روايوة سالي ج1
المحتويات
تخلصي کشف يا دكتورة تعدي عليا
فالتفتت له سالي قائلة بتوجس
.. خير
ابتسم لها إبتسامة واسعة وقال
.. خیر طبعا متقلقيش في انتظارك
هزت سالي رأسها بهدوء وحينها قالت الممرضة
.. متقلقيش يا دكتورة دکتور کریم انسان محترم جدا وحضرتك بسم الله ماشاء الله ليك کاریزما مع الأطفال
فقالت سالي شاكرة
.. ميرسي يا بسمة عشر دقايق ونادي على البنوته عبال ما أروح أصلي الضهر
.. أنا خلصت یادکتور
أشار لها بالجلوس وقال
.. یعني هوا بدون مقدمات کتبر إحنا متنقشناش في الساليري وكنت حابب أعرف تقيمك للموضوع عشان أنا مبحبش أظلم حد والمواضيع دي مافيهاش فصال فلازم تكوني راضية
.. أنا شايف أنك تفكري وتسألي وبعدين . .
فقاطعته
.. حضرتك ده مش موضوع هنختلف عليه فعليا أنا مبتدئة وزي أي حد لسه في أول طريقه المرتب بيكون معلوم فمش هنختلف
أخذ ينظر لها بعين التقدير ثم قال
.. بس أنت مبتدئة موهوبة يا دكتورة ولولا تصريحك إنك مبتدئة
أنا كنت فكرتك محترفة من زمان
قامت سالي وابتسمت له لتشجيعه المستمر لها وقالت
فقام كريم من مجلسه وقال ممازحا
.. خلاص يادكتور مش هنختلف مش هأخرك عشان أنا عارف الساعة واحدة بالنسبالك زي الساعة ۱۲ بالنسبة لسندريلا
توقفت سالی لبرهة عن الحركة وتأملت المقارنة بينها وبين سندريلا ولسخرية الواقع كم كانت متشابهة فهي حظيت بأمير وبحماة كزوجة الأب الشريرة وفقدت حذائها أو بالأحرى ذاتها في خضم الحياة فعادت لبيت أهلها وحيدة تعيسة دون أميرها خرجت من مكتبه شاردة بخطوات تتراقص بحماقة وشغلت فكره الوقت طويل بعد إنصرافها فما قاله كان لايعدوا کونه مزحة ولكنها تركت في نفسها أثرا بليغا إذ تغيرت ملامحها الباسمة الحزن صارخ رسمته خطواتها المتعثرة.
ردت نعمات
.. آیوه یا جاسر بيه من ساعة
فغمغم بصوت متردد
.. ومامتهم عندك
فقالت نعمات وهي تكبح إبتسامتها
.. أيوا یا جاسر بيه بتغديهم
دارت عيناه بين جنبات غرفته الواسعة حتى طالت السقف وطالت فترة صمته وهو عاجز عن الإتيان بحرف فقالت نعمات بصوت قلق
.. جاسر بيه
رد بسرعة
.. طب یا نعمات هبقا أكلمك تاني اطمن على الولاد
ثم استدرك لعله يلمح طيف نبرة شاردة منها تطوف بأجواء القصر فتصل إليه عبر أثير الهاتف
.. ماما نايمة دلوقت
فردت نعمات بتكرار شعر کلاهما بالملل منه
.. أيوا یا جاسر بيه
فزم شفتيه وقال كطفل غاضب لفقدان حلواه
.. طب مع السلامة
وضع سماعة الهاتف ثم أمسك بقلمه وحاول العودة مجددا لأوراقه وعمله ولكنه ما لبث أن ألقاه بعيدا ورأسه الصلد يعلنها بوضوح أدمى قلبه نعم إنه يفتقدها واللعڼة عليه وعلى كبريائه الأعمى فهو يفتقدها وبشدة تنهد متعبا وعاد بذهن مشوش لأوراقه يحصي الساعات حتى يستطيع الإنصراف وربما اللحاق بظلها قبل أن تعود لمنزل والديها
أخذت تجوب الغرفات غرفة تلو الأخرى بحثا عنه وعن صغيرها ولكنها لم تعثر عليه فتوجهت للطابق السفلي لتسأل موظف الأمن عنه فأخبرها أنه خرج منذ ساعتان برفقة الصغير فتعالت صيحات الڠضب داخلها وأمسكت بهاتفها لتطلب منه تفسيرا وهي تتجه للمصعد ولكنها سرعان ما سمعت صيحة صغيرها وهو يتجه بسرعة فائقة نحوها فأحتضنته بشوق ولاحظت فورا الألوان التي يضج بها وجهه فقالت بتقزز
.. إيه اللي على وشك ده
أشار لها صغيرها بأصابعه كأنما هي مخالب اكتسبها بحكم تلك الرسمة السخيفة بنظرها وهو يصطنع زئير أسد جائع
.. هاااع أنا أسد
رأى الشرر ينبعث من عيناها فابتسم داخله واقترب منها وهو يرسم ملامح الجد المطلوبة للتغلب عليها ثم قال
.. أخدته شويه الملاهي متقلقيش
حدقت فيه ببلاهة ثم قالت مؤنبة
.. ملاهي لعيل عنده حصبة لك أن تتخيل کام عيل أتعدى منه
قال هازئا
.. ياستي أهي كلها مناعة وبعدين تجيلهم وهما صغيرين أحسنلهم
ثم أردف أيهم بثقة ليزيد من حنق أمه ضعفا مضاعفا
.. وبعدين أنا ولد شطور عمو أسامة قالي كده وقالي كمان كل ما هتطلعلی حباية هكون أقوى وأقوى
ظلت صامتة وهي تنقل أنظارها بينهما ثم قالت بأمر حاسم
.. أنت كفاية عليك كده النهاردة أنا هطلع أبلغ إذن ونروح
وانصرفت دون أن تعقب ولم يقف هو بطريقها بل اتخذ طريقه نحو سيارته
كانت تقذف بالملابس للبائعة خلفها بعصبية وتوتر بالغين في حين ظلت صديقتها تراقبها بتعجب حتي جذبت من يدها رداء کریمی اللون ڤاضح وقالت لها
.. لا ااا یا دالیا لحد هنا واستوب جاسر عمره ما هيعجبه تلبسي حاجة كده
فلمعت عيناها وقالت بجذل
.. تفتكري يا أنجي
فحدقت بها إنجي قائلة
.. شور طبعا ده مستحيل يخليكي تخرجي بيه
تأملت داليا الرداء بخيوطه المتشابكة الرقيقة والتي تغطي قسما هائلا من منطقة الظهر والبطن وصولا للكعب وقطع صغيرة متفرقة من قماش الدانيلا الناعم تغطى بستر زائف منطقة الأرداف والصدر بحيز ضيق للغاية ثم قالت بثقة
.. هدخل أقيسه
راقبت انجی انصراف صديقتها بعين متسعة وراقبتها مرة أخرى ولكن بعين أكثر إتساعا بعد خروجها من غرفة القياس ثم قالت غير مصدقة
.. دا أنت مصممة بقا
تنهدت داليا وهي تنظر لمنحنيات جسدها الفاتنة قائلة
.. يجنن مش كده
قالت إنجي ساخرة
.. ده يطير برج من نافوخه ويمكن كمان يطير رقبتك
همست داليا بتمني حارق
.. یاریت . . يا إنجي ياريت
أوقف السيارة على بعد أمتار من المنزل تحت شجرة ضخمة ومضى ينتظر خروجها من بوابة القصر حتى رآها تسير خارجها بخطوات بطيئة وأصابعها تتعلق بأسياخ البوابة المعدنية ثم توقفت لتتمتم ببضعة كلمات قبل أن تعود مجددا لطريقها الخالي وجلس هو بسيارته لوقت طويل حتى رأی أنوار سيارة زوجته تسطع في الظلام عائدة للقصر فأدار محرك سيارته وداخله رغبة في الهروب ولكن إلى أين لديه أبناء بالداخل وأم قد تلفظ أنفاسها الأخيرة في أي وقت حملت حقائبها وتصاعدت خطواتها نحو غرفتهما ثم وضعت الحقائب جانبا وتأملت هيئتها بعين ناقدة تعلم كم هي جميلة بل فاتنة ولكن لم يكن جاسر بالرجل الذي ينجذب للجسد دون الروح كما تعلمت بالأيام الماضية ولكن لكل رجل مفتاح ووجودها هنا بين جنبات هذا القصر لهو المفتاح خرجت من غرفتها واتجهت لغرفة الصغار طرقت الباب بخفة ودلفت لتجد الصغيران منشغلان بلعبة إليكترونية والخادمة ترافقهما عبست نعمات بوجهها قالة برسمية مبالغ فيها
.. عاوزة حاجة ياهانم
حاولت رسم إبتسامة ودودة لعلها تكسر الجليد بينها وبين الصغار وقالت
.. أنا جاية بس اتطمن عليهم
ظل الصغار صامتين ولم ينبت أحدهم بنبت شفه فقالت نعمات ببرود تام
.. هما الحمد لله كويسين مش ناقصهم غير . . .
وانقطع سيل الكلمات أو بالأحرى الكلمة الوحيدة المتبقية والتي تلقي بظلال اللوم عليها وعلى ذاك الخائڼ بنظرها عندما رأت ظله خلف داليا يقف ليراقب المشهد بتخفي فتقدم جاسر قائلا
.. ناقصهم إيه يا نعمات
تهللت سلمى الصغرى لرؤيا والدها وقفزت بأحضانه صاړخة
.. بابا وحشتني
إحتضنها جاسر بقوة وأنظاره متعلقه بنسخته الذي ترك لعبته وظل جالسا مكانه صامتا فمد له ذراعه قائلا
.. مش هتيجي تسلم عليا يا سليم
اتجه سلیم نحوه بخطوات بطيئه ومد يده ليسلم على والده الذي جذبه عنوة لأحضانه وهو يرفع أنظاره لنعمات منتظرا لأجابة
.. هاه يانعمات كنت بتقولي الولاد ناقصهم إيه
قامت نعمات لتنصرف قائلة بدبلوماسية اكتسبتها بفعل سنوات الخبرة
.. شوفتكم يا جاسر بيه عن إذنك هقولهم يحضروا العشا وأشوف الست هانم زمان أخواتك على وصول
وقفت داليا بإنتظار أن يتقدم جاسر منها ولكنه لم يفعل فبعد أن ترك الصغار أحضانه جذبته سلمي قائلة
.. تعالى العب معايا يابابا
هز جاسر رأسه وقال
.. أغير هدومي بس واتشطف وراجعلكوا يا حبيبتي
ثم انصرف لغرفته ووقفت داليا تراقب إنصرافه حانقة وسارت خلفه حتى دخلت الغرفة وأغلقتها قائلة
.. ده ولا كأنك كنت شايفيني
فرد ببرود وهو يخلع سترته ويلقيها جانبا
.. ليه اتعميت
فقالت داليا بضيق بالغ
.. أومال معبرتنیش حتی بسلام
فابتسم هازئا وقال
.. إزيك يا داليا عاملة إيه
والټفت ليتجه للحمام فجذبت ذراعه واستوقفته ودفعت بنفسها بأحضانه عنوة قائلة بدلال
.. اتعود أما ترجع من شغلك تحضني وتسلم عليا يا جاسر أنا محتاجلك
تصلب في مكانه إثر ذاك الإقتراب المفاجيء ووضع يده على ذراعها ليدفعها بهدوء للخلف قائلا بصوت متحشرج
.. اكبري یا داليا على حركات العيال دي لو سمحتي
فتعلقت بعنقه ليزداد إقترابها سوءا بنظره وهي تهمس
.. مش هکبر یا جاسر وهفضل قصادك طفلة محتاجه لحضنك على طول
تنهد وهو يحاول الإبتعاد قائلا
.. وأنا محتاج دلوقت أني أغير هدومي واتشطف
تركته يفلت منها وهي تبتسم فخطتها باتت واضحه كلما عمد للهروب والإختباء منها ستهاجم هي بفيض مشاعر لا قبل له بها حتى يعتاد عطائها ويدمنها كما أدمن البدينة ولا يستطيع الاستغناء عنها
عادت بعد انتهاء ساعات عملها الطويل مرهقة للغاية وجل ما كانت تطمح له
حماما ساخنا وعشاءا يروض وحش معدتها الغاضب ولكن ما أن دلفت لشقتها والمفترض أنها مظلمة بذاك التوقيت من الليل حتى أثارتها الأضواء المنبعثة من كل جانب فأخرجت سائل الحماية الذي تحمله دوما من حقيبتها ولكنها سرعان ما لمحت طيفه فتنهدت براحة قائلة
لا زیاد خضيتني أنت بتعمل إيه هنا
كان يجلس على الأريكة وأمامه عبوة فارغة من السچائر أحرقها بأكملها أثناء ساعات النهار الطويلة التي قضاها بالتفكير والإنتظار قام واتجه نحوها بخطوات بطيئة ثم ناولها المظروف الذي بحوزته منذ الصباح وهو يعتصم الصمت وما أن رأت المظروف حتى اتسعت عيناها برهبة ثم قالت
.. أنت جيبته منين
فقال بصوت جاف
.. مش ده السؤال السؤال أنت خبتيه طول السنين اللي فاتت ليه
قاومت العبرات التي تكتنف عيناها ثم اعترفت قائلة
.. مرضيتش أجرحك
فصړخ بها
.. تجرحيني ولا تذليني بعد كده
ارتفع حاجبيها وشهقت بفزع وقالت بدفاع مستميت
.. وليه أذلك یا زیاد أنا بحبك وكان صعبان عليا أن أشوفك مهزوم بحاجة ملكش
متابعة القراءة