رواية كاملة قوية جدا الفصل الاول والثاني والثالث بقلم الكاتبة الرائعة

موقع أيام نيوز

على الشغل 
أجابها مازحا وهو يتجه نحو السيارة 
_ نتأخر إيه بقى ما انتي مع المدير نفسه وبياجي وياخدك كمان 
سارت خلفه وهي تطرح عليه سؤالها بالإنجليزية وبنظرات ماكرة  
_ what do you mean ? . !ماذا تقصد 
تمتم يرد عليها بضحكة بسيطة  
_ nothing babe لا شيء يا عزيزتي 
استقلت بجواره في المقعد الأمامي بالسيارة والقت نظرة على ابنتها التي تنظر من النافذة بسكون تام دون أي حركة فتصدر زفيرا حارا في بؤس وتتابع الطريق من أمامها .

يمسك بيده فرشاة ويجلس على مقعد خشبي طويل مخصص للرسم وأمامه لوحته المميزة التي يعمل عليها منذ أيام طويلة بإتقان وتركيز حتى يكون الشكل النهائي لها مذهل كباقي أعماله الفنية كرس حياته منذ تخرجه من كلية الفنون الجميلة لممارسة هوايته المفضلة وهي الرسم حتى أنه افتتح معرضه الفني الخاص به والذي يأتي إليه الناس من مختلف الأماكن حتى يقتنوا لوحاته المذهلة بعدما تمكن وبفترة قصيرة أن يصنع اسمه في المجال الفني ويتصدر الصدارة .
آدم الشافعي .. الشاب اليافع الذي يبلغ من العمر خمسة وعشرون عاما كانت تتسابق الفتيات في جامعته على التقرب منه ليس لجمال مظهره وشكله فقط بل حتى لثقافته ولطفه مع الجميع وموهبته الفريدة .. لكنه لم يكن من هواة النساء والتسكع .. الأمر الذي جعلهم ينفرون منه بالنهاية بعدما يأسوا من محاولاتهم الفاشلة معه ! .
طرقت الباب عدة طرقات صغيرة قبل أن تفتحه وتدخل لتتسع على شفتيها ابتسامة عريضة .. ثم اقتربت ووقفت خلف أبنها تطالع لوحته التي لم تكتمل بعد بإعجاب شديد بينما هو فالټفت برأسه نحوها يحدقها بثغر مبتسم ليخرج همسها أخيرا  
_ إنت مش ناوي تخلصها ولا إيه ياحبيبي أنا متشوقة جدا اشوفها بعد ما تكمل 
_ هانت خلاص ياماما فاصل فيها شوية لمسات صغيرة وتبقى انتهت تماما .. بس إيه رأيك فيها  
أجابته بانبهار بعدما أعادت النظر فيها من جديد تتفحص تفاصيلها الدقيقة والمذهلة  
_ جميلة أوي يا آدم .. قولي بقى هو إمتى هيكون افتتاح المعرض
تمتم وهو يمسك بالفرشاة من جديد ويستكمل ما توقف عنده قبل دخولها  
_ خلال الاسبوعين الجايين إن شاء الله 
انحنت وطبعت قبلة على شعره ثم هتفت بحنو 
_ ربنا يوفقك ياحبيبي .. أنا هروح اعملك فنجان قهوة من اللي بتحبه عشان تعرف تبدع كدا يافنان 
قهقه بخفة وأجابها وهو يغمز لها بمداعبة  
_ ربنا يخليكي ليا ياسمسم يافهماني إنتي 
بادلته الضحك وهي تتجه نحو الباب لتنصرف وتتركه يستأنف عمله .
أسمهان الشافعي .. والدة عدنان وآدم تبلغ من العمر خمسة وخمسين عاما رغم تقدمها في السن إلا أنها لا تزال بكامل صحتها وجمالها .. عرفت بالمرأة المتسلطة والصارمة لديها من النرجسية ما يكفي لجعل الكثير يبغضها ويبتعد عنها ولديها طبع حاد لا يتحمله أحد خصوصا مع من تكرهه لكنها تكون بكامل حنانها ولطافتها مع أولادها وربما بعض الشيء مع زوجة ابنها فريدة نظرا لأن علاقتهم جيدة وأشبه بالأصدقاء لكن جلنار لم تحصل منها سوى على الكره والمكائد والنفور لأنها لم تكن موافقة على هذا الزواج منذ البداية .

بولاية كاليفورنيا ....
تجلس بمكتبها على الأريكة الصغيرة وبيدها كوب القهوة الخاص بها تحتسيه بهدوء وعقلها مشغول بالتفكير في زوجها بالتأكيد أنه لم يترك مكان إلا وبحث فيه عنهم ولابد أنه الآن يعاني أشد العناء من فراق ابنته ويتوعد لها بعقاپ عسير عندما يجدها .
قذفت بذهنها ذكرى مأسوية لهم من شجارتهم الدائمة وكانت هذه هي آخر مشاجرة بينهم قبل أن تأخذ ابنتها وتذهب لأمريكا .
_ عايزة أطلق يا عدنان ! 
كانت جملة صريحة منها تحمل الڠضب والانفعال بينما هو فأجابها بكامل هدوئه دون أن يعير انفعالها أي اهتمام  
_ واحنا اتكلمنا في الموضوع ده مېت مرة ياجلنار وكان ردي واضح 
صاحت به بنبرة مرتفعة وسخط  
_ نتكلم تاني وتالت وعاشر وللمرة المليون كمان .. لغاية ما تفهم إني مبقتش عايزاك خلاص وعايزة أطلق 
جز على أسنانه بغيظ فقد بدأ الڠضب يستحوذ عليه هو الآخر حيث صړخ بها بصوته الجهوري  
_ وعايزة تتطلقي ليه .. ما إنتي عايشة ملكة وكل اللي بتعوزيه بيكون عندك 
_ عشان أنا مش هقبل أكون على الرف تاني كفاية أوي اربع سنين عشتهم معاك وأنا بټعذب من عدم اهتمامك بيا وكأني نكرة مش موجودة .. أنت حياتك كلها عبارة عن أسمهان هانم وشغلك وأخوك وبنتك وطبعا من هننسى فريدة هانم دي أهم حاجة وجلنار ملهاش أي جزء من حياتك ومتحاولش تقول أي حاجة لإني عارفة كويس اوي إنك عمرك ما حبتني ولا هتحبني أنت قلبك وعقلك مستحوذة عليه مراتك وأنا مليش مكان فيه
بقى صامتا يستمع لحديثها كامل حتى انتهت فيجيبها بعند  
_ مش هطلقك غير بمزاجي ياجلنار متتعبيش نفسك 
ثم تركها واتجه نحو الباب فركضت هي خلفه وامسكت بذراعه ترغمه على الوقوف وتهتف بإصرار  
_ هتطلقني ياعدنان ڠصب عنك فاهم ولا لا 
حدقها بصمت لثواني معدودة ثم نفض يدها عن ذراعه وأكمل طريقه نحو باب المنزل لينصرف لكنه توقف عند الباب لدقيقتين تقريبا ثم الټفت برأسه نحوها وكأنه تحول مائة وثمانون درجة حيث تمتم بجمود مزيف  
_ تمام طالما دي رغبتك ومصرة عليها يبقى تستحملي النتائج هطلقك ياجلنار موافق 
ألقى بجملته الڼارية عليها وانصرف ليتركها تتطرح الأسئلة عن معنى كلماته وماهي النتائج التي يقصدها ولم تحصل على إجابتها إلا عندما عرفت بمخططه هو وأبيها ! .
أفاقت من ذكرياتها عندما أحست بالماء الدافئة التي تجري على وجنتيها فمدت أناملها وجففتهم بسرعة وهي تهمس بصوت مسموع  
_ مس هسمحلك تاخد بنتي مني ياعدنان 

عودة إلى القاهرة ....
وصلت إلى منزل خالتها ووقفت بالحديقة تتطلع لأعلى تحديدا لنافذة غرفته فرأت ظلا يتحرك في الغرفة عرفت فورا أنه بالمنزل .. أخذت نفسا عميقا وقالت بارتباك  
_ أهدى خالص يازينة مش هتتوتري زي كل مرة فاهمة ولا لا اتصرفي بطبيعية جدا .. ده آدم يعني مش حد غريب ! 
قادت خطواتها المرتبكة إلى الداخل فقد حدثتها خالتها بالهاتف وطلبت منها أن تأتي إليها حتى تتحدث معها تحت مسمى الشوق وأنها اشتاقت لها .
وقفت أمام الباب ورفعت يدها حتى تطرق على الباب ولكن دهشت بأسمهان التي فتحت لها قبل أن تطرق حتى ضيقت زينة عيناها باستغراب من أفعال خالتها الغريبة وباللحظة التالية فورا كانت أسمهان تضمها معانقة إياها بحرارة وهي تتمتم بحب  
_ عاملة إيه ياوزة وحشتيني يابنت ! 
خرجت من حالتها المتعجبة ليتمكن منها الڠضب وهي تهتف محتجة 
_ وبعدين ياخالتو كام مرة هقولك متقوليش الاسم المستفز ده .. إيه وزة ده كمان !!
قهقهت أسمهان بملأ شدقيها ثم دفعتها للداخل وأغلقت الباب وهي تهتف  
_ طيب ادخلي يلا 
دارت زينة بنظرها في أرجاء المنزل وكأنها تتأكد من عدم وجوده ثم تنهدت بارتياح وسألت بريبة  
_ هو في حاجة ياخالتو ولا إيه ! 
جذبتها من ذراعها واجلستها على الأريكة أمامها ثم همست
تم نسخ الرابط