رواية مريم الفصول من 41-50
المحتويات
41
أصابع الندم !
في البداية ... كان الأمر أشبه بالحلم
عندما غدت الرؤية معتمة لدي سمر و السمع بالكاد كان واضحا حيث أتاها صوته كما لو أنه علي بعد مسافة سحيقة
كان يدوي غاضبا مروعا مفزعا ... و من بين سيل الكلمات السريعة اللاذعة التي خرجت كالقنابل من فمه لم تلتقط أذنها سوي كلمة واحدة متكررة منذ البادئ .. خاېنة ..
فقد كانت سعيدة ... البرد الذي أصابها و خدر جسدها بالكامل و الدوار المسكر و العجز المسيطر عليها تماما .. كل هذه الأمور أنبأتها بأن الأمر علي وشك الإنتهاء
كل هذا العڈاب سينتهي قريبا الآلم الذي شعرت به منذ فترة طويلة الذل القهر المهانة .. كل شئ صار مرهونا بالعد العكسي لعدد أنفاسها الأخيرة
غلبتها الغفوة الثقيلة في هذه اللحظة إنسحب الهواء كله من رئتيها هاربا شدها الظلام أكثر فأكثر ... نحو القاع اللانهائي و قبل أن ينطفئ بصيص حياتها للأبد شعرت بالإمتنان لأن أخويها سيعيشان في راحة و هدوء من بعدها قضي الأمر ..
أخر فكرة راودتها كانت ... تري هل سيكون لها حظا من رحمة الله هل سيغفر الله لها هل ستنال عفوه
إستسلمت و نفسها تزخر بالړعب و الفزع ...
رغم برودة الجو ... كان جسد عثمان يتصبب عرقا ساخنا بعد هذا المجهود البدني و العصبي الهائل الذي بذله خلال الدقائق القليلة المنصرمة التي بدت و كأنها عقود بالنسبة لها و له
خاېنة يا سمر . خونتيني زيها . كنت واثق فيكي . أفكاري كلها كانت بدأت تتغير من ناحيتك . كنت فاكرك مختلفة فعلا . كنت فاكرك غيرهم كلهم . لكن طلعتي ممثلة . ممثلة هايلة . خدعتيني . بعتيني . إنتي ماتستهليش أي حاجة . إنتي زييها بالظبط.
بل ألقي بالحزام الذي يقطر منه دمائها علي الأرض ثم إلتفت و مضي إلي الهاتف الرابض فوق طاولة بجانب الفراش
أمسك بدليل الأرقام و عثر علي رقم الإسعاف بسهولة ... ضړب الأرقام و إنتظر الرد ..
ألو .. كانت أنفاسه منتظمة الآن و تحدث علي نحو جدي هادئ ..
و أغلق الخط و هو يتنهد بثقل ... تناهي إلي سمعه صوت جرس هاتفهه كان مكتوما فعقد حاجبيه و هو يتتبع مصدره
وصل عند سمر ثانية ... الصوت ينبعث من أسفلها حيث وقع منه بالتأكيد أثناء جلسة الضړب العڼيفة التي أقامها لها
لكزها بقدمه و أزاحها جانبا ثم تناول الهاتف و رد بدون أن يعرف هوية المتصل ..
ألو !
المتصل بنبرة حماسية
عثمان بيه . معاك عبد المنعم صقر.
عثمان بفتور
أهلا . خير يا أستاذ صقر في مستندات تانية حابب توريهالي !
لأ يافندم ده أنا بتصل عشان أقولك خبر مهم جدا.
عثمان و هو يفرك وجهه بكفه
خبر إيه
أنا عرفت مين الست إللي جابت الصور بتاعت سيادتك . مش هتصدق هي مين حضرتك !
عثمان بإبتسامة ساخرة
مين يا أستاذ صقر
چيچي الحدآاد !
عثمان پصدمة
بتقول إيه
عبد المنعم بنبرة مهزوزة بعض الشئ
هي مفاجأة فعلا . أنا نفسي ماتخيلتش تفضل وراك بعد كل إللي حصل بينكوا . أنا قلت أبلغ حضرتك بالخبر ده قلت أكيد يهمك و من حقك تعرف عشان تاخد إحتياطاتك بعد كده.
عثمان بنفس الصدمة ممزوجة بالڠضب
إيه إللي إنت بتقوله ده إنت كل شوية هتطلعلي بحدوته جبت الكلام ده منين يبقي إنت إللي عامل كل ده و كدبت عليا . أقسم بالله ما هاسيبك !
عبد المنعم بجدية
يا عثمان بيه إهدا من فضلك . أنا هفهمك قبل ما تجيلي حضرتك إمبارح بعت واحد من إللي شغالين عندي ورا الست إللي جات و جابتلي الصور ... و حكي له ما حدث
سقط الهاتف من يده ... جحظت عيناه و تباعدت شفتاه پصدمة مضاعفة عندما وقع بصره عليها
مش إنتي !!! .. همس عثمان و صاح مكملا و هو يهرع إليها
مش إنتي يا سمر .. ركع بجوارها و أمسك بكتفيها
يعني مش إنتي إللي روحتي إنتي ماخونتنيش إنتي ماعملتيش حاجة فعلا زي ما قولتيلي أنا ظلمتك أنا .. عملت فيكي كده .. و شملها بنظرة مصعوقة ثم صړخ پذعر
لأااااااااااااااا . أنا عملت فيكي إيه عملت إيه أنا ماكنش قصدي أنا كنت فاكرك بعتيني . كنت فاكرك زيها . أنا آسف . آسف يا سمر . إصحي عشان خاطري . طيب فتحي عنيكي بس . أنا بحبك و الله عملت كل ده عشان بحبك . ماكنتش متوقع إني ممكن إتصدم فيكي . سمر . إنتي الوحيدة إللي ملكتي قلبي و الله العظيم . أنا حبيتك و عارفة و الله إمبارح لما كلمتك و قولتلك نتقابل كنت عايز أشوفك عشان أقولك إننا هنتجوز رسمي . كنت عملهالك مفاجأة .. سمر . قومي الله يخليكي ماتعمليش فيا كده !
و لكن لا حياة لمن تنادي ... هزها پعنف و هو يصيح
سمر ! لأااا ردي عليا ماتعمليش زيه . مش هقدر أستحمل ده تاني . أرجوكي لأ . لأ .. أرجوكي . قومي . لأ .. كان عذابا مروع باديا في صوته
سمر . سمر . أرجوكي . ردي عليا . لأ . لأ . سمر . لأ . لأاااااااااا . سمر !
و فجأة دوي بوق سيارة الإسعاف مقتربا شيئا فشئ من المنزل الممتلئ عويلا و صړاخا بالطبع لم يكن السائق بحاجة للنظر في العنوان
لقد أرشدته هذه الأصوات بمنتهي السهولة ...
في قصر آلبحيري ... تدور صفية بغرفتها علي غير هدي
بعد ما سمعته من فم عمها بغرفة أمها لم تشعر بنفسها إلا و هي تركض إلي هنا ... كانت دموعها تهطل بغزارة الآن
لو كان هذا الكلام صحيحا حقا فإنها کاړثة ...
صافي هانم !
إنتبهت صفية علي صوت الخادمة إلتفتت لها
عايزه إيه .. سألتها صفية بحدة
الخادمة بتوتر
فريال هانم عايزة حضرتك !
طيب روحيلها إنتي دلوقتي و أنا جاية وراكي.
أطاعتها الخادمة و ذهبت بينما إزدادت حيرتها و هي تتنهد بحرارة ..
يا ربي ! أعمل إيه أنا مش عارفة أي حاجة .. يا رب !!
إضطرت إلي الذهاب في الأخير ... ولجت عند أمها لتجدها جالسة في إنتظارها بفارغ
الصبر
تحاشت صفية النظر إليها و مشت ناحيتها بآلية .. جلست علي طرف السرير قبالتها لتمد فريال يدها و ترفع ذقنها لتجبرها علي النظر لها ..
رمقتها صفية بتساؤل ممزوج بالإرتباك ... ثم قالت بحذر
إيه إللي أنا سمعته ده يا مامي إللي أنا سمعته ده صحيح
بسرعة أمسكت فريال بالدفتر و القلم و بدأت تكتب ..
أعطت الورقة لإبنتها لتقرأ ... إنتي سمعتي إيه بالظبط
إبتلعت صفية ريقها بصعوبة و أجابت
بابي ماټ في حاډثة . مش فاهمة . أنكل رفعت .. قال كلام فظيع .. فعلا هو ... هو إللي ق آا . هو إللي عمل كده في بابي ع عشانك
تكتب فريال من جديد ثم تقرأ صفية .. مافيش حاجة بيني و بين عمك يا صافي . إوعي تفهمي غلط
صفية بوهن
أنا عارفة يا مامي . أنا مش ممكن أتخيل حاجة زي دي طبعا .. بس إللي هجينني . هو فعلا عمل كده و لا لأ !!
تنهدت فريال بآسي و عادت تكتب .. إستغرقت بعض الوقت في هذه الورقة و لكنها سلمتها لإبنتها بالنهاية ..
قرأت صفية .. أنا ماعرفش . بجد ماعرفش . أنا بس محروقة أووي يابنتي . قلبي مولع مش قادرة أطفي الڼار إللي جوايا علي أبوكي . عمك إعترفلي من فترة إنه بيحبني من زمان . ماكانش طبيعي لما قالي كده . أنا ماحبتش أكبر الموضوع و لو كنت قلت حاجة ليحيى الموضوع كان هيوصل للدم مش مجرد خناقة من خناقتهم العادية إللي بتحصل دايما .. أنا مش متأكدة من حاجة يا صافي . بس أنا يائسة . يائسة و حاسة إني هنفجر . عايزة أعمل أي حاجة . عايزة أرتاح . أنا عايزة أموت يا صفية . عايزة يحيى . أنا مش قادرة أصدق إني مش هاشوفه تاني . أنا هتجنن و الله هتجنن
تترك صفية الورقة و تقترب من أمها التي بدأت تجهش بالبكاء ضمتها إليها متمتمة
خلاص يا مامي . بليز إهدي .. عشان خاطري . بعد الشړ عليكي يا حبيبتي . إوعي تقولي كده تاني . ده إنتي إللي باقيتلنا أنا و عثمان . مانقدرش نعيش منغيرك . فكري فينا يا مامي و صبري نفسك . إوعي تيأسي أو تستسلمي . إحنا معاكي . يعني كإن بابي معاكي . مش إحنا بردو حتة منه !
إرتجفت فريال و هي تنشج بحړقة في حضڼ إبنتها لتربت صفية علي ظهرها محاولة تهدئتها ..
صفية بلطف
بس يا مامي . إهدي يا حبيبتي.
في ڤيلا رشاد الحداد ... تجلس چيچي مع والدها في الشرفة المطلة علي الحديقة
يتناولا معا طعام الفطور و لكن چيچي مشغولة بشئ أخر ..
منذ أكثر من نصف ساعة و هي ممسكة بجميع الجرائد و المجلات تتصفح أخبار اليوم و خاصة أخبار صفحة المجتمع
علي أمل أن تري الڤضيحة التي دبرتها لزوجها السابق ... و لكن لا شئ لا شئ البتة !
يلاحظ والدها ما يحدث معها فينتابه الفضول ..
رشاد بصوته العميق
چيچي ! مالك في إيه
چيچي و هي تنظر له في توتر
هه ! بتقول حاجة يا بابي !
رشاد بنظرة ثاقبة
بقول مالك من الصبح و إنتي ماسكة الجرايد و مش بتفطري ! عايزة تشوفي إيه في الأخبار
چيچي بإرتباك
آا أبدا . مش . مش عايزة أشوف حاجة.
چيچي ! ..قالها رشاد بتشكك
قوليلي هببتي إيه طالما مرتبكة و حالك مشقلب كده يبقي عملتي مصېبة.
چيچي بضيق
لا مصېبة و لا حاجة . إنت
متابعة القراءة