رواية مريم من 31-40

موقع أيام نيوز

بجانبه و قربت الكأس من فمه و هي تقول بإبتسامة رقيقة
صلوحي ! يلا يا حبيبي إشرب اللبن و هو سخن.
يشيح صالح بوجهه قائلا بإنزعاج
من فضلك إبعديه عني يا صفية مش عايز.
صفية بضيق
بعد ما عملتهولك بإيدي تقولي مش عايز .. لكنها لاحظت تعابيره البائسة فجأة فسألته بجدية
مالك يا صالح
صالح بكدر
ماليش يا صافي.
صفية و هي ترمقه بنظرة ثاقبة
إنت كداب يا صالح . قولي في إيه إيه إللي مضايقك !
و ظلت لعدة دقائق تقنعه بالكلام ... ليقول أخيرا
دايما كل الظروف بتبقي ضدي يا صفية !
صفية بعدم فهم
مش فاهمة ! تقصد إيه يا صالح !
صالح بكآبة
كل ما أحل عقدة . كل ما أفتكر إن مشاكلي إتحلت بطلع غلطان في الأخر .. مشاكلي بتزيد و بتتعقد أكتر.
أجفلت صفية و قالت بدهشة
ليه بتقول كده يا حبيبي إنت ماعندكش أي مشكلة . وضعك بيتحسن و الدكتور قال قريب أوي هترجع تقف علي رجليك من تاني . صحتك ممتازة و قطعت شوط هايل النتيجة إللي وصلنالها ماكنتش متوقعة . إنت إنسان قوي يا صالح و عندك إرادة . مافيش حاجة واقفة في طريقك دلوقتي !
نظر لها و قال بسخرية
لأ في . أبويا .. أبويا إتخانق إمبارح مع أبوكي . و شكل الخناقة كانت بجد و غير أي خناقة عادية عدت بينهم . أبويا يا صفية عقدلي الدنيا أكتر ما هي متعقدة.
صفية بصوت كالأنين و هي تلتقط خصلة أمامية من شعره
يا حبيبي إنت بتقول كده ليه بس مافيش عقد يا صالح . و بابا و أنكل رفعت دايما بيتخانقوا و بيرجعوا زي ما كانوا.
بس المرة دي غير . صوتهم كان عالي و أنا سمعت كلامهم .. أنا حاسس إن المشكلة دي هتقف في طريقنا يا صفية . حاسس إن عمي هيبعدك عني بسبب خلافه مع أبويا.
وضعت صفية إصبعها علي فمه و قالت
هشششش . ماتقولش كده تاني . إنت مش واثق فيا يعني أنا مستحيل أبعد عنك أنا بحبك يا صالح و عمري ما هسيبك أو أسمح لحد يبعدني عنك . فاهم مش عايزاك تقلق نفسك بحاجات زي دي . ركز في علاجك و بس . و إحنا لبعض في الأخر . محدش هيقدر يفرقنا أبدا .. أوعدك.
رمقها صالح بنظرات آملة بينما إبتسمت و هي تعيد الكأس إلي فمه
يلا بقي إشرب اللبن !
كان عثمان جالسا في سيارته المركونة علي جانب الطريق ... يراقب المارة أمامه بنظرات فاترة من خلال نظارته الشمسية القاتمة
زفر بقوة و قد أزعجه طول إنتظاره لكنه تلقي مكالمة في هذه اللحظة ..
أخرج هاتفهه من جيب داخلي في سترته البيضاء .. ألقي نظرة سريعة علي الرقم ثم أجاب
بابا ! .. كانت نبرته لطيفة ودية
يحيى بصوت أجش
إنت فين يا عثمان
أنا في مشوار كده . ليه في حاجة !
يحيى بنبرة متماسكة غامضة
لأ مافيش .. بس بقالي مدة ماشوفتكش !
آسف بس إنت عارف الشغل و شركتي لسا في بدايتها . هاشوفك بالليل إن شاء الله.
أنا مسافر دلوقتي.
عثمان بدهشة
مسافر ! مسافر فين
طالع علي لندن.
الله ! إنت مش كنت لسا هناك !
هاروح تاني . لسا في شغل متعلق .. ثم قال بنبرة جدية
المهم أنا عايز أطلب منك طلب.
عثمان بإهتمام
طلب إيه يا بابا
!
طول فترة غيابي . عايزك تمسك الشركة و تديرها بنفسك . خلي بالك يا عثمان عينك تبقي في وسط راسك . مش عايزك تغفل عن أي حاجة.
أجفل عثمان بشئ من القلق و تساءل
طيب في حاجة يعني في مشكلة حصلت
مافيش حاجة . أعمل بس إللي بقولك عليه.
حاضر !
حاجة كمان ... أمك . خلي بالك من أمك . إوعي تسمح لأي حاجة في الدنيا تضايقها.
عثمان و قد ساوره القلق بشدة الآن
بابا في إيه بجد في إيه
يابني قولتلك مافيش حاجة . بوصيك زي كل مرة . مش كل مرة بسافر بسمعك الكلمتين دول
أيوه بس المرة دي حاسس إنك مخبي عليا حاجة !
يحيى بنفس النبرة الغامضة
مافيش حاجة . بأكد عليك بس.
عثمان بعدم إقتناع
أوك . عموما ماتقلقش . أنا هتولي كل حاجة لحد ما ترجع.
تمام . سلام بقي دلوقتي عشان طالع عالمطار.
سلام يا بابا . خد بالك من نفسك !
و أغلق الخط و ما زالت الحيرة و الشك تلعبان بملامح وجهه و تشغلان عقله ..
يلمح سمر أخيرا و هي تتقدم صوب سيارته طار كل ما كان يشغله في هذه اللحظة و خاصة عندما شاهد تلك المخلوقة الصغيرة التي يعرفها جيدا متكورة في صدر أختها مطوقة عنقها بذراعيها القصيرين ..
نظر لها بذهول شديد و ظلت عيناه عليها حتي وصلت عنده
إتخذت سمر مكانها بجانبه ... إبتسمت و هي تقول متظاهرة بعدم ملاحظة ردة فعله غير المصدقة
صباح الخير !
إيه إللي إنتي جايباها معاكي دي .. قالها عثمان بتساؤل و هو ينقل نظراته بينها و بين ملك
سمر ببساطة
دي ملك . لوكا أختي إنت مش فاكرها و لا إيه !
عثمان بحدة
جبتيها معاكي ليه إنتي بتهرجي !
سمر ببراءة
إيه إللي حصل بس أنا لسا راجعة بيها من عند الدكتور و مافيش حد في البيت ياخد باله منها . كنت هسيبها فين !
زفر عثمان غاضبا و قال
و إحنا هناخد راحتنا مع بعض إزاي و هي معانا سيادتك
سمر بإبتسامة و هي تمسد علي شعر ملك الحريري
أنا هانيمها . أكلها معايا أول ما تشبع هتنام.
عثمان و هو يلوي ثغره بنفاذ صبر
أما نشوف !
و شغل محرك السيارة ثم إنطلق ..
في ڤيلا رشاد الحداد ... تتمدد چيچي في حوض الإستحمام البيضوي و المتتلئ بالماء الممزوج بالصابون ذا الرغاوي و الفقاقيع البيضاء
تتنفس بعمق لعدة مرات .. تزيد درجة إسترخائها ... ترهف السمع إلي تلك الموسيقي الهادىة المنبعثة من سقف قاعة حمامها المستقل
يدق هاتفهها في هذه اللحظة فتمد يدها المبتلة لتأخذه من خلفها ..
37
صراع !
تذرع سمر الغرفة جيئة و ذهابا بملك ... فما زالت الصغيرة تبكي بحرارة و ما زالت هي تبذل محاولاتها لتجعلها تكف عن البكاء
راحت تغني لها بصوت عذب و تهدهدها بين ذراعيها و بالفعل نجح الأمر و هدأت ملك تدريجيا إلا من بعض الشهقات و الإرتجفات البسيطة
بقت كويسة .. سمعت سمر صوته أتيا من خلفها لتغمض عيناها في حنق ثم تلتفت إليه ..
سمر بحدة
نعم ! عاوز إيه
عثمان عابسا بشئ من التوتر
أنا ماكنش قصدي أزعق في أختك . هي في الأول و في الأخر طفلة و أنا مش حيوان أوي كده عشان ماتفرقش معايا مشاعرها .. ثم مد ذراعيه صوبها مكملا
ممكن !
كانت دعوة لا ترفض خاصة بعد ما أظهره من سلوك إنساني مهذب و لأول مرة
لوت سمر شفتاها ممتعضة لكنها ناولته شقيقتها في الأخير ..
توتر جسد ملك في بادئ الأمر و إتسعت عيناها الخضرواتان و هي تنظر إلي عثمان پخوف و ترقب لكنه طمئنها بإبتسامة خفيفة حلوة و ضمھا إلي صدره بلطف
تكورت ملك بحضنه و دست رأسها في صدره دلالة علي خجلها و حبها في آن ..
عقدت سمر حاجبيها بإنزعاج من هذا فمدت يديها و إستعادت الصغيرة منه و هي تقول بجفاء
ملك حساسة أوي و لسا مانسيتش إللي حصل برا . عشان كده لازم أخدها و أمشي دلوقتي.
و هنا إنقلب مزاج عثمان فجأة إلا أنه تماسك و رد بأقصي ما إستطاع من هدوء
إحنا لسا جايين . و بتقوليلي تمشي ! ده كلام يعني خليكي شوية إحنا لسا ماقعدناش مع بعض لوحدنا.
سمر بعناد
أختي أهم من أي حاجة.
عثمان بنفس الهدوء
طيب أنا ماقولتش حاجة و بعدين هي هديت دلوقتي و ممكن تنام بسهولة.
في هذه اللحظة دق هاتف سمر ... أخرجته من جيب معطفها ... ألقت نظرة علي إسم المتصل ... و ردت
فادي ! .. إيه يا حبيبي صحيت .. أنا ماحبتش أقلقك .. أيوه عارفة إن إنهاردة أجازة بس ملك كانت محتاجة تروح للدكتور .. إحنا خلصنا كشف خلاص .. لأ هي زي الفل ... ماشي . إحنا جايين بسرعة أهو .. سلام يا حبيبي.
أنهت مكالمتها ثم نظرت إليه قائلة بأسف مصطنع
فادي بيستعجلنا . للآسف لازم أمشي دلوقتي !
في ڤيلا رشاد الحداد ... يدخل هذا الشاب ليقابل چيچي بالحديقة الخلفية
كانت تجلس علي الأرجوحة تتصفح إحدي مجلات الموضة عندما آتي إنتبهت لحضوره و تركت المجلة من يدها ..
چيچي بصوتها الفاتر
هآا ! .. طمني عملت إيه
الشاب و هو يمد لها يده بمظروف كاكي اللون
أنا عملت كل إللي قدرت عليه . بس للآسف مقدرتش أوصل لجوا الشقة و مش هقدر يا چيچي هانم . إللي إسمه عثمان البحيري ده حاويط أوي و دايما جاهز لأي حاجة !
تنهدت چيچي بغيظ و هي تشد المظروف منه پعنف ...
فتحته و أخذت تطالع الصور التي كانت فيه لم يسترعي عثمان علي إهتمامها بقدر ما فعلت سمر ..
راحت تمرر أمام عينيها الصورة تلو الأخر فإستغرقت بلا وعي في تأمل تلك الفتاة منافستها ... أغضبها أن تضع نفسها محل مقارنة بجانبها
فهذه أجمل منها لو قورنت بها فعلا لابد أن زوجها السابق يستمتع كثيرا هذه الأيام و لكنها في الواقع ستجعله يستمتع أكثر ..
يعني مش هتقدر تجبلي أكتر من كده .. قالتها چيچي بتساؤل و هي تلقي بالصور فوق طاولة صغيرة أمامها
الشاب بأسف
خارج النطاق ده ! مش هقدر يا هانم أعذريني.
زفرت چيچي بضيق ثم قالت
طيب فين ال بتاعت الصور دي
أخرج الشاب فيلم التصوير من جيبه و ناولها إياه متمتما
إتفضلي يا هانم !
چيچي و هي تقلب الفيلم بين أصابعها
أوك . دلوقتي تقدر تروح و المبلغ إللي إتفاقنا عليه هيتحول في حسابك بعد ساعتين بالظبط.
الشاب بإبتسامة
شكرا يا هانم . و حضرتك لو إحتاجتيني مرة تانية أنا تحت أمرك في أي وقت.
جلست چيچي بعد رحيل جاسوسها تفكر كيف تستغل هذه الصور
توصلت لحل وحيد و قد بدا لها الأكثر فعالية أيضا و لكن متي تنفذه ..
لأ يا چيچي .. تمتمت چيچي لنفسها و أكملت بخباثة
مش دلوقتي . لازم تستفيدي من دروس ال بتاعك . عثمان البحيري .. في أقرب مناسبة هفجرلك القنبلة الفظيعة دي يا حبيبي !
عندما وصلت سمر إلي البيت ... توجهت فورا إلي شقة الجارة زينب
تتهلل أسارير زينب عند رؤيتها لتصيح بعدم تصديق
سمر ! حمدلله علي السلامة يابنتي . جيتي بدري مش
مصدقة !!
سمر بإبتسامة عريضة
الخطة مشيت أحسن ما رسمتها يا ماما زينب . مقدرش عليا المرة دي.
زينب بسرور
الحمدلله . جدعة عقبال مانخلص منه علي خير . طيب خشي واقفة كده ليه !
هطلع بقي عشان
تم نسخ الرابط