذهب وهو يلتفت كل خطوة لينظر اليها الى ان غادر العناية المركزة ....
في اليوم التالى وبعد مرور ال 244 ساعه على اجراء العملية الكل كان مجتمع في
متابعة القراءة